بيانات حركة أحرار البحرين

معكم يا من أعلنتم الثورة ضد الظالمين

واخيرا خرج المارد الثوري من قمقمه، واسقط طغاة قضوا عقودا في الحكم جاثمين على صدور الشعوب المستضعفة، وعاثوا فسادا في الارض. انغام نشيد الحرية يطرب آذان الاحرار، ويزعج المستبدين والعملاء، وجحافل المحتجين جابت الشوارع في عواصم تونس ومصر والاردن واليمن، وغيرت اجواء الركود والخنوع وحولتها الى اجواء تعبق بطيب الثورة وتنطق بمشاعر الانعتاق من سنوات الاستعباد والظلم على ايدي عشاق المنصب وعبيد الشيطان.

 وبرغم ما يحاك في الخفاء لاجهاض ثورة الشعوب العربية ضد الانظمة الديكتاتورية  فقد اثبتت انها قادرة على مواصلة دربها، غير عابئة بتلك المعوقات المصطنعة، وان اساليب التخدير والتجهيل والاستضعاف انما تؤجل الثورة ولكنها لا تلغيها. فما جرى في تونس اثبت بما لا يترك مجالا للشك قدرة الشعوب على النهضة وإسقاط الطغاة، واثبتت ايضا ان اولئك المستبدين انما هم نمور ورقية لا تستطيع الصمود امام عواصف التغيير التي تغذيها سنوات الظلم والقهر. سقط طاغية تونس، ويلحقه فرعون مصر، ويليهما بقية المتجبرين الذين اتخذوا عباد الله خولاً، ومال الله دولاً. جثموا على صدور ابناء الامة عقودا، وساموهم العذاب، واستضعفوهم أيما استضعاف، حتى جاء وعد الله، وحل عليهم غضبه، فانفجر مواطنوهم غضبا، وأسقطوا حكمهم، وأذلوهم في الدنيا قبل الآخرة. لقد تقزم رئيس مصر وأراه الله الذل امام مرأى العالم ومسمعه، كما فعل مع طاغية تونس، وقبلهما صدام حسين. وندعو الله سبحانه وتعالى ان ينتقم لدماء شهدائنا وجراح سجنائنا من هذا الطاغية الذي يفوق في اجرامه وقمعه وارهابه بقية المجرمين.

لقد تحركت دماء الثورة في جسد شعبنا، وقرر اطلاق ثورته ضد نظام الاحتلال الخليفي المقيت، أين الموقف المسؤول من جانب قوى التحرر والشخصيات الرافضة للاستبداد؟ كيف تتعاطى مع هذا القرار الفطري الذي لم ينطلق لو لم يكن الاحتقان السياسي قد بلغ ذروته؟ لقد وفر الله امام الجهات السياسية الراغبة في التغيير فرصة صحوة الضمير البحراني، فجاء اعلان يوم الغضب ليدشن عهدا جديدا من الكرامة والحرية والثورة ضد هذا النظام الذي مارس الفساد والافساد على اوسع نطاق، حتى فعل ما لم يفعله بقية المجرمين، وسعى لاستبدال الشعب بغيره، وهي خطوة شيطانية مقززة، تستفز الضمير الانساني وتعمق الغضب في نفوس البحرانيين على اختلاف مشاربهم السياسية وانتماءاتهم المذهبية. اهل البحرين عاشوا اخوة بدون تمايز او تباغض او تحاقد حتى جاء الخليفيون المحتلون واوغروا نار الفتنة، ومارسوا التشطير وفق خطوط الانتماء المذهبي والعرقي، فادخلوا بلادنا واهلنا دوامة من الاختلاف لا تنتهي. ولذلك اصبح عقلاء القوم مطالبين بالاستفادة من فرصة ثورة الشعب للحاق بها ودعمها، وتشجيع الشباب على الانضواء تحت رايتها، بعيدا عن الحساسيات المفتعلة، او الاستسلام لابواق النظام التي تسعى لاجهاض اي تحرك وطني صادق لاصلاح الوضع بعد عقود من الفساد. وهل هناك فساد اكبر مما يمارسه الخليفيون الذين احتلوا اراضي البلاد وثرواتها وسيطروا على اكثر من نصف المقاعد الوزارية واصبحوا يحركون السلطات كلها بايديهم. ويعتبر السجناء البحرانيون الذين تجاوز عددهم الـ 500 شهودا احياء على الجرائم الخليفية خصوصا التعذيب والاعتقال التعسفي والتنكيل والكيد. والحمد لله فقد فشلت مسرحيتهم، واصبح السجناء هم الذين يقاضون جلاديهم، واصبح رموز الاحتلال متهمين بجرائم ضد الانسانية، وتورطوا لفرط ظلمهم وتعذيبهم، وكشفت الجلسات التسع من المحاكمات الصورية هشاشة حكمهم، اذ كشفت كذبهم الواضح، فاصبح “المتهمون” بعيدين عن “المحكمة” بينما يقرر القاضي الخليفي مصيرهم مع حفنة من المحامين الذين باعوا شرفهم وموقفهم وتظاهروا بالدفاع عن المتهمين الذين رفضوهم مرارا.

اليوم يقرر شباب البحرين ان يتصدى للظلم الخليفي، معتمدا على نفسه، بعيدا عن وصاية الآخرين، بعد ان رأى بعينيه ثمرة التضحية والفداء في تونس ومصر. اننا جميعا مطالبون باللحاق بثورة الجيل الجديد، نشاطرهم همومهم ونقف معهم متكاتفين ومتضامنين، نوضح للعالم ظلامة هذا الشعب، وتوحده في الاهداف والمواقف والوسائل، والتزامه اهدافا نبيلة تتمثل في الحرية وحق تقرير المصير، واقامة النظام الذي يرتضيه، والتحرر من قيود الاحتلال الخليفي المقيت. وبعد سنوات من الوقوع في شباك النظام التي احدثت تشققات وتصدعات في كيان المعارضة، حان الوقت لاصلاح ما افسده الخليفيون، وذلك برص الصفوف والتوحد على احداث تغيير شامل يريح البلاد والعباد من النظام الخليفي المهتريء، ويعيد لأهل البلاد الاصليين (شيعة وسنة) حق اختيار النظام الذي يريدونه من خلال استفتاء عام ودستور يكتبه الشعب، وانتخابات حرة ونزيهة لتشكيل حكومة منتخبة ومجلس تشريعي، وتقرير مبدأ المواطنة المتساوية على اساس “لكل مواطن صوت”، والغاء الامتيازات الطبقية التي مارسها الخليفيون طوال العقود السابقة. فشعب البحرين ليس اقل شأنا من غيره.

اننا واعون للمحاولات التي بذلها رأس النظام في الاسابيع الاخيرة لاحتواء الغضب الشعبي، وسعيه لاخماد صوت التغيير بالمزيد من الوعود التي أكدت تجربة العقد الماضي انه لا يلتزم بها ابدا. لقد كانت امامه فرصه مناسبة للقيام بذلك، ولكنه فوتها وامعن في الاستبداد والظلم والقمع واعتقال الابرياء وتعذيبهم، وتخلى عن التزاماته وفق ميثاقه المشؤوم، واقدم بالغاء الدستور الشرعي الذي كان مصدر الشرعية الوحيد لنظام حكمه. واصبح اليوم يحكم بدون شرعية، معتمدا على العنف وارهاب المواطنين وسجن شباب البحرين والتنكيل بعائلاتها وتعذيب نشطائها ومصادرة حرياتها. ان الوضع في البحرين أسوأ كثيرا من اوضاع تونس ومصر قبل الثورة، ولذلك اصبح من الضرورة بمكان اللحاق بركب الثوار الهادفين لاسقاط هذا النظام البالي.

توكلوا على الله ايها الشباب الحر، فلقد سبقتمونا بعزمكم واصراركم، وبدأتم تفرضون واقعا جديدا من خلال ايمانكم وعدالة قضيتكم وتمسككم بحقوقكم ورفضكم انصاف الحلول. فما دمتم قد تصديتم لهذه المبادرة، فلا نستطيع الا ان ننحني اجلالا وتقديرا لكم، فنحن معكم داعين الله سبحانه ان يسدد خطاكم ويهديكم طريق الرشاد، ويهلك اعداءكم الذين ولغوا في الدماء وامعنوا في التنكيل وملأوا الطوامير بالابرياء، وتراقصوا على اجساد الشهداء وضحايا التعذيب. انه عصركم، فأنتم علية القوم وسادة الموقف وصانعو المستقبل، وهازمو الظالمين، والذائدين عن الحق وطالبو الحرية، والمتصدون للفساد والمفسدين. وفقكم الله لعمل الخير، وربط على قلوبكم، وسدد خطاكم على طريق العمل السلمي الذي لا يمارس العنف ولا يستهدف الا الاصلاح.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
3
فبراير 2011

زر الذهاب إلى الأعلى