سقط القذافي، وسوف يسقط امثاله من الطغاة
لقد بدأت الأيام الاخيرة من شهر رمضان بالتناقص، وما هي الا بضعة ايام حتى يحل عيد الفطر المبارك، الذي ندعو الله ان يجعله مناسبة تأتي بالخير والبركة لشعوب الامة، خصوصا شعب البحرين الذين لن يهنا بعيد الا بعد سقوط النظام الخليفي المجرم.
ندعو الله سبحانه ان يقبل اعمال الصائمين والقائمين، خصوصا الذين قضوا شهر الصوم وراء القضبان، بعيدين عن اهلهم، ومرتهنين في قيود العدو الخليفي البغيض، وعرضة للاعتداء والاهانة والتعذيب على ايدي شر خلق الله. وهنا نود عرض بعض النقاط التي تشغل بال امتنا وشعبنا على امل المساهمة في توضيح الموقف وترشيد المسيرة:
اولا: نبارك لشعب ليبيا سقوط الطاغية الذي جثم على صدور ابنائه 42 عاما، ونتمنى له النجاح في اقامة دولة يحكمها بنفسه، بعيدا عن وصاية شخص او عائلة، وان يكتب دستوره بأيدي ابنائه، ويختار نظام حكمه وينتخب حكومته بعد ان استطاع تقرير مصيره بدماء شهدائه. والأمل ان تصل الرسالة لبقية الديكتاتوريين الذين ما يزالون يعتقدون انهم بمنأى عن رياح التغيير، وان الاستمرار في سياسات القمع والاضطهاد والظلم والاستبداد سوف تحمي عروشهم، وان التحالف السعودي – الامريكي سوف ينجح في وأد ربيع الثورات العربية الى الابد. ان سقوط القذافي اثلج صدور المستضعفين والمظلومين الذين اكتشفوا ظلمه واستبداده وارهابه منذ السنوات الاولى لحكمه، عندما اختطف سماحة السيد موسى الصدر، ورفيقيه، الشيخ محمد يعقوب، والصحافي عباس بدر الدين. لقد انتقم الله لهم ولشعب ليبيا المظلوم باسقاط هذا النظام الظالم الى الأبد ليكون عبرة لغيره.
ثانيا: ان سقوط القذافي أكد بما لا يترك مجالا للشك بان لكل طاغية نهاية، وانه لا يمكن ان يفلت أي ديكتاتور، مهما مارس من اساليب تصفية معارضيه، من غضب الشعب، وان دماء ضحاياه سوف تطارده لان الله له بالمرصاد، فعين الله لا تخطيء المجرمين (ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين). واذا كان القذافي يحتل المرتبة الاولى من حيث سنوات “الخدمة” كمتجبر ومستبد وطاغية وديكتاتور، فان سقوطه المهين جعل طاغية البحرين، زعيم الحقبة السوداء، خليفة بن سلمان، يحتل مكانه كأقدم رئيس وزراء في العالم كله، وبالتالي فلن تطول أيامه التي بدأت في التناقص وسوف يسقط ذليلا مهينا، على ايدي ثوار البحرين بعون الله تعالى. لقد تجاوز خليفة بن سلمان ما فعله القذافي وصدام حسين ومبارك وبن علي، في ممارساته التي تواصلت بدون انقطاع على مدى اربعين عاما. وزاد على هؤلاء جميعا انه استدعى الاجانب ليحتلوا البلاد، فاصبحت البحرين البلد العربي الثاني بعد فلسطين، الذي تحتله قوات اجنبية بدون ارادة شعبه، بل بهدف قمع هذا الشعب ومصادرة حرياته وحقوقه. ويمكن القول بأدلة موضوعية ومثبته كثيرة بان القوات السعودية ارتكبت ما لم ترتكبه قوات الاحتلال الصهيونية بهدم اكثر من 35 مسجدا، واعتقال العلماء وممارسة سياسة تطهير عرقي في وضح النهار.
ثالثا: ان سقوط طاغية ليبيا بعث رسالة أمل لثوار البحرين الذين واصلوا ثورتهم بدون توقف خلال الشهر المبارك، خصوصا بعد ان اتضح دور رموز الحكم الخليفي في الجرائم التي ارتكبت وما تزال ترتكب بحق ابناء البحرين، ومنها سياسات الاستئصال بالقتل العمد والتعذيب والتجنيس والتجويع. وبرغم محاولات شريف بسيوني ولجنته حماية هؤلاء الظالمين، فقد جاء اعتراف ديكتاتور البحرين مؤخرا في مقطع فيديو بثه “ملتقى البحرين” بانه أدار اجهزة الجيش والامن وفرق الموت (البلطجية)، يجعله من الناحية القانونية مسؤولا عن الجرائم التي ارتكبت بحق ابناء البحرين في وضح النهار. هذا الديكتاتور آن له ان يسقط ويحاكم كمجرم حرب ومجرم ضد الانسانية لانه ما يزال يأمر باطلاق الرصاص المطاطي والشوزن والاسلحة الكيماوية (تحت مسمى الغازات المسيلة للدموع) على المتظاهرين، فلا يمر يوم بدون سقوط عدد من الجرحى الذين لا يستطيعون تلقي العلاج في المستشفى المركزي الذي يديره الاحتلال السعودي والقوات الخليفية. كما اكدت افادات الضحايا ان اثنين من ابنائه، خصوصا ناصر بن حمد، معذب محترف مارس التعذيب بحق عدد من الرموز الذين يرزحون وراء القضبان. ومعه انجاله الذين مارسوا بشخوصهم تعذيب السجناء. هذه الاعترافات والشهادات اصبحت تحاصر اللجنة الخليفية برئاسة بسيوني، وتهدد اعضاءها الذين كانوا يحظون باحترام دولي قبل تورطهم بعضوية لجنة يشكلها المجرمون انفسهم بهدف واضح وهو منحهم شهادات حسن سلوك والتنكر لظلامات ضحاياهم. ان اية لجنة دولية محايدة سوف تصل بشكل مؤكد الى استنتاج حاسم بتورط الديكتاتور وعمه ونجله ناصر في الجرائم التي ارتكبت سواء القتل ام التعذيب ام التطهير العرقي والمذهبي، ام الابادة، وسيكون هذا الاسنتاج معيارا لمدى نزاهة اعضاء اللجنة المذكورة.
رابعا: ان القرار الاخير باعادة المحاكم العسكرية للنظر في القضايا المدنية إجراء ردعي آخر يهدف لكسر معنويات الثوار الذين تمردوا على الموت واستسخفوا اساليب القتل والتعذيب الخليفية، وأصروا على تحرير ارضهم من الاحتلال السعودي والاستبداد الخليفي ولو كلفهم ذلك التضحية بانفسهم. وجاء هذا القرار في ظل وجود شريف بسيوني نفسه في البلاد، الامر الذي يثير المزيد من الاستغراب، خصوصا بعد ان اتضح انه لا يمارس مهمة تقصي الحقائق بل القيام بخطوات لفرض حل لصالح الخليفيين المجرمين على حساب البحرانيين المظلومين، على غرار المشروع الامريكي الذي فرض في العام 2001. وبموجب ذلك المشروع تم الافراج عن المعتقلين السياسيين في مقابل حماية ا لمعذبين وتغيير التركيبة السكانية. اليوم اصبح شعب البحرين اكثر وعيا لما يدور حوله، وأشد رفضا لانصاف الحلول بعد ان عاش شهورا ستة لم يعشها شعب عربي آخر من حيث الاضطهاد والتعذيب والتطهير العرقي تحت حماية جيش الاحتلال السعودي. وتكفي الاشارة الى ما بعض مصاديق هذا الوضع الرهيب الذي يضغط على شعب البحرين ويدفعه للمزيد من الحذر من جهة، والدفاع عن الوجود والهوية والوطن من جهة اخرى. فقد اعقب حملة القتل التي أشرف الديكتاتور عليها في الشهرين الاولين بعد الاحتلال، حقبة من اشد حقب التعذيب سوادا في تاريخ البلاد، ما تزال مستمرة حتى اليوم. وكان من ضحاياها خمسة من الشهداء الذين سلمت جثتهم الممزقة لذويهم في شهر ابريل الماضي. ولكن حجم ما جرى ما يزال تتكشف ابعاده يوما بعد آخر. فما يزال الدكتور سعيد السماهيجي بين الحياة والموت بالمستشفى العسكري بعد تدهور صحته بسبب التعذيب الرهيب الذي مورس بأوامر مباشرة من الديكتاتور وعصابته. كما ان الدكتور غسان ضيف والدكتور علي العكري نالا من التعذيب ما لم يمارس حتى في سجون صدام حسين والقذافي. فقد حشيت افواههم بالقاذروات امعانا في التنكيل وتعبيرا عن الحقد الخليفي ضد اهل البحرين. وقد تكررت افادات المعتقلين باستعمال هذا الاسلوب بحقهم، فاصبح حشو الافواه بالقاذورات او البصق او التبول فيها ممارسة معتادة بحق شرفاء البحرين واطبائهم وعلمائهم ونسائهم. انها سادية لا مثيل لها لدى اي من الانظمة القمعية الاخرى. هذه الممارسات لم تحدث على ايدي المعذبين العاديين بل شارك فيها رموز من العائلة الخليفية بشكل مباشر، ومنهم ناصر ابن الديكتاتور نفسه. كما تكرر اسم “موزة آل خليفة” كمعذبة سادية خبيثة اصبح اعتقالها ومحاكمتها أقل ما يمكن عمله لوضع حد لهذه الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية. فاذا سعت اللجنة الخليفية برئاسة بسيوني للتكتم على هذه الحقائق، فسوف تسقط ومعها اعضاؤها وكل ما لديهم من تاريخ في العمل الحقوقي والانساني.
خامسا: اما الجريمة الكبرى التي ارتكبت مؤخرا فقد كان رمزها وزير “العدل” الخليفي الذي كانت رسالته لأكبر رمز ديني في البلاد، عدوانا سافرا على شعب البحرين، يؤكد استمرار آل خليفة، برغم وجود لجنة بسيوني، في نهج التطهير العرقي الممنهج الذي يستهدف الغالبية الساحقة من شعب البحرين. رسالة هذا العبد الخليفي تنطوي على جريمة كبرى تتمثل في ادنى مراتبها بقمع حرية التعبير بشكل رسمي موثق. ان فحوى الانذار الذي وجهه خالد بن علي بن خليفة لسماحة الشيخ عيسى احمد قاسم، ان من ينتقد المحاكمات العسكرية او يدعو لمقاطعة انتخابات صورية سوف يلقى عقابا بتهمة “التحريض” و “العنف”. هذه الممارسة ليست جديدة على الخليفيين المجرمين، ولكن تثبيتها كسياسة امر جديد. ففي السابق كانوا يحركون اذنابهم للتهجم على رموز الشعب وعلماء الامة، سواء في الوسائل الاعلامية ام في مجلس الشورى الذي ينتخب نصف اعضائه. ولم يمر سوى عامين عندما تعرض احد عبيدهم لسماحة الشيخ من داخل “البرلمان” وشن حملة عليه بلغة ساقطة، تعكس المستوى الاخلاقي والثقافي المتدنى لاولئك الاذناب. اليوم يتم تقنين هذه السياسة فيوجه هذا الشخص التافه الذي يعلم انه انما استجمع قوته وتحرك في ضوء الاحتلال السعودي الذي يحميه، تهديدا واضحا لواحد من اكبر رموز الشعب، بهرطقات، يفترض ان يتحرك اصدقاء آل خليفة لشجبها لانها تعكس نوع “الاصلاح” الذي يمكن ان يتحقق في ظل استمرار هذا النظام الارهابي. ولكن ما الغرابة في هذا الموقف؟ فالطغمة التي هدمت المساجد وفق سياسة ليس فيها لبس او غموض، والتي اعتقلت علماء الدين وعذبتهم تعذيبا رهيبا، ونزعت ثياتهم وتركتهم عراة وشتمت دينهم ليلا ونهارا، لن ترعوي، اذا ما ترك لها المجال، لتوسيع عدوانها على الشعب ورموزه الدينية والسياسية. ولن يكون هذا العدوان السافر الموجه لسماحة الشيخ عيسى آخر الجرائم الخليفية بحق البحرين وشعبها، وعليه فلم يعد هنالك مجال للتعايش معها تحت اي عنوان، ومن هنا تتواصل شعارات الثورة “الشعب يريد اسقاط النظام” و “يسقط حمد، يسقط حمد” لا مجال للتراجع بعد هذه الجرائم المتتالية التي لم تتوقف يوما.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
26 اغسطس 2011