نظام الاحتلال والتعذيب استنفذ اغراضة وحان الوقت لسقوطه
عام جديد يطل على البحرين وشعبها ومعاناة المواطنين تزداد ألما، بينما يزداد العدو الخليفي شراسة وظلما وارهابا. وسوف يبقى العام المنصرم حقبة أشد سوادا من كافة الحقب السالفة بعد ان امعن هذا العدو في ابناء البحرين تعذيبا وسجنا واهانة. وبرغم التاريخ الاسود من الانتهاكات والاستبداد، فان ما حدث في النصف الثاني من العام المنصرم غير مسبوق. فلم يحدث في الماضي ان اجبر الصائمون على الافطار في شهر رمضان المبارك، ولم تحلق لحى علماء الدين كما حدث هذه المرة. ولم يتصد العدو في الماضي لمقدسات المواطنين المسلمين الشيعة بازالة اعلام الحداد التي ينصبونها خلال موسم عاشوراء.
حدث الكثير من الانتهاكات في الماضي ولكن بمستويات اقل كثيرا مما فعله الطاغية الحالي، حمد بن عيسى آل خليفة، الذي سوف يسجله التاريخ كأسوأ ديكتاتور ابتليت به البلاد والعباد. فلم يكتف بتنصيب نفسه “ملكا” على الناس بالقهر والغلبة، وتجاوز الحدود في تطبيعه مع العدو الصهيوني، اذ فتح له اجهزة الامن وأغلق مكتب المقاطعة والتقى اعلى رموزه علنا وبلا خشية او حياء. ثم عمد الى الفضلاء من ابناء البحرين فاعتقلهم ونكل بهم ووجه ابواقه الاعلامية للتشهير بالشرفاء من المواطنين. واضاف الى ذلك كله بعدا آخر تمثل بمحاربة المواطنين في ارزاقهم، فأصدر قراراته بفصل السجناء من وظائفهم ضمن سياسة التجويع، فاصبح عدوا يمثل ظلم وبطش يزيد بن معاوية فهو ” سلطان جائر مستحل لحرام الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباده بالإثم والعدوان” . وتلك اجساد السجناء تقدم شهادات تتكلم بالظلامة وتتحدث عن امعان العدو الخليفي في التنكيل وا لتعذيب، فبعد كل مثول امام المحاكم الخليفية الجائرة، يتعرض السجناء لوجبات جديدة من التعذيب التي تتجدد اساليبها في كل مرة.
إن التواطؤ مع المعذبين جريمة لا تقل خطرا عن التعذيب نفسه، وان أي دولة تغض الطرف عن تلك الجريمة، بعد علمها بذلك، شريكة فيها، ومخالفة للمواثيق الدولية التي صادقت عليها.ان أي دعم سياسي ومعنوي من اي دولة سيشجع العدو الخليفي على الاستمرار في انتهاك حقوق الانسان وقمع تطلعات اهل البحرين الذين طفح كيل الظلم والاستبداد في بلدهم، واصبحوا اكثر اصرارا على مواجهة الظالمين وتخليص البلاد من اجرامهم. لقد بلغ الحكم الخليفي اقصى درجات الاجرام، وبالتالي لن يبقى طويلا، فالظالمون لا يبقون مهما طال الزمن بهم، لان دعوات المظلومين عند ربهم لا يحجبها شيء. وان ما اقترفه الخليفيون المحتلون في السنوات الاخيرة، والذي تكثف في الشهور الاربعة الماضية تجاوز ما عرفته البلاد من جرائمهم في السابق، اذ انهم يرتكبون الجرائم هذه المرة بتوجيهات مباشرة من القصر الملكي، ويكررون تعذيب الضحايا كلما رفعوا اصواتهم مستغيثين بذوي الضمائر الحية للتدخل لوقف معاناتهم. ورغم ان الحاكم نفسه متورط هذه المرة بجريمة التعذيب الا أنه ما زال يحث ويدعم المعذبين بصراحة. وهذا ما اكده بشكل قبيح في خطابه في 14 ديسمبر بمناسبة ذكرى عيد جلوس والده، عندما اعرب عن دعمه للأجهزة الامنية التي في مقدمتها جهاز الامن الوطني الذي يديره المعذب الشهير، خليفة بن عبد الله آل خليفة، السفير السابق لدى بريطانيا.
شعب البحرين يستقبل العام الميلادي الجديد بعد ان ابلى بلاء حسنا في ذكرى عيد الشهداء في 17 ديسمبر بالمشاركة في المواكب الحسينية ورفع شعارات “هيهات منا الذلة”، وصور الضحايا والسجناء، خصوصا في عزاء السنابس وسترة. يحل العام الجديد وقد اكتوى البحرانيون بنار الاحتلال الخليفي، واصبحوا اكثر وعيا بضرورة تخليص بلدهم من براثن الاحتلال الخليفي. فالتعايش مع نظام يخترق قوانينه بالاضافة للقوانين الدولية، وينسلخ من انسانيته باستهداف الابرياء وتعذيب المعوقين واهانة العلماء و التصدي للشعائر الدينية، لم يعد امرا ممكنا، وبالتالي اصبحت ثقافة رفض هذا الاحتلال تتعمق بوتيرة متسارعة. فبعد ان اعطيت العائلة الخليفية التي احتلت البلاد بالنار و الحديد فرصة التعايش مع اهل البحرين الاصليين (شيعة وسنة) وطلب منها التكفير عن خطاياها التاريخية المتكررة، بالدخول في هدنة مع الشعب من خلال دستور عقدي يكتبه ممثلوه ويصادقون عليها في استفتاء عام، اصبح المواطنون اكثر رغبة في التحرر من الاحتلال، وأشد إصرارا على التمتع بحرية تقرير المصير، على غرار ما تتمتع به الشعوب الاخرى. وما اكثر الاصوات التي ترتفع في السر والعلن مطالبة بسقوط هذا الحكم، واستبداله بنظام عصري دستوري، مؤسس على مباديء مثل حكم القانون، واحترام حقوق الانسان، وحق الشعب في تقرير مصيره، والالتزام بالمواثيق الدولية في هذه المجالات، والشراكة السياسية، واقامة نظام عادل يمارس توزيعا عادلا للثروة، ويعتبر الشعب مصدر السلطات جميعا. هذه المباديء لم يتوفر اي منها في الواقع البحراني الذي استحوذ عليها الاحتلال الخليفي، والذي اصبح اكثر خضوعا لاملاءات شخص الحاكم وجلاوزته الذين يديرون جيشا من المرتزقة يمارسون التعذيب والقمع ضمن اجهزة متعددة اهمها جهاز الامن الوطني الذي تفنن في تعذيب المواطنين، وجهاز الشغب الذي استباح القرى والمدن في تصديه للاحرار والاتقياء، وجهاز الشرطة الذي تمت تربيته على ثقافة القمع والاستئصال والترهيب.
حقائق جديدة فرضتها جريمة اعتقال الابرياء والتنكيل بهم. من هذه الحقائق تراجع حالة الصمت على الحكم الخليفي الغاشم، وتعمق الشعور بضرورة احداث التغيير في البنية السياسية لاستبدال الحكم الحالي بآخر اكثر تحضرا وتمدنا واحتراما للقانون وحقوق الانسان. ومن الحقائق ايضا حالة التخندق الوطني التي عبر عنها المحامون الشرفاء (شيعة وسنة، اسلاميين وليبراليين) وهم يقفون صفا واحدا امام القاضي ابراهيم الزايد، الذي فرضه الخليفيون قاضيا شريكا في الجرم، مطالبينه بالتحقيق في جرائم التعذيب التي لحقت بالضحايا المتهمين، واعادة التحقيق معهم تحت اشراف القضاء. هؤلاء المحامون انتفضوا ضد النظام القضائي الجائر الذي لم يعرف العدالة يوما، بل اقتصرت مهمته على تلاوة الحكم الذي يقرره الحاكم وزبانيته، بدون ان يكون لمرافعات المحامين دور في اثبات براءة المتهمين او اجرامهم. وكان امتناع المحامين الشرفاء عن الترافع قائما على اساس عدم جدوى الدفاع عن المعتقلين ما دامت العائلة الخليفية قد اصدرت احكامها سلفا، وما دام المتهمون محرومين من حقوقهم في الاستماع الى شكاواهم من التعذيب، والاستماع لرفضهم الافادات المزورة التي اجبروا على توقيعها تحت الاكراه. المحامون طالبوا بالتحقيق في مزاعم التعذيب واعادة التحقيق مع السجناء بعيدا عن جهاز الامن الوطني السيء الصيت الذي يمارس التعذيب على نطاق غير مسبوق بأوامر مباشرة من المعذب المشهور: خليفة بن عبد الله آل خليفة. وسوف تتواصل ظلامة الشعب طالما اصر الخليفيون على فرض محاميهم بدلا لفريق المحامين الشرفاء الذين أقرهم السجناء، ورفضوا الاعتراف بالفريق الجديد بديلا لهم. وباصرار القضاء الخليفي على فرض الفريق الجديد برغم اصرار المتهمين على التمسك بمحاميهم، اصبح هذا القضاء امام امتحان فاصل، ولا يتوقع له اجتياز ذلك الامتحان. فما دام الخليفيون قد حاكموا البحرانيين المرتهنين في سجونهم علنا، ورفضوا الاستماع لشكاواهم، واوعزوا لابواق اعلامهم بتجريمهم حتى قبل بدء محاكمتهم، فقد انتهى النظام الخليفي من الوجود لانه يمارس الظلم علنا ولا يرعوي عن سجن الابرياء بعد ان امعن في تعذيبهم.
الشعب اصبح أكثر تمسكا بثوابته وحقوقه ومطالبه، وفي مقدمتها سحب الشرعية عن الاحتلال الخليفي الذي رفض التخلي عن عقلية الاحتلال. ولذلك دخلت البحرين في مأزق سياسي واخلاقي خطير. فالخليفيون مستمرون في القمع والتعذيب وسجن الابرياء ظلما وعدوانا، والمواطنون يؤكدون رفضهم ذلك النظام ويعيدون ترتيب اولوياتهم بهدف تقويض اركان ذلك النظام البائس الذي تنكر للانسانية ومارس الظلم جهارا نهارا، واعتدى على الآمنين وتعذب الابرياء وحاكمهم وهم صامتون، وسلط عليهم الاجانب الذين ولغوا في دمائهم واذاقوهم من التعذيب أشد الاصناف. صفحة جديدة في تاريخ هذا البلد المعذب، تكتبها دماء الضحايا التي مزقتها مباضع الجلادين، وهي صفحة بيضاء ناصعة تسجل مجدا جديدا لاهل البحرين المجاهدين، ونهاية حكم الطغمة الخليفية الحاقدة التي انسلخت من انسانيتها واصبحت متوحشة ضد الاحرار والابرياء. انها ملحمة الصراع من اجل الوجود، وهي ملحمة سوف تقضي بعون الله على الظالمين والمحتلين والجلادين، والله غالب على امره، وهو رب المستضعفين وناصر المظلومين، وماحق الخليفيين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
31 ديسمبر 2010