بيانات حركة أحرار البحرين

ما الموقف من الاصلاح المؤسس على التعذيب والفصل المذهبي والابادة؟

ما دام التعذيب قائما على أشده، فان أية شهادة بحسن السلوك تقدم للعدو الخليفي جريمة ليس بحق المواطنين والوطن فحسب، بل بحق الانسانية. نقول الانسانية، لان التعذيب لا يستهدف ايذاء الضحية فحسب، بل الغاء انسانيته، جملة وتفصيلا؟ ماذا يعني ذلك؟ اثبتت الايام السبعة التي اعقبت الجلسة الاولى من المحاكمة الخليفية لأهل البحرين ان الضحايا يجب ان يتخلوا عن انسانيتهم وينزعوا مشاعرهم الانسانية ويبثوا للعالم الخارجي دعاية للعدو الخليفي تخالف مشاعرهم واحاسيسهم.

في تلك الجلسة التاريخية، اكتشف العالم، بمن فيهم ممثلون عن سفارتي امريكا وبريطانيا والاعلام الاجنبي والجهات الحقوقية الدولية، مدى التعذيب الذي مارسه هذا العدو بحق اخوتنا. جاء ذلك على السنتهم امام “القاضي” الذي عينه الاحتلال الخليفي، واعتبر شهادة دامغة لا يمكن لاي جهاز قضائي مستقل التشكيك فيها. كانت تلك الشهادة تكفي لادانة الفرعون الخليفي نفسه، مع اعوانه في الجريمة والظلم. جاءت تلك الشهادة برغم التهديدات التي وجهت للسجناء قبل يوم واحد بان الوحوش الخليفية سوف تنهش ما بقي من أشلائهم وسوف “تعجنهم”. تلك الشهادة اكدت ان اولئك الضحايا ما يزالون “بشراو “أناسا” وافرادا بإنسانية. بينما المطلوب ان لا يبقوا كذلك، بل كان  عليهم، وفقا للاوامر التي صدرت عن ديوان الطاغية، ان يقولوا غير ما يشعرون، وان يدّعوا”حسن المعاملة” ويقولوا لفرعون وملئه: “شكرا على المعاملة الطيبة”. وحيث لم يفعلوا ذلك فقد استحقوا المزيد من العذاب. وهذا ما حدث بعد عودتهم من تلك الجلسة. فقد تعرضوا لتعذيب فاق ما تعرضوا له قبلها. كما ان البغاة الخليفيين رفضوا نقلهم من طواميرهم الانفرادية تحت الارض التي أمر المعذب المتوحش، خليفة بن عبد الله آل خليفة، بزجهم فيها، الى سجون جماعية، وأصروا على “تلقينهم” درسا لا ينسونه عقابا لرفضهم التشبث بانسانيتهم.

ماذا بعد الآن؟ ما الذي بقي من “أمل” بامكان اصلاح هذا النظام القائم على الاحتلال والعداء لأهل البحرين؟ لقد اصبح المواطنون نوعين: احدهما يرفض انكار المنكر واستنكار التعذيب، حفاظا على ما يحظى به من عطاء او منصب او معاملة مختلفة من العدو، وآخر يتمزق من داخله ألما وغيظا وغضبا لما يرى من جرائم لا يمارسها نظام آخر في الدنيا. وحتى الكيان الاسرائيلي يلتزم أحيانا بما تصدره محاكمه حول المعتقلين الفلسطينيين، اما البحرانيون فهم في قبضة عدو لا يرحم، ولا يلتزم بقرارات اجهزته الخاصة اذا اضطرت، تحت وطأة الظروف، وفي حضور المراقبين الاجانب، اتخاذ اجراءات غير متفق عليها سلفا. كان واضحا ان العدو كان يخطط لمحاكمة صورية يمرر فيها احكامه التي قررها ديوان الطاغية بدون لغط او قرارات صادرة تحت الضغط. مع ذلك فان صدور تلك القرارات لم يؤثر شيئا على مواقف العدو الخليفي وقراراته. فالعداء المستحكم في نفوس رموزه لا تلغيه قرارات ايا كان مصدرها. هذا العدو ماض في خططه الاجرامية القائمة على دعامتين أساسيتين: الفصل المذهبي و الابادة. هاتان الدعامتان يعتبرهما الطاغية ومن حوله من رموز الاحتلال خيارين استراتيجيين يشبث بهما مهما كان موقف الطرف الآخر. ويعتقد في الوقت الحاضر على الأقل، خصوصا في هذه الفترة التي تم تخدير المواطنين فيها بحقن “انتخابية” و “اصلاحية” انه قادر على تجاوز تبعات تلك السياسات والتصرفات. ويمكن القول ان ما حدث في 28 اكتوبر 2010 كان خارج حسابات العدو، وذلك بفضل الموقف المشرف من فريق المحامين الذين أصروا على الالتزام بشرف المهنة وطالبوا بلقاء الرهائن على انفراد، وقوة ارادة السجناء الذين قالوا بصوت واحد: لقد تم تعذيبنا بوحشية، وهذه جراحنا تثبت ذلك.  وفي غضون ساعات قليلة كانت افادات الضحايا تصل الى قصى بقاع العالم، بالعربية والانجليزية، لتحرك جهات عديدة باتجاه ملاحقة المعذبين، وعلى رأسهم خليفة بن عبد الله آل خليفة، وزير التعذيب.

وبرغم التهويل الاعلامي لمسرحية “الانتخابات” التي تهدف لتحسين صورة العدو امام العالم، فقد من الله على المؤمنين هذه المرة يتحويلها الى فرصة كشف معاناة  البحرانيين للعالم. لقد أدرك الجميع ان المجالس الصورية التي شكلها الطاغية انما تهدف لالهاء المواطنين عن النضال لاسقاط الدعامتين المذكورتين: الفصل المذهبي والابادة، وابعادهم عن ساحة الصراع اما بتبريرات دينية او وعود سياسية جوفاء بامكان الاصلاح من داخل نظام الاحتلال. كما ادرك المواطنون الذين يصرون على استعمال العقل والمنطق لتحديد مواقفهم، بعيدا عن الاملاءات الدينية او التهديدات الخليفية، ان العدو الخليفي ماض في مشروعه الاجرامي القائم على الدعامتين المذكورتين. وما التشكيلة الحكومية التي اعلن عنها مؤخرا الا تأكيد على التزامه بتلك السياسة. فقد اعاد تعيين رئيس الحقبة السوداء رئيسا للوزراء بعد ان قضى اربعين عاما جاثما على صدور اهل البحرين، وأسند اغلب المناصب الوزارية لعناصر خليفية، وألغى قاعدة سابقة بحصر آل خليفة بالوزارات السيادية (رئاسة الوزراء والخارجية والداخلية والدفاع والعدل). بينما قلص عدد البحرانيين الاصليين (سنة وشيعة) الى أقل من نصف المناصب. فما الجديد؟ وأي الاصلاح؟ وما الارضية التي يؤسس عليها “المتفائلون” آمالهم ويخدعون الجماهير بذلك. وسوف يعلن الطاغية قريبا عن النصف المعين من مجلس الشورى، ليؤكد خطأ من يقول بامكان التغيير من الداخل، وليقول بكل وضوح لاولئك “انا الذي اقرر، انا الذي أشرع، أنا الذي أمرر ما أشاء من قوانين، وامنع ما أشاء، سمع من سمع، وتظاهر بالصمم من تظاهر”. في ظل هذا الوضع الجلي، كيف نتعامل مع عدو لا يخفي عداءه؟ وحدهم الذين يرزحون في طوامير جهاز الامن الوطني تمردوا على واقع الاحتلال وقالوا بكلمة واحدة جميعا: “رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا، هَؤُلاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا”. ان التوحيد يتطلب الوقوف بوجه المتفرعنين والتخلي عن الخوف والهلع في مواجهة العدو الذي يستهدف الوجود والحقوق معا، ولا يرعوي عن الظلم والتعذيب والنهب والسلب. فلنكن صادقين مع الله في ما نفول ونفعل، ومع اخوتنا وشعبنا، فذلك هو الطريق لنيل رضا الله سبحانه،  وتأكيد صدق الايمان والعمل بمقتضاه خصوصا في رفض آلهة المال والجاه والخوف والرجاء. “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
5
نوفمبر 2010

زر الذهاب إلى الأعلى