نودع سنة الثورة وندخل عام النصر، ونصنع معا نصرا حاسما ضد اعداء الانسانية
يودع شعبنا العام مرفوع الرأس، شامخ الهامة، قوي العزم، عميق الايمان، صادق الوعد، شديد العزم، واثق الخطى على طريق النصر المحتوم. بدأ عامه بوعد قطعه على نفسه، بان يفجر ثورته المباركة في اليوم الذي سود النظام فيه وجهه بانقلابه على الشعب قبل تسعة اعوام وسعيه المتواصل لابادته واستبداله بشعب غيره. لقد سجل هذا الشعب بشبابه وشيوخه، رجاله ونسائه اروع الملاحم البطولية وهزم بصموده أكبر جيش خليجي تنفق حكومته عليه سنويا اكثر من مائة مليار دولار. جاء هذا الجيش معتديا، غازيا، محتلا، هاتكا للحرمات، قاتلا للنفوس المحرمة، هادما لبيوت الله. فماذا كانت نتيجته؟ ها هو يجر اذيال الهزيمة، عاجزا عن النيل من عزيمة شعب عاهد ربه ان لا ينام على ضيم وان لا يستسلم لطاغية او محتل.
هذا الشعب هو الذي تصدى للبرتغاليين في مطلع القرن السابع عشر، وقتل قائد جيشهم، فكانت عقوبته المجيء بالاجانب وتوطينهم. هذا ما فعله البرتغاليون، وهذا ما يفعله الخليفيون. التاريخ يعيد نفسه، والشعب يكرر بطولاته التي ورثها أبا عن جد. آباؤه هم الذين وقعوا العرائضا في عشرينات القرن الماضي التي عبروا فيها عن رفضهم ما اسموه “العائلة الاجنبية” ودعوا لاسقاط طاغيتهم آنذاك، عيسى بن علي، فكان لهم ما ارادوه. واليوم يرفعون جميعا شعار “يسقط حمد، يسقط حمد” فمن يستطيع اليوم حماية هذا الديكتاتور الذي أجمع الثوار على اسقاطه ومعه عائلته المجرمة؟ فاذا كان يعتقد ان جيش الاحتلال السعودي سوف يحميه، فقد اتضح الآن خطأ ذلك الاعتقاد الذي لم يكن في مكانه، بل ربما ساهم استقدام جيش الاحتلال في التعجيل بسقوط النظام كله. فقد استطاع الشعب بثورته اظهار العائلة الخليفية المجرمة على حقيقتها من جهة، وانها تخلت عن السيادة الى للاجنبي. وما اشبه الليلة بالبارحة. فقد كرر ما فعله أجداده، عندما وقعوا ما سمي “معاهدة منع القرصنة” في 1822، اذ تنازل اشباه الرجال طوعا عن السيادة لصالح “الدولة البهية” ويقصدون بريطانيا، وتعهدوا في تلك الوثيقة بعدم الدخول في اي اتفاق مع اية دولة اخرى الا باذن الحكومة البريطانية.
هذه المرة تتساقط المؤامرات الخليفية، الواحدة تلو الاخرى. فبعد ان فشل الاحتلال في كسر شوكة المقاومة البحرانية الباسلة برغم التواطؤ الغربي في جريمة الاحتلال السعودي للبحرين، تدخل الامريكيون والبريطانيون بشكل مباشر، وفرضتا ضابطين فاشلين ومعروفين بمخالفة قوانين بلديهما، لفرض قبضة حديدية على البلاد، بتشكيل منظومة استخباراتية تتنتهك القوانين ولا تراعي حقوق الانسان. ويعتقد اصحاب خطة “الانقاذ” هذه انه طالما ان امريكا وبريطانيا متواطئتان في خطة تصعيد القمع ضد البحرانيين في ظل توتر العلاقات مع ايران، فسوف تنجح الخطة، وسوف تنكسر شوكة الشعب. ومنذ ان دنست ارضنا اقدام المستعمرين الجدد، يمثلهم هذه المرة الامريكي جون تيموني والبريطاني جون ييتس، اصبح واضحا ان قوى الثورة المضادة عادت مجددا لتتدخل بشكل مباشر وتشارك في قمع الثورات. فقد تدخلت هذه القوى لحماية العائلة الخليفية ورموزها اولا من السقوط بدعمها غير المعلن للاحتلال السعودي، وثانيا بمنع اي تحقيق دولي في الجرائم التي ارتكبها الخليفيون بدعم من الاحتلال السعودي، وتفعيل فكرة لجنة شبه رسمية تطرح نتائجها بشكل يبدو محايدا، ولكنها تبريء ساحة المجرمين الحقيقيين، وتمنع اتخاذ اية خطوة لمقاضاتهم. وبدلا من المطالبة بتفعيل توصيات ذلك التقرير برغم تواضعها وحمايتها للنظام الخليفي، تدخل الغربيون لاطراء المديح للديكتاتور نفسه بدعوى انه تبنى لجنة التحقيق شخصيا. وللمرة الاولى يوجه المديح لمجرم قتل العشرات وعذب الآلاف وهدم المساجد وانتهك حقوق الانسان بشكل منهجي، لسبب واحد: انه سمح بالتحقيق في جرائمه. فلم نسمع قط ان قاتلا او لصا حظي بمديح من سجانيه. انه الاستكبار والغطرسة في ابشع صورها، وهذه اخلاقية النظام السياسي الذي يتحكم في مصير الشعوب. وبدلا من تفعيل التوصيات المتواضعة وغير المحورية التي اقترحها التقرير، طرحت واشنطن ولندن ضرورة اعتبار التقرير مدخلا لما يسمونه “مصالحة وطنية”، بينما يفترض ان يكون التقرير مدخلا لوقف الانتهاكات ومحاكمة القتلة والجلادين وعلى رأسهم الديكتاتور ونجلاه وعمه. انه المنطق الشيطاني الذي يهدف لحماية مرتكبي الجرائم وتجريم الابرياء والمعدمين.
هذه الحقائق تؤكد امورا عديدة من بينها افلاس القوى العالمية التي فرضت الاستبداد والاحتلال على اوطاننا، ومنها ايضا صمود شعبنا بوجه تلك الخدع والمؤامرات وافشالها وإبطال مفعولها. لقد اصبح شعبنا ممثلا بشبابه ونسائه، قادرا على تحمل المسؤولية وواعيا بالحقائق ومستعصيا على محاولات التركيع والاستسلام. شعب البحرين اثبت انه يستحق النصر على العدو الخليفي المدعوم بالاحتلال السعودي، وان ذلك النصر سوف يتحقق طال الزمن او قصر. لقد هزم النظام على كافة الصعدان، وبرغم الدعم السياسي والامني والعسكري السعودي والغربي فقد فشل في اقناع العالم بشرعيته. وكما قال الاعلامي مارتن فليتشر، الكاتب بصحيفة التايمز يوم الاربعاء الماضي: “استعملت حكومة البحرين قوة وحشية مفرطة لتضمن بقاءها المؤقت، ولكن الثورة سلبتها الشرعية”. فلماذا تدعم هذه القوى حكومة غير مشروعة؟ كيف تسمح لنفسها بالوقوف امام رغبات الجماهير وتطلعاتها؟ لماذا لم تتعلم من دروس التاريخ التي تؤكد استحالة بقاء الانظمة التي تسفك دماء مواطنيها مهما استعملت من قمع ووحشية!
ايها البحراني العظيم: ارفع رأسك كل يوم الف مرة، واشكر ربك الذي وهبك من التحمل والصبر والانسانية والاخلاق والقيم ما جعلك مستحقا للبقاء والخلود، وجعل اعداءك الخليفيين والسعوديين مستحقين لغضب الله ومحكومين بحتمية السقوط المهين والمروع في مزبلة التاريخ لن تستطيع قوة ما، مهما امتلكت من امكانات مادية وهيمنة سياسية تغيير سنة الله او تحييد السنن الكونية، او اطالة عمر نظام محكوم بالسقوط. سر ايها البحراني حرا، طليقا، كريما، تنشر الحق والعدل في ربوع ارضك، بعد ان تحررها من هيمنة الخليفيين المجرمين والمحتلين السعوديين. فطوبى لك هذا الصمود وحق لك النصر والخير والامن، وحق لاعدائك الهزيمة والخذلان والسقوط.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
30 ديسمبر 2011