بيانات حركة أحرار البحرين

ثورة تغذيها دماء الشهداء وآخرهم حسام الحداد، لمنتصرة بعون الله تعالى

ايها الثوار: احزموا امركم، وتوكلوا على الله فانكم منصورون بعونه

الثورة حين تشتعل تخترق حدود التعتيم وتجتاز الحدود الجغرافية، وتنزع الخوف من القلوب. وكلما سقط شهيد تعملق الشعب، وتقزم الطغاة، ويعلم شعب البحرين الذي تفيأ النخلة وعاش في كنفها واكل من تمرها، ان قلع جنينها لا يزيدها الا قوة، وانها تستعصي على الاندثار وان سعى المجرمون لقتل الحرث والنسل. وما ان يسقط شهيد حتى يستلم الراية منه من يرفع هتافه عاليا “انا الشهيد التالي”. ان امة تتسابق في مضمار الشهادة لا تهزم، وان شعبا يقدم اغلى شبابه على طريق الكرامة لا محالة يسقط الظالمين وان طال الزمن. الامر المؤكد ان استشهاد حسام الحداد وفر للثورة دفعا قويا الى الامام، وحركت دماؤه الزاكية آلة الثورة بسرعة اكبر مما كانت عليه. فكلما سقط شهيد اقتربت نهاية الديكتاتور، ودنت ساعة الحساب العسير لقاتلي الابرياء ومعذبي الثوار. قد يكون هناك خوف من الموت او القتل او السجن او التعذيب قبل وقوع ايا منها، فتبقى سلاحا رادعا لمن يخشى الموت او التعذيب، ولكن ما ان تتذوقه النفوس حتى تجدد عزمها على الجهاد والنضال، فتمضي  الى الامام متحدية آلة الدمار السلطوية، وتتخطى الاشواك التي ما تفتأ تذبل وتكل وينتهي فعلها الردعي. في غمرة حوادث الايام الاخيرة يتلألأ نور الفجر من ايدي الثوار في كل يوم وليلة. فكل يوم يزدادون قربا من النصر بينما يقترب عدوهم من الهاوية. ولم نسمع ان شعبا ثار ضد طاغيته هزم، وان تأخر انتصاره. كما لم تصك اسماعنا انباء بان القمع يقتل الشعوب او يقضي على تطلعاتها. فالثورة تيار يسري في العروق والنفوس يوقظ النائمين ويدفع المتقاعسين للجد والعمل. وعندما يتعملق الشر واهله تبدو الثورة اكثر جذبا لذوي النفوس الكبيرة واصحاب الضمائر الحية. وحين يرتاد السجون شباب الامة واطفالها وشيوخها ونفوسها تتحول الى مدارس للنضال والجهاد، ويتخرج الدعاة منها مبشرين بمستقبل مختلف وامة اكثر اصرارا على الحياة. هذا ما تعلمناه خلال اكثر من اربعة عقود من الثورة وما يضادها من مكر سيء من الحكام المجرمين. وبعد تجربة طويلة ادرك الشعب  ان الثورة اقصر الطرق للتغيير الحقيقي وأسرعها لتحقيق الاهداف.

الذين يطرحون امكان اصلاح النظام واهمون. فاذا كانت تجربة العقد الماضي مما اطلق عليه “المشروع الاصلاحي” غامضة لدى البعض او مشوشة في اذهان البعض الآخر، فان ما جرى في العشرين شهرا الاخيرة لا يترك مجالا للشك في استحالة اصلاح الحكم القبلي الديكتاتوري. فبعد سيل الدماء والتظاهرات العملاقة والموقف الدولي الذي يطالب العصابة الخليفية بالاصلاح اصبح من العبث بمكان الاعتقاد بامكان اصلاح نظامها باي قدر. فهو نظام مؤسس على الفساد والانحراف والظلم، ويحمل في طياته مناعة عن الاصلاح. ولذلك فبعد مضي هذه الفترة كلها لم يمكن اقصاء رئيس الوزراء برغم انه يقضي عامه الثاني والاربعين متربعا على حكم البلاد ظلما وعدوانا. وحتى هذه اللحظة لم يقدم الديكتاتور شيئا للشعب في مجال الشراكة السياسية لكي يساعد المعولين على اصلاحه ذريعة يقدمونها للمواطين لتبرير رهانهم على امكان اصلاحه. فالطغمة الخليفية مهيمنة على كافة مفاصل الدولة، من وزارات وادارات وموارد حيوية ومؤسسات امنية وقضائية واعلامية. وهذا يعني ان الخليفيين انفسهم يراهنون على بقائهم بكامل السلطة التي تمكنهم من استعباد البحرانيين.

الثوار من جانبهم لن يقبلوا باقل من ابعاد الخليفيين عن الحكم بعد ان فشلوا في اقامة دولة مدنية عصرية يتمتع المواطنون فيها بالحرية والحقوق وحكم القانون، المواطنون لن يقبلوا بالعودة الى اوضاع ما قبل 14 فبراير، مهما كان الثمن. اما الامريكيون والبريطانيون فلن يغيروا من هذا القرار شيئا، بل ستتكشف حقيقة مواقفهم وتناقضاتهم السياسية والايديولوجية والاخلاقية، وسيخسرون كثيرا في العالم العربي. فدول الثورات العربية تكتشف يوميا ان هذه القوى تتآمر ضدها بتحريك السعوديين والقوى المتطرفة للنيل من صدقية انظمة ما بعد الثورة وخلق المشاكل الداخلية لها بدون توقف كما يحدث في تونس ومصر وليبيا، وكما حدث في العراق. الامر المؤكد ان المكر السيء لا يحيق الا باهله، وسوف ترتد آثاره السلبية على اصحابه. وكل ما سيحدث ان ازمات الشعوب سوف تطول، ولكن هذه الشعوب لن تهزم ابدا ما دامت دماء الحرية تسيل في اوصالها. ولقد عانى شعبنا البحراني كثيرا في ظل حكم الطغمة الخليفية، ولا يريد العودة الى المربع الاول. انه يهدف لضمان حق تقرير المصير، وكتابة دستوره بيديه بدلا عن الدستور المستورد الذي كتبه رمزي الشاعر. يسعى الشعب لاعادة خمس قطاعات حيوية الى سلطة الشعب الاصلي (سنة وشيعة) وهي الشرطة والجيش والامن والقضاء والاعلام، لان الخليفيين اساؤوا استخدامها ووجهوها ضد الشعب، واذا ما انحصر التغيير في بعض الشكليات فسيظل ذلك التغيير قابلا للالغاء بجرة قلم من الديكتاتور وطغمته، كما فعل مرارا.

ان الحراك الثوري خلال شهر رمضان المبارك، وما بعده، والغضب الشعبي العارم بعد استشهاد حسام الحداد قد عمق روح الثورة في نفوس الشعب،  ورسخ عزمه على تصعيد الحراك الثوري بدون توقف مهما كان قمع الخليفيين وتعذيبهم وتجويعهم وتجنيسهم وتمييزهم وظلمهم القضائي وحروبهم الاعلامية ضد المواطنين. هذا الحراك الثوري تمده يوميا دماء الشهداء والجرحى التي تسيل بدون حساب. هذه الدماء تزيد الاحرار اقتناعا بان الخليفيين ان بقوا فترة اطول فسوف تتواصل ظلامة الشعب، وسوف تتكرر مأساته بمرور الوقت. ولذلك قرر الرجال والنساء، الشباب والكبار والاطفال، ان يضمنوا مستقبل الشعب واجياله القادمة بتخليص البلاد من الغدة السرطانية الخطيرة التي لا يمكن علاج الجسد البحراني منها الا باقتلاعها. انه نظام لا يستطيع ان يلتزم بوعوده او بتوصيات لجنته الخاصة التي شكلها تحت الضغط الدولي واكدت استخدامه التعذيب كممارسة ممنهجة، والقتل خارج القانون وهدم المساجد. اللجنة طالبته باطلاق سراح السجناء السياسيين بدون قيد او شرط، وقد مر ما يقرب من عام على ذلك ولم ينفذ التوصيات الحقيقية، مكتفيا باجراءات شكلية لم تقنع حتى حلفائه. وبعد اكثر من عام على حملته الاعلامية والسياسية ضد ايران متهما اياها بالتدخل وتأجيج الثورة ارغم على اتخاذ قرار من طرف واحد باعادة سفيره الى طهران. ووجهت الجمهورية الاسلامية للديكتاتور وحثالته صفعة قوية عندما اعلنت انها لن تعيد سفيرها الى المنامة ما دام قمع الشعب مستمرا. انها هزيمة منكرة لنظام يعتمد اساسا على المال النفطي لتمويل الاعلام واستئجار الشركات العامة لتلميع صورته. فأين ابواقه وبلطجيته من قرار اعادة السفير الى طهران التي طالما وصفوها، بايحاء من الشيطان حمد وطغمته، بانهم “مجوسية، “فارسية” وغير ذلك من الاوصاف. ألا يعترف هؤلاء الآن انها هزيمة لهم ولأسيادهم، ولكن اذا لم تستح فافعل (وقل) ما شئت.

ثورة الشعب ماضية على طريق النصر، فقد روت طريقها دماء الشهداء وآخرهم الشهيد حسام الحداد، ولن تتوقف حتى يكتب الله النصر لها ولو كره الظالمون والديكتاتوريون والمستبدون والمحتلون. فالنصر حيف الاحرار والشهداء والصامدين والمرابطين على ثغور الوطن، وانها لثورة حتى النصر المؤزر بعون الله تعالى.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك،وفك قيد اسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
24
اغسطس 2012

زر الذهاب إلى الأعلى