أنتم صانعو المجد، الزاحفون نحو النصر، الهاتفون بالحرية
قضايا عديدة تجددت في الاسبوعين الماضيين، بعد المجزرة الخليفية التي حصدت ارواح ثلة طاهرة من ا بناء البحرين، وجرحت اكثر من 500 منهم. وهي جديرة بالاهتمام لمنع تشوش الاذهان واختلاط الاوراق وتداخل الاولويات. وفي ما يلي عدد من النقاط الجديرة بالاهتمام من اجل ترشيد الثورة ومنع تمييعها:
اولا: ان الثورة عمل جماهيري يهدف لاسقاط النظام من اساسه بعد ان فشل في نيل ثقة الجماهير، سواء عبر دستور يقره الشعب ام من خلال المزاج العام الذي ساد البلاد خصوصا في السنوات العشر الاخيرة، اي منذ الغاء الدستور الشرعي. ولكي تتواصل جذوة الثورة يجدر بشباب 14 فبراير الذين اشعلوا فتيلها بدمائهم (شهداء ومصابين)، مطلوب منهم المراقبة المستمرة لمسيرتها، وذلك يقتضي تصعيد فعالياتها وتطويرها واستهداف اسس النظام من جهة، ومنع تحولها الى حالة احتجاج عامة من جهة اخرى. فهي ليست حركة احتجاجية او محصورة بمطلب اصلاح النظام كما كان الامر عليه قبل 14 فبراير، بل اصبح شعارها المركزي” الشعب يريد اسقاط النظام”. وهذا الاسقاط يتطلب استمرار الثورة وروحها ووهجها وعدم السماح بتحويلها الى مظاهر احتجاجية ضد بعض السياسات لكي لا تنحرف البوصلة.
ثانيا: ان الثورة عمل لا يخضع للمنطق العادي عند البشر، بل هو انفجار سياسي ونفسي وعاطفي يحرك القوى الكامنة في المجتمع باتجاهات غير متوقعة وغير معتادة لدى النشطاء والساسة الذين اعتادوا على معارضة الانظمة وفق وتيرة “معتدلة” و “ضمن الاطار العام” وفق مقولات “الشرعية” و “الحفاظ على هيبة الدولة“. كما انه يقلب المفاهيم والثوابت، ويوقظ القلوب النائمة، ويزيل عنها ادران الاستكانة والخنوع، ويستبدل اليأس بالأمل، ويحول المستضعف الى عملاق يخشاه الطغاة، وتضع القوى الكبرى له الف حساب. الثورة لا يقوم بها الا الذين طهرت نفوسهم من حب المناصب وعمقوا ارتباطهم بالله سبحانه، وتوثق ايمانهم بان الله هو المقتدر الجبار، وليس الحاكم الطاغية. هؤلاء يخرجون بصدور عارية لمواجهة الدبابات والمسلحين ونفس كل منهم تناطح السحاب شموخا، وتنافس الجبال رسوخا. اما السياسيون الذين اصبحت المعارضة مهنة لهم، فلديهم اعتباراتهم الخاصة التي تدفعهم للسعي لـ “عقلنة” الثورة ومطالبها، وتكرار الكلام الذي طالما تردد ان الاوضاع المحلية والاقليمية غير مؤاتية، وان امريكا لا تسمح بالتغيير، وان السعودية مستعدة للتدخل لحماية النظام القائم. اما شباب 14 فبراير فمرجعيتهم دائما الآية القرآنية: “الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم ايمان وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله، والله ذو الفضل العظيم، انما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه، فلا تخافوهم، وخافون ان كنتم مؤمنين“.
ثالثا: من الخطأ الكبير ان يسعى اي من القوى السياسية للهيمنة او السيطرة او اختطاف حركة شباب 14 فبراير، لانها تعبر عن وجدان الشعب، وقد تصدرها شباب لا يخشون العدو، ويستسخفون كبرياءه وقضه وقضيضه، وعدده وعدته. بامكان هؤلاء تحقيق النصر المرتجى من قبل هذه الامة منذ عقود. ومن يريد ان يتحاور مع العدو الخليفي لا يستطيع احد ان يمنعه، ولكنه لن يستطيع ان يلزم الثوار بما يتوصل اليه مع العدو الذي سفك دماء شبابنا بدون رحمة. لقد انتهى العهد الخليفي اخلاقيا وسياسيا، وان اي حوار معه سوف يطيل عمره، كما ان استبدال رئيس الوزراء، مهندس الحقبة السوداء، بخليفي آخر، أيا كان، لا يمكن اعتباره اصلاحا لدى العقلاء. فالقضية ليست مع الاشخاص بل مع الاحتلال الخليفي البغيض، والنظام التوارثي الاستبدادي الذي لا ينسجم مع روح العصر والاصلاح والتطور. ونهيب بكافة القوى السياسية والشعبية تحاشي اضعاف دور شباب 14 فبراير الذين صنعوا المجد والنصر، لان ذلك ليس من مصلحة احد.
رابعا: نظرا لطبيعة عمل شباب الدوار الثوري، فقد رفعوا شعار “اسقاط النظام” والتزموا به وسوف يصرون عليه، ولن تستطيع قوة في الارض ان تثنيهم عن موقفهم. فقد اصبح هذا من ثوابت ثورة 14 فبراير، وتعاهد الشباب على تحقيقه، واعربوا عن استعدادهم للتضحية على طريق ذلك. يحدوهم في هذا الهدف تجربتهم الطويلة مع العدو الخليفي الذي ما فتيء، حتى هذه اللحظة، يتآمر ضد البحرين واهلها، سواء بنهب اراضيها ام بتمزيق صفها الوطني بترويج الطرح الطائفي المقيت الذي يرفضه الشيعة والسنة معا. هذا العدو يسعى لتجنيد البلطجية لدعم احتلاله والمساس بوحدة الشعب، في مقابل اصرار الاحرار والشرفاء من كافة الطائفتين على رفض هذا النظام واستبداله بنظام وطني يختاره اهل البحرين على قدم المساواة وفق مبدا “لكل مواطن صوت”. آل خليفة فشلوا حتى هذه اللحظة في تقديم اية خطوة تثبت جدوى الحوار معهم او الاعتراف بوجودهم. شباب الدوار لم ينتظروا هذه المبادرات نظرا لبصيرتهم الثاقبة ومبدئيتهم في صياغة مطلب عصري يؤكد تحضرهم وثقتهم بالنفس وقدرتهم على تجاوز المعوقات سواء المتمثل بالارهاب السلطوي ام الإرجاف الذي يمارسه البعض الذي لم يستوعب بعد قدرة الثوار على تحقيق ما عجز عنه بأساليبه المتداعية.
خامسا: ان أمل المؤمنين بالله كبير بدون حدود، خصوصا بعد ان فقد العدو الخليفي ليس شرعية وجوده كنظام فحسب، بل قدرته على استعادة السيطرة على الموقف السياسي والاخلاقي في إثر عدوانه الغاشم على اهل البحرين النائمين في الدوار. هذا الامل يحدوهم للاستمرار في ثورتهم حتى يتحقق النصر المؤزر للشعب، وترتفع رايات النصر خفاقة في سماء أوال، ويتحقق للمظلومين، خصوصا ضحايا القتل والتعذيب والاصابة والحرمان، محاكمة جلاديهم الذين ارتكبوا جرائم حرب واخرى ضد الانسانية. نهيب باخوتنا الذين صنعوا المعجزات بثورتهم الثبات على خط المواجهة مع العدو، فما عليهم الا ان يتشبثوا بمواقعهم ويرفعوا اصواتهم وسوف يمدهم الله سبحانه بالعون الذي يمحق العدو الى الابد: “بلى ان تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا، يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين”. وكما حقق المصريون والتونسيون انتصارات متواصلة نتيجة ثباتهم، سوف يحقق الثوار في دوار اللؤلؤة انتصارا غير مسبوق بعون الله تعالى. سيمضي هؤلاء صامدين، تحميهم الملائكة، ويدعو لهم المؤمنون وتخفق لهم قلوب الامهات الثاكلات، وتصفق لهم شعوب العالم، ويتضامن معه الاحرار في كل مكان. فالى الامام يا رموز عزة الشعب وكرامته، ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون انشاء الله.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
4 فبراير 2011