بيانات حركة أحرار البحرين

الذكرى الاربعون للاستقلال من الحماية البريطانية منطلق للتحرر من الاحتلال السعودي – الخليفي

قبل اربعين عاما في مثل هذه الايام اكتمل الانسحاب البريطاني من البحرين، وتحقق بذلك “استقلال” البلاد بعد 150 عاما من الهيمنة البريطانية التي بدأت بعد توقيع “معاهدة منع القرصنة” في 1820 بين بريطانيا وسبع مشيخات خليجية. استقلال البحرين لم يتحقق بدون تضحيات، بل جاء بعد عقود من النضال الوطني الذي شاركت فيه كافة قطاعات المجتمع ما عدا بعض المجموعات الدينية التي ارتبطت بالعائلة الخليفية.

 فمنذ انتفاضة البحارنة في 1922 تواصل الحراك الشعبي على مدى العقود الخمسة اللاحقة، وشهد ذروته في انتفاضة الهيئة ما بين 1954 و 1956 ثم انتفاضة 5 مارس 1965. وخلال هذا النضال تساقط الشهداء البحرانيون على ايدي القوات البريطانية. فجاء الاستقلال تتويجا للنضال الوطني بعد قيام بعثة من قبل الامم المتحدة في 1970 بزيارة للبحرين لاستمزاج الرأي العام في الشارع البحراني. وجاء الانسحاب مشروطا باقامة دولة عصرية تحكم بشراكة سياسية بين الشعب وآل خليفة. فكتب دستور 1973 ليعبر عن تلك الارادة. ولكن سرعان ما انقلب الخليفيون (كعادتهم في كل مرة) على تلك الوثيقة التي كانت مصدر الشرعية الوحيد لحكمهم، وفي 26 اغسطس 1976 قرر الطاغية خليفة بن سلمان حل المجلس الوطني وتعليق العمل بالمواد الدستورية التي تنظم الممارسة السياسية. ومنذ ذلك الوقت دخلت البلاد نفقا مظلما مارست فيه العائلة الخليفية كافة اشكال الاجرام، وحولت البلاد الى ملك خاص، وعذبت وقتلت وشردت بدون حساب. واذا كانت الحقبة السوداء بزعامة “العم العزيز” التي امتدت ربع قرن قد كشفت مدى ما يمكن ان تصل اليه هذه العائلة ذات الطبيعة الاجرامية من قتل وقمع وسلب ونهب وظلم.

اما السنوات العشر اللاحقة بزعامة الديكتاتور الحالي فتجاوزت في استبدادها وقمعها واجرامها ما جرى خلال الحقبة السوداء. فقد حول الديكتاتور نفسه الى صنم يعبد من دون الله، وأجبر الشعب على تسميته “ملكا” وفرض على البلاد مانفستو طائفية باشراف وزير ديوانه، خالد بن احمد، الذي شرع فورا في مشروع التجنيس السياسي الذي لم يشهد اي بلد عربي مثله. وامتدت سياسة التعذيب من السجون الى الشوارع، ودشن عهد البلطجية بأسوأ صوره. التعذيب في عهد هذا الطاغية تم تقنينه رسميا للمرة الاولى في تاريخ البلاد باصدار  القانون 56 في العام 2002 الذي وفر حماية قانونية لمرتكبي جرائم التعذيب. وأصر الخليفيون على الامعان في التتكيل والاستبداد بالغاء ارادة الشعب ودوره في ادارة البلاد، فاستبدل الدستور الشرعي الوحيد بدستور خليفي يقنن الاستبداد والطغيان والظلم. وقد شهدت الثورة الاخيرة وتداعياتها ما يمكن ان تصل اليه الديكتاتورية الخليفية من اجرام في تعاملها مع شعب البحرين. فما ان ارتفع صوت الشعب مطالبا بما هو حق له وفقا لوثائق الاستقلال، حتى استدعى الجيش السعودي لاحتلال البلاد. وشن عدوانا وحشيا على الشعب لم تشهد المنطقة له مثيلا بالقتل والسجن والتعذيب والتجويع حتى بلغ الامر الى استعمال الاسلحة الكيماوية بحق المواطنين (تحت مسمى الغازات المسيلة للدموع). وسلط  الديكتاتور نجله ناصر لممارسة التعذيب شخصيا بحق السجناء. وارتكب الخليفيون المجرمون جريمة شنعاء بهدم اكثر من 35 مسجدا. كما ارتكبوا جريمة اخرى باستهداف الاطباء الذين قاموا بعلاج جرحى العدوان السعودي – الخليفي، والمعلمين الذين مارسوا دورهم الوطني بدعم الثورة والمطالبة بنظام ديمقراطي عصري.

اليوم يقف الشعب على  اعتاب مستقبل غامض بين ان يكون او لا يكون. والواضح ان حقبة الطاغية الحالي حصرت الخيارات المتاحة بذلك: فاما ان يستقل الشعب ويحظى بحريته كما هي الشعوب الاخرى في مصر وتونس بسقوط النظام الخليفي او مواجهة  الابادة الجماعية التي بدأها الديكتاتور الحالي وطغمته. من هنا تكتسب الذكرى الاربعون للانسحاب البريطاني واستقلال البلاد اهمية خاصة، لانها تمثل نهاية حقبة وبداية اخرى. واذا كانت معالم الحقبة الماضية قد اتضحت من خلال ما حدث فيها، فان معالم الحقبة المقبلة ما تزال غامضة، لان الطرفين (آل خليفة وشعب البحرين) يسعيان لحسم الموقف بشكل نهائي يمنع تكرر ما حدث في السابق. فالخليفيون يسعون لابادة شعب البحرين من خلال سياسات التخلي عن السيادة للمحتل السعودي والتجنيس السياسي المتواصل، وتجويع الشعب بفصل ابنائه من وظائفهم وحرمانهم من فرص التعليم التي يستحقونها، واثارة فتنة طائفية تساعده على حسم الموقف. اما الشعب فيرى ان وجوده لا يتحقق الا باسقاط النظام الخليفي، واسترداد السيادة على ارضه ووطنه من المحتل السعودي (كما فعل عندما ناضل ضد المحتل البريطاني)، واقامة نظام عصري وفق مبدأ: لكل مواطن صوت” والغاء سياسات التمييز بين ابناء الوطن الواحد على اسس العرق او المذهب. انه صراع بين الطرفين لن يحسم بسهولة. ولكن الشعب اوفر حظا من المحتلين السعوديين والخليفيين. فالعالم يرفض مبدأ الاحتلال ويحارب الاستبداد ويحمي حق تقرير المصير للشعوب. صحيح ان هذا العالم ينتهج سياسة “القوة مصدر الحق” ولكن نضال الشعوب اثبت قدرته على حماية حقوق البشر ودحر الظلم والاستبداد والاحتلال.

في الذكرى الاربعين للاستقلال، اصبح شعب البحرين اكثر وضوحا ازاء خياراته ومستقبله. وقد نزع ثياب الاستكانة والذل والاستسلام، وأفشل المشروع السعودي – الخليفي كما افشل التحالف البريطاني – الخليفي قبل 40 عاما. التاريخ يعيد نفسه ويؤكد عدم قدرة الخليفيين على الوجود بدون الدعم الخارجي، ولكنه يؤكد ايضا ان الشعب قادر بنضاله وصموده ووضوح اهدافه على دحر الاحتلال والظلم والاستبداد، وان التضحيات لا تموت، وان وعيه كفيل بتحقيق النصر. انه صراع بين ارادة المحتلين والمستبدين والظالمين من جهة، وارادة المحرومين والمسحوقين والمظلومين والمعذبين من جهة اخرى. ولكنه في الوقت نفسه صراع محسوم، وفق السنن الالهية، لصالح من وقع عليهم الظلم: “أذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا، وان الله على نصرهم لقدير”. في هذه المناسبة سوف يواصل شبابنا الذين يتصدرهم شباب 14 فبراير مشروع التغيير الذي بدأوه بالاحتجاجات والتظاهرات ورفض الانخداع بالمشاريع التي تطرح لاجهاض الثورة خصوصا من قبل الامريكيين، مؤكدا استعداده للتضحية بالغالي والنفيس من اجل تحرير ارضه وضمان حقه في تقرير مصيره، وتحقيق النصر الدائم للمستضعفين في هذا البلد المظلوم، وسوف يتحقق ذلك بعون الله ووفقا لسننه، وبفضل سواعد الهاتفين بسقوط النظام والطاغية.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
12
اغسطس 2011

زر الذهاب إلى الأعلى