بيانات حركة أحرار البحرين

أدينوا في (محكمتهم) بعد ان تكلمت جراح البحرانيين

يوم آخر من أيام الله، وموعد لم يستمر طويلا مع تلك الوجوه الطاهرة التي شرفها الله بالصمود بوجه اليزيديين، الذين حولوا الحكم الى عهر وقهر وظلم ونهب وسلب. برغم قصر فترة اللقاء في المحكمة الاموية التي تربع عليها شريح القاضي، واحاطها زبانية الحكم الجائر، بقضهم وقضيضهم، فقد كانت محاكمة اخرى للنظام الخليفي الباغي، أدين فيها بشكل حاسم. فأي ضمير لا يهتز وهو يستمع مجددا لشهادات التعذيب، سواء على ألسنة الضحايا الذين لاذوا بالهمس بعد ان منعهم القاضي – الخصم من الكلام؟

وأي إنسان لا يبكي دما بدلا الدموع عندما يسمع الشيخ عبد الهادي المخوضر يقول: عذبوني تسعين ساعة وأجبروني على شرب الماء في رمضان! أية نفس لا تئن كمدا وهي تعلم ان الشيخ سعيد النوري علقوه من يديه ورجليه سبع ساعات متواصلة؟ ومن يستطيع ان يكظم غيظه عندما يسمع جعفر الحسابي وهو يقول: علقوني واعتدوا علي جنسيا؟ وكيف لا تقع السماء على الارض غضبا وعذابا حين تتم تعرية العلماء والصالحين من ملابسهم ويتركون عراة في شهر الصوم؟ وهل هناك قلب لا يتفطر حين تصك مسامع صاحبه بان العدو الخليفي ضرب بكافة الاعراف عرض الحائط وكرر تعذيبهم بعد ان اشتكوا الى الله والى من حضر المحكمة السابقة (وليس للمحكمة نفسها لانها ليس لها قلب او ضمير او اخلاق او قيم او قانون)؟ ان كنت انسانا فلتذرف الدمع لما اصاب هذه الثلة المؤمنة، ولتلزم الدعاء ليلا ونارا بان يمحق الله هذا الطغمة الجائرة التي حاربت المؤمنين وشايعت وبايعت على حربهم بلا هوادة.

محكمتهم كانت ثكنة عسكرية، يحيطها الجلاوزة الذين بعثهم الظالمون المتخندقون خوفا وهلعا واستكبارا في قصورهم تحيطهم الغانيات ويتراقصون طربا وفرحا بما يعتبرونهنصرا” ضد “العدو البحراني” الذي يأبى الاستسلام للاحتلال والظلم والنهب والسلب والاضطهاد. كان القتلة والسفاحون يمسحون المنطقة مسحا، ويحصون على الحاضرين انفاسهم، ويمنعون ذوي السجناء من رؤية احبتهم في هيئة اخرى غير التي يرونهم عليها عندما يزورونهم بضع دقائق في السجن. فلم يسمح الا لواحد من اقارب كل سجين لدخول غرفة التعذيب المكشوفة التي يسمونها ظلما “محكمة” انها تسمية تسيء الى القضاء والمحاماة والحقوق والانسانية، لان القاضي الذي يزور محاضر الجلسات لا يقل اجراما عن المعذبين، بل ربما كان واحدا منهم. ففي الجلسة السابقة كشف البحرانيون عن ايديهم واجسادهم ليظهروا ما بقي من آثار التعذيب، وليطالبوا بمحاكمة خالد بن عبد الله آل خليفة، مهندس التعذيب الحالي، فما الذي كتبته “وثائق” المحكمة”؟ جاء في المحضر ان المتهمين كشفوا ايديهم! فقط ولم تشر الى كلمة التعذيب من قريب او بعيد. فهل كشفوا ايديهم للوضوء مثلا؟ انها الحقيقة التي تغشي العيون التي اصيبت بالغشاوة والمرض والحساسية من النور، فاغماضها أخف إيلاما من فتحها. شريح القاضي لا يستطيع مواجهة الحقائق، ولذلك فهو لا يسمح للبحرانيين بالتظلم، بل كان يتوقع منهم ان يشكروه ومليكه وبقية السفاحين على “حسن الضيافة” التي قدموها للعلماء. كان على هؤلاء البحرانيين ان يشكروا الطاغية لان زبانيته اجبروا الشيخ البطل عبد الهادي المخوضر على شرب الماء في شهر رمضان. أية جريمة أكبر من هذه؟ وأي استهتار يفوق ذلك؟ مع ذلك ففي “مملكة الصمت” لا يجوز الكلام، سواء من ابواق الطاغية او موظفيه او حراميته او من يمارس “العقلانية” في اسلوبه. ربما لم تؤثر الساعات التسعون من التعذيب التي كانت من نصيب الشيخ المخوضر في نفسيه، ولكن اجباره على الافطار في نهار شهر رمضان كان اكثر مما يطيق.

هذه الجريمة تعيد الى الذاكرة ما كان الامويون يفعلونه مع معارضيهم. وتروي ابنة رشيد الهجري ان اباها قال لها ذات يوم ان علي ابن ابي طالب عليه السلام قا له: يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل اليك دعي بني أمية فقطع ‏يديك ورجليك ولسانك فقلت يا أمير المؤمنين أ يكون آخر ذلك إلى الجنة قال نعم يا رشيد وأنت ‏معي في الدنيا والآخرة قالت فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد فدعاه ‏إلى البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام فابى أن يبرأ منه فقال له ابن زياد فباي ميتة أخبرك ‏صاحبك أنك تموت قال أخبرني خليلي إنك تدعوني إلى البراءة فلا أبرأ فتعذبني فتقطع يدي ‏ورجلي ولساني فقال والله لأكذبن صاحبك قوموا فاقطعوا يديه ورجليه واتركوه فقطعوه وحملوه ‏إلى منزلنا ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجعون له فقال إئتوني بدواة وصحيفة أذكر لكم ما ‏يكون مما علمنيه مولاي أمير المؤمنين فبلغ ذلك ابن زياد فارسل إليه الحجام حتى قطع لسانه ‏فمات من ليلته تلك. فا أشبه الليلة بالبارحة، فعندما يمتحن الانسان في دينه ولا يرد احد على الظالم، فمن يمنع عذاب الله ان يقع على الناس؟ فمن سيحقق في جريمة اجبار العلماء على الافطار في نهار شهر رمضان؟ من سيحقق في جرائم الاعتداء الجنسي على السجناء؟ ما سيوقف المجرم خليفة بن عبد الله آل خليفة، الذي بنى سراديب التعذيب تحت ارض مبنى ما يسمى “جهاز الامن الوطني” ليزج فيها الابرياء؟

اليوم حوكم الخليفيون، ولو كان هناك قضاء عادل، بحضور هيئة محلفين من المواطنين المستقلين لاصدروا حكمهم المبرم بان المجرمين انما هو الطاغية وزبانيته، فاولئك هم الذين هتكوا حرمة شهر رمضان علنا وبارادة وسبق اصرار، وهم الذين اعتدوا على اعراض العلماء والصالحين، الصائمين والمصلين، وهم الذين سعوا لاخفاء جرائهم بمنع وسائل الاعلام من نشر وقائع المحكمة خصوصا اقوال المظلومين. هؤلاء الظالمون هم المجرمون الحقيقيون، وليس العلماء والمفكرون والاطباء والمهندسون. زوجة المهندس عبد الامير العرادي تمنع من حضور المحكمة، وفريق المحاماة الموكل عن السجين حسن الحداد يمنع من ملاقاته قبل “المحاكمة” و رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان لا يسمح له بدخولها. فما هذا الازدراء بحياة البشر وما هذا الاعتداء على القضاء والكرامة الانسانية؟ هل يعتقد احد ان بامكانه ان يغير هذا الظلم بالاستسلام اليه؟ ألا يتطلب التغيير التمرد ضد هذا الاجرام اما باسلوب “المقاومة المدنية” او رفع الشكاوى ضد رموز التعذيب والقهر، خصوصا رأس النظام الذي فرض على البلاد أسوأ نظام قمعي في الشرق الاوسط، وبقية المعذبين والسفاحين والجلاوزة. اننا بحاجة الى يقظة ضمير عاجلة لوقف التداعي الاخلاقي والسياسي والديني، فالصمت لا يمكن ان يكون حلا، الا ان يكون صمتا شاملا على كافة الصعدان، فلا علاقة مع رموز التعذيب او السارقين او ناهبي اراضي الشعب وخيراته، او المشرفين على مشروع التجنيس السياسي الذي يهدف الى ابادته والقضاء على ثقافته وتاريخه وحقوقه، ولا مجاملة لهم او تبجيل او توقير. على أقل تقدير فلترتفع الاكف طالبة من الله سبحانه ان يمحق المجرمين والظالمين الجاثمين على صدور شعبنا، ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وان يمكن للمؤمنين في الارض ويري فرعون وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون، وما ذلك على الله بعزيز.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
12
نوفمبر 2010

زر الذهاب إلى الأعلى