فعاليات كثيرة تليق بعشرية الثورة، والشعب يخطط لعشرية الاجتياح
كان التوفيق الإلهي حاضرا في أغلب فعاليات الاحتفاء بالذكرى العاشرة لثورة البحرين المظفرة بأذن الله تعالى التي جرت في الايام الاخيرة. فمن حيث العدد كانت هناك فعاليات كثيرة في الداخل والخارج، الامر الذي أغضب الطاغية وعصابته فانهالوا قمعا وتنكيلا بالشعب، واعتقلوا الاطفال والرجال وعادوا لطبيعتهم الشريرة بممارسة القمع والتعذيب والعقاب الجماعي. ففي داخل البلاد لم تتوقف الاحتجاجات الميدانية منذ بداية الشهر، فكانت هناك مسيرات وتجمعات شارك فيها الرجال والنساء، وكانت المرأة البحرانية ا لبطلة حاضرة بجانب الرجل. وكانت هناك الزيارات لعائلات الشهداء خصوصا الشهيدين علي عبد الهادي مشيمع وحسين الجزيري اللذين استشهدا في 14 فبراير 2011 و 2013 على التوالي. وكان هناك احتجاجات باشكال أخرى أكدت غضب المواطنين وإصرارهم على مواصلة طريق الثورة حتى تتحقق اهداف التغيير الشامل وفي مقدمتها انهاء ا لحقبة ا لخليفية ا لسوداء. كما كانت هناك الخطابات التي اطلقتها حناجز الرموز والثوار في الداخل، الامر الذي دفع الطاغية وولي عهده وئيس وزرائه للأمر بشن حملة اعتقالات طالت حتى والد الشهيد علي مشيمع نفسه. ففيما كان يتألم حرقة لفراق ابنه الذي مزقته رصاصات الغدر الخليفي في الساعات الاولى بعد انطلاق الثورة قبل عشرة اعوام، كان الطاغية مصرا على إخفاء ذكر الشهداء ومنع إحياء ذكراهم.
أما في الخارج فبرغم الحجر الصحي الذي فرضه وباء كورونا، فقد نظمت فعاليات عديدة في شتى بقاع العالم من أستراليا شرقا الى الولايات المتحدة غربا. فكان هناك وقفات احتجاجية وندوات افتراضية وبرامج تلفزيونية لاحياء الذكرى. ونظم تحالف قوى المعارضة في بريطانيا ندوة شارك فيها مفكرون عرب منهم الدكتور محمد المسفر والنائبة البرلمانية التونسية مباركة والكاتب السعودي الدكتور فؤاد ابراهيم. وكانت هناك وقفة تضامنية شارك فيها مفكرون ومناضلون عرب. كما كانت امسية شعرية متميزة شارك فيها شعراء عرب من السودان والمغرب ولبنان والعراق والبحرين. وكانت هناك ندوات باللغة الانجليزية نظمتها فرق العمل في واشنطن وبروكسيل ولندن، كما كان هناك ندوتان باللغة العربية نظمها فريقا العمل في لندن وبرلين. كما عقدت ندوة باللغة الايطالية نظمها فريق العمل في روما. وكان للنواب في بريطانيا والاتحاد الاوروبي دور في هذه الفعاليات. كما كان الحضور في اغلب هذه الندوات كثيفا، تجاوز في احدها المائتي شخص. ونظام المعارضون البحرانيون في ايران والعراق ندوتين اخريين باللغة العربية. كما اصدر سماحة الشيخ عيسى احمد قاسم في 14 فبراير بيانا مهما أكد فيه الثبات على المطالب واستمرار الحراك حتى تحقيقها.
ثورة البحرين كانت حافلة بمحطات كثيرة منذ انطلاقها في روة ثورات الربيع العربي في الربع الاول من العام 2011. وكانت حادثة الخميس الدامي احدى المحطات ذات الدلالات المهمة في تاريخ ثورة البحرين التي انطلقت في 14 فبراير 2011. ففي 17 فبراير انقض القتلة التابعون للحكم الخليفي على المعتصمين بدوار اللؤلؤة لفض التجمع، فاستشهد اربعة من المعتصمين وجرك اكثر من مائتي شخص. لقد كانت إراقة الدماء من أبرز اسباب توسع دائرة الثورة. فمنذ ان أطلق الاستاذ عبد ا لوهاب الحسين شرارتها بعد فجر ذلك اليوم كان العدو الخليفي متربصا للبحرانيين، فقتل علي مشيمع ليكون أول شهداء الثورة والوقود الذي أشعلها وجعل احتواءها مستحيلا. ثم جاء قتل فاضل المتروك في اليوم التالي ليرسم مسارها التاريخي لتصبح اكبر الثورات البحرانية ضد الاحتلال الخليفي. وكان بإمكان الديكتاتور احتواء الأزمة منذ بدايتها بعقد لقاءات مع رموزها ومناقشة المطالب وتحقيق بعضها. ولكن لجوءه للعنف منذ اللحظات الاولى عندما أمر جلاوزته باطلاق الغازات المسيلة للدموع على تظاهرة منطقة النويدرات التي قادها الاستاذ عبد الوهاب حسين، حال دون ذلك. وازداد الوضع استقطابا باستهداف المتظاهرين منذ اليوم الاول. وجاء الاعتداء على دوار اللؤلؤة يوم الخميس 17 فبراير ليضع قطار الثورة على سكة باتجاه واحد يحول دون التراجع.
يومها كان الموقف الغربي أقل تخاذلات، فصدرت انتقادات عديدة لجريمة الخميس الدامي، ومنها تصريح الرئيس الامريكي آنذاك، باراك أوباما الذي طلب فيه من الطاغية الخليفي السماح للمواطنين بحرية التعبير والتجمع. فعاد الثوار الى الدوار وبقوا فيه ثلاثة اسابيع اخرى حتى جاء التدخل السعودي – الاماراتي العسكري في 14 مارس. ذلك التدخل احدث حالة استقطاب واضحة. فمن جهة يقف الشعب البحراني الاصلي (شيعة وسنة) مطالبا بالتغيير، وعلى الجانب الآخر يقف تحالف قوى الثورة المضادة مستهدفا قوى التغيير البحرانية. وكان من نتيجة ذلك التدخل الشرير قتل المواطنين وفي طليعتهم الشهيد أحمد فرحان، وشن حملة اعتقالات واسعة طالت الآلاف وفي مقدمتهم قادة الثورة كالاستاذين عبد الوهاب حسين وحسن مشيمع والدكتور عبد الهادي السنكيس وعبد الهادي الخواجة وعلماء الدين: عبد الهادي المخوضر وسعيد النور وعبد الجليل المقداد ومحمد حبيب المقداد، وإزالة دوار اللؤلؤة، وهدم حوالي 40 مسجدا وبمنى دينيا، وفرض الاحكام العرفية وقوانين الطواريء ثلاثة شهور متواصلة. مع ذلك لم تتوقف الثورة، بل ااستمرت حتى اليوم. وفي هذه الحقبة تعمقت حالة الاستقطاب بين الشعب البحراني والعائلة الخليفية، حتى وصلت طريق المفاصلة الكاملة والطلاق الأبدي بين الطرفين.
بعد عشرة اعوام كيف تبدو الصورة في هذا البلد الخليجي الذي اتسم تاريخه بالثورات والانتفاضات والتوتر؟ اولا: ان المحاولات الخليجية لكسر شوكة الشعب فشلت في وقف الثورة، سواء بالتدخل العسكري المباشر ام الدعم المالي الذي بلغ عشرة مليارات دولار ام الدعم السياسي المتواصل للعصابة الخليفية. ثانيا: ان الحكم الخليفي فشل في حلحلة الوضع بعد ان اقتنع هو الآخر بان علاقته مع الشعب قد بلغت نهايتها وان امامه واحدا من خيارين: اما استبدال الشعب عن طريق تجنيس الاجانب لتوطينهم في البلاد مع تصعيد القمع والتعذيب والقتل، او تسليم السلطة، والواضح انه اختار الخيار الاول. ثالثا: ان الخليفيين اصبح وجودهم مرتبطا بالدعم الخارجي، ا لسياسي والامني والاقتصادي، فجاؤوا بالقوات السعودية والاماراتية والدرك الاردني والقوات الباكستانية لتسليطهم على الشعب، ثم استنجدوا بالبريطانيين وبنوا لهم قاعدة بحرية في مقابل توفير حماية امنية لحكمهم الديكتاتوري. رابعا: عندما لم يشعر الخليفيون بالامن والاستقرار بعد كل ذلك، لجأوا للاسرائيليين للاستنجاد، فقاموا بالتطبيع معهم وفتحوا البلاد على مصراعيها لاستقبال اجهزة الامن خصوصا جهاز الموساد، للاستعانة بهم على السكان الاصليين (شيعة وسنة). خامسا: برغم ما سبق اصبح واضحا ان لدى الشعب خيارا واحدا: تحرير البحرين من ا لحكم الخليفي الجائر الذي يزداد توحشا مع الزمن. وها هو اليوم يعتقل الاطفال والنساء وآباء الشهداء بعد ان حل الجمعيات السياسية واغلق المؤسسات الاسلامية وسجن العلماء والمصلحين وأبعد اكبر رمز ديني وسياسي في البلاد.
فما النتيجة؟ لقد فشل الخليفيون في تحقيق انجاز واحد يساهم في تثبيت نظام حكمهم. فبعد عشر سنوات من انطلاق الثورة جاءت ذكراها العاشرة لتكشف للعالم عمق الثورة في الوجدان الشعبي وتجذرها في النسيج الاجتماعي، بموازاة عجز الخليفيين عن ادراك الواقع الذي يعيشونه وان الزمن يحاصرهم بلا هوادة، وان نهايتهم ستكون السقوط الحتمي لان ذلك قانون إلهي لا تبديل له ولا تغيير ولا تأخير. وسيحدث ذلك شاء الخليفيون ام أبوا، ورضي داعموهم ام سخطوا، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
19 فبراير 2021