ولى زمن “حوار الطرشان” وجاء زمن حسم الموقف ضد الاستبداد
ليس من قبيل المبالغة القول بان من اهم ما ميز قوى الثورة البحرانية تجاهلها الكامل لمحاولات حرف المسيرة واجهاض الثورة من قبل العدو الخليفي والمحتل السعودي. وعلى العكس من ذلك أصرت تلك القوى على تكثيف الضغط والعمل الميداني في كل مرة اطلقت ابواق العدو بالونات فارغة كتبت عليها عبارات جوفاء من نوع “الاصلاح” او “الطائفية” او “المؤامرة” او “الحوار“.
لقد دفعها وعيها الايماني والثوري لاستشعار الخطر في مثل هذه الحالات، فاندفعت بغريزة الدفاع عن النفس على اساس ان الهجوم افضل وسيلة للدفاع. لم تتراجع القوى الثورية خطوة واحدة عندما اطلقت ابواق العدو الخليفي مقولة الاصلاح، بل استسخفتها وسخرت منها واستهزأت بها، لانها تعرف حقيقة واحدة لا يستطيع احد تفنيدها، مفادها ان النظام الخليفي فاسد في ذاته واطروحته وطبيعته ونفسيته، ولا يستطيع احد في الدنيا اصلاحه. فهو ليس نظاما فاسدا فحسب، بل مفسد كذلك، ينشر الفساد في الارض ويروج للقيم الهابطة، ولا يحتكم الى شرع سماوي او شرعة انسانية (ان الله لا يصلح عمل المفسدين). ولذلك لم تتوقف قوى الثورة يوما عندما طرحت ابواقه او داعموه في واشنطن ولندن مقولات الاصلاح بهدف اسكات الاصوات المعارضة وكسر عنفوانها.
وكان الشعب واعيا كذلك عندما استعمل الخليفيون سلاح الطائفية لضرب الثورة، فصمد امام ذلك السلاح الفتاك، وجعله كليلا وفاشلا كسلاح لضرب الثورة المظفرة. وبذل العدو جهودا مضنية وبذل اموالا هائلة وعبأ وسائل اعلامه وابواقه الدعائية بطاقة كاملة للفتك بالوحدة الوطنية وتشطير المجتمع وفق خططه الجديدة – القديمة باستمالة قطاع من الشعب وتجنيده لمحاربة القطاع الآخر. ولكنه فشل فشلا ذريعا، فلم يستمع اليه الا بعض المغفلين الذين يتناسون الحكاية التاريخية “انما أكلت يوم أكل الثورة الاسود”. اما عموم المواطنين فيتطلعون للتغيير بعد عقود من الاستبداد المطلق. النظام الخليفي يمثل مصالح عائلة غاصبة ترفض مساواة افرادها مع بقية المواطنين. فالمواطن الشيعي او السني ليس له مخصصات ثابتة، اما الخليفي فله مخصصات ثابتة منذ ولادته. ولا يدافع عن نظام الاستبداد الا النفر المنتفعون منه، وهؤلاء مستعدون لبيع ضمائرهم ودينهم وقيمهم من اجل حفنة مال، ولا يترددون عن تقديم شهادات الزور التي تدعم نظام الظلم والجور. اما الاحرار، من الشيعة او السنة، فما ان ينطق احدهم كلمة حق تطالب بالعدل والمساواة والحرية حتى يزج به في غياهب السجون، يحتوشه الجلاوزة وتشبع من ظهره السياط، وتصهر جسده المكاوي والكهرباء. فلا يميز الخليفيون في ظلمهم بين الدكتور السنكيس و الاستاذ ابراهيم شريف ما داما ينتقدان الطغيان والديكتاتورية الخليفية. وترويج الطائفية وسيلة دنيئة تعكس توجها شيطانيا ومكرا سيئا لن ينجح في البحرين انشاء الله لان اهلها احبة متفاهمون الا من ربط مصيره بالحكم الساقط بعون الله تعالى.
وسقط خطاب “المؤامرة” التي طالما استعملها الخليفيون شماعة لتبرير ظلمهم وعدوانهم على الاحرار. فقد ادرك العالم ان كل الطغاة يمارسون الاساليب نفسها، فيتحدثون عن “تخريب” و “تنظيمات سرية تهدف لقلب نظام الحكم بالقوة” و “مؤامرة مدعومة من الخارج”. لقد ملت اسماع الجماهير العربية من سماع هذه النغمات النشاز عندما بثها نظام حسني مبارك وبن علي والقذافي وسواهم. ولم يختلف الخليفيون عن هذا النهج، برغم انفضاحه. فعلى مدى الشهر الاول من الثورة خرج رموز العصابة الخليفية ليؤكدوا مرارا عدم وجود دليل على اي تدخل ايراني في الثورة. ولكن بعد الاحتلال السعودي الغاشم في 14 مارس انقلب خطابهم فبدأت ابواقهم تروج مقولة التدخل الايراني، وراحوا يعزفون تلك النغمة طوال الشهور اللاحقة حتى كادت تصبح حقيقة ثابتة. ولكن شاء الله ان يصفعهم على وجوههم بقوة ويظهر زيفهم، فجاء تقرير بسيوني ليثبت عدم وجود اي دليل على تدخل ايراني في الثورة المظفرة. كانت ضربة قاصمة كشفت عورة نظام كاذب يسعى لتبرير جرائمه بالزيف والخداع والتضليل. الثوار لم يلتفتوا لحظة لما يقول، بل واجهوه بصلابة الايمان والموقف والمبدئية، وافشلوا كافة خططه بما فيها الاحتلال الذي اصبح وبالا عليه. والواضح ان مقولة المؤامرة تحولت الى لعنة على الخليفيين، اضطرتهم لاستدعاء الاحتلال والتنازل عن السيادة، وبذلك سقطت هيبتهم من عيون المواطنين الذين أيقنوا انهم اسقطوا النظام في غضون ثلاثين يوما بعد الثورة فجاء السعوديون لاعادته الى الحكم.
الخليفيون لا يؤمنون بالحوار اطلاقا، لانهم ينظرون الى البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) نظرة استعلائية، فهم ارفع قدرا ومستوى من اهل البلاد، وان لديهم تفويضا طبيعيا بان يملكوا الارض ومن عليها، وانهم أسياد لا ينازعهم منازع، وكيف يحاور السيد عبيده؟ فلو انقلبت الدنيا لما غيروا نظرتهم هذه. مع ذلك، وكما هي عادة الطغاة، فانهم يواصلون استكبارهم وطغيانهم مع علمهم ان وجودهم معتمد على غيرهم، سواء من السعوديين الذين احتلوا البلاد بجيشهم الذي لم ينتصر في معركة قط، ام الامريكيين الذين ساندوهم بتعيين أسوأ شرطي في امريكا مسؤولا عن امنهم، ام البريطانيين الذين زودوهم بشرطي اشتهر بدوره في فضيحة التنصت على الهواتف. وبذلك لم يعد الحوار خيارا عمليا لنظام لا يملك قراره، بعد ان تنازل عن السيادة لغيره وسلط الاجانب على سكان البلد الاصليين (شيعة وسنة). الخليفيون اليوم يستعينون بالاجنبي ضد المواطنين حتى في القرارات السياسية، فما جدوى الدخول معهم في اي تفاوض او اتفاق ما داموا لا يملكون القرار؟ وبسبب ضعفهم وتهاوي موقفهم فانهم لم يدخلوا يوما في حوار مع الشعب او ممثليه، فاذا تعرضوا للضغط الخارجي للتحاور بعثوا بعض بلطجيتهم للاجتماع مع من يقبل من الجمعيات السياسية ونقل ما يسمونه “مرئيات” يرمونها في سلة المهملات. ولقد ادرك الثوار هذه الحقائق فاصبحوا يتعاملون مع الخليفيين بازدراء واستضغار خصوصا بعد ان انكشف ضعفهم وخواؤهم، واصبح وجودهم معتمدا على غيرهم. الثوار طرحوا اهدافهم بوضوح ليس فيه لبس ولا غموض، وقدموا من اجل ذلك شبابا ونساء وشيوخا من افضل خلق الله، وسيظلون اوفياء لدمائهم، متمسكين بحبل الله، راجين فضله وهديه وتوفيقه. شباب الثورة وشاباتها قالوا جميعا بصوت واحد: الشعب يريد اسقاط النظام” وتعاهدوا مع ربهم ومع بعضهم على ذلك، ولن يثنيهم عن ذلك الهدف شيء لانه قرار يرضي الله سبحانه ويغضب اعداءه من الشياطين والطغاة والمستبدين والظالمين والجلادين. انهم ثابتون على ذلك الدرب الذي خطه الحسين بدمائه حتى يقضي الله امرا كان مفعولا، فيتحقق وعده بنصرة المؤمنين ومحق الظالمين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
24 فبراير 2012