الشعب يخوض معركة الوجود، ويحتفي باليوم العالمي لحقوق الانسان بالمزيد من التضحية والعطاء
عدوان خليفي – سعودي آخر على شعب البحرين، وملحمة اخرى من ملاحم الصمود الايماني والانساني والوطني، وشهادة اخرى على سوء اخلاق المحتلين والمستبدين، ومسمار آخر في نعش نظام لم يعد وجوده قائما الى على اساس القهر والغلبة. البحرانيون يخطون مجددا بدمائهم عناوين المجد والخلود، ويدخلون الرعب، بأساليبهم السلمية المتحضرة، في قلوب الوحوش الخليفية والسعودية. اعداء الشعب والامة والانسانية يسلطون كلابهم الضالة لتنهش أجساد الأدميين، ويحولون الظلام الدامس الى نهار بقنابلهم واسلحتهم الكيماوية وكشافاتهم، ليكتشفوا انهم انما يعمقون الحفر التي سيقبرون فيها بعد سقوطهم المادي.
تدعمهم جيوش ديكتاتوريات مجلس التعاون، وامريكا وبريطانيا، ولكنهم يفشلون، مجتمعين في كسر ارادة احرار البلاد، فاذا اصغر طفل يتحداهم ويتصدى لطغيانهم وادوات الموت لديهم، بقبضة يد تهتز في الهواء مرددة بصرخات تتردد اصداؤها في الافق البعيد: “يسقط حمد، يسقط حمد”، فتجيبه بطلات البحرين باصوات الانوثة الغاضبة “الشعب يريد إسقاط النظام”. يخسأ جنود الاحتلال والبغي والظلم والاستبداد ان ينالوا من عزم أبناء أوال. أولئك أحفاد الذين انفتحوا على الايمان بدون طعنة رمح او ضربة سيف، واعلنوا الشهادة مؤمنين برسالة محمد وساروا على خطى أهل بيته، ولم يبغوا عن ذلك حولا. اليوم ينبلج فجر جديد على انقاض ماض أسود بأرض دنس تربتها المحتلون الذين جاؤوا بقلوبهم التي اعماها الله من هضاب نجد بجفائها ووحشتها. هل جاؤوا لينتقموا؟ ام ليحتلوا؟ ام ليسلبوا خيراتها؟ ام ليجعلوا أعزة أهلها أذلة؟ طوبى للأشاوس الذين واجهوا آلات الموت بصدور عارية وقبضات تهتف بحياة الشعب، وقلوب اختلط فيها الايمان بالشجاعة، وامتزج فيها حب الوطن بالحماس للذود عن ترابه، فتسابقوا الى المكرمات، وصفعوا المحتلين والظالمين على وجوههم، غير عابئين بوسائل الموت لديهم. حاولوا الوصول الى الميدان، ولكن شاء الله ان يتأخر الفتح ليوم آخر، ليبتلي الله المؤمنين ويمحق الكافرين يوما.
وجاءت ملحمة الحادي عشر من شهر محرم بعد ان سجل الشعب الثائر في موسم عاشوراء انتصارات كبيرة على الاحتلال السعودي والاستبداد الخليفي، ففرض نفسه برغم انف الطغاة والقتلة، ونظم مواكبه الحسينية وفق ارادته وتنظيمه والمواعيد المألوفة. وباصراره على اسقاط النظام الخليفي ودحر العدوان السعودي تمكن من إفشال كافة الخطط التي أعدها العدو الخليفي والسعودي في محاولة يائسة اخيرة لكسر ارادة الشعب. ولكن إرادته الحرة وانتمائه لثورة الحسين عليه السلام وإصراره على تحرير ارضه واستعادة السيادة التي سلمها الخليفيون للسعوديين حققت له النتائج المطلوبة. فوضع قرارات المعذب راشد آل خليفة، وزير الداخلية الخليفي تحت اقدامه، وحطم ارادة البلطجية المدججين بالسلاح الذي شنوا عدوانا ارهابيا ضد اهلنا في المحرق الذين سحقوهم ومرغوا انوفهم في التراب, وافهموهم ان ارادة شعب البحرين الاصلي (شيعة وسنة) أقوى من ارهاب القتلة والسفاحين الذين بدأوا يحصون ايامهم ويندبون حظوظهم العاثرة. كما ان محاولة فرض الجلاد المعروف، عادل فليفل، فشلت وسجلت نقطة سوداء في الوثائق التي تدين البيت الخليفي بممارسة التعذيب وارتكاب جرائم ضد الانسانية. لقد طافت المواكب المظفرة كافة المناطق، رافعة شعارات الثورة المظفرة، ومتجاهلة العدو الخليفي ووسائل قمعه وجلاوزته وبلطجيته، واستعاد المواطنون بذلك حقهم في فرض وجودهم وارضهم على اية بقعة من الوطن، وان على قوات الاحتلال السعودي والخليفي الاستسلام لارادة الشعب قبل فوات الاوان. فالشعوب العربية تعيش ربيع الثورة الذي لن يوفر احدا من الديكتاتوريين الذين جثموا على صدور شعوبنا عقودا وامعنوا في الناس تنكيلا وتعذيبا وقتلا ونهبا. فحق عليهم عذاب الله، واصبحوا محكومين بسنة الاخذ الالهية التي لا يفلت منها طاغية او متجبر (ثم أخذتهم فكيف كان عقاب).
لقد كان الموسم مصدر عطاء ثوري ووعي سياسي وديني منقطع النظير. فقد استوعب ثوار البحرين قيم دين الله كما ارادها الله سبحانه، وادركوا معاني الحرية المختزنة في تعليمات الاسلام وشعائره. وباعادة قراءة ثورة الامام الحسين بن علي عليه السلام وظروفها ادركوا معنى الانتماء للدين وما يفرضه من مقاومة للظلم والاستبداد خصوصا اذا كان يمارس من قبل نظام حكم ينتمي الى قيم القبيلة وعقلية الجاهلية الاولى، ويرفض احترام حقوق البشر كما اراد الله وكما نصت عليه الشرائع الانسانية. وازداد تمسك الشعب بثورته ومطالبته باسقاط النظام الخليفي الجريمة التي ارتكبها ليلة السابع من المحرم عندما حرك عناصره الامنية (في صورة البلطجية) للاعتداء على مواكب العزاء بمنطقة المحرق. ادى ذلك العدوان الى ترويع الآمنين واثارة مشاعر الغضب لدى الجماهير التي انتفضت للذود عن تلك الشعائر والتصدي للمجرمين الخليفيين وعبيدهم. كان منظرا رائعا وقوف المواطنين رافعين اصواتهم بالهتافات بينما كانت فرق الموت وقوات الشغب مرعوبة من هتافات الاحرار وتكبيراتهم. تسمر هؤلاء في مواقعهم وكادوا يفرون خوفا وهلعا خصوصا مع استمرار الهتافات الثورية. وفي رسالة واضحة بعثها ولي العهد الخليفي للمواطنين، استقبل ولي العهد الخليفي زعيم بلطجية المحرق والحد، عادل فليفل، ادرك البحرانيون ان هذا “المعتدل” متحالف مع أسوأ معذب عرفه تاريخ البحرين، بل ان مطالبته بسحب بلطجيته، بدلا من ان تغير قناعة البحرانيين، زادتهم قناعة بان ما فعله المعذب فليفل كان بتخطيط مع رموز الحكم الخليفي، فبعد ان مارس البلطجية ابشع أساليب التخريب والتدمير والتحدي للمواطنين، طلب منهم الانسحاب فانسحبوا، وهم مستعدون للعودة للاعتداء على البحرانيين متي ما طلب منهم ذلك. هذه الرسالة سحقت الصورة التي سعى الغربيون لترويجها لاعطاء رئيس فريق التعذيب السابق ما يحتاجه من دعم اعلامي وسياسي. فلم يتصرف فليفل من موقعه كمواطن، بل كحاكم يوازي كبار الرموز الذين يدعمونه ويمدونه بالمال والسلاح، ويحمونه بالقوانين التي اصدروها لحماية مرتكبي جرائم التعذيب. وفي اليوم العالمي لحقوق الانسان الذي يصادف غدا (السبت 10 ديسمبر) اصبح العالم امام اختبار فاحص، بين الانتماء لحقوق الانسان وثقافتها وهذا يقتضي التحرك على وجه السرعة لاعتقال ديكتاتور البحرين وبقية الجلادين وفي مقدمتهم فليفل، وبين الصمت والتخاذل والتراجع والسقوط. هذا العالم مطالب بالتصدي لاعداء الانسانية من الجلادين والمعذبين والديكتاتوريين، والتخلي عن الصمت القاتل او المجاملة التي تساوم على حقوق الناس، والإصرار على الاقتصاص للمظلومين من الظالمين، وفق شرائع العالم.
اليوم قرر الشعب ان يسقط هذا الحكم البائس وعلى رأسه الديكتاتور الذي ما فتئ يقتل ويعتقل ويعذب ويهدم المساجد على رؤوس المصلين، ويستبيح القرى ويستبيح الحرمات، فلا بارك الله في عهده، ولا حماه الله من غوائل الزمان. سيظل الشعب وفيا لدينه وقيمه وانسانيته واخلاقه، وليسقط نظام البغي والفساد والانحراف والاستبداد والاحتلال.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
9 ديسمبر 2011