الاحتلال والاستبداد هزما سياسيا واخلاقيا، فليس امامهما الا الرضوخ لارادة الشعب
فشل المحتلون السعوديون والخليفيون في اهدافهم، وباءت جهودهم بالخسران والاندحار، وبدأ فجر الشعب يلملم خيوطه ليبعث الحياة مجددا في اوصال الثورة المباركة التي هزت عروش الطواغيت والسفاحين. وليس أدل على هذا الفشل الذريع من العدوان المتواصل على مقدسات اهل البحرين، باستهداف مساجدهم وحسينياتهم ومضائفهم، وحرق نسخ القرآن الكريم، الامر الذي يؤكد افلاس قوات الاحتلال وداعميها. اعتقد هؤلاء ان بامكانهم استعمال اقسى وسائل العنف لكسر الارادة الشعبية والوطنية الباحثة عن نظام سياسي عصري يقطع مع الماضي المتخلف وينفتح على المستقبل من زوايا حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، والسماح لها بالعيش الآمن ضمن دساتير يكتبها ابناؤها بحرية ضمن معطيات الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق الدولية الاخرى.
وقف البحرانيون، مدعومين بالارادة الالهية وجنود السماء المسمومين، وعباد الله الصالحين من الجيران والاجانب، يواجهون جيوش مجلس التعاون الخليجي التي فشلت في السابق في الدفاع عن الاوطان، واندحرت امام جيوش صدام عندما غزا الكويت، ولكنها استأسدت لمواجهة شعب البحرين الاعزل الذي لا يملك الا الايمان والارادة والثقة بالله المقتدر الجبار. وها هي اساحات المواجهة مفتوحة على مصاريعها بين اهل الحق وقوى الباطل، وهي قوى لا تستند الى قانون بشري او الهي، ولا تحظى بدعم من احد سوى قوى الاحتلال الامريكية والصهيونية والسعودية، وجميعا سقطات في معايير الاخلاق والانسانية والقيم. فبعد اكثر من شهر على الاحتلال السعودي بدأت موازين القوى تميل لغير صالح المعتين والمستبدين، وجاءت زيارة مسؤلوة الشؤون الخارجية بالبرلمان الاوروبي، كاثرين أشتون، وقبلها زيارة نائب وزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الادني، جيفري فيلتمان، لتكشف عن بشاعة الوجه الخليفي، الامر الذي ستكون له انعكاسات خطيرة على السعوديين والخليفيين على حد السواء.
التزمت امريكا الصمت في احسن الاحوال، ودعم الاحتلال السعودي والعدوان الخليفي في اغلبها، فما اجداها ذلك الصمت شيئا، لان حركة الشعوب لا توهنها اساليب البطش والقمع، بل تزداد صلابة ومتانة، ويصبح ابناؤها مستعدين للتضحية من اجل الحق والعدل والوجود والحياة الكريمة. سقط الشهاداء تباعا، وآخرهم الشهيدة عزيزة حسن خميس، وهم يتعاهدون على الصمود والاستبسال امام تجبر الجيوش المعتدية والقوى السياسية المضادة للثورة. مضوا في طريقهم نحو الخلود الابدي، مبتهجين بلقاء الله، غير آسفين على دنيا محكومة بقوى الظلم والاستبداد والاحتلال. فكانت دماؤهم ماء الحياة للثورة والشعب، وسوف ظل الصمود عنوانا للمرحلة المقبلة، بعد ان ادرك البحرانيون جميعا، خصوصا شباب 14 فبراير ان الحرية تؤخذ ولا تعطى، وان الصمود عنوان المرحلة وشرط تحقق الآمال. يدرك هؤلاء اليوم اكثر من اي وقت سبق، ان الشعب قطعا شوطا كبيرا على طريق الحرية، وانه اقترب من موعد قطف الثمار، برغم ما يبدو من غلبة فرعون وجنوده، فهؤلاء انما ينتظرون انفلاق البحر لينتهوا من الدنيا ويبؤءوا بالخسران المبين. لقد شاركوا في صياغة مشروع الثورة المضادة ليس في البحرين فحسبل، بل في كافة البلدان التي انطلقت شعوبها نحو التغيير، واعتقدوا ان المال النفطي الهائل قادر على كسر ارادة الاحرار وشوكتهم، ولكن فاتهم ان الشعوب لا تهزم ولا تستسلم، وان الخاسرين انما هم الظالمون والمعتدون والمجرمون. امريكا فشلت في اتخاذ الموقف المسؤول، واصبحت، كما كانت دائما، واقفة على الجانب الخطأ من التاريخ، وعجت عن تطوير ادائها وهي تراقب المشهد الدولي، خصوصا في العالم العربي، الذي يتحرك يوميا لتحقيق حرية الشعوب، ويقضي تدريجيا على الطغيان والاستبداد. ما تزال واشنطن تراهن على الثورة المضادة ونتاجئها لاحتواء ربيع الثورات العربية، وفاتها ان الجيل الجديد يختلف عمن سبقه، فهو لا يساوم على الحقوق والمباديء ولا يتنازل عن شعار “الشعب يريد اسقاط النظام“.
المسؤولة الاوروبية حظيت باحترام قطاع واسع من المواطنين والاحرار لانها اكدت مبدأين طالبت بهما: اطلاق سراح السجناء السياسيين جميعا بدون قيد او شرط، لان اعتقالهم يعتبر تعسفيا وفقا لمنظمة العفو الدولية التي اعتبرتهم “سجناء رأي“، والثاني تأكيدها على حق شعب البحرين في تقرير المصير. هذان الموقفان احرجا آل خليفة وآل سعود معا، لانهما ضربة موجعة لسياستيهما وتفنيدا لمقولاتهما لتبرير الاحتلال السعودي المقيت. اما المبعوث الامريكي، جيفري فيلتمان، فقد سمع من اطراف عديدة في المنطقة وادرك عمق المشكلة التي جاء لاستنطاق مفرداتها. وقد أطلعه بعض البحرانيين على جانب من الجرائم التي ارتبها آل سعود وآل خليفة ضد البحرانيين بما في ذلك القتل العمد خارج القانون والتعذيب حتى الموت واستهداف المواطنين الشيعة ضمن سياسة “التطهير المذهبي” واستهداف النشطاء بشكل غير مسبوق، واعتقال الاطباء والفنانين والرياضيين، كل ذلك ضمن مشروع التطهير المذهبي الذي تحول الى قضية ضدهم، شجع المنظمات الدولية على رفع دعاوى قضائية ضد رموزهم، بارتكاب جرائم حرب واخرى ضد الانسانية. من هنا لم يعد هناك مجال لاستبعاد حتمية النصر الالهي المؤزر لشعب البحرين، الذي ما يزال مصرا على اسقاط النظام الخليفي الذي حكم الناس بالنار والحديد وامعن فيهم قتلا وتعذيبا، وسعى لقتلهم باساليب التجويع والترويع والتمييز بالاضافة الى سياساته الثابتة بتجنيس الاجانب لاحلالهم محل البحرانيين.
الشعب يقف اليوم على مفترق طرق، بين ان يكون او لا يكون، ان يحظى بحقه في تقرير مصيره، او يستمر تحت طائلة الاحتلال السعودي والخليفي، وضمن مشاريع الاستيطان والاستعباد الخليفية. لقد قال كلمته، وأصر عليها، ودفع ثمنا باهضا لذلك الصمود، وما يزال اليوم على موقفه لم يغيره القمع او الارهاب او البطش. واصبح على الطرف الآخر ان يرحل لانه فشل في التعاطي مع الازمة الا على اسس البطش والارهاب الرسمي، وفشل كذلك في استيعاب حقيقة الموقف الشعبي والاصرار المنقطع النظير على المطالب ووضوح الرؤية والايمان المطلق بنصر الله “انهم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون“. لقد قال الشعب كلمته: الشعب يريد اسقاط النظام، وسوف يسقطه بعون الله، طال الزمن ام قصر، ولن تستطيع اساليب الثورة المضادة، خصوصا التأجيج الطائفي التاثير على مسيرة الشعب برغم حمامات الدماء والبطش غير المحدود. لقد فشل المحتلون والمستبدون، وليس امامهم سوى الرحيل، يلاحقهم غضب الله ولعنة التاريخ وحتمية الهزيمة والاندحار.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 ابريل 2011