في اسبوع مقاومة الاحتلال: مطلوب افشال اساليب الخداع الخليفية
عندما يعترض الثوار واغلبية الشعب على مقولة “الحوار” فان ذلك ليس ضربا من الغوغائية او الموقف الفوضوي، بل انه قرار مؤسس على عدد من الامور العقلية والمنطقية والحسية. ومن ذلك ما يلي:
اولا: ان لدى الشعب خبرة طويلة مع الحكم الخليفي، وهي خبرة كشفت له حقيقة مهمة مفادها ان الخليفيين لا يؤمنون بالحوار لاسباب ثلاثة:
اولها: غرورهم وشعورهم الدائم بالكبرياء والتعالى وانهم طبقة اعلى من البحرانيين.
ثانيها: انهم لا يعترفون بالشعب البحراني الاصلي بشيعته وسنته، بل يسعون لاستبداله بشعب آخر من خارج البلاد من خلال مشروع التجنيس السياسي الذي يعتبر احد وجوه الابادة.
ثالثها: انهم يعرفون ان اي حوار ذي معنى سوف يرغمهم على تقديم تنازلات حقيقية ليسوا مستعدين لتقديمها ما داموا قادرين على الالتفاف والمناورة.
ثانيا: ان الخليفيين لا يمكن اصلاحهم كبشر او كنظام لسبب واحد انهم مستبدون ومتغطرسون، وشعب البحرين لم يطلع على حاكم ديكتاتوري تحول الى الديمقراطية.
ثالثا: انهم لا يريدون اضاعة الوقت في ما لا طائل فيه من دهاليزا لا تؤدي الى نهاية مضيئة. فعلى مدى العقود الاربعة الماضية لم يدخلوا في حوار قط، سوى في الفترة القصيرة التي اعقبت الانسحاب البريطاني، وكانوا مرغمين على ذلك، وما لبثوا ان تخلوا عن ذلك “الحوار” الذي كانت ثمرته دستور 1973. فلم يمض سوى اقل من عامين حتى انقلبوا على ذلك الدستور وشطبوا كل ما تعهدوا به للشعب.
رابعا: ان المسار التاريخي للانظمة يؤكد ان الوقت قد حان للتخلص من انظمة الحكم التي تنتمي الى الماضي وتعادي التطور السياسي الذي حول العالم من نظام الممالك والامبراطوريات القائمة على الاستبداد الى انظمة الجماهير التي تخول الشعوب بحكم نفسها.
وبالتالي فاي انصياع لمقولة “الحوار” انما هو استجابة لواحد من اشد الاساليب فتكا بالثورات. وما من ثورة عربية استجاب سياسيوها لمقولة التحاور مع الديكتاتوريين الا وفشلت في التخلص من الاستبداد والديكتاتورية. شعب تونس لم يستجب لنداءات بن علي للتحاور، فكانت النتيجة سقوط الرئيس وعصابته. وسعى حسني مبارك للتحاور مرارا، فاستجاب له البعض واستطاع الجيش من خلال ذلك التخلص من مبارك ولكنه احتفظ بموقعه، واصبح يدير اللعبة السياسية ليس وفق رؤى الثوار، بل كما يرى العسكر, وها هي مصر ترزح تحت حكم العسكر الذين ما يزالون يسيرون على خطى النظام السابق. فما يزالون ملتزمين بقوائم المنع من السفر للافراد، وما يزالون ملتزمين بالاحكام التي اصدرتها المحاكم العسكرية سواء في مصر ام في بلدان اخرى كالبحرين، فلا يستطيع الثوريون البحرانيون دخول مصر حتى الآن.
يرى الثوار ان الحوار ليس هدفا في ذاته، بل طريق يوصل الى نتائج في غضون فترة محدودة. بينما الخليفيون (ومعهم الامريكيون والبريطانيون) يعتبرون الحوار هدفا برغم ان الخليفيين لم يبدوا استعدادا حقيقيا لتقديم تنازلات تذكر في القضايا السياسية. ما يزال الخليفيون يتعاملون مع البحرانييين وكأن شيئا لم يحدث. فالقمع هو القمع، كما كان بل أشد، والتعذيب هو التعذيب، والجلادون هم الجلادون، والممنوعات هي الممنوعات: لا تتظاهر، لا تحتج، لا تنتقد الخليفيين، لا تطالب بما ليس لديك، لا تتحدث عن المساواة بين المواطنين، لا تحلم بالشراكة السياسية. فكل شيء خاضع لمزاج الديكتاتور وزمرته. لا تتكلم عن حكم ديمقراطي، فالحكم توارثي في اطار العائلة الخليفية، لا ترفض الدستور الخليفي، ولا تطالب بدستور جديد، لا تطالب بحل مجلس الشورى فهو ارادة الديكتاتور التي لا يحق لك مخالفتها. لا تحلم برئيس وزراء من ابناء الشعب. فكل ذلك ممنوع. فاذا وافقت على الالتزام بهذه الممنوعات، فهيا نتحاور. انه استسخاف للعقول، وتجرؤ على سنن التاريخ وازدرءا بتضحيات الشعب، وتجاهل لنداءات الاصلاح والتطوير، فكان الاصلاح المطلوب محضور بالجوانب الفنية والاجرائية. انهم لم يستوعبوا بعد ان شعب البحرين يريد ان يغير نظام الحكم في بلده بعد عقود من الحكم القبلي البالي. لم يستوعب هؤلاء بعد ان اساليب التضليل والخداع اصبحت غير مجدية وانها قد تضيف لوجودهم بضعة شهور او سنوات ولكنهم محكومون بالفناء السياسي الابدي. وقد يستطيع الخليفيون تحقيق شيء ما لانفسهم اليوم، ولكنهم يعرضون مصالحهم على البعيدة الامد للخطر. فمثلا لو استجابوا لمطلب الجمعيات السياسية بالتحول الى مملكة دستورية فربما وفروا لانفسهم فرصة البقاء فترة اطول، اما اصرارهم على عدم تقديم اي تنازل لهذه الجمعيات انما يصب لصالح قوى الثورة التي عاهدت ربها وشعبها على العمل المتواصل حتى اسقاط الحكم الخليفي واقتلاعه من الاساس. قد يبدو هذا الهدف “أضغاث أحلام” ولكنه سيحدث بعون الله اولا لان التغيير سنة الهية، وثانيا لان هناك سنة كونية بان “الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم” وثالثا لان الشعب اراد الحياة الحرة والتخلص من الاستبداد والاحتلال، واذا الشعب يوما أراد الحياة، فلا بد ان يستجيب القدر.
من هنا نهيب بالنشطاء الثوريين والسياسيين الاستمرار في توجيه الصفعات للخليفيين والسعوديين، وعدم تسهيل مهمتهم بتوفير الذرائع لهم بعدم الرحيل. فكلما اظهرت جهة ما يوحي بان الخليفيين عازمون على “الاصلاح” او “الحوار” او “المصالحة الوطنية” او “التخلي عن التعذيب” تأجل حسم الموقف، ووفروا للقوى الداعمة للاستبداد الخليفي ذريعة الاستمرار في دعمه. فقد مضت اربعة شهور على صدور توصيات بسيوني، ولم ينفذوا توصية حقيقة واحدة، فلم يطلقوا سراح السجناء السياسيين، ولم ينظفوا السجون، ولم يتوقفوا عن التعذيب، ولم يعتقلوا جلادا واحدا او يعاقبوا مجرما خليفيا واحدا ممن ارتكب الجرائم ضد الانسانية. ولطالما سعى الامريكيون والبريطانيون لتبرير عدم تخفيف دعمهم للارهاب الخليفي بان هذه الزمرة عازمة على القيام بكل ما ذكر. الشعب يعلم ان الامريكيين والبريطانيين هم الداعمون الحقيقيون للممارسات الخليفية ومن بينها التعذيب والقمع ورفض اصلاح الوضع السياسي، ولكنهم مصممون على ذلك بدون تردد. وقد اتضح موقفهم هذا الاسبوع عندما اغفلوا وضع البحرين من كلمات ممثليهم بمجلس حقوق الانسان. ففيما تحدث ممثلو دول عديدة مثل بلجيكا والمانيا والدنمارك وايرلندا عن انتهاكات حقوق الانسان في البحرين معربين عن قلق حكوماتهم ازاء ذلك، تحاشى الممثلان الامريكي والبريطاني عن ذلك تماما، وكأن الخليفيين لم يرتكبوا اية مخالفة بحق الشعب. وعلى العكس من ذلك فقد قدمت واشنطن ولندن للعائلة الخليفية خبيرين في التعذيب لادارة اجهزة الامن القمعية. ومنذ مجيئهما تصاعدت ممارسة التعذيب بشكل مذهل، وتضاعف عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة الاستعمال المفرط للغازات الكيماوية. ويعتقد هؤلاء ان نصب كاميرات في السجون سوف تقنع العالم بان الخليفيين قد توقفوا عن ممارسة التعذيب، ولكن الخبراء الدوليين قالوا للمدافعين عن الشعب البحراني في جنيف بانهم عندما يرون الكاميرات منصوبة في الزنزانات تتعمق قناعتتهم بان التعذيب يمارس في اماكن اخرى غير الزنزانات. وهذا ما يجري للبحرانيين الذين يختطفون ويعذبون في فترة وجيزة انتقاما وتنكيلا. ولذلك نقول ان عهد الخليفيين قد انتهى، وان على الشعب ان لا ينخدع بهم او بوعودهم، بل عليه الصبر والصمود والتجلد والانتظار الايجابي للفرج الذي أكد الله حتمية تحققه “وكان حقا علينا نصر المؤمنين“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
16 مارس 2012