معكم أيها الشباب الابطال في يوم الغضب
حسنا فعل شباب البحرين باعلانهم الرابع عشر من هذا الشهر يوما لانطلاق ثورة شعبية ضد الاحتلال الخليفي البغيض الذي جثم على صدور شعبنا زمنا طويلا، وحان وقت تغييره. فلقد ادرك هؤلاء الشباب ان اصلاح هذا النظام الفاسد امر مستحيل، خصوصا بعد تجربة السنوات العشر الاخيرة وعجز من حاول اصلاحه من داخل مؤسساته عن تحقيق شيء من ذلك. وصل الشباب الى طريق مسدود وهم يحلمون بحياة آمنة مستقرة، تحترم فيها كرامتهم وانسانيتهم، وتحمى فيها حقوقهم، وأدركوا ان الحكم الخليفي نظام فاسد وظالم، يمارس التعذيب ويستقوي على المواطنين بالقوة والابتزاز، ويقلب الحقائق. ولذلك قرر هؤلاء الشباب، على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، ان يعبروا عن احتقانهم بثورة شعبية ضد الخليفيين.
ولعلها المرة الاولى في تاريخ البلاد ان يقرر الشباب التحرك خارج الاطر الحزبية او الفئوية. ففي السابق كان الشباب فتيل الحراك السياسي والانتفاضات المتعاقبة طوال القرن الماضي، ولكنهم لم يكونوا يوما اصحاب القرار، خصوصا بعد ان تآزرت فئتان من اجل تهميش دور الشباب خصوصا الطلاب منهم. والمعروف ان الثورات انما تنطلق عادة على ايدي الطلاب، ثم يستلمها العمال الذين يكملونها حتى النهاية. فالحكم الخليفي مارس سياسة تخويف هؤلاء الطلاب، وعاقب من شارك منهم في العمل السياسي بالفصل والحرمان من الدراسة، وما يزال يفعل. وهدد اولياء الامور بأقسى العقوبات ان لم يمنعوا اولادهم من التدخل في الشأن السياسي. ودعا بعض علماء الدين ايضا طلاب الجامعات والمدارس للتركيز على دراستهم والابتعاد عن السياسة. وبذلك نشأ جيل من الشباب بدون هوية سياسية او هدف. هذا التجهيل والتهميش حرم الوطن من حيوية هذا القطاع المهم خصوصا في مجال الحراك السياسي الذي لا يتحقق الاصلاح بدونه. ويخطيء من يظن ان الاصلاح يتحقق عن طريق واحد، خصوصا اذا كان هذا الطريق يمر عبر مؤسسات النظام الفاسد، فهي مؤسسات فاسدة ايضا ولا يمكن ان تصلح نفسها.
اليوم يقف الشباب امام مسؤوليتهم التاريخية في الاصلاح، بعد ان وصلت مسيرة الاصلاح السياسي الى طرق مسدودة، وبعد ان ترك رواد الاصلاح ورموزه وحدهم يواجهون ارهاب الدولة في طوامير آل خليفة. هذه اليقظة المباركة ضرورة تاريخية أرادها الله ان تكون نقطة تحول في تاريخ هذا البلد الذي رزح تحت الاحتلال الخليفي ما شاء الله، وأذن الله له ان يتحرر. الخليفيون مارسوا ابشع الجرائم بحق هذا البلد واهله، وعوقب من سعى لكشف هذه الجرائم بأشد أشكال العذاب. الدكتور عبد الجليل السنكيس يدفع الآن، على سرير المرض في احدى طوامير الحقد الخليفي، فاتورة صموده وإباه ورفضه الانحناء امام الضغوط او الخضوع للجلادين. لقد كسر كبرياءهم بإبائه وشممه، ومعه إخوة أبطال سجلهم التاريخ في أنصع صفحاته، وأراد لهم الله ان يكونوا حسينيين، يواجهون الحكم اليزيدي وحدهم، بينما البعض في نشوة الآمال والعيش على هامش الحياة، والثمل في هرطقات ما انزل الله بها من سلطان، هدفها حماية الظالم وإضعاف المظلوم. شباب اليوم انتفضوا بعد ان رأوا سواعد اخوانهم المصريين تهتز في الهواء مطالبة بسقوط فرعون مصر، الذي كان سندا متينا للنظام الخليفي الذي يفوقه إجراما وإرهابا وحقدا وفسادا. رآى هذا الشباب ثمرة الخروج من شرنقة الجدل العقيم حول تافهات الامور، والتصدي للاستبداد واستتصغار شأن المتجبرين الذين اثبتت تجربة الاسابيع الاخيرة انهم انظمة كارتونية لا تثبت حين تعصف بها الايام. وشتان بين معذب جلاد، ولغ في دماء الأبرياء، وصاحب حق يؤجر اذا دافع عن ذلك الحق.
منذ ان اعلن الشباب عزمه على الانطلاق، وقف العالم معه، وصفق له الاحرار، واختلجت قلوب العباد بالدعاء من اجل انتصار ثورته، وخفقت أفئدة الامهات الثاكلات حبا لهذه الصحوة المباركة، ولهجت ألسنة المصلين بآيات القرآن الكريم ابتهالا الى الله سبحانه وتضرعا اليه والتماسا منه ان يحمي ظهور المجاهدين، ويسدد خطاهم، ويلهمهم الصبر على المحن والعذاب، ويثبت اقدامهم امام العدو عندما تحركه شياطينه للبطش والقتل. فما اكثر الاعلاميين الذين تأهبوا لتغطية حوادث الرابع عشر من فبراير في البحرين، وما أوسع دائرة التعاطف معهم من مناضلي العالم، وما أشد شكيمة جحافل المواطنين الذين قرروا الالتحاق بموكب الاحرار الذي ينطلق بعد ان يكسر قيود الظالمين ويتمرد على نظامهم الشيطاني الذي ستؤكد الايام انه اوهى من بيت العنكبوت. لقد دفع قرار الشباب هذا العديد من الجهات الحقوقية الدولية لاعادة فتح ملفات هذا النظام الجائر، وكان من اولى ثمرات ذلك قرار طرد السفير الخليفي لدى بريطانيا، بعد ان تعالت الاصوات بعدم صلاحيته للدبلوماسية لانه يديه ملطخة بدماء أبناء البحرين. فقد سلط كلابه ووحوشيه لنهش أبدان العشرات من السجناء عندما كان وزيرا للامن الوطني، وقامت منظمات دولية عديدة بتوثيق جرائمه. ولن يكون الوزير الذي حل مكانه بمنأى عن اهتمام تلك الجهات، خصوصا انه اشرف على جهاز ارتكب من جرائم التعذيب ما لا يحصى. وفوق هذين المجرمين، ثمة نظام طائفي مقيت، يتزعمه وزير الديوان الملكي الذي بدأ بتنفيذ اجندته التي اعلنها قبل خمسة عشرا عاما في مقطوعة شعرية تداولتها الايدي، وهي اجندة سوداء تنضح بالحقد وتتوعد اهل البحرين بالقتل والابعاد.
يعيش البحرانيون هذه الايام هواجس ثورة عارمة، يأملون ان تقتلع النظام الذي استعبدهم ردحا طويلا، وسامهم سوء العذاب، مدفوعين بالامل الكبير بنصر الله بعد ان رأوا باعينهم ما حققه اخوانهم المظلومون في تونس ومصر، ويتذكرون وعد الله لهم بالنصر المبين، والا ستخلاف في الارض ما داموا صامدين بوجه الطغاة، معادين للظالمين، رافضين الديكتاتورية والرجعية القبلية وعقلية الاحتلال والاقصاء. ايام قليلة تفصل شعبنا عن الانطلاقة المباركة التي ستكون منعطفا كبيرا في تاريخ هذا البلد واهله، وضربة قاصمة لظهور الطاغية الذي استعلى على البشر وما يزال يتصرف باصدار القرارات بجرة قلم واحدة، فهو الآمر والناهي ولا أحد سواه. بالامس قرر معاقبة المحامين الشرفاء، فتصدوا له وقرروا ان يردوا له الصاع صاعين في اية محاكمة لهم مهما كانت صورية. فما كان منه الا ان بلع كبرياءه وأصدر، بجرة قلم، قرارا بالغاء المحاكمة. فأي نظام هذا الذي يدين الناس او يبرئهم وفقا لأهواء الحاكم ورغباته. أين استقلال السلطات؟ أين التداول على الحكم؟ أين الديمقراطية التي أسهبت ابواق الاحتلال الخليفي في الحديث عنها؟ لاجل هذا كله، قرر شباب البحرين الأبي ان يثور، محروسا بعين الله، محميا بالقوة الالهية، مدعوما بدعاء المؤمنين، مسددا بالقرآن، ومتوجها نحو الخير والعدل ومصمما على مواجهة الظلم وازالته واقامة العدل في ظل نظام يقيمه بنفسه، ودستور تكتبه ايدي ابنائه، وقرار يصدر عن ممثليه الشرعيين. اما المحتلون والظالمون والمتعسفون والجلادون فمصيرهم الهاوية، ومقرهم مزبلة التاريخ، ومصيرهم مع الشياطين وبئس المصير.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية