الشعب هزم الاحتلال السعودي والاماراتي وسيسقط الخليفيين
عشرة اعوام مرت منذ حدوث واحدة من كبريات الجرائم التي حدثت في البلاد منذ الاحتلال الخليفي قبل اكثر من مائتي عام. فما جرى في الساعات الاولى من صباح الرابع عشر من مارس 2011 لم يكن واحدا من الحوادث التي يكن تصنيفها ضمن سياقات الثورة التي كانت قد انطلقت قبل شهر من ذلك الوقت. فاحتلال اي بلد من قوات اجنبية يمثل صاعقة على مواطني ذلك البلد. فالاحتلال في جوهره عدوان من الخارج، أيا كانت المبررات او المسوغات من قبل القائمين به. ثانيا انه يسلب البلد سيادته، فلا يعود قراره بيد ابنائه، بل يصبح تابعا للمحتلين الذين ينزلون قواتهم الى الشوارع ويسلبون المواطنين حرياتهم، ويهددون امنهم. ثالثا ان الاحتلال يهمّش الشعب ويصادر حقه في تقرير مصيره، ويخضعه لقرارا الجهة المحتلة. رابعا ان الاحتلال يمارس حكما عسكريا بعقليته وقوانينه، ويحصر السلطة بالجنرالات والقادة العسكريين الذين تتضاءل لديهم مشاعر الرحمة والعطف والرأفة، وتصبح مواقفهم وسياساتهم وقراراتهم صارمة لا تسمح لأحد بمناقشتها. خامسا: ان احكام العسكر حاسمة ومبرمة، ولا تسمح باجواء النقاش والأخذ والرد، بل انها مؤسسة على مبدأ “نفّذ ثم ناقش”. سادسا ان الاحتلال يكون عادة قوة تدميرية وليس اصلاحية او إعمارية. فالتدمير والتخريب والقتل ونقل الصراعات الى الشوارع من سمات حالة الاحتلال اذا وقعت في بلد.
حالة البحرين عندما احتلها السعوديون والاماراتيون قبل عشرة اعوام لم تختلف عما هو معهود في حالات اللجوء للحسم العسكري للنزاعات. وهنا لا بد من تسجيل عدد من الحقائق: اولها ان الخليفيين هم المسؤولون عن هذا الاحتلال، بغض النظر عما كانوا هم الذين استنجدوا بالسعوديين والاماراتيين ام ان الاحتلال فرض عليهم. فهم يتحمّلون تبعات تلك الصفحة السوداء من تاريخ البلاد. ثانيا: الامر المؤكد انه كان هناك نزاع بين الشعب والعائلة الخليفية. فالشعب الذي كان قد خرج في 14 فبراير في اكبر ثورة شهدتها البلاد في تاريخها، كان يبحث عن تغيير سياسي حقيقي يفضي الى حالة من الاستقرار تحت حكم مدني دستوري يمارس الشعب فيه سيادته على ارضه بشكل كامل. الخليفيون حوّلوا هذا النزاع الى حرب مدمّرة باستدعاء قوات الاحتلال الاجنبية، وهو قرار يدان به طاغية البلاد الذي حدث الاحتلال برعايته. ثالثا: ان الهدف من الاحتلال كان ضرب الشعب ومصادرة حقه في صنع قراراه او العمل لاصلاح شأنه الداخلي. وبذلك يعتبر ذلك حربا مدروسة من قبل الخليفيين ضد شعب البحرين، لا يمكن تبريرها او الدفاع عنها بشكل منطقي. ثالثا: ان الاحتلال كان تصعيدا خطيرا أوصل الامور الى نقطة اللارجعة، اذ احدث استقطابا عميقا في البلاد، وأرهب المتظاهرين السلميين، وادى لاستخدام مفرط للقوة ما تزال صورة الشهيد احمد فرحان تمثل بشاعته وتوحشه. رابعا: ان الاحتلال ساهم في تصدع مجلس التعاون الخليجي من الداخل، اذ حوله الى تجمع للعائلات الحاكمة التي تقف مع بعضه ضد شعوب بلدان المجلس. وحتى لحظة التدخل العسكري في البحرين، كان الشائع ان قوات درع الجزيرة انما تم تشكيلها للدفاع عن المجلس ودوله عندما يكون هناك اعتداء خارجي، ولم تكن من مهماتها التحول الى جهة امنية تتعاطى مع الخلافات ا لداخلية لأي بلد. وكثيرا ما قيل ان مجلس التعاون الخليجي منظومة سياسية وان الامن ليس سوى جزء منها، ولكن التدخل السعودي – الاماراتي في البحرين لضرب ثورة شعبها واحتلال اراضيها اكد بما لا يدع مجالا للشك بان منظومة المجلس موجهة بشكل اساس لمواجهة الشعوب وحماية امن العائلات الحاكمة من غضب الشعوب.
الامر المؤكد ان التدخل العسكري في البحرين قد ادى لامور عديدة: اولها انه اظهر هشاشة المنظومة العسكرية وضعفها في مواجة التحديات الخارجية العسكرية لدول المجلس. فقد فشلت في التصدي لاجتياح الكويت في 2 اغسطس 1990 من قبل القوات العراقية في عهد صدام حسين. فلم تطلق قوات درع الجزيرة طلقة واحدة لحماية الكويت او السعودية او البحرين. بل تم استدعاء القوات الاجنبية للمنطقة، وكان ذلك بداية الهيمنة الامريكية المطلقة على الشرق الاوسط. ثانيها: ان قوات درع الجزيرة لم تعد خيارا عسكريا لدول المجلس التي فشلت في توقيع “استراتيجية امنية” طرحت في الثمانينات. ثالثا: ان قوات درع الجزيرة اصبحت ذراعا سعوديا، فهي موجودة في الاراضي السعودية، وتتمركز اساسا بقاعدة “حفر الباطن” في شرقي الجزيرة العربية، ولا يشارك فيها قوات من الدول الاخرى الا بمستوى شكلي فحسب. ثالثا: ان هذه القوة لم يسمع عن اي دور لها في العدوان على اليمن الذي قاده التحالف السعودي – الاماراتي، وهذا يعني ان درع الجزيرة لا يعتبر قوة عسكرية ضاربة، تستطيع دعم الجهود العسكرية للدول الاعضاء عندما تبرز ا لحاجة لذلك. رابعا: ان إحجام الدول الاعضاء عن المشاركة المباشرة في الاعمال العسكرية التي تفرضها السعودية على المنطقة يؤكد فشل دول المجلس في التوصل لمنظومة سياسية عسكرية متكاملة للدول الست، وبالتالي لم تستخدم قوات درع الجزيرة منذ تشكيلها قبل اكثر من ثلاث عقود الا مرة واحدة: لضرب شعب البحرين وثورته فحسب. خامسا: هذا يقود الى نتيجة منطقية تقول بان شعب البحرين يعتبر قوات درع الجزيرة قوة معادية أنشئت لمواجهته فحسب، بدلا من ان تكون يدا ضاربة لحماية شعوب المنطقة من الاعتداءات الخاررجية.
في ضوء هذه الحقائق، يواصل شعب البحرين ثورته المظفرة بعد ان أفشل مهمة الاحتلال السعودي – الاماراتي التي تحت غطاء قوات درع الجزيرة. فما نجم عن ذلك العدوان كان قاسيا وظالما. فما ان اقتحمت تلك القوات اراضي البلاد حتى حدثت امور خطيرة منها ما يلي: اولا: الاعتداء على دوار اللؤلؤة في 17 مارس وفظ التجمهر الشعبي وقتل خمسة من المواطنين بدم بارد. ثانيا: هدم نصب دوار اللؤلؤة بعد ان اصبح رمزا للثورة، وهو امر نادر الحدوث في البلدان الاخرى التي تسعى للحفاظ على معالمها التراثية او السياحية. ثالثا: ان تلك القوات المحتلة ساهمت في ضرب الثورة وانتشر افرادها في العديد من المناطق لاسناذ القوات الخليفية، وتؤكد حادثة منطقة الديه التي قتل فيها احد الضباط الاماراتيين والتي اعدم بسببها ثلاثة من ابطال الوطن، دور قوات درع ا لجزيرة في التصدي للشعب وثورته. رابعا: ان تلك القوات المحتلة شاركت في هدم حوالي اربعين مسجدا ومبنى دينيا، انتقاما من الغالبية الساحقة من ابناء الوطن، وتعبيرا عن ايديولوجية قوات درع الجزيرة والخلفيين إزاء الانتماء الديني للشعب والوطن. خامسا: ان التدخل العسكري السعودي – الاماراتي من خلال درع الجزيرة مسؤول بشكل شبه مباشر عن فرض الاحكام العرفية لمدة ثلاثة شهور عاثت خلالها قتلا وتدميرا وفسادا في البحرين. هذه القوانين كانت تهدف لضرب الثورة وانهائها ولكنها فشلت في ذلك بسبب صمود الشعب وتعمق ايمانه بضرورة التخلص من الحكم الخليفي الذي استقدم الاحتلال. وخلال هذه الفترة تم اعتقال قادة الثورة بشكل وحشي وتعرضوا للتعذيب والتنكيل. كما نجم عن الاحتلال اقامة المحاكم العسكرية التي نكلت بالاحرار، ابتداء بالرموز واصدرت احكاما بالسجن مدى الحياة بحق اغلبهم. سادسا: لعل الانجاز الاكبر لتدخل قوات درع الجزيرة تقوية الطاغية الحالي الذي كان قد فقد السيطرة على البلاد خلال شهر واحد من انطلاق الثورة، ودفعته للانتقام من الوطن والشعب بعد ذلك.
ما اكثر الجرائم التي ارتكبها الطاغية وعصابته بعد ان ضمنوا دعم قوات الاحتلال لوجودهم السياسي. مع ذلك يسجل للشعب صموده وتحديه واستبساله وإصراره على مواصلة الثورة والمطالب بدون تراجع او مساومة. انها حقبة تاريخية سوداء سطرها الخليفيون في تاريخ البلاد، حيث استعانون بالقوات الاجنبية ضد الشعب وسلموها السيادة على البحرين، واصبحوا بذلك تابعين بشكل كامل للرياض وأبوظبي. الشعب يرفض ذلك جملة وتفصيلا ويصر على مواصلة ثورته حتى تحرير البلاد والعباد من الاحتلال المقيت والاستبداد الشنيع.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
26 فبراير 2021