كلما امعن العدو الخليفي في القمع، اقترب النصر المحتوم
لكي يطل الفجر بنوره لا بد ان يستفحل الليل بظلمته. وقبل ان تستيقظ البلابل لتغرد مستبشرة بيوم جديد، تعربد الخفافيش محتمية بالظلام الدامس مستأنسة بالوحشة لتتمكن من لعق دماء الآدميين. ولكي تتحرر البحرين من أغلال الاحتلال السعودي والخليفي كان أمرا متوقعا ان تسيل دماء شبابها رخيصة في الشوارع والزنزانات. ومن اجل ان ينتهي حكم الطغيان والاستبداد في الجزيرة العربية ارتأى بطل الجزيرة، الشيخ نمر النمر ان يكون دمه المسفوح ثمنا للحرية، وان يكون جسده المبضع برصاص الطغيان السعودي قربانا على مسلخ الكرامة.
تعيش البحرين والقطيف اوجاعا وآهات وأياما كالحة، وتستقبلان ذلك بقلوب راضية بقضاء الله، محتسبة اجره من المقتدر الجبار الذي يمحق الظالمين والذي “لا يرد بأسه عن القوم المجرمين”. تدافع الاحرار البواسل لخوض المعركة الفاصلة بين قوى الحق والعدل والحرية وفلول التخلف والظلم والاستبداد والقمع والاحتلال، راضين يما تخبئه الاقدار، لينالوا احدى الحسنيين. فالذين نالت مباضع القتلة من اجسادهم حتى فارقوا الحياة سجلوا مواقف خالدة، واصبحوا شهداء على التاريخ، سجلوه بدمائهم، حرفا حرفا، ورفعوا أكفهم الى السماء مبتهلين اليه سبحانه بان يتقبل تلك القرابين فداء لله والدين والحق والوطن. والذين بقوا رازحين في غياهب السجون لم يأسفوا على ما قدموا من تضحيات، بل اصبح الصبر ديدنهم، والتواصل مع الله بالصلاة والدعاء سبيلهم. هناك في طوامير التعذيب تبتهل قلوبهم الوالهة المحبة للخير والعاشقة للعدل، وتخفق افئدتهم بالقرآن والدعاء، لا يضيرهم من رضي بحياة الذل وقبل بالاستعباد. ويضم ثرى اوال اجسادا طاهرة مضمخة بدم الشهادة، وارواحها ترفرف في سماء الثورة، تحث الجماهير على الصمود والتصدي لاعداء الله والانسانية، وتزف لهم بشرى النصر ولو بعد حين. ما كان للثورة ان تحقق هذه الانتصارات لولا الكرامة المختزنة في نفوس ابناء البحرين البررة، وهي لا مكرمة يهون كل شيء من اجل تحقيقها.
في عالم يحكمه الشيطان الاكبر، بما لديه من قوة مادية وعنجهية واستكبار، تضيع حقوق البشر ويستعلي الصعاليك ويتبختر العبيد، ويطغى المحتلون ويستضعف الاتقياء وعباد الله الصالحون. فاذا بعالم رباني فتح الله بصيرته للايمان، كالشيخ نمر النمر يصبح مستهدفا من فرعون وجنوده، لانه تفوه بكلمة الحق وتحدى الطغاة وصمد بوجه الاستبداد. في بلد وهبه الله خيرا كثيرا ورزقه من النفط ما يكفيه أبد الآبدين، تمتد الايدي السارقة لتنهب خيراته وتستعملها للفساد والافساد. فاذا بالدين يصبح اداة للتخدير والافساد، واذا بطبقة العلماء تتحول الى شهود زور ونفاق لتبرير ظلم الطغاة وتحريم التصدي له او التظاهر ضد الاحتلال او الاحتجاج لاسترجاع الحقوق. في بلد تحكمه الاخفاذ القبلية لم يبق للعقل او الانسانية او الدين مكان في طبقات الحكم، بل اصبح علية القوم مستضعفين من قبل المستكبرين والفاسدين والقاسطين والمارقين. في جزيرة العرب التي شرفها الله بالاسلام ورفع شأنها بآل محمد يعيش اتباع الاسلام في خوف على دينهم وقلق على انسانيتهم، وخشية على حياتهم. في هذه الجزيرة المعذبة يتعرض اصحاب الارض للتنكيل والتهميش والاستهداف، بينما تهيمن عائلة صغيرة على كافة مقدراتها وخيراتها. اهل المنطقة الشرقية محرومون من التنمية او التوظيف او المشاركة السياسية، بينما يهيمن آل سعود وعملاؤهم على عائدات النفط كاملة. هؤلاء المواطنون محاصرون في قراهم ومدنهم وهم الذين سكنها الآباء والاجداد وورثوها عبر الاجيال، بينما يضع الاجانب ايديهم عليها ويستغلون ثروتها النفطية بنهم وتبديد، لاشباع نزواتهم الشريرة. ينفقون ثروة الامة بالانتاج غير المحدود لدعم الاقتصاد الغربي في مقابل دعم حكمهم الجائر والتغاضي عن جرائمهم ضد الانسانية. هؤلاء تبرعوا لزيادة انتاجهم النفطي لتوفير حاجة الاقتصاد الغربي فيما لو تعرضت الامدادات النفطية للقطع في حال اي عدوان ضد ايران.
في مملكة الصمت يعتقل الاحرار، وينكل بنشطاء حقوق الانسان، ويختطف المواطنون الاصليون يوميا ويعذبون بوحشية، وامام ذلك لا يخجل المسؤولون الغربيون من دعم ارهاب الدولة الذي تمارسه هذه الحثالة الفاشلة التي تزداد وحشية وتسلطا واستبدادا وقمعا كلما تصاعدت المعارضة الشعبية ضدها. انها مملكة جسدت الشر في ابشع اشكاله وتحالفت مع الشيطان، وارتبطت بالصهاينة، وحالفت الاستكبار، كل ذلك في مقابل سحق الشعب الاصلي. نبيل رجب يعتقل انتقاما منه لمواقفه، ولا يصدر موقف انساني من هذه القوى، بل يعتقل مناصروه وينكل بمن يدعمه او يسير على خطاه. احرار الامة مرتهنون في القيود، تجلد ظهورهم يوميا بالسياط، حتى لكأن الله كتب عليهم ان لا يستمتعوا بانسانيتهم يوما. وسوف يستمر هذا الوضع فترة من الزمن ولكن الله لهم بالمرصد. لقد طغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، وستكون نتيجتهم كما قالل تعالى “فصب عليهم ربك سوط عذاب، ان ربك لبالمرصاد”. شعب صابر محتسب، يتضامن مع معتقليه وشهدائه ويتصدى لاعدائه بما آتاه الله من الحكمة والعقل الرجح حتى يرث الله ومن عليها. هذا الشعب افشل كافة مخططاتهم، وأبى ان يستسلم، رافضا الاستسلام للاحتلال السعودي الغاشم. قدم الشهداء تباعا، وتظاهر في الشارع يوميا، وتحمل التعذيب والتنكيل بدون كلل او نصب. فكلما سقط شهيد حمل الآخر رايته وطاف بها ارجاء الوطن معلنا الظلامة وداعيا للقصاص منهم.
قد يبدو الوضع للكثيرين محبطا وباعثا على اليأس والقنوط. ولكن المؤمنين الصادقين لا يرون في ذلك الا سببا للآمل بقرب النصر الالهي المحتوم. فلا بد ان يبلغ الامر ذروة السوء قبل ان ينفرج “حتى اذا استيأس الرسل، وظنوا انهم قد كذبوا، آتاهم أمرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين”. وكلما رأوا العسر يتعمق تصاعد املهم في اليسر واللين “ان مع العسر يسرا، ان مع العسر يسرا”. مطلوب من المؤمنين المظلومين الصبر والتقوى لتحل عليهم رحمة الله ودعمه كذلك: “بلى ان تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين”. فليس هناك امر مستحيل ابدا، والا فما معنى انتصار المؤمنين الاوائل وكاوا أقل عددا وعدة. انه الوعد الالهي الذي لا يزول ابدا، وهو ما سيتحقق بشكل محتوم، طال الزمن ام قصر.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
13 يوليو 2002