التنكيل المتواصل بالرموز والمواطنين يحصر الحل بالخيار الثوري
لماذا ليس هناك بديل عن الثورة، خصوصا في ظل التنكيل بالرموز والمواطنين؟
أظهرت جريمة اعتقال قادة الشعب ورموز الثورة من قبل الاستبداد الخليفي والاحتلال السعودي عمق أزمة العائلة الخليفية التي تشعر يوما بعد آخر بان أيامها على رأس الحكم في البحرين باتت معدودة. وقد كرر المراقبون القول بان الاحتلال السعودي انما جاء لانقاذ العائلة المالكة في السعودية من السقوط المحتوم في ضوء الثورات العربية المتواصلة. ولذلك جاء الاحتلال ضمن مشروع “الثورة المضادة” التي تقودها السعودية ضد كافة الثورات العربية لاجهاضها او احتوائها. ومن بين أبرز الرموز المعتقلة الاستاذ حسن مشيمع الذي قضى نصف عمره في غياهب السجون الخليفية، وتعرض للتعذيب الوحشي بدون رحمة او انسانية. ان نظاما يعامل المواطنين بهذه الوحشية يثبت يوما بعد آخر انه لا يستحق البقاء، خصوصا بعد ان فقد شرعيته الشعبية والدستورية (التي تنطلق من دستور يكتبه المواطنون ولا يفرض عليهم بالقوة) والانسانية، واصبح سقوطه مطلبا شعبيا مشروعا. ومنذ اعتقاله في منتصف شهر مارس حرم الاستاذ حسن من ابسط الرعاية الصحية اللائقة، فأعطي جرعات من “الدواء” وهو معصوب العينينن ولم يعرف هوية “الطبيب” الذي قدم له تلك الجرعات التي لا يستبعد ان تكون مواد سامة قدمها احد المعذبين. ولذلك تداعت صحة الاستاذ كثيرا، وشوهد مرات عديدة في المحاكم الخليفية شاحب اللون، هزيل الجسد، متغير المزاج. وقد ارتفعت اصوات الاحرار مؤخرا مطالبة بالافراج الفوري عنه وعن كافة السجناء السياسيين، برغم الرفض الامريكي السعودي لذلك. ومنذ الاحتلال السعودي تصاعد الغضب الشعبي ضد الموقف الامريكي الذي عبرت عنه وزيرة الخارجية الامريكية بدعم الاحتلال وتوفير ما تسميه “الشرعية” لذلك الاحتلال. وبالغت واشنطن في عدائها لشعب البحرين وثورته مؤخرا باعلانها مؤامرة مزعومة من ايران لتأجيج الاوضاع في البحرين، لتعيد للاذهان مسلسل الادعاءات الخليفية طوال ثلاثين عاما، عن وجود “مؤامرة انقلابية” ضد الحكم الخليفي الاستبدادي في شهر ديسمبر من كل عام. وقد فشل العدو الخليفي في اثبات اي من هذه الدعاوى التي لم تعتمد سوى على “الاعترافات” المسحوبة تحت التعذيب الوحشي.
اليوم يقف شعب البحرين شامخا، يواصل ثورته المباركة بدون كلل او ملل او تراجع، برغم الاحتلال السعودي المدعوم امريكيا. واذا كان ثمة تفاوت في المواقف والمطالب بين المواطنين في بدايات الثورة، فان سياسات الاحتلال السعودي والاستبداد الخليفي طوال الشهور السبعة الماضية اقنعت المواطنين باستحالة التعايش مع العدو الخليفي، وأن الوقت قد حان لبذل كافة الجهود لاسقاطه والانتهاء من شروره. فلم يظهر من هذا النظام يوما الا ما هو سيء وعدواني ووحشي. وما الاعتداءت اليومية على المنازل وترويع الآمنين وتعذيب الشباب وهو نائم على الفراش في منتصف الليل إلا بعض مصاديق العداء الخليفي لاهل البحرين. لقد اصبح امرا مستحيلا اعادة بناء خيوط التعايش مع هذا العدو المقيت الذي لم يترك جريمة الا ارتكبها، بما في ذلك التآمر مع السعودية، رمز العداء للثورات العربية، وامريكا، حليفة انظمة الاستبداد وداعمة الاحتلال، معتقدا ان ذلك سوف يوفر له حماية سياسية وامنية وعسكرية واقتصادية. ولذلك اصبح الصراع، ليس في البحرين فحسب، بل في كافة البلدان التي تشهد ثورات شعبية، يتمحور بين الشعوب وقوى الثورة المضادة التي تقودها السعودية بدعم امريكي واسرائيلي متواصل. انها ثورات من اجل الحرية والكرامة انطلقت بعد عقود من الاضطهاد والديكتاتورية وانتهاك حقوق الانسان. وقد سهل العدو الخليفي مهمة دعاة الثورة برفض تقديم اي اصلاح حقيقي، والسعي لضرب الثورة ورموزها بالاعتقال والتعذيب والتنكيل اليومي بالمواطنين واستهدافهم بالاسلحة الكيماوية داخل منازلهم، وتجويعهم بطردهم من الوظائف وهدم مساجدهم والاعتداء على حرماتهم واعتقال نسائهم وقتل اطفالهم. وكرس جريمته باستدعاء الاحتلال السعودي علنا، وتنازل بذلك عن السيادة على الارض لصالح آل سعود الذين يمثلون، لشعوب العالم ولكافة الثوار العرب، رمز التخلف والظلم ونهب اموال الامة والديكتاتورية.
وماذا بعد؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الكثيرون، خصوصا من غير البحرانيين الذين يجهلون طبيعة هذا الشعب وشجاعته وقدرته على التحمل. لقد بلغ السيل الزبى، وأمعن العدو الخليفي في جرائمه وظلمه واستبداده، فلم يعد هناك مجال سوى مواصلة الثورة الباسلة حتى اسقاطه. وحتى الذين كانوا يراهنون على اصلاحه اصبحوا اليوم أقرب الى الموقف القائل باستحالة اصلاح ذلك النظام، وان اسقاطه اسهل الطرق، برغم ما ينطوي عليه ذلك الخيار من صعوبات وتضحيات. فليس هناك عائلة في البلاد لم تذق طعم الإذلال والإهانة، خصوصا بعد ان وجهت كافة امكانات الدولة لدعم مشروع الاحتلال والاستبداد، بما في ذلك الجيش واجهزة الامن والاعلام والقضاء، التي تم تحويلها من اجهزة لخدمة الشعب وحمايته الى ادوات لقتله وقمعه واضطهاده وسجنه وتقنين تعذيبه، والسعي المتواصل لتركيعه. ولا يمكن ان يقبل الشعب بأقل من تحييد تلك الاجهزة في اي نظام مستقبلي ومعاقبة الذين قاموا بتسييسها وتوجيهها للاعتداء على اهل البحرين. ماذا بعد؟ ليس هناك خيار سوى الخيار الثوري الذي لا يعرف المجاملة ولا المداهنة ولا المساومة على الحقوق ولا البحث عن اقصر الطرق التي كثيرا ما ادت الى الكارثة. وبالاضافة لكافة الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها الاحتلال السعودي والاستبداد الخليفي، فان جريمة تشطير المجتمع البحراني وفق خطوط طائفية تعتبر من اخطر جرائم العدو الخليفي، لانه استهدف العقل السني في محاولة لالغائه وتحويله الى اداة تردد اللامعقول واللامقبول. فالنظام السياسي المنشود الذي يقوم على اساس ان الشعب مصدر السلطات، بشكل عملي وليس كشعار خاويا بلا محتوى، لا يمكن ان يرفضه اي مواطن، ايا كان عرقه او دينه او مذهبه. وان اقامة نظام على اساس ان “صوت لكل مواطن” خيار يحقق المساواة بين ابناء الشعب من جهة، ويجعلهم جميعا شركاء في الحكم والادارة، على خلاف الوضع الحالي الذي يحتكر العدو الخليفي فيه ذلك كله، ويعتبر المواطنين “مستخدمين” و “رعايا” وانه يملك كل شيء ويتفضل ببعض الفتات على المواطنين. صحيح ان الاعلام المضلل المدعوم باموال النفط السعودية والبحرانية يساهم في التعتيم والتضليل والتشويش، ولكن المواطنين ذوي البصائر والايمان والانسانية لا يمكن ان يقبلوا بغير الحرية بديلا، وبدون حكم الشعب نظاما، وبدون الدستور الذي يكتبونه بايديهم شرعة، وبدون الاخوة في ما بينهم بديلا. هذا هو شعب البحرين الذي ناضل ضد الاستعمار، ويناضل اليوم ضد الاستبداد والاحتلال، وسوف يظل كذلك فطوبى لرموزه الاحرار وفي مقدمتهم الاستاذ حسن مشيمع والاستاذ عبد الوهاب والاستاذ ابراهيم شريف، وبقية العلماء الافاضل والرموز المحترمين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
21 اكتوبر 2011