الاسرى يتحرررون، والمظلومون منتصرون، والمحتلون والمستبدون والمعذبون الى زوال
“فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين“
لم تكوني منهم، بل من الصابرين الصامدين الثائرين الذين لم تأخذهم في الحق لومة لائم. ولذلك اصبحت انشودة الجماهير، وموضع اعجاب الاجانب. يا آيات، قصيدتك الغراء بميدان الثورة كانت تعبيرا عما يدور في نفوس المسحوقين من ابناء أوال، وما أكثرهم، فكانت صرخة من الاعماق في زمن كثر فيه المتسلقون والانتهازيون والمنافقون. اخذوك الى غرف التعذيب، فتعلمت، وأنت الشابة اليافعة، ان الديكتاتور الجاثم على صدورنا لا يرحم أحدا، ولا مكان في قلبه الفظ للرأفة اطلاقا، فكل ما يهمه ان يتربع على كرسي الملك ولو كان مشيدا على جماجم الابرياء وأجساد الشهداء. وعلى مدى شهور اربعة كنت تستيقظين على سياط الجلادين وتنامين على مكاويهم وألفاظهم الساقطة التي تؤكد وحشيتهم وشراستهم وانسلاخهم من القيم والاخلاق. وبرغم معاناك، فقد ألهمت الجماهير صمودا وعزة ورفعة وشموخا، وكتبت لهم دروسا ضد كافة اساليب الاستسلام او الانبطاح. سمعنا اسمك يتردد في المؤتمرات الدولية التي عقدت تضامنا مع شعب البحرين، في لندن وبروكسل وبرلين وستوكهولم ومدريد وجنيف وواشنطن، حتى احترنا في الاجابة على سؤال محير: من هذه الفتاة التي تلهج باسمها حناجر الاحرار في كل مكان؟ وتعاظم شأنك عندما نشرت قصيدتك الثانية التي مزجت كلماتها بالآهات من داخل غرف التعذيب بعنوان: “زنزانتي ميدان لؤلؤتي”. علمنا حينذاك ان البطولة قيمة لا تتوفر الا لمن رزقهم الله بصيرة نافذة، ويحرم منها آخرون يحملون علما وشأنا وموقعا اجتماعيا مرموقا.
لم يكن خبر الافراج عنك مفاجئا، فقد اصبحت تحاكمين الديكتاتور وعصابته من وراء القضبان، واصبحت هذه العائلة المجرمة رمزا لكل ما هو سوء وظلم وفحش وسقوط وانحدار وقبح. فبرغم المال النفطي الهائل فشلوا في استحصال كلمة في الاعلام الدولي تمدحهم. واخيرا تمالك بعض اعضاء لجنة (حمد – بسيوني) شيئا من الشجاعة وقالوا للديكتاتور: كل الادلة تشير اليك بالتورط في ما حدث من قتل وتعذيب، ولن نستطيع ان نبريء ساحتك، فعجل بخطوات لتخفيف الاجراءات التي تدين نظامك، ولتبدأ بالافراج الفوري عن السجناء”. فكان اطلاق سراح بعض المعتقلين برغم انف العائلة الخليفية المجرمة وعلى رأسها الديكتاتور الذي تفوق على من سواه في الاجرام والبطش. وسوف يطلقون سراح جميع المعتلين بعون الله، بعد ان كسر الله شوكة آل سعود وآل خليفة “لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم” فليشرب هؤلاء وعملاؤهم وابواقهم كؤوس السم والذل والعار، فما اقبح الناعقين والمتسلقين والمتزلفين ولاعقي القصاع وماسحي احذية الطغاة، وما أقصر حبل المكر (ولا يحيق المكر السيء الا بأهله). وما اقوى شوكة شباب الثورة (ذكورا واناثا) وما اعظم ايمانهم وأشد بأسهم وأقربهم من النصر الذي وعدهم الله به، وذلك وعد غير مكذوب: “وكان حقا علينا نصر المؤمنين”، “إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار“.
المؤمنون الصابرون الذين يتوالى عليهم الليل والنهار وهم يكرعون كؤوس العذاب والاستضعاف، يستيقظون على الشتم والسباب وأفحش الكلام من افواه عبيد الطغاة، وتنهش اجسادهم كلاب الديكتاتوريين المتوحشة، مع ذلك فهم صابرون محتسبون، لانهم واثقون من نصر الله لهم وان الله لن يهمل الظالمين ابدا “والله أشد بأسا وأشد تنكيلا”. رموز الثورة أسود تزأر وان قمعت في زنزانات العدو السعودي – الخليفي، وعنوان مجد وفخر ونصر لهذا الشعب، فقد ضحوا بكل ما يملكون ورفضوا الانسياق وراء الجاه والمنصب، ورفضوا الرضوخ امام تهديدات الطاغية وعبيده. لم يشعروا يوما بان صبرهم قد انتهى او انهم وصلوا مرحلة اليأس. رأوا في الصبر والتقوى ضرورة لتحقيق النصر وفق الشروط الالهية “بلى ان تصبروا وتتقوا، ويأتوكم من فورهم هذا، يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين”. لم يشعر هؤلاء الابطال وفي مقدمتهم الاستاذان حسن مشيمع وعبد الوهاب حسين والشيخ عبد الجليل المقداد والدكتور السنكيس وسواهم من الابطال ان عليهم الاستعجال لقطف الثمار، انهم بدريون يتقدمون الصفوف من اجل التضحية والفداء، وليسوا من أولئك الأحديين الذين هرعوا للغنائم قبل انتهاء المعركة. انهم لا يخشون احدا الا الله، ولا يتخذون المواقف انطلاقا من خشية الآخرين او استجابة لضغوط اعداء الامة الذين ما فتئوا يدعمون الاستبداد والديكتاتورية والحكم التوارثي الظالم. هؤلاء العمالقة صنعوا بصمودهم وباجسادهم التي مزقتها مباضع المعذبين وسياط الجلادين لم يبحثوا يوما عن موقع في النظام الخليفي الجائر، بل وقفوا مع المظلومين وضد الظالمين، عملا بقول علي عليه السلام ” كونا للظالم خصما، وللمظلوم عونا”. وقفوا جميعا وقفة رجل واحد مع شباب ثورة 14 فبراير، بالدعم الفكري والاداري، ولم يسعوا لمصادرة اطروحات شباب الثورة، او التشويش عليها، بل سخروا انفسهم، برغم كبر سنهم وتجاربهم الطويلة وفكرهم الغزير، في خدمة الشباب الذين انهضوا الامة بعد السبات، وسعوا لاستعادة كرامتها بعد عقود من الاستضعاف والظلم والاستعباد. لقد ذاق هؤلاء من العذاب ما لم يكن له مثيل من قبل، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
برغم ذلك، فقافلة الجهاد والنضال والكرامة لا تتوقف، بل تصنع خطواتها بثقة واطمئنان نحو اهداف الشعب النبيلة بوفاء للشعارات التي رفعها الاحرار بدون خشية او تردد: الشعب يريد اسقاط النظام، يسقط حمد، لا للاحتلال السعودي، الشعب يكتب دستوره بيديه، نريد ان نحكم انفسنا بحكومة ننتخبها، يجب تحرير الجيش والامن والقضاء والاعلام من قبضة العائلة الخليفية. هذه المطالب لن يقبل شباب الثورة بالتخلي عنها او المساومة عليها، ولذلك فالثورة مستمرة، ومعها كافة الفعاليات الهادفة لتحرير البحرين من الاحتلال السعودي الغاشم، والقصاص العادل من مرتكبي الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي توثق معظمها بالافادات الشخصية والصور والفيديو، وسوف تستخدم لادانة الخليفيين المجرمين الذين ارتكبوا بحق البحرانيين ما لم يرتكبه الصهاينة ضد الفلسطينيين. وبعون الله تعالى وصمود المؤمنين لن ينجو النظام الخليفي هذه المرة من حتمية السقوط، برغم الدعم غير المحدود الذي توفره له قوى الاحتلال والظلم والبغي. انه صراع تاريخي بين اصحاب الحق واهل الباطل، يتواصل عبر الاجيال و العقود حتى يتحقق نصر الله للمؤمنين ويندحر الظالمون، ويومئد يفرح المؤمنون بنصر الله. ستتحرر البحرين من الاحتلال والاستبداد، وبرغم انف الديكتاتور وعصابته سوف يتحرر اسرانا المرتهنون في سجوهم، ويخرج الرموز منتصرين بهامات شامخة، ويتحرر الاطباء والمعلمون والكتاب والشعراء. فهذه بداية هزائم الاحتلال السعودي الخليفي الذين دحرته دماء شهدائنا الابرار واجساد أسرانا الممزقة بالتعذيب، ودعاء الامهات ودعم المؤمنين والاحرار في كل مكان.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
15 يوليو 2011