عندما يتحول الجوع سلاحا، يسقط الطغاة والمجرمون
شخص واحد قرر فداء الوطن والحرية بروحه، فأسقط الطغاة وهز عروشهم وأدخل الرعب في قلوبهم، شعاره كان الشهادة او الحرية، وسلاحه الذي اثبت انه اكثر مضاء وحدة وأثرا من سيوف الجلادين كان الجوع، تدعمه الارادة والعزيمة والكرامة وعمق الشعور بالانتماء لله والشعب والوطن.
ثلاثة شهور تقترب من الاكتمال منذ ان شهر عبد الهادي الخواجة سلاح الجوع بوجه الطغاة، ليثبت انه امضى ما يملك، ليتحدى العالم ان يقرر: من هو الارهابي؟ ومن الذي يستحق السجن؟ أهو الذي يحرم نفسه من الطعام اختيارا؟ ام الذي يجوع الآخرين ظلما؟ اهو المسجى على فراش الموت، يحتضر ساعة ويفيق أخرى تحوطه الجلاوزة ويعامله الجلادون بغلظة، ام المتكيء على الوثير محاطا بالغانيات والراقصات ومن باعوا ضمائرهم واشتروا دنياهم بدينهم واخلاقهم وقيمهم؟ من الاقوى في هذه المعركة غير المتكافئة؟ من لا يملك سوى قراره الحر وقوة الارادة التي تسمح له بتجاوز مباهج الدنيا وملذاتها؟ ام الذي جيش الجيوش وجاء بالاحتلال ودعمته اساطيل الاستكبار، واهدر اموال الناس لتسخير شركات العلاقات العامة ووسائل الاعلام ضد “غاندي” البحرين؟
ما اتفه العدو الخليفي الذي يصر من جهة على “إطعام” الخواجة بتخديره وادخال السوائل المغذية الى معدته الفارغة ويبالغ من جهة اخرى في سلب لقمة العيش من آلاف المواطنين الذين فصلهم من وظائفهم وجوع اهلهم وحرم اطفالهم من لقمة العيش. هذا العدو يحمل التناقض في داخله على كافة الصعدان. فهو يبالغ في ادعاء تمسكه بـ “الديمقراطية” في الوقت الذي يقنن فيه ان الديكتاتور “فوق السلطات جميعا”، ويسمح لرئيس حكومته بالبقاء في منصبه اكثر من اربعة عقود، وينصب افراد الطغمة الحاكمة في ثلثي مقاعد الحكومة. هذا النظام الفاسد يقول للعالم انه ملتزم بمشروع “الاصلاح” بينما يغطي قرى البحرين و مدنها بسحب الغازات الكيماوية ضمن سياسة “القصف السجادي بالغاز”. يدعي “الوطنية” ويحارب المواطنين البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة). يتهم المعارضين بتلقي الدعم من ايران وغيرها، ولا يتردد عن استقدام جون تيموني الامريكي وجون ييتس البريطاني والقوات السعودية لاحتلال البلاد والتنكيل باهلها. فمن هو ذو الحس الوطني ومن هو العميل؟ من الذي يسعى لتحرير البلاد من الاحتلال والغزو والهيمنة الاجنبية؟ ومن الذي يسمح للآخرين باحتلالها واقامة القواعد فيها؟ (ما لكم كيف تحكمون، ام لكم كتاب فيه تدرسون؟)
من هو الاقوى ومن الاضعف في معركة تحديد مصير البحرين؟ من الظالم ومن المظلوم؟ من الصادق ومن الكاذب؟ من البحراني ومن الاجنبي؟ من الذي يستحق الحياة ومن الذي اصبح وجوده عبئا على الانسانية والاخلاق والمباديء؟ ثورة البحرين المظفرة سلطت الاضواء على ما يحدث في هذا البلد المعذب لتتجلى الحقيقة ولينتهي عهد التعتيم والتشويش والتضليل. ولقد تحقق بفضل الله جانب كبير من ذلك التجلي. فاذا كان هناك من يراهن قبل الثورة على التعايش مع الزمرة الخليفية معتقدا بقدرتها على الاصلاح والاستقامة، فقد كشفت معطيات الشهور الخمسة عشرة الماضية استحالة ذلك، فاصبح الخيار امام شعب البحرين محصورا بين ان يوجد او لا يوجد. واتضح بجلاء ايضا ان وجوده لا يتحقق الا في غياب هذه الطغمة الحاقدة على البحرين واهلها وثقافتها وتاريخها وتراثها ودينها. كما اتضح للغالبية الساحقة من البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) ان بقاء العدو الخليفي يعني فناءهم التدريجي. استنتجوا ذلك، برغم اساليب التشويش، واصبح المشروع الطائفي الذي فرضته رموزه ابتداء بولي العهد الخليفي الذي طرحه في 17 فبراير 2011 بعد العدوان الاول على الدوار، مكشوفا في ابعاده وخطره على البلاد والعباد. وكما ادرك الشيعي انه مهمش في ظل النظام الخليفي، ادرك السني ايضا ان الذي يحكم انما هي القلة الخليفية التي استعانت بالاجانب وجاءت بالسعودي والامريكي والبريطاني ليهمش الشيعي والسني معا، وليضحي بهما لضمان بقائه. وجاء بالاجنبي من كافة اصقاع الدنيا لاستبدال البحراني الشيعي والسني بشعب جديد يستبدل به سكان الارض الاصليين. ومن يدقق في الوضع يجد ان الذين يطبلون للعدو الخليفي وسياساته انما هم الانتهازيون والوصوليون والمتسلقون، منهم السني ومنهم الشيعي. اما الاحرار من الشيعة والسنة ففي السجون دائما. ومن قال ان المواطن السني لا يشعر بالظلم؟ ألا يرى هذا المواطن انه يعيش مع ربع مليون انسان آخرين في جزيرة المحرق، بينما يحتل الديكتاتور بمفرده جزيرة ام النعسان التي لا تقل مساحتها عن جزيرته؟ فهل خلق الله هذا الطاغية مساويا في حقوقه لاكثر من ربع مليون بحراني اصيل من السنة والشيعة؟
الآن حصحص الحق، واكتشف العالم صواب ما يطالب به البحرانيون، واصرارهم على اسقاط حكم الزمرة الخليفية التي تجاوزت كل الحدود في تعاملها مع الملف السياسي والحقوقي في هذا البلد المعذب. وفيما يصر الديكتاتور على حضوره اليوبيل الالماسي لملكة بريطانيا في وقت لاحق من هذا الشهر، فقد شمر الاحرار عن سواعد الجد والعمل لاعادة فتح الملف البحراني امام العالم، مستفيدا من الزخم الاعلامي الذي يواكب المناسبة. وكما سخر الله اقلام الاعلاميين وشاشاتهم لكشف حقيقة الاستبداد الخليفي خلال سباق الفورمولا فسوف يكون حضور الديكتاتور الحفل الملكي في لندن، فرصة لجذب انظار الاعلاميين لما يجري في هذا البلد المبتلى. وسوف ترتفع الاصوات العالمية الحرة منددة بدعوة هذا الديكتاتور، كما سيعمل ضحاياه على التقدم بشكاوى لدى الشرطة البريطانية لتطالب باعتقاله ومحاكمته كمجرم ضد الانسانية. ومرة اخرى نكرر “رب ضارة نافعة” آملين ان يوفق الله النشطاء داخل البلاد وخارجها لفتح ملفات الظلم الخليفي في كل مناسبة يسعى العدو خلالها لاظهار الوضع في البلاد على غير حقيقته. فالنشطاء الدوليون يستعدون كذلك لفتح ملف التعذيب الذي مارسه ناصر بن حمد آل خليفة بحق العديد من السجناء، لاطلاع الجهات المعنية بالدورة الاولمبية في لندن في الصيف المقبل. مطلوب من الرياضيين الذين اعتقلوا وعذبوا وطردوا من مواقعهم توثيق افاداتهم ثم عرضها على العالم لكي يكتشف خطر الجلاد ناصر بن حمد الذي مارس التعذيب والقمع على اوسع نطاق. لقد حان الوقت لكشف ملفات الجرائم الخليفية بدون لف او دوران او مجاملة او محاباة. على ذلك فلنتعاهد جميعا وندعو الله سبحانه ان يفتح للمستضعفين ابواب الرحمة ويمحق الظالمين والمنحرفين والجلادين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
4 مايو 2012