تاريخ جديد تكتبه جراح السجناء، وصمود عائلاتهم، ومواقف الشرفاء خصوصا المحامين
اثبتت وقائع المحاكمات الصورية، خصوصا الجلسة الاخيرة منها يوم امس، ان شعبنا يعيش المحنة الكبرى التي لا تضاهيها محنة منذ احتلالها من قبل العدو الخليفي الغاصب. هذه المحنة تتطلب من كل مواطن بحراني اصيل (شيعيا كان ام سنيا) ان يرفع صوته ضد هذا الظالم الفاضح الذي لم يمارس من قبل، وان يقف مع اخوانه معا ضد الظلم والارهاب الذي يمارس علنا هذه المرة امام مرآى ممثلي الدول الكبرى والمراقبين الدوليين.
هذه المرة اصبح الظلم مقننا على كافة الصعدان، ابتداء بتقنين الاحتلال الخليفي البشع بدستور خطته ايدي مرتزقته، وليس أيدي اهل البلاد الاصليين (شيعة ام سنة)، والقوانين القمعية التي اصدرها المجلس اليزيدي، كقانون الارهاب وقانون التجمعات وغيرها، مرورا باعتقال الابرياء بدون اوامر قضائية شرعية، وتعذيبهم على مدى خمسة شهور متواصلة بدون توقف بأبشع الاساليب التي تؤكد حالة العداء المتاصلة في نفوس رموز العدو الخليفي، وصولا الى المحاكمات الفاشلة التي كشفت، ولله الحمد، انسلاخ الخليفيين من انسانيتهم واصرارهم على تمرير جريمة اعتقال الابرياء وتعذيبهم من خلال قضاء جائر لا يتوفر على ادنى مقومات العدالة. يتم ذلك بشكل متواصل في ظل اوامر من قصر الطاغية بمنع اية تغطية لما يجري داخل المحاكم القرقوشية التي أقر قاضيها السيء الصيت، ابراهيم الزايد، تعذيب الابرياء، بشكل متكرر، وأصم أذنيه عن سماع استغاثاتهم في كل الجلسات التي ترأسها. فما أتفه هذا القاضي الذي اصبح ليس خصيما للمتهمين فحسب، بل شريكا في دمائهم التي اراقها المعذبون. لقد اصبح هذا القاضي شريكا في الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها الخليفيون، واصبح مستحقا للمحاكمة معهم امام محكمة الجنايات الدولية. في هذا الظرف لم يعد هناك مبرر للصمت من اي طرف، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتخاذل عن نصرة ذلك الحق يعتبر كاتما للشهادة، وداعما للظلم، لانه يكثر السواد في عيون المظلومين.
واذا كان رموز هذا الشعب الذين يمثلون ضميره وكرامته وعناوين لعزته وسؤدده وايمانه وصلابته في الحق، قد أبلوا بلاء حسنا بصمودهم بوجه الجلادين الذين يرأسهم خليفة بن عبد الله آل خليفة ويحميهم ابراهيم الزايد ومعه وزير الظلم الخليفي، ونجحوا نجاحا منقطع النظير في كشف حقيقة الاحتلال الخليفي وبشاعته ووحشيته وارهابه وتعذيبه، فان مواقف المحامين قد رفعت هاماتنا جميعا. فالمحامون الذين انتدبهم السجناء المعذبون، رفضوا الاستمرار في الترافع عندما اكتشفوا عددا من الحقائق: اولها ان القاضي هو الخصم، وبالتالي اصبح فاقدا لأهم صفة مطلوبة في القضاء وهي الحياد، ثانيها: ان الاحتلال الخليفي طرح مخططا وهميا ليس له وجود في ارض الواقع وأصر على تسخير السجناء لاثبات وجوده، وهذا يعني ان هؤلاء السجناء محكومون سلفا وبالتالي فمن غير المجدي تقديم اي ترافع. ثالثا: انهم لم يتوقعوا ان يغض القاضي – الخصم طرفه عن دعاوى التعذيب المتواترة التي لا تترك مجالا لأدنى شك ليس في حدوث التعذيب قبل بدء المحاكمة، بل استمراره بشكل أكثر وحشية بين جلسات تلك المحاكمات الصورية. رابعا: ان القاضي – الخصم كان مستعجلا للنطق بالحكم المعد سلفا قبل بدء المرافعات، وانه ليس سوى موظف مطالب بالنطق بالاحكام التي اصدرها منذ اليوم الاول لاعتقال البحرانيين ديوان الحاكم، وأصر على إصدارها مهما كان الامر. فالشكر والتقدير موصول لأولئك الابطال الذين أفشلوا المؤامرة الخليفية الخبيثة، فقد منعوا الكارثة، فقد اثبتوا ان ضمائرهم الحية ومشاعرهم الانسانية لا يمكن شراؤها بالمال، او كسرها بالتهديد. ثم جاء الفريق الذي فرضه الخليفيون المحتلون، معتقدين ان مشروعهم اليزيدي قد قتل الروح الانسانية في نفوس الجميع، وان المحامين لن يتمردوا على الاوامر الصادرة من زعماء الاحتلال. ولكن اغلب اعضاء ذلك الفريق اثبت شرفه وكرامته وانتماءه الحقيقي للوطن والشعب، والتزامه بشرف المهنة، فأصر على رفض الترافع في غياب موافقة المتهمين على ذلك. بضعة أفراد أقل من اصابع اليد هي التي أصرت على التنكر لشرف المهنة، والانتماء الى طرف المعذبين والسفاحين والمحتلين، فتصدى لافرادها عائلات الضحايا وسط المسرح الخليفي يوم امس، وفضحتها امام الملأ، فسقطت وبئس المصير.
تاريخ جديد يشارك في صياغة مقاطعه جهات اربع: اولاها رموز الشعب المرتهنون في سجون العدو الخليفي المحتل، في مقدمتهم رجل مقعد، صامد كالجبل، شامخ كالسحاب، ثابت بايمانه وموقفه، وعالم دين امتحن الله قلبه للتقوى، ونهل من المنبر الحسيني ما شد أزره ودفعه للسير على خطى أبي الاحرار، وثلة من العلماء والمجاهدين الذين حطموا بصمودهم كبرياء العدو الخليفي وجلاديه وابواقه. ثانيتها محامون شرفاء رفعوا الرؤوس متوكلين على الله، واحترموا شرف المهنة وهم يعلمون ان الديكتاتور الخليفي لهم بالمرصاد، وانه سوف ينتقم منهم، ولسان حال الواحد منهم يقول: “فاقض ما أنت قاض، انما تقضي هذه الحياة الدنيا، إنا آمنا بربنا ليغفر خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر”. ثالثتها: عائلات صابرة قامت بمسؤوليتها وتجشمت الصعاب للدفاع عن ابنائها، ووقفت في الطرقات والمجمعات وداخل المحكمة، ترفع صور الضحايا وتثير النخوة في ما بقي من النفوس، رابعتها: نشطاء حقوقيون وسياسيون اثبتوا قدرتهم على كسر الستار الحديدي الذي فرضه العدو الخليفي المحتل، واوصلوا استغاثات شعب البحرين الى كافة ربوع العالم، مؤسسين بذلك لحركة تغييرية بعيدة المدى لن تتوقف بعون الله حتى يزول الظلم والكرب عن هذا الشعب المظلوم، وينتهي الاحتلال الغاشم الذي أتى على الاخضر واليابس، وأمعن في الناس قتلا وتعذيبا وسجنا، وعاث في البلاد نهبا وسلبا، وصادر اراضي اوال وشواطئها، وما يزال مستمرا في مشروعه الاستيطاني الخبيث الذي يسعى من خلاله لاستبدال اهل البحرين الاصليين (شيعة وسنة) بأجانب يستوردهم من كافة الاصقاع. لقد تحولت كل قطرة دم سقطت من جرح واحد من السجناء الذين يربو عددهم على 500 بحراني، الى صرخة تاريخية ضد الاحتلال والظلم والاستبداد، وترددت صرخة كل أم مفؤودة او زوجة موتورة الى دعاء بان يمحق الله هذا النظام ورموزه وجلاديه ومعذبيه وسجانيه وقضاته الذين يقضون بالباطل ويظلمون الناس، يصل الى عنان السماء فتستقبله الملائكة، ويتحول بالمشيئة الالهية الى زلزال يقتلع الظالمين من الوجود، وما ذلك على الله بعزيز. انه مشوار الحرية والكرامة والعزة، بدأه هؤلاء الفتية ولن يتوقف بعون الله، فطوبى لمن التحق به، والخاسر من تلكأ في تلبية نداء الواجب، وقصر في الاستجابة لاستغاثة المظلومين، وأبى ان يقف بحزم وقوة بوجه الظالمين الذين مزقوا أشلاء احبتنا بالتعذيب ظلما وعدوان، واختار الصمت طريقا، او المسايرة بديلا لرد الظلم ولو بالموقف. ندعو الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن يرد المنكر ولو بالقلب الذي يعتبره حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “أضعف الايمان”. والانكار بالقلب يقتضي مقاطعة الظالمين وعدم الابتسام في وجوههم وعدم القيام بما من شأنه ادخال السرور في قلوبهم، او إشعارهم بالاحترام والاهمية.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
7 يناير 2011