يا أحرار أوال: حذار من مساعدة المحتلين على الخروج من مستنقع جرائمهم
وتتواصل الثورة، ويتحدى البحرانيون جحافل الاحتلال السعودي – الخليفي باباء وشموخ وإصرار، يتظاهرون برغم انف السفاحين، ويتشبثون بتراب آبائهم واجداهم برغم محاولات الظالمين اخراجهم من الارض الطاهرة بعد ان دنسوها بوجودهم الملعون. قوافل الشهداء لم تتوقف منذ ان قرر المحتلون تصفية أهل البحرين، وآخر هؤلاء الشهيد جابر ابراهيم العليوات الذي لقي ربه بعد يوم واحد من إخراجه من غرف التعذيب الخليفية.
الموقف اصبح مستقطبا بكل وضوح: احرار العالم يهتفون بحياة شعب البحرين ومناضليها من الرجال والنساء والاطفال، وطغاتها يدعمون التعذيب والقمع والتجويع. صفحات الاعلام الدولي تشيد برموز الصمود البحرانيين، وتنشر صور آيات القرمزي والدكتور علي العكري والاستاذ عبد الوهاب حسين وحسن مشيمع وابراهيم شريف. وفي مقابل ذلك تبث رموز الكراهية والحقد، حمد بن عيسى وخليفة بن سلمان وبقية المجرمين والسفاحين. صراع من اجل الوجود والحقوق والحرية يمارسه الاحرار، ومن اجل الهيمنة والاستبداد والظلم والتعذيب يقوم به آل سعود وآل خليفة. يهتف العالم بحياة الاحرار المستضعفين ويشيد بنضالهم وصمودهم وابائهم، ويهتف بموت القتلة والسفاحين والظالمين والمحتلين. ربما لم يستقطب الموقف في التاريخ الحديث بهذا الوضوح غير المسبوق. انها دماء الشهداء التي تصنع المعجزات، وتتحدى الاستكبار وتهزم الطغاة. وهذا ما يجري في ارض اوال الحبيبة التي رويت ارضها بدماء ابنائها وبناتها. فما اطول الصراع بين اهل البلاد الاصليين (شيعة وسنة) و المحتلين من آل سعود وآل خليفة، وما أشرس معركة المصير التي يخوضها الاحرار على طريق بناء الوطن الحر، الذي يتعامل مع ابنائه على تعدد مشاربهم الدينية والسياسية، على قدم المساواة، على اساس “لكل مواطن صوت“.
بالامس خر آخر الشهداء: بعد ان قضى اسابيع في غرف التعذيب. وما ان اشرف على الموت حتى وجد الديكتاتور وزبانيته انفسهم امام خيار صعب: فاما ان يستشهد في غرف التعذيب ويضيف بذلك دليلا دامغا ضده كمجرم ضد الانسانية، او يكرع كأس السم ويخرجه ليموت خارج الزنزانات، معتقدا ان ذلك سوف يلغي مسؤوليته عن التعذذيب الذي مورس بحقه حتى بلغ حافة الوفاة. لقد ضجت المحاكم الدولية لكثرة الادلة التي تدين الديكتاتور وعصابته، وشعرت بضرورة البدء في صياغة قضايا دولية ضدهم، ولكنها في الوقت نفسه ممنوعة من قبل الحكومة الامريكية من فتح ملفات الادانة ضد رموز آل سعود وآل خليفة. مع ذلك بلغت الادلة مستوى لا يسمح لها بالصمت، واصبح عليها ان تقرر خطواتها المقبلة لكي لا تفقد المصداقية والاستقلال، خصوصا في ضوء التغطيات الاعلامية الدولية المطالبة بذلك، واصرار البحرانيين على اسقاط نظام الاحتلال الخليفي. لقد اعتقد آل سعود وآل خليفة ان اموال النفط المنهوبة من الشعوب سوف تحميهم من غضب الاحرار، ولكنهم صعقوا وهم يواجهون الغضب المحتدم الذي لم يتوقف منذ انطلاق ثورة البحرانيين في 14 فبراير. ازاء هذه الحقائق، ما المطلوب من المواطنين، خصوصا النشطاء الذين فجروا الثورة المباركة؟ ثمة امور جوهرية يجدر استحضارها لتحديد الموقف بعد التوكل على الله والالتزام بمبدأ النضال والثورة، منها ما يلي:
اولا: ان المواطنين رفعوا شعار “الشعب يريد اسقاط النظام” اسوة ببقية الشعوب العربية الثائرة. وقد استطاعت تلك الشعوب اسقاط رؤسائها الفاسدين، بالتوكل على الله والصبر ورفض التحاور مع القتلة و السفاحين. والبحرانيون ليسوا اقل شأنا في مجال النضال، فهم يستحقون ان يحصدوا ثمار ما غرسوه ورووه بدماء الشهداء الابطال. ان التمسك بهذا الشعار ضرورة لضمان تحقيق المطالب، فقد تكررت خدع الاحتلال الخليفي وامعن هذه المرة في القتل والتعذيب واستهداف كافة قطاعات المجتمع، فحق عليه ان يسقط، فلم يبق بيت لم يدفع ضريبة الصمود ورفض الظلم و الاحتلال، سواء بالقتل في الشوارع او الاعتقال والتعذيب او الطرد من الوظيفة او اقتحام المنازل. ولم يسلم البحرانيون من استهداف عقائدهم ومقدساتهم، فهدمت مساجدهم ومنعت مواكبهم الدينية واصبحوا هدفا للتنكيل على اساس الهوية والانتماء الديني.
ثانيا: ان الطرح الثوري يستدعي مواصلة الطريق حتى تحقيق الهدف، وفي هذا الاطار ليس هناك مجال للانخداع بمقولة “الحوار” الذي رفضه الديكتاتور وعائلته المجرمة عقودا، واصبحوا يطرحونه اليوم كخدعة للخروج من المأزق الذي اصبح يضيق بهم يوما بعد آخر. وانكشفت الخديعة الاخيرة عندما اعلن الطاغية ان ذلك سوف يتم باشراف رئيس مجلس الشورى الخليفي الفاشل. وكان ذلك ضربة قاضية لمقولة الحوار، فكفى الله المؤمنين القتال، واكتشفوا الخدعة قبل التورط فيها. فهذا الشخص مستخدم من قبل النظام، فلا يملك قرارا ولا يستطيع الحل او الربط، فلو دخل من يعتقد بجدوى الحوار مع الاحتلال السعودي – الخليفي في حوار معه، فلن يجني سوى ضياع الوقت والجهد.
ثالثا: ان الزخم الدولي الداعم لثورة اهل البحرين بلغ مدى لم يبلغه من قبل، فهناك الاحتجاجات والتظاهرات اليومية في عواصم العالم بدون توقف، والمؤتمرات الداعمة لشعب البحرين على نطاق قل نظيره. اما الاعلام العالمي فقد فضح ارهاب الاحتلال السعودي – الخليفي على اوسع نطاق حتى اضطر للاعلان عن عزمه على مقاضاة جريدة “الاندبندنت” البريطانية بسبب مقالاتها اللاذعة ضده. ونتحدى هذا الاحتلال المضي قدما في هذه المقاضاة، لانه يعلم انها سوف تؤدي الى كشف المزيد من جرائمه، وسوف يكتشف انه اضعف كثيرا من الاقدام على هذه الخطوة بسبب تلك الجرائم. يضاف الى ذلك هذا الصمود الرائع من قبل احرار الوطن من الشباب والنساء، و الاستتعداد المنقطع النظير لتقديم المزيد من التضحية والفداء برغم السياسة الدموية التي انتهجها الاحتلال السعودي الخليفي. هذا الدعم الدولي وفر للثورة دعما نفسيا وبعدا اخلاقيا ودوليا كبيرا، واصبح الاحتلال يواجه غضب هذه الشعوب وليس شعب البحرين فحسب. اننا امام واقع جديد يقتضي المزيد من الصمود والاصرار ووضوح الهدف والتحلي بالروح التي تحلت بها المواطنات الثلاث اللاتي تحدين الاحتلال واعتصمن عند مقر المكتب الاقليمي للتنمية البشرية التابع للامم المتحدة. وما اشبه الليلة بالبارحة. فوفقا للرواية الرسمية فان مسؤولي المكتب اتصلوا بجهاز التعذيب الخليفي لاتخاذ اجراء ضد البطلات الثلاث. وتعيد هذه الحادثة، ان صدقت الرواية الخليفية، قصة مشابهة حدثت في التسعينات. فقد قام مسؤول المكتب آنذاك قام بتسليم شريط فيديو يكشف الارهاب الخليفي لجهاز التعذيب. وكانت مجموعة من الشباب قد سلمت المكتب هذا الشريط لايصاله للامين العام للامم المتحدة آنذاك، كوفي عنان.
رابعا: ان الشعب ليس مستعجلا للوصول الى حل مفروض بالقوة والاستفزاز، بل يسعى للحصول على حقوقه كاملة ومن بينها تأميم الجيش واجهزة الامن وانهاء هيمنة عائلة الاحتلال الخليفية عليهما، بالاضافة الى محاكمة مرتكبي الجرائم بحق المواطنين ابتداء من الديكتاتور وانتهاء الى الجلادين وعناصر فرق الموت. ونهيب بكافة القوى الوطنية عدم مساعدة الاحتلال على الخروج من ورطته وازماته التي تزداد تعقيدا. لقد وقع الخليفيون في اكبر ورطة في تاريخهم باستدعاء قوات الاحتلال السعودية وهدم المساجد وقتل المواطنين بالرصاص الحي وتعذيب بعضهم حتى الموت ومحاكمة الاطباء والرياضيين والمعلمين والمعلمات. وكل من هذه الجرائم تكفي لادانتهم واسقاط حكمهم. فالرجاء عدم اعادة الروابط المقطوعة مع هؤلاء المحتلين، لان ذلك سوف يطيل أمد الاحتلال ويعمق معاناة البحرانيين. فلم يعد لدى الشعب ما يخسره، بل ان الخسائر الفادحة تنتظر المجرمين السعوديين والخليفيين، فبحق دماء الشهداء ومعاناة الاحرار لا تمدوا لهم خيوط الاغاثة التي تساعدهم على الخروج من المستنقع الذي يخنقهم بالتدريج. ولنستجب جميعا للنداء الالهي :”يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم ترحمون“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
17 يونيو 2011