ثوابت الشعب لم تتغير على مدى مائة عام
نبارك للمسلمين عامة وشعبنا البحراني البطل ومعتقلينا الأحرار بحلول شهر رمضان المبارك، الذي استقبله الشعب بحماس منقطع النظير، رغبة منهم في العبادة الصحيحة التي تحررهم من الاستعباد لغير الله سبحانه. ندعو الله سبحانه وتعالى ان يحمي البحرين وأهلها من مؤامرات الاعداء الخليفيين والمحتلين الاجانب، كما ندعوه سبحانه ان يكسر شوكة الخليفيين ويهزمهم وينهي كابوسهم الذي أنهك البلاد والعباد، انه سميع مجيب الدعوات. الحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، صريخ المستضرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين.
ما فتئت القوى الثورية تناضل من اجل تحقيق سعادة الشعب ورفاهه. ويدرك المواطنون هذه الحقيقة، لذلك اصبحوا ثوارا حقيقيين بمواقفهم وتوجهاتهم ماضيا وحاضرا. وقف الشعب مع قادته منذ اول انتفاضة شعبية في العام 1922 ضد الطغيان الخليفي وهتفوا ضد نظام “السخرة” فأسقطوه. وتفاعل البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) مع قضايا الوطن، فدعموا اول عريضة وقعها ممثلو الشعب الاحرار في العام 1938، وكانوا في الميادين في انتفاضة الخمسينات، مستجيبين لنداء الهيئة التنفيذية العليا بالمشاركة في الإضراب العام في أكتوبر 1954 وشلّوا الحياة العامة تماما، حتى اشتكى المستشار البريطاني آنذاك، تشارلز بلجيريف من انعدام اللحم لان القصابين شاركوا في الاضراب، فبعث له الحاكم، سلمان بن حمد، بما يحتاجه. واستمروا في المشاركة في الانتفاضة حتى ضربها البريطانيون في اكتوبر 1956 بعد العدوان الثلاثي على مصر. وتفاعل الشعب مع انتفاضة 1965 التي كانت مشتعلة في مثل هذه الايام قبل 56 عاما، حتى اضطر البريطانيون لانزال قواتهم في الشوارع دفاعا عن الخليفيينن، فاستشهد عدد من المواطنين من بينهم: عبد الله مرهون سرحان، عبد النبي محمد سرحان، جاسم خليل الصفار، عبد الله نجم بونودة، فيصل القصاب، عبد الله سعيد الخادم.
وشارك الشعب في انتفاضة التسعينات ضد الحكم الخليفي، وقدموا اكثر من اربعين شهيدا على طريق الحرية. ثم جاءت الثورة المظفرة باذن الله فلم يبخلوا بالنفس والمال. وقد أحيا المواطنون ذكريات شهدائهم، ابتداء بعلي عبد الهادي مشيمع وصولا الى الشهداء الذين عذبهم الخليفيون حتى الموت في مثل هذه الايام قبل عشرة اعوام. ففي العاشر من ابريل احتفى المواطنون بالذكرى العاشرة لاستشهاد زكريا العشيري تحت التعذيب الوحشي، وفي 11 ابريل أحيوا ذكرى الشهيد كريم فخراوي. هذا هو شعب البحرين الذي لا يلين ولا يهين ولا يستسلم. لقد وقف البحرانيون الاصليون بجانب ذوي السجناء وهتفوا بسقوط الحكم الخليفي المجرم طوال الايام الماضية بعد ان انتشر الوباء داخل السجون. وسعى الطاغية وعصابته للتذكي، وحاولوا تغطية هزيمتهم وارغامهم على الافراج عن بعض المعتقلين السياسيين بما اسموه “العقوبات البديلة” التي تعتبر التفاقا سخيفا على المطلب الشعبي بالافراج غير المشروط عن السجناء السياسيين. وقد اكتشف الذين اطلق سراحهم بموجب هذا القانون السيء انهم حرروا اجسادهم من طوامير التعذيب الخليفية بينما اصبحت ارواحهم معتقلة لدى اجهزة التعذيب الخليفية بعد التوقيع على الشروط الظالمة. وبدلا من تقديم الشكر للطغاة ادرك السجناء وعائلاتهم للمرة المائة ان الخليفيين لا ينوون الخير للبحرين واهلها وان اي اقتراح يقدمونه ليس سوى خديعة والتفاف. ولذلك يتصاعد غضب الجماهير خصوصا المعتقلين وعائلاتهم بعد اكتشاف الجريمة الخليفية البشعة.
لقد شاهد العالم اعداد البحرانيين الذين يشاركون يوميا في المسيرات والوقفات الاحتجاجية للمطالبة بالافراج غير المشروط عن السجناء السياسيين. ولقد انبهر العالم بتحضر البحرانيين وتخلف الخليفيين. فالمحتجون ينتظمون، رجالا ونساء، في صفوف تراعي كافة مستلزمات الوقاية من الوباء، بينما نشر الخليفيون هذا الوباء القاتل في عنابر السجون حتى اصيب المئات بالمرض. فتعسا لهذه الطغمة الحاقدة التي لن تهدأ البحرين ولن يامن المواطنون على انفسهم واولادهم الا اذا انتهى العهدالخليفي الاسود.
الاحتجاجات اليومية التي تشهدها البلاد الآن فصل يضاف الى ملحمة خالدة من النضال الوطني لم يتوقف على مدى مائة عام. عنوان هذه الاحتجاجات الاول: الإطلاق الفوري وغير المشروط للسجناء السياسيين. اما خلفيتها فهي النضال المتواضل من اجل التغيير، وهو نضال تراكمي يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد. وما اكثر الحالات التي اعتقلت فيها اجيال ثلاثة من العائلة نفسها. ففي انتفاضة التسعينات كان في السجن في وقت واحد كل من المرحوم الشيخ محمد علي العكري ونجله علي العكري، وحفيده محمد. وفي الثورة الحالية تردد على السجن أبطال تتراوح اعمارهم ما بين الثالثة عشرة والخامسة والسبعين. فقبل شهرين فحسب (15 فبراير 2021) أمر القضاء الخليفي بحبس الطفلين رضا عباس البالغ من العمر 13 سنة، وعلي يوسف البالغ من العمر 15 أسبوعا على ذمة التحقيق. وما يزال يرزح وراء القضبان رجال عظماء يتجاوز عمر الواحد منهم السبعين عاما كالاستاذ حسن مشيمع. ويبلغ عمر محمد حسن برويز الذي أطلق سراحه الاسبوع الماضي 75 عاما. أجيال تتعاقب على النضال تارة، وتتزامن فيه تارة اخرى. وما اكثر الاصوات التي ارتفعت في اغلب هذه الحقب النضالية التاريخية لـ “الحوار” مع الخليفيين، فما النتيجة؟
الامر الايجابي هذه المرة ان النساء اللاتي ينتظمن في صفوف طويلة على الشوارع العامة يمتلكن قلوب اللبؤات، فلا يتملقن للنظام الذي سجن أبناءهن وعذبهم وفجر في الخصومة مع الشعب. كما ان الرجال المشاركين في هذه الاحتجاجات فقد وقفوا مرفوعي الرؤوس، شامخي الهامات، ولم يبالوا بفرعون وجنوده الذين سيمحقهم الله ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر بسبب فسادهم في الارض. هذه المرة اقتصر تقديم الشكر للطغاة على مرجفيهم وذبابهم الالكتروني الذي يعتبر نفسه اكثر انتماء للظالم والسفاح والجلاد والطاغية منه الى الشعب وابطاله المعتقلين. صوت الإرجاف فشل ماضيا ولن ينجح مستقبلا لانه صوت نفاق وزور وانتهازية ووصولية وتزلف. اما الاحرار فقد وقفوا على جسد الشهيد عباس مال الله الاسبوع الماضي وهم يهتفون: الشعب يريد إسقاط النظام. هذا هو شعب البحرين الذي انتفض في العشرينات بعد ان بدأ في اكتشاف هويته والتعرف على طبيعة الخليفيين وداعميهم البريطانيين، واستمر في نضاله بانتفاضة او ثورة في كل من العقود اللاحقة. عظيم هؤلاء البحرانيون الذين تحدوا الطغاة والظالمين، وتمردوا على السجانين، وواصلوا نضالهم في المنافي، من الهند في 1938 وطهران في 1948 وسانت هيلانة في 1957-1961، ومصر في النصف الثاني من الستينات (كان صوت أحمد الذوادي يلعلع من إذاعة صوت العرب من القاهرة في 1968) ثم من سوريا والعراق ولبنان في السبعينات، ومن اوروبا وامريكا منذ الثمانينات.
من يستطيع كسر شوكة هذا الشعب؟ أدرك الخليفيون منذ اليوم الاول لاحتلالهم انهم أقل شأنا من البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة)، فاعتمدوا على البريطانيين لحمايتهم حتى اليوم. هذا النظام لا يستطيع الوقوف على رجليه والدفاع عن نفسه امام الشعب الذي يرفضه لانه لا يملك شرعية دستورية او شعبية. منذ احتلالهم البلاد عاشوا منفصلين عن الشعب، في احدى زوايا المحرق ابتداء، ثم في الرفاع بعيدا عن الشعب، ثم استقدموا الاجانب لحمايتهم، واستوردوا شعبا جديدا للاتكاء عليه، وكتبوا دستورا مختلفا عن دستور الشعب، وأخيرا لجأوا لأعداء الأمة من المحتلين، وخانوا العهود والمواثيق، كل ذلك لانهم لم يشعروا يوما بالانتماء الحقيقي للوطن والشعب والامة وقضاياها. انهم غرباء حقا، ماضيا وحاضرا. لذلك لم يعد منطقيا التشبث بمقولة الحوار مع عدو لا يعترف بوجودك ولا يشعر بالانتماء اليك، ويضمر لك البغض والحقد والكراهية، ويمارس ابشع اساليب التعذيب والقتل للتخلص منك. ألا تكفي صور اجساد الشهداء لإثبات هذه الحقائق؟ ابتداء من صور التعذيب على جسد جميل العلي مرورا بسعيد الاسكافي ونوح خليل أل نوح وصولا الى جسد كريم فخراوي وبقية شهداء التعذيب. ثوار الميادين قالوها بشجاعة واستبسال: الشعب يريد إسقاط النظام، وكتبوها بدمائهم وضحوا من أجلها بحرياتهم، فالنصر لهم، والهزيمة والاندحار لأعداء الشعب والحرية والانسانية.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
16 أبريل 2021