بيانات حركة أحرار البحرين

لن تكون حسينيا الا اذا تبرأت من يزيد قولا وفعلا

الصوت الهادر المنبعث من منحر الشهيد الخالد، يستعصي على الاخماد او التشويش، من اي طرف، أيا كانت هويته او دوافعه او اهدافه. والشعارات التي سجلها ذلك الصوت تعمقت في الوجدان الانساني لانها اختلطت بدم الشهادة الذي تفجر من ذلك المنحر الشريف، والكلمة التي تكتب بالدم لا تمحى ابدا. فالدم ينتصر على كل ما سواه من ادوات الموت، فتلك الادوات لا تضاهي قوة الكلمة الصادقة المؤسسة على الايمان والخير وحب التضحية والفداء من اجل الحياة والانسان.

فمن يتقدم الصفوف مدافعا عن الحق انما يسجل نفسه في الخالدين، وهو فائز سواء بالنصر المادي المباشر ام بالخلود مع قافلة الشهداء الذين لا يموتون. وعندما يعتلي صوت حسيني في عاشوراء ينطق بمعاناة المعذبين والمظلومين فانه يتناغم مع رسالة الطف، صرخة الحق، ونداء الكرامة، تررده الحناجر، ويتغنى به الاحرار، وتهتف معه الجماهير. اما العزاء الجامد فينحصر في تأثيره العاطفي، ويبقى أسيرا لحسن اداء الناعي، ويفتقد الحيوية التي يحتويها نشيد الحرية وهتاف الاحرار. وها هي الجموع في كل مكان تهتف باسم الحسين، لان رسالته للطغاة والمستبدين لم تكن مجاملة او مداهنة او مسايرة، بل رسالة مواجهة وتحد ورفض بلا تردد او خوف. تلك الرسالة الموجزة في كلماتها، انطلقت من عمق الايمان بالرسالة المحمدية التي تنطق بحب المستضعفين والتمرد على المستكبرين والمتجبرين والظالمين، وكتبت بالدم القاني الذي اهدره اعداء الانسانية من رواد الاسلام الاموي الذي يمارس الذبح على الهوية والموقف والرأي. يخلد الحسينيون ويتلاشى اليزيديون، ذلك هو الدرس الاول ونحن نحيي موسم العاشوراء، في ظروف قاسية تعيشها بلادنا التي انتهكت حرمتها وحقوق ابنائها، واستحلت حرماتها، فاذا الحسيينون مقيدين في  الاصفاد، يقضوون ايامهم ولياليهم بين ايدي الجلادين. هؤلاء الحسينيون اقوى من السجون والزنزانات، وأقوى عودا من يزيد القابع في قصره، يستهتر بالحرمات، يكرع الخمر، ويرقص مع الغانيات، ويستهزيء بحفاظ الحديث واحبار الامة الاحرار وحاملي لواء التوحيد ودعاة العدالة. ها هو يزيد الخليفي يستهتر بقيم الدين الذي فداه الحسين عليه السلام بنفسه واهل بيته و اصحابه، فيجبر العلماء على الافطار في شهر رمضان، ويحلق لحاهم ورؤوسهم امعانا في احتقار الدين ومن يحمل رسالته، ولا يخشى في الله لومة لائم.

برغم انف هذا الطاغية تقام مجالس العزاء وتخلد ذكريات الشهداء، ويهتف الاحرار بأسماء السجناء، يعلقون صورهم على الجدران ليأتي زبانية يزيد بادواتهم لازالتها. انه فعل يؤكد جهلا وحقدا وسقوطا لدى الحزب اليزيدي الجائر، فليمزق تلك الصور، وليبعث مرتزقته المستوردين من اقاصي الارض لازالتها من الجدران، ولكن كيف سيصنع مع صورهم التي ارتبطت بقلوب العاشقين؟ وكيف يمحوها من عقول الشباب الحسيني الذي يعتقد ان الحسين رسالة ضد الظلم والاستبداد والنهج الاموي في الحكم؟ كيف سيفعل هذا الطاغية بعد ان انكسرت شوكته وفشل مشروعه لكسر ارادة الحسينيين؟ هل يستطيع المنافقون الذين يتخاطبون بلغات مختلفة وألسنة شتى ان يخفي الحقائق؟ هذا الذي يحث ا لامريكيين  على قصف ايران وتدمير مشروعها النووي، هو نفسه الذي يتظاهر وزير خارجيته، برغم انفه وانف رؤسائه، بالتعاطف مع ايران. لماذا هذا النفاق؟ هذا النظام الذي يوزع اللحوم المشتراة باموال الشعب المنهوبة، هو الذي يصدر القرار تلو القرار لاخماد صوت الحسين وهتافاته التاريخية، فتارة يصدر “قانون السماعات” واخرى يلمح لعزمه على السيطرة على المساجد والمآتم بتعيين خطبائها وائمتها، وثالثة يستهدف الخطباء ويعتقلهم ويعذبهم بلا هوادة، ورابعة يرفض السماح للخطباء من خارج البلاد بالدخول للمشاركة في احياء المراسم الحسينية. لقد تحول الطاغية، الذي اوكل ادارة البلاد الى وزير ديوانه الذي اصبح رمزا للطائفية والبغضاء وبث  الكراهية بين ابناء الوطن الواحد، الى نظام اموي اجرامي، يسفك الدماء وينتهك الحقوق ويعتدي على الحرمات والاعراض، ويسلب اموال الناس بالباطل، ويتعامل معهم بالنفاق والخداع والتضليل والوعود الكاذبة.

لذلك اصبح امرا ملحا التمسك بالشعارات التحررية التي ارتبطت بعاشوراء، موسم الثورة والحرية والتصدي للنظام الاموي البغيض. وأملنا ان يتواصل عطاء الخطباء الذي يحث على الوعي ويستحضر معاناة المظلومين، وينشر ظلامات المستضعفين. فكما تذكر مصيبة الحسين واصحابه وأهل بيته، وسوء معاملة الاسرى في قصري ابن زياد بالكوفة ويزيد في الشام، فمن الضروري ايضا استحضار ظلامة العلماء والابطال البحرانيين المأسورين لدى النظام الخليفي الذي ينتهج نهج بني أموية، حذو النعل بالنعل، وما اصدق رسول الله صلى الله عليه وآله حين يقول: لتسلكن سنن الذين من قبلكم حذو النعل بالنعل، ولتأخذن مثل مأخذهم؛ إن شبرًا فشبر، وإن ذراعًا فذراع، وإن باعًا فباع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتم فيه”. او قوله “ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلهم حذو القذة بالقذة”. فما اشبه الليلة بالبارحة! ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما أكذب الذين يتظاهرون بغير حقيقتهم ويمارسون النفاق على شعوبهم بدون حياء او كرامة. الحسين عليه السلام ثار ضد هؤلاء وابى الخنوع امامهم او الخضوع لاوامرهم ورفع شعاره الخالد: “هيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك”. رسالة عاشوراء بشعاراتها واساليبها وقصص ما حدث لاهلها تتكرر، كما قال رسول الله الذي حث على مقارعة الحاكم الظالم من اجل الحفاظ على الاسلام وعلى حقوق الناس وصفاء العقيدة. وهذا ما رفعه الحسين عليه السلام شعارا وهو يعلن ثورته المباركة ضد النظام الاموي الغاشم: “انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، آريد ان آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”. وقف الآخرون مواقف شتى، فمنهم من انحاز الى السلطان، ومن بينهم من صحابة رسول الله وحفاظ القرآن والحديث، ومنهم من اختار “العلمنة الدينية” بحصر التزامه بالاسلام في العبادة، كما فعل عبد الله بن مسعود، ومنهم من أصم سمعه ولاذ بمنزله وابتعد عن مقارعة الظلم. والقلة  القليلة هي التي وقفت مع الحسين عليه السلام واستشهدت معه على طريق الحق والعدل والحرية. ولذلك اصبحت خالدة، لا تجف دماؤها ولا تخمد ثورتها، ولا يخبو أثرها. فما زالت تلك الشعارات تقض مضاجع الظالمين والطغاة الذين يتحايلون يوميا لاخماد صوت الحسين ورسالة كربلاء، والسعي لشراء المواقف والضمائر بالاموال والوجهات الوهمية. برغم ذلك فما تزال في هذه الامة بقايا من روح الحسين، وشيء من شعارات كربلاء، وجذوة من وهج ثورة الطف. ما يزال دم الرضيع يحاصر يزيد في قصره، وما يزال صوت الحسين يصك اسماع العالم، فتتوسع مجالسه وتضيق الدنيا باعدائه، اولئك الذين يسيرون على نهج يزيد ويتنكرون للحسين، يقتلون الانبياء بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس. وهكذا تتواصل ثورة كربلاء، وان كان رموزها مغيبين وراء القضبان، وان كان اتباع يزيد يملأون الدنيا ضجيجا ويصفون المؤمنين بالمفسدين “آلا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون“.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
10
ديسمبر 2010

زر الذهاب إلى الأعلى