المستقبل للشعب، والحكم الخليفي يبدأ العد التنازلي لسقوطه
الزمن ليس لصالح الحثالة الخليفية الجاثمة على صدور شعب البحرين. فكل يوم يأتي بجديد لصالح قوى التغيير وضد استبداد الطغاة خصوصا انظمة الاستبداد المتوارث. وقد اصبح واضحا ان فترة حكم هذه العائلة الجائرة قد بدأ عده التنازلي بعد انتفاضات تواصلت على مدى عقود تسعة. هذه الانتفاضات تطورت في مطالبها تدريجيا حتى وصلت في الثورة الحالية الى مستوى المطالبة بسقوط الحكم الخليفي مرة واحدة الى الابد.
انه تطور طبيعي لامور عديدة، اولها: استمرار تصاعد وعي الشعب البحراني مستفيدا من تجاربه المريرة الطويلة، ثانيا: تطور الاوضاع الاقليمية والدولية ضد بقاء انظمة الاستبداد الشمولية والهيمنة المطلقة، ثالثا: تداعي نفوذ القوى الغربية التي دعمت الاستبداد طوال القرن الماضي، ليخلف الاستعمار، رابعا: فشل هذه الحكومات في تطوير نفسها باي شكل حقيقي، واعتقادها ان سياسات التشويش والتضليل والتطبيل الاعلامي كافية للتعتيم على الحقائق، خامسا: تفكك عرى التحالفات الاقليمية التي قامت من اجل حماية الانظمة ولم تراع مصالح الشعوب، وكان من اسباب تداعيها انها لم تحقق تطورا سوى في مجالات التعاون الامني ضد المناضلين والشرفاء. سادسا: ان جوهر السنن الالهية والقوانين الاجتماعية يقضي باستحالة بقاء الديكتاتوريين والمتفرعنيين الذين لا بد ان يكون لحكمهم نهاية خصوصا اذا فجروا في الحكم واستخدموه لقمع الاحرار والصالحين من ابناء شعوبهم.
من هنا نقول جازمين ان ايام الحكم الخليفي باتت معدودة، وان الدعم الانجلو – امريكي الذي بلغ ذروته بارسال خبراء امنيين لاسناد نظام الاستبداد لم ينجح في كسر شوكة الاحرار الذين خرجوا في تظاهراتهم يوميا، صيفا وشتاء، نهارا وليلا. واذا كانت هذه القوى المعادية للحرية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها قد هندست سياسات لافشال ثورات الربيع العربي او احتوائها، فان التطورات الاقليمية في الشهور الاخيرة تؤكد فشل تلك السياسات، خصوصا اذا وعت القوى السياسية التي اعتمد الديكتاتوريون على دعمها حقيقة الوضع وديناميكية التغيير في مجتمعاتها. هذه القوى ادركت انها ما لم تتخذ مواقف مبدئية برفض الاستبداد وتوجيه الشعوب على طريق الحرية الحقيقية ورفض الديكتاتورية والحكم القبلي التوارثي، فانها سوف تخسر الموقف لصالح قوى شبابية اخرى ناهضة، يئست من اصلاح انظمة الحكم في بلدانها، واستوعبت ان هذه الانظمة تقترب من نهاية طريق مسدود تسقط على اعتابه في زمن غير بعيد. قوى التغيير الشبابية تمتلك من عمق الوعي وقوة الارادة ما يؤهلها لخوض معركة تقرير المصير لصالح شعوبها وكسر شوكة الاستبداد والديكتاتورية ومن يدعمها من القوى الاقليمية والدولية. وما المخاض الذي تعيشه مصر هذه الايام، بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا وانقلاب العسكر ضد الارادة الشعبية، الا مؤشر آخر على المخاض العسير لولادة مستقبل مختلف لشعوب الامة. صحيح ان المشروع الطائفي قد فت في عضد الامة وآجل حسم الثورات، ولكن هذا المشروع نفسه اصبح يترنح في ظل وعي الشباب الثائر الذي نزع لباس الماضي المتخلف الذي صاغت اجواءه اموال النفط المهدورة، وادرك ان مستقبله يجب ان يبنى على اسس الوعي والتقدم والتحرر من الجهل والاستبداد والديكتاتورية، وان الوعي يتطلب منه الثورة ليس على انظمة حكمه فحسب بل على قوى الثورة المضادة التي تعمل ليلا ونهارا لمواجهة تيار التغيير المتصاعد.
البحرين، هذا البلد الخليجي الذي تميز بوعي شبابه واصرار شعبه على استرجاع الحرية متمردا على قوى التخلف القبلية وانماط التجهيل الاستعمارية، تقف اليوم على اعتاب التغيير الذي اصبح تحققه حتمية إلهية وتاريخية. فقد اصبح متعذرا العودة الى الماضي الذي هيمنت عليه قوى التخلف والقمع والتعذيب والحكم الفردي والعائلي. ولا شك ان مخاض التغيير عسير، ولكن الشعب الذي يبذل دماء شهدائه رخيصة على طريق الحرية لا يخسر المعركة مهما امعن الطغاة في جبروتهم وقمعهم. فقد تميز الشهر الماضي بظاهرتين مهمتين: اولاهما تجسد روح الثورة في كافة انحاء البلاد من خلال تواصل الاحتجاجات والمسيرات، بالاضافة لتكثف نشاط القوى السياسية، وما صاحبه من اعتداءات منظمة على رموزها كما حدث لسماحة الشيخ علي سلمان وحسن المرزوق وسواهما. والثانية وضوح استحالة اصلاح النظام الخليفي بدرجة اقنعت الى حد كبير حلفاءه في واشنطن ولندن اللتين ادركتا انهما تدعمان حصانا خاسرا في مقابل شعب امتلك شجاعة كافية لشق طريقه الثوري وفرض التغيير باساليبه السلمية المتحضرة. اصبح واضحا الآن، خصوصا في ضوء استهداف الجهات التي كانت واشنطن ولندن تعولان عليها لتفعيل مقولة “الحوار” من قبل العائلة الخليفية بشراسة غير مسبوقة وصلافة تحرجهم، واساليب تكرس مقولات المعارضة باستحالة اصلاح الحكم الخليفي. وقد هرول وزيران: امريكي وبريطاني، الى المنامة للضغط على العائلة الخليفية من جهة وعلى الجمعيات السياسية من جهة اخرى للدخول في ما سمي “حوارا غير مشروط”, ولكن سرعان ما ادرك المسؤولان الغربيان ان مهمتمها مستحيلة ما دام الخيفيون يحكمون. فقد رفضوا اي حوار جاد وخولوا اشخاصا لا يؤمنون بالحوار قط التعاطي مع مقولات الحوار، لتموت الى الابد. وهكذا يبدو المسرح اكثر استقطابا لصالح قوى المعارضة خصوصا بعد ان فشل الخليفيون في مكافأة بلطجيتهم الذين دعموهم طوال فترة الثورة المظفرة. ان النظام اليوم يعيش هاجس السقوط برغم خطاب مسؤوليه الذي يبدوا احيانا اقرب الى الخيال منه الى الواقع.
حالة الاستقطاب غير المسبوقة في ظل استمرار الثورة البحرانية المظفرة واحدة من اهم مستلزمات التغيير لان حالة التداخل في القيم والمفاهيم والمواقف يشوش الفهم ويحرف مسار التغيير. وقد ساهمت سياسات القمع الخليفية من جهة، وتعنت رموزها ورفضهم القيام باي اصلاح حقيقي في هيكل السلطة من جهة ثانية، وإصرارهم على التعامل مع الجمعيات المعارضة وكأنها تابعة لهم تأتمر بامرهم وتلتزم بنهيهم، وضع تلك الجمعيات امام خيارين: فاما الانتماء الى الشعب او الانحياز لنظام حكم جائر لا يلتزم بعهد او ذمة ولا يحترم قواعد التعامل الانساني ولا يلتزم بمقتضى المعاهدات الدولية. وجاءت الاستهدافات الاخيرة لتعمق حالة الاستقطاب لان الجمعيات رفضت الانتماء للطغمة الخليفية وداعميها. ومن جانب آخر شعرت هذه الجمعيات ان الوعود الامريكية والبريطانية بالضغط على الخليفيين غير حقيقية، وانهم غير جادين في ترويج الديمقراطية حماية حقوق الانسان مع العائلة الخليفية، وانهم يمارسون ضغوطا غير مقبولة على هذه الجمعيات للدخول في مسميات الحوار من اجل الحوار وليس لتحقيق نتائج حقيقية. وهكذا توفرت اجواء المفاصلة التي ما تزال الجمعيات تفكر في مدى استعدادها لخوض غمارها لان ذلك سيؤدي الى قطيعة كاملة مع الحثالة الخليفية. ثوار 14 فبراير سبقوا المؤسسات السياسية في ذلك القرار، واصبحوا منسجمين مع ضمائرهم وشعبهم، فتعمقت روح الثورة والتغيير في اوساطهم، وتبلورت حالة جديدة في البحرين غير مسبوقة، تشير الى انتهاء العلاقة بين شعب البحرين والطغمة الخليفية. انه تطور ايجابي لصالح الثورة لانه ازاح عن كواهل ابنائها مشاعر العقدة والتناقض، فهم يرفعون شعارهم اليومي “الشعب يريد اسقاط النظام” وذلك هو طريق المستقبل بالنسبة لهم، ولأغلبية شعب البحرين.
الامر الذي يسهل مهمة الثوار استمرار الرفض الخليفي تقديم اي اصلاح سياسي حقيقي برغم هزائمه الكبيرة في مجال حقوق الانسان. فقد بلع الخليفيون كبرياءهم وشروا كأس السم وهم يلغون قانون الطواريء والمحاكم العسكرية والاتهامات الكبيرة التي وجهوها للاطباء والمدرسين والرياضيين، وأرغموا على السكوت ازاء المساجد التي هدموها ثم بدأ الشعب في اعادة بنائها بدون طلب ترخيص منهم. شعب البحرين يشعر بالغضب الشديد ازاء مواقف حلفاء الحثالة الخليفية خصوصا في واشنطن ولندن الذين ما يزالون يوفرون لهم حماية امنية وسياسية، ويستضيفون رموز التعذيب والجلادين والقتلة من الخليفيين في عواصمهم. انها مواقف مخزية لن ينساها ضحايا العدوان الخليفي المقيت، ولن تفت في عضد ابطال الثورة الذين يشقون طريقهم بشكل ثابت على طريق التحرير الكامل للارض سواء من الاحتلا السعودي ام الاستبداد الخليفي. لقد قضى شعب البحرين عاما ونصفا ثائرا محتسبا صابرا، وبدأ اليوم يشعر بانه يقترب من النصر النهائي المتمثل بسقوط الحكم القبلي الاستبدادي واقامة نظام حكم قائم على قواعد دولية من بينها حق تقرير المصير وان لكل مواطن صوتا، وان العدالة تقتضي القصاص من مرتكبي جرائم التعذيب والقتل من رموز الحكم الخليفي. ان امام الشعب مستقبلا واعدا سوف ينبلج عما قريب بعون الله تعالى ولو كره الظالمون. فذلك وعد الله للمؤمنين، وانه وعد غير مكذوب.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
29 يونيو 2012