الفصل الثاني من الثورة المظفرة: النصر المحتوم يلوح في الأفق الأحمر
بحمد الله ونعمته، مني الطغيان بهزيمة منكرة، هزمته دماء الشهداء وارادة الاحرار. ودمره دعاء الامهات الثاكلات، وابتهالات العُباد الذين رفعوا شكواهم الى الله المقتدر الجبار، بعد ان سدت امامهم المنافذ، واحتوشت اولادهم كلاب الديكتاتور. تعيش اوال اليوم على انغام النصر المحتوم الذي وعد الله به عباده الصالحين الصامدين الصابرين (اننا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد). ربما سعى الخليفيون المجرمون للامعان في تضليل الرأي العام باعلانهم رفع الاحكام العرفية، ولكن هذا التذاكي سوف يعود عليهم بالخيبة والخسران والمزيد من الهزائم والذل (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله، ان الله عزيز ذو انتقام).
اعتقد الديكتاتور وزبانيته انه هو صاحب القرار، وانه، على طريق فرعون، يحيي ويميت. وفاتته الحقيقة القرآنية “والله أشد بأسا وأشد تنكيلا”، وظن ان بامكانه ان يفرض على الشعب احكام الطواريء اذا اراد، اويستبدلها بما يسميه “الحوار” متى شاء. ولعله نسي او تناسى ان الشعب هو صاحب القرار، وان الايام التي كانت سياسة الاستعباد والاستضعاف والاستهبال والاستحمار قد ولت، وان عليه ان يرحل مع بقية المجرمين الذين عاثوا في الارض فسادا، وهدموا المساجد على رؤوس المصلين، وهتكوا حرمات الاتقياء، واغتصبوا السجناء، وجوعوا الآلاف بتسريحهم من وظائفهم، وساقوا المئات الى السجون للتعذيب الوحشي، واصدروا احكاما بالسجن والاعدام في محاكم ستكون واحدة من الادلة على جرائم الابادة والظلم وازدراء مهنة الثقضاء.
في هذه الظروف الصعبة نطرح القضايا التالية اسهاما في ترشيد مسيرة التحرر من الاحتلال السعودي – الخليفي الغاشم، الذي آن له ان ينتهي مهزوما مدحورا بعون الله تعالى وجهاد ابطال 14 فبراير الذي رفعوا هاماتنا جميعا واستحقوا النصر والخلود:
اولا: ان رفع الاحكام العرفية جاء نتيجة صمود الشعب، ذلك الصمود الذي افشلها، وجعلها غير ذات شأن. فقد كان الطاغية يراهن على استسلام البحرانيين وتوقفهم عن الاحتجاج والتظاهر، ولكنه اكتشف ان الابطال اقوى منه عزما وارادة وشكيمة واصرارا، فلم تتوقف الاحتجاجات ليلا ونهارا، فلم يجد امامه الا الاعتراف بالهزيمة المنكرة وتجرع كأس السم بالغاء تلك الاحكام الجائرة، بدون ان تحقق لحكمه الاستبدادي سوى الشجب الدولي واللعنة الابدية.
ثانيا: ان الشعب دخل مرحلة جديدة، سيكون خلالها اكثر اصرارا على اسقاط النظام الخليفي الجائر، مهما كلف الامر. اذ اصبح اسقاط ذلك النظام اليوم اكثر الحاحا: فقد امعن في ظلم البحرانيين بالقتل والتعذيب والاعتداء على الشرف والكرامة واغتصاب الرجال والنساء وتسليم سيادة البلاد الى آل سعود، واستقدام الاحتلال في خطوة شبيهة بما فعله بابراك كارمل في افغانستان في 1979 عندما استدعى القوات السوفياتية لاجتياح البلاد. فكانت النتيجة هزيمة الاحتلال وسقوط الاتحاد السوفياتي. وسوف يتداعى النظام السعودي نتيجة ذلك وستلاحقه الهزائم في كل مكان بعون الله تعالى.
ثالثا: ان الحوار المفروض لا يختلف عن الاحتلال المفروض او احكام الطواريء المفروضة. وقد ولى زمن الحوار مع طغمة فاسدة مفسدة، جائرة ظالمة تجاوزت كل حدود الانسانية والشرف والانسانية. وبفضل الله فقد تم توثيق الكثير من الجرائم الخليفية السعودية هذه المرة بالصوت والصورة، واصبحت الجهات الدولية المعنية على اطلاع بما جرى ويجري في ظل هذا الاحتلال. فأي حوار في ظل الاستمرار في الحكم الفردي المتسلط؟ واي حوار في ظل تغييب قادة الثورة في غياهب السجون؟ وأي حوار والآلاف من المواطنين اما يتعرضون للتعذيب او للتجويع او التشريد؟ اي حوار في ظل السلاح الموجه الى رؤوس الاحرار؟ لقد قال شباب 14 فبراير كلمتهم الحاسمة: الشعب يريد اسقاط النظام، واصبحت شعار المرحلة الذي سوف يتحقق بعون الله تعالى وارادة الاحرار.
رابعا: ان من تخلى عن سيادة البلاد تخلى عن حقه في الحكم، واثبت عمليا هزيمته امام ارادة الجماهير. فلو كان قادرا على ادارة البلاد لما استدعى قوات الاحتلال السعودية لمواجهة شباب لا يملك سوى سواعده وقبضات يديه للاعلان عن مطالبه. ان نظاما اعلن للعالم فشله في ادارة البلاد وتنازله عن السيادة لقوة احتلال غاشمة، قد تخلى طوعا عن الحكم، واصبح غير جدير بالبقاء، وعليه ان يرحل.
خامسا: ان اية تسوية للامر السياسي لا بد ان تؤكد على ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب وجرائم الحرب، والتحقيق في حالات القتل التي حدثت في الشوارع والسجون فاذا كان حسني مبارك يحاسب اليوم على اصدار قرار الاعتداء على المتظاهرين الذي ادى الى قتل الكثيرين منهم، فان الطاغية الخليفي ارتكب الجريمة نفسها واصبح عليه ان يحاكم بها. واذا وقع على حكم اعدام اي مواطن، فسوف يكون ذلك جريمة تضاف الى سجله الاسود، وسوف يحاكم كما حوكم صدام حسين بتوقيعه اعدام شهداء الدجيل. وزاد على سابقيه اقراره اغتصاب النساء والرجال في غرف التعذيب. وهذه حقائق موثقة لن يستطيع التملص من تبعاتها. ان الديكتاتور الخليفي لن يتمتع بحصانة، مع ان الطغاة ولقتلة يسعون دائما للحصول على ضمانات بذلك، كما يفعل علي عبد الله صالح، ولكن ارادة الشعوب وكرامتها لا تسمحان بذلك.
سادسا: الطاغية ما يزال يستخسف عقول البشر بدعوته للمشاركة في ما يسميها “الانتخابات التكميلية” لعضوية مجلسه العقيم الذي اثبت انه اداة طيعة للديكتاتورية والاستبداد. فاي عقل اصلاحي يحمله هذا الديكتاتور؟ ان ذلك يثبت بدون لبس او غموض استحالة تحول الديكتاتور الى ديمقراطي، او ان يكون المفسد الذي ختم الله على قلبه مصلحا “ان الله لا يصلح عمل المفسدين“.
في ضوء الحقائق السابقة، تدخل البحرين فصلا آخر من الثورة السلمية متحدية الاستبداد والاحتلال السعودي – الخليفي، معتمدة على الله سبحانه، ومتفائلة بان الوعي المنتشر بين المواطنين، واليقظة المتأخرة للرأي العام العالمي حيال ما يجري في البحرين قد اصبحا عاملين مهمين في رسم طريق النصر لشعب ظلم طويلا واصبح مهددا في وجوده وحقوقه على حد السواء. فبعد السحاب الكثيف الذي غيب الشمس عن سماء هذه البلاد، تنقشع السحب وتشرق الشمس ويبدأ انجلاء الظلمة الطويلة، ويبدأ تاريخ جديد لأوال تشيده جماجم الشهداء ودماء الاحرار وارادة المجاهدين والمناضلين. لقد هزم الطغاة والمحتلون، وأرغموا على التراجع عن العديد من القرارات الظالمة التي فرضوها على البلاد، بينما وقف الشعب يراقب هذه الهزائم، وقلبه يخفق بالايمان، ولسانه يلهج بالآية الكريمة: ” الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
3 يونيو 2011