عبق حسيني في اربعينية شهداء الطف يوقظ ثورة المظلومين
نعزي اهلنا واخوتنا في الدين بذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام، داعين الله سبحانه وتعالى ان يمتعنا بعبق الثورة الحسينية المباركة، وسقوط النظام اليزيدي الفاسد، وان يوفر لدمائنا المسفوحة انتصارا على سيوفهم الفاجرة، ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
مرة اخرى وجه ابطالنا الصامدون في غرف التعذيب الخليفية يوم امس صفعة موجعة للاحتلال الخليفي، مؤكدين للعالم ان عقدا كاملا من الاستبداد والقمع والطيش والبطش والعهر فشل في ترويض الثائرين ضد الظلم. لقد أفشل هؤلاء بجراحهم ودمائهم الدافئة على مدى خمسة شهور متواصلة كيد فرعون، واصبح على “بن علي” البحرين ان يرحل عاجلا، بعد ان فقد شرعيته واثبت انه متواطيء في جرائم التعذيب والظلم القضائي المجحف. فهل حدث في بلد آخر ان يرغم السجناء على قبول محامين يعينهم الخصم؟ أية عدالة وأي “نظام قضائي نزيه” يتحدث عنه الطاغية في قصر الصافرية لدى تعيينه عددا من “القضاة” بمحكمتي “التمييز” و “الاستئناف المدنية العليا”؟ عندما يعين الخصم قضاته ليحاكموا معارضيه، فأين العدالة؟ وأين استقلال القضاء؟ من الذي عين ابراهيم سلطن الزايد الذي يصم اذنيه عندما يشكو السجناء ما حل بهم من تعذيب؟ أي قاض هذا الذي يصر على ارجاع السجناء الى غرف التعذيب في كل مرة يرفضون اوامره ونواهيه؟ ان ما جري ويجري في جلسات هذا “القضاء النزيه” عار على الانسانية وعلى فريق المحامين الذين يصرون على تمثيل السجناء الذين يرفضونهم، وعلى مسؤولي سفارات الدول التي تحضر هذه الجلسات، ولا يحركون ساكنا، ولا يردعون ظالما عن ظلمه، ولا يستنكرون هذه المهزلة القضائية التي تجري امام اعينهم، وهم صامتون. ان صمتكم ايها السادة عار عليكم وعلى البلدان التي تمثلونها، خصوصا ان احد المتهمين يحمل جنسية واحدة من البلدان التي تمثلونها. كيف تسكتون وانتم من يدعي دائما انكم مع الحرية والعدالة والقضاء المستقل؟ كيف تسكتون ازاء اصرار القاضي على رفض التحقيق في شكاوى التعذيب التي بلغت حدا من التواتر جعلها حقائق ثابتة لا يمكن تفنيدها اطلاقا. ايها السادة الحاضرون، ستكونون شركاء في الجرائم الخليفية ان استمر صمتكم، لان الصمت إقرار، والحضور السلبي الصامت اعتراف بقضاء جائر، وفق القواعد التي وضعتموها لانفسكم وكررتم للعالم، عبر تصريحاتكم او في رسائلكم الخاصة، انكم ملتزمون بها. فما معنى هذا الالتزام اذا لم توصلوا كلمة شجب للمهازل التي جرت على مدى سبع جلسات من هذه المحاكمة الجائرة. تعرفون انها محاكمة لمواطنين يطالبون بحقوقهم الاساسية التي حرمهم الخليفيون منها.
في خضم ما يجري، وبرغم عمق مأساة شعبنا تحت هذا الاحتلال الغاشم، اصبح الممظلومون والمستضعفون يستنشقون شيئا من نسيم الحرية، ويحتفلون بسقوط واحد من طواغيت العصر، وعمود من اعمدة السياسة الغربية في العالم العربي. سقط بن علي، وغاب عن المسرح، ولكن القوى الاقليمية والغربية تسعى للحفاظ على نظام حكمه باعادة تثبيت رموزه في مواقعهم، فلم يتغير وزراء السيادة بقي رئيس الوزراء في منصبه. انها جريمة اخرى تقترف بحق شعب ناضل من اجل حقوقه بدماء شهدائه، ويجري الالتفاف على مطالبه عبر تغييرات شكلية لا تلامس المشكلة في عمقها. ولكن وعي التونسيين كفيل بافشال ذلك، فقد أصر على اعادة كتابة الدستور لان الدستور الحالي ارتبط بالنظام الديكتاتوري وشرعن الاستبداد، وأصر على استبعاد كافة عناصر النظام السابق ومؤسساته، وطالب باستعادة امواله المنهوبة ومحاكمة معذبيه. ولذلك تستمر الثورة برغم كلمات التخدير التي صدرت من واشنطن وغيرها من العواصم الغربية. واذا كانت تلك الكلمات صادقة فلا بد ان تستوعب حقائق ما يجري في بلدان اخرى، خصوصا البحرين التي تعيش اوضاعا أسوأ كثيرا من اوضاع تونس في عهد بن علي. فطاغية تونس كان فاسدا، ولكن فساده لم يصل حد احتلال نصف البلاد، ولم يشيد قصوره على جزر استحوذ عليها بمفرده تتسع لاسكان اكثر من مائتي الف نسمة (مثل جزيرة ام النعسان). بن علي لم يكن يمتلك مطارا خاصا به كما هو الحال في البحرين التي يملك ديكتاتورها مطارا خاصا به في جنوب البلاد. الديكتاتور بن علي لم يعين افراد عائلته في اكثر من نصف المناصب الوزارية، وفي اغلب سفارات الدول المهمة. هناك ضجة كبرى لقيام زوجته قبل سقوط زوجها بسرقة طن ونصف من الذهب من البنك المركزي تعادل قيمتها 66 مليون دولار. اما طاغية البحرين فقد وضع يديه على مدخولات النفط كاملة وتصدق على ميزانية الدولة بشيء من تلك المدخولات. طاغية تونس اعتقل الاحرار وعذبهم، واصدر احكاما جائرة بحقهم، ولكن لم نسمع ان طفلا لا يتجاوز العاشرة من العمر حوكم بسبب مشاركته في احتجاج سلمي ضد الاحتلال الخليفي وحكم بالسجن ستة شهور!
نشاطر شعب تونس فرحته بسقوط الطاغية، ولكن قلوبنا تدمى لرزايا شعبنا تحت هذا الاحتلال الغاشم الذي ما فتئي يمارس التعذيب والقتل والابادة بحق ابناء البحرين الاصليين (شيعة وسنة). فها هم احرار البلاد يجرجرون كل اسبوع الى محاكمة جائرة تضاف ساعاتها الى ما يعانونه من تعذيب متواصل لا يتوقف. فما بين الجلسة والاخرى اسبوع من العذاب والعناء والحرمان والضيق والاعتداء والاهانة. وما يتعرض له اهلهم من عذاب لا يقل ايلاما. ان هذا العداء المستحكم في نفوس رموز الاحتلال الخليفي هو الذي دفع اغلب المواطنين للاصرار على المطالبة بسقوط هذا النظام الارهابي العفن، الذي تجاوز في ظلمه وجوره واستبداده وديكتاتوريته كل الحدود، ولم يترك مجالا للتعايش مع ابناء البحرين الاصليين (شيعة وسنة). من هنا لم يعد هناك مجال للحديث عن تعايش معه، بل اصبحت المطالبة بسقوط هذا النظام امرا مشروعا بعد ان اثبت إصلاحه من الداخل امرا مستحيلا. فالفساد المستشري في اوصال نظام الحكم بلغ النخاع، ولم تعد عمليات اصلاحه مجدية، بل اصبح اقتلاعه من جذوره الطريق الناجح لوقف الضرر. لقد تحول الى غدة سرطانية قاتلة، لن تصلح البلاد الا باقتلاعها. لقد اثبتوا انهم لا يلتزمون بالعهود التي يقطعونها على انفسهم، ابتداء برأس الافعى الجاثم على الصدور، وانتهاء باجهزة القضاء التي تخلت عن ابسط قواعد العدالة. آل خليفة قرروا الحكم الذي سوف يصدرونه على الاحرار قبل اعتقالهم، ثم صاغوا التهم التي تناسب ذلك الحكم، ومارسوا شتى أساليب التعذيب في محاولات يائسة لاثباتها. والحمد لله فقد باءت كافة محاولاتهم بالفشل، بصمود الاحرار، ودعاء الامهات ومواقف الغيارى والابطال من ابناء البحرين الشرفاء، خصوصا المحامين. ندعو الله سبحانه وتعالى ان يجعل هذه المحنة بداية السقوط النهائي لنظام الاحتلال الخليفي البغيض، وان يفتح ابواب الرحمة على عباده المظلومين في هذه الارض المعذبة، وان يمحق العدو الخليفي ويأخذه أخذ عزيز مقتدر. اللهم فكما محقت نظام بن علي، فامحق النظام الخليفي، وامحه من الوجود لانه أفحش في ظلم أهل البحرين، باستعبادهم وتعذيبهم ونهب اراضيهم وثرواتهم، فإنك قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، وانت رب المستضعفين والمحرومين، فعجل بانقاذنا من براثن اعدائنا الخليفيين الظالمين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندم، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
21 يناير 2011