مقولة الحوار وسيلة أخرى تمارسها قوى الثورة المضادة
شعبنا يحمد الله سبحانه وتعالى الذي أفشل مشروع اجهاض الانتفاضة بصرف الانظار عن شعار “الشعب يريد اسقاط النظام” بوسائل قمعية شتى آخرها مقولة “الحوار”. لقد وعى شباب 14 فبراير لهذه الخطوة الماكرة واعتبرها وسيلة قذرة اخرى تضاف الى الوسائل الاخرى التي فشلت في النيل من عزائم الثوار، ومنها إثارة الفتنة الطائفية القذرة واستدعاء القوات السعودية لاحتلال البحرين وفرض الاحكام العرفية والتعذيب الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ البحرين، وتجويع البحرانيين بطردهم من الاعمال، وهدم المساجد والحسينيات، والمحاكمات العسكرية التي رفضها حتى حلفاء آل خليفة في واشنطن ولندن. الشباب الذي وقف صامدا امام تلك الوسائل الارهابية يقف اليوم رافضا الاعتراف بالاحتلال السعودي – الخليفي معتبرا ان فرض مقولة “الحوار” محاولة اخرى لشرعنة ذلك الاحتلال.
فقد ادرك السعوديون والخليفيون المجرمون ان كافة اساليب القمع والاضطهاد والاحتلال والتجويع والتشطير المجتمعي فشلت في إخماد لهب الثورة المظفرة، او النيل من عزائم الاحرار، فعمدوا لاسلوب آخر، يبدو في ظاهره أقل شراسة، ولكنه أشد فتكا وخبثا. فشل المشروع الامريكي الجديد لاحهاض الثورة المتمثل بما يسمى “الحوار” منذ الجلسة الاولى عندما طرح عملاء الاحتلال السعودي – الخليفي مطلبا جديدا بتقليص هامش الحرية في البلاد لانه واسع جدا وانه المسؤول عما جرى من ثورة واحتجاجات! وليس معلوما بعد ما الذي طرحه “النادي البريطاني” الذي يشارك ممثلوه في “الحوار” او الجمعيات الاخرى التي تمثل العمال الاجانب. انها سخافة في منتهى السقوط، وهبوط اخلاقي وانساني ليس له حدود سفلى، واستحمار ليس بعده استحمار.
شباب الثورة الذي صقلته التجربة، وقدم قوافل الشهداء طوال الشهور الخمسة الماضية، لم يعد يكترث بالاحتلال السعودي – الخليفي ومبادراته، بل تجاوزه مسافات طويلة منذ ان اعلن هدفه من ثورته المباركة التي تقض مضاجع الطغاة والمجرمين والسفاحين وداعميهم في الرياض وتل أبيب ولندن وواشنطن. جيل الغضب هذا يمتلك من الوعي والبصيرة ما يفتقده الكثيرون من “دهاقنة” السياسة لانهم ينظرون بعين الله، ولا يبتغون من مواقفهم الا وجه الله. وحين تخلص السرائر وتنقى القلوب من ادران الخوف والهلع والجبن والاستسلام، تتجاوب العقول معها وتقرأ في أساليب العدو ما يخفى من اساليب بطش واهداف هابطة وسقوط اخلاقي. ان دم الشهادة له لون آخر غير اللون الاحمر القاني، ومنطقها يختلف عن سفسطات مجالس اللغو التي يسرح الشيطان فيها ويمرح. انه يخوف اولياءه ومن بطش الطغاة، اما عباد الله المخلصون فلا سبيل له عليهم “ان عبادي ليس لك عليهم من سلطان، الا من اتبعك من الغاوين”. ان هذه ليست ادعاءات من نسج الخيال، بل هي قصص من واقع المعاناة. فما يرشح من وراء القضبان من بطولات وصمود واستبسال واصرار يفوق التصور، ويؤكد ان التنكيل لا يزيد المؤمن الا ايمانا، وان الاجساد التي هشمتها مباضع الجلادين تحولت الى جبال راسخة يعبر بها المجاهدون الى عالم النصر والخلود والكرامة. اولئك قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم، وفشل الشيطان واعوانه من النيل من عزائمهم. شباب 14 فبراير ولجوا عالم الايمان من اوسع ابوابه، فثبتوا امام العدو ونزعوا لباس الخوف والمسكنة. فكلما رأوا فلول العدو تستهدف مناطقهم ازدادوا ثقة واطمئنانا بضرورة الصمود وشعروا بان ذلك وعد الله المحتوم: (ولما رءا المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم الا ايمانا وتسليما) الاحزاب 22.
خمسة شهور من الثورة المتواصلة حسمت الموقف لصالح المؤمنين المستضعفين، وأفشلت المحتلين السعوديين والخليفيين على حد السواء، فاصبح هؤلاء المحتلون على تغيير اساليبهم الاجرامية، واصبحوا يبحثون عن اعذار لسحب قوات الاحتلال السعودية، وحماية رموز الاستبداد الخليفي. ولذلك سعى الديكتاتور لاعادة تسويق نفسه ونجله بديلا عن عمه الذي فشل في مهمة قمع شعب البحرين. هؤلاء الرموز شركاء في الجرائم التي ارتكبت بحق البحرين واهلها، ابتداء بالاحتلال السعودي الغاشم، مرورا بهدم المساجد وقتل الابرياء في الشوارع وتعذيب المعتقلين حتى الموت واهانة السجناء بأبشع الوسائل، وصولا الى استمرار قتل ابناء البحرين وآخرهم الشهيد مجيد محمد أحمد. ان الديكتاتور ونجله مسؤولان مباشرة عن هذه الجرائم، وهما يعلمان ذلك، ولذلك تفجرت عقلية الاجرام عن تشكيل لجنة بديلة عن اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، هدفها الاول حماية الديكتاتور ونجله بعد ان اعلنت نافي بيلاي، مفوضة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة عن عزمها على ارسال تلك البعثة. ايا كان الامر، فان وعي شباب 14 فبراير ونشطاء حقوق الانسان البحرانيين واصدقائهم، سوف يحول دون حماية هؤلاء المجرمين. الديكتاتور يعتقد انه يستطيع تكرار ما فعل عندما اصدر قانون حماية الجلادين رقم 56 للعام 2002، ولكن ليكن على علم هذه المرة ان شباب الثورة لن تنطلي عليهم اساليب التضليل والخداع، وانهم ماضون على طريق ذات الشوكة، يستهدفون كل من ارتكب جريمة بحق ابناء البحرين، بالطرق القانونية، ولن يوفروا احدا من هؤلاء المجرمين.
شباب الثورة يعلم ان الاستمرار في اعتقال الرموز وفي مقدمتهم الاساتذة حسن مشيمع وعبد الوهاب حسين وابراهيم شريف وعبد الجليل السنكيس والعلماء المجاهدون عبد الجليل المقداد ومحمد حبيب المقداد وسعيد النوري وعبد الهادي المخوضر وبقية الابطال، وكذلك الاطباء والممرضات والشاعرة الشابة آيات القرمزي انما هو محاولة لمنع كشف مدى الجرائم التي ارتكبت بحق هؤلاء والتي بدأ بعضها يرشح من وراء القضبان. هذه المرة لن يتوانى ابناء البحرين عن المطالبة بحقوقهم والقصاص العادل من هؤلاء المجرمين، ولن يفت في عضدهم محاولات إجهاض الثورة بالاساليب القذرة وآخرها خدعة “الحوار” الذي فشل قبل ان يبدأ، ولله الحمد. وما استمرار الفعاليات الشعبية طوال ايام الاسبوع، وبكافة الوسائل والاساليب السلمية داخل البلاد وخارجها الا تأكيد لاستمرار الثورة المباركة التي جاءت لتنتصر وتقصم ظهر النظام الخليفي الاجرامي، والاحتلال السعودي المقيت.
تحية لأبطال 14 فبراير، فهم عنوان كرامة الشعب ورأس حربته، ورمز كرامته. والمجد للصامدين في غرف التعذيب الخليفية، والعار والاندحار للاحتلال السعودي والاستبداد الخليفي، وانها لثورة متواصلة بعون الله تعالى، حتى يسقط النظام ومعه النسخة الثانية من المشروع الامريكي لحماية المحتلين والطغاة، كما فعلت نسخته الاولى قبل عشرة اعوام. لقد فشلت النسخة الاولى بفضل وعي الشعب الذي قاطع ذلك المشروع، وسوف تفشل النسخة الحالية لانها ببساطة تكرس الظلم والاحتلال والاستبداد، وتصادر حق الشعب في تقرير مصيره واقامة نظامه السياسي الذي يريد، وينتخب حكومته ويدير بلاده بنفسه ويعمرها لتكون ارضا للعبادة وطاعة الله ومفاصلة مع الطغاة والظالمين والمحتلين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عنده، وفك قيد أسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
8 يوليو 2011