انتهى وقت الخليفيين، وحان موعد رحيلهم، فشدوا عزمكم ايها الثوار
بعد ان فشلت العائلة الخليفية في قمع الثورة البحرانية طوال عشرين شهرا من عمرها، فقد اصبحت احتمالات اخمادها بالقوة ضعيفة جدا، وبذلك تراجعت حظوظ النظام في البقاء طويلا.
عشرون شهرا من القمع والاضطهاد والدعم الخارجي غير المحدود من الجيش السعودي والاسطول الخامس الامريكي وفريق من شرطة اسكوتلاند يارد البريطانية والموساد الاسرائيلي، فشلت في النيل من عزيمة اكبر ثورة في تاريخ البحرين. قمع لم يتوقف استخدم كافة الاساليب والوسائل الدنيئة التي لم يمارسه اي من الانظمة التي سقطت في العامين الاخيرين، ومع ذلك تتصاعد الثورة يوميا، وتتجدد دماؤها بسقوط الشهداء وتكاثر اعداد السجناء وتكثف ممارسة التعذيب والبلطجة. فلم يستخدم اي من الانظمة الاخرى ما فعلته الطغمة الخليفية ابتداء بالقمع الدموي لمركز انطلاق الثورة بميدان اللؤلؤة مرتين امام عيون العالم، مرورا بطرد خمسة آلاف بحراني من وظائفهم، وتهديم اكثر من اربعين مسجدا، وفتح السجون لاكثر من خمسة آلاف معتقل سياسي، واستهداف الاطباء بشكل ليس له نظير، وممارسة التعذيب بشكل ممنهج، برغم ذلك كله تتجدد دماء الثورة بشكل مضطرد، وتتصاعد مطالب الثوار لتصبح عصية على التحقق في ظل بقاء نظام الحكم الخليفي. فما المخرج؟ الشعب يكرر مئات المرات يوميا شعارين اساسيين اصبحا ملازمين للثورة البحرانية: الشعب يريد اسقاط النظام، يسقط حمد، يسقط حمد، ويرفض اي حوار او تفاهم او تسوية لا تؤدي لسقوط الحكم القبلي الديكتاتوري. ونظام الحكم من جهة اخرى فشل في تقديم خطوة اصلاحية واحدة ذات معنى، مكتفيا بتشكيل “لجان التحقيق” وتقديم الوعود للخارج باستعداده لما يسميه الحوار، بشكل ممل، بدون ان يتخذ خطوة واحدة حقيقية على صعيد التحاور مع من يريد الحوار. يضاف الى ذلك ان كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا اصبحتا تمثلان في نظر العالم، رمزين للنفاق السياسي وازدواجية التعامل مع الربيع العربي بسبب موقفهما المخزي ازاء ثورة شعب البحرين. كما ان القوة العسكرية – السياسية التي دعمت العصابة الخليفية من الجانب السعودي هي الاخرى اصبحت مهددة بثورة داخلية تتسع دائرتها لتصل تظاهراتها الى الرياض والطائف والجوف والمدينة المنورة.
مما تقدم يتضح ان حالة الاستقطاب في الوضع البحراني بلغت مرحلة خطيرة لا يستطيع العالم ازاءها الاستمرار في موقف اللامبالاة ازاء اطول ثورة متواصلة في العالم العربي واكثرها سلمية وشمولا واصرارا وحساسية. واصبح العالم بين خيارين: فاما الوقوف مع الثورة واسقاط حكم العائلة الخليفية بشكل نهائي الى الابد، او التصدي للشعب البحراني بهدف انهائه، ولا شيء اقل من القضاء على ذلك الشعب سيوقف الثورة. ومع نجاح البحرانيين في كشف جرائم العصابة الخليفية ورموزها، وعلى راسهم الديكتاتور وابناؤه، اصبح على العالم، خصوصا واشنطن ولندن، الاختيار بين الاستمرار في حماية اشخاص متهمين باصدار قرارات القتل العمد للمواطنين، وممارسة التعذيب بشكل ممنهج وموثق (هناك وثائق دامغة تدين ناصر بن حمد، نجل الديكتاتور)، او التخلي عن ذلك النظام بعد ان فقد شرعيته الشعبية واصبح امكان تعايشه مع سكان البحرين الاصليين (شيعة وسنة) مستحيلا. المزاج الشعبي لم يعد يحتمل اية صيغة تفضي الى تكرار تجاربه المريرة التي مر بها على مدى اكثر من تسعين عاما من المعارضة والمطالب الشعبية المطروحة بشكل متواصل. هذا المزاج اصبح موقفا ثابتا تزيده سياسات القمع الخليفية واساليبهم الشرسة وغير الانسانية رسوخا بمرور الوقت. كما ان حملاتهم الاعلامية المتواصلة واثاراتهم الطائفية ساهمت في اقناع ذوي العقول النيرة والصدق الايماني والانتماء الوطني بضرورة رحيل العصابة الخليفية عن المسرح السياسي في اسرع وقت ممكن لان بقاءهم يمثل خطرا على الامة، ويهدد بتوسع دائرة العنف وحالة الاستقطاب الديني والمذهبي. وهكذا اصبح منطقيا المطالبة بسقوط النظام الخليفي واقامة حكم وطني شريف يعيد للمواطنين شعورهم بالكرامة والحرية ويوفر عليهم مآسي العقود الاخيرة التي ما برحت تقض مضاجع الآمنين.
عجلة الزمن لن تتوقف، وزحفه سيجرف الطغاة الخليفيين كما فعل مع سابقيهم. ويخطيء من يعتقد ان بامكان هؤلاء الظالمين البقاء فترة اطول، خصوصا بعد ان اعلن الشعب رفضه لهم بصوت واحد. واذا كان هؤلاء في السابق قد مرروا مخططاتهم بتضليل المواطنين، كما فعلوا بعد وفاة اميرهم السابق، وفرضوا مشروعهم التخريبي بعنوان الاصلاح، فان الشعب هذه المرة اصبح اوعى من مكرهم، ولن يستطيعوا تمرير تسوية تبقيهم في الحكم فترة اطول. لقد فوتوا فرصة البقاء حكاما، واصبح عليهم ان يعيشوا محكومين كغيرهم في ظل مشروع سياسي يعيد السياسة للشعب، ويسلبها من طغمة فشلت في الحكم والادارة وعاثت في الارض فسادا. ويكفي القاء نظرة فاحصة على حوادث الشهور العشرين الاخيرة لاكتشاف مسلسل الكذب والافتراء والدجل والتضليل الاعلامي والسياسي الذي مارسه هؤلاء الطغاة حتى سقطوا في وحل المكر والخديعة. سخر المحتلون الخليفيون والسعوديون كافة امكاناتهم لفرض كذبة مختلقة، مفادها ان ايران تقف وراء الثورة وانها هي التي حرضت الجماهير على التظاهر والاحتجاج. وصفق بقية الطغاة لهم، وبالغوا في ذلك حتى اوصلوه الى حالة كريهة من الطائفية المقيتة. واليوم يكتشف العالم كذب هذا التحالف الشيطاني. فالخليفيون استسلموا بشكل مهين للواقع، وقرروا، من طرف واحد، اعادة سفيرهم الى طهران. وزارة الخارجية الايرانية ردت على ذلك مؤكدة انها لن ترسل سفيرها الى المنامة حتى يتوقف القمع الخليفي للشعب البحراني. وقام وزير خارجية العصابة الخليفية بالتوجه الى طهران بعنوان حضور القمة الاسلامية، ولكن المؤشرات تفيد بانه ذهب مستجديا العطف الايراني والتدخل المباشر لحل المشكلة السياسية التي سقطت فيها الحثالة الخليفية. هزيمة منكرة للدبلوماسية الخليفية – السعودية، وسقوط سياسي واخلاقي وانساني في مستنقع الفشل.
في هذا الظرف تصاعدت الفعاليات البحرانية وبلغت مستويات غير مسبوقة من الحضور في الشارع بدون توقف. وجاء قتل الشهيد حسام الحداد قبيل عيد الفطر المبارك ليشعل حماس الثوار للتقدم على طريق النضال بخطى سريعة على امل تحقيق النصر المؤزر على العصابة الخليفية وهزيمة الاحتلال السعودي. فمملكة النفط في الجزيرة العربية تفقد موقعها السياسي في العالمين العربي والاسلامي بشكل متسارع ومقلق حتى لحلفاء دول مجلس التعاون. وهكذا تصل اوضاع المنطقة الى حالة من الاضطراب القلق الذي لا يمكن ان يؤدي الا الى المزيد من الحراك الشعبي ضد انظمة الاستبداد التوارثية الاستبدادية حتى تحقق التغيير السياسي المنشود. امريكا وبريطانيا تكتشفان يوما بعد آخر مدى فشل سياساتهما في العالم عموما والشرق الاوسط بشكل خاص. فحلفاؤهما يتساقطون تحت ضربات الجماهير الثائرة، وتنطلق الشعوب الاخرى في حراك سياسي لا يتوقف على امل الوصول الى مستوى من الحكم المتحضر الذي يوفر للمواطنين حرية المشاركة في تقرير مصائرهم وادارة شؤون حياتهم. الثورة هي الثورة التي عهدها العالم منذ الرابع عشر من فبراير 2011، والموقف الشعبي ثابت، والاصرار على التغيير لم يتغير. نفوس الثوار تتعمق قناعتها بحتمية التغيير الشامل، واعداء الشعوب تبحث عن اساليب ووسائل لقمع تطلعات الجيل الجديد. ولكن لله في خلقه شؤون، والديكتاتوريون غير قادرين على ضبط الامور والسيطرة على الجماهير. اما الجماهير فترى في الظروف القائمة فرصة لا تتكرر كثيرا لفرض التغيير عن طريق الثورة الشاملة. البحرين تعيش على انغام هذه الثورة، وترغم الطغاة على التراجع والانكفاء والاستسلام. وما على الثوار سوى حسم امرهم والاستمرار في طريق التغيير الشامل الذي لا يوفر الخليفيين. مطلوب عهد جديد للبحرين والمنطقة العربية فارغ من الاستبداد والهيمنة والفساد والاستبداد. هذا وعد الثوار، وهذا ما سيتحقق في البحرين قريبا انشاء الله.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك،وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
31 اغسطس 2012