لا تشاركهم فرحتهم بالنصر الموهوم يوم الزينة، وكن حسينيا كما عهدناك
“قال موعدكم يوم الزينة، وأن يحشر الناس ضحى”
جمع جنوده، وأعد عدته ليوم زينته، ودعا اتباعه للحضور لاعلان انتصاره على الاتقياء والصالحين والعلماء والاخيار الذين ألهب ظهورهم بالسياط، ومزق أشلاءهم بالمباضع، وأثقل كواهلهم بالقيود. يوم السبت المقبل اعتبره الطاغية يوم زينة له وأتباعه، وسعى بجبروته وأدوات قمعه لاجبار الناس على “مبايعته” بالادلاء باصواتهم لمن يشاؤون من “المرشحين“.
وسعى لتضليل المواطنين بان ذلك “ممارسة ديمقراطية” بينما عملت اجهزة دعايته في الداخل والخارج للترويج ان المشاركة انما هي تصويت على مشروعه ذي الوجهين المتباينين: اولهما وجه مكشوف للعالم يروج مفرداته التي افرغها من المضمون: “الديمقراطية” و “الاقتراع” و “الانتخاب”، وهي كمصطلحات تنسجم مع موضة العصر، والآخر مغمور، يعمل لتنفيذه ليلا ونهارا بدون كلل او ملل: ابادة السكان الاصليين “شيعة وسنة” من خلال مشروع التجنيس السياسي الذي لم يتوقف لحظة منذ صعود الطاغية الى كرسي الحكم. فرعون يمارس سحره هذا بعد ان اقنع الكثيرين، ومن بينهم علماء ورموز سياسية، بمشروعه “الديمقراطي” وراوغ بكل تعنت وصلف ازاء مشروع الابادة الصامتة الذي يمثل الجانب الاساس من مشروعه. فما الذي جرى ليصبح الجانب الشكلي من هذا المشروع هو الاكثر حضورا وجذبا للاهتمام والجهود؟ ما الذي حدث لهذا الشعب، خصوصا علماءها ومفكريها للانجرار وراء هذه الكارثة؟ لماذا يصبح المشروع الفرعوني قادرا على تكميم الافواه وتجميد ا لعقول والقلوب حتى لا يكاد هناك حديث سوى الصراع على مقاعد اثبتت التجربة ان جدواها محصورة باصحابها، بينما لا يعود على الاسلام او الشعب منها شيء؟ لقد استقدم فرعون هذه المرة جحافل الاعلاميين على نفقة الشعب المحروم من حقوقه، لهدف واحد: التصفيق لمشروعه الظالم. فكيف يتحقق هذا التصفيق؟ هؤلاء الاعلاميون يحاصرون بجدول اعمال مكثف، يبعدهم عن عائلات السجناء ومعاناة البحرانيين في قراهم، ويشغلهم بـ “الخيمات الا نتخابية” ليقوموا بعد ذلك بوصف هذه “التجربة الديمقراطية” المتميزة، وتمر جريمة فرعون بدعم معنوي وسياسي ممن يفترض ان يتصدوا، كما فعل موسى عليه السلام، لمشروعه الذي يقتل ابناءهم ويستحيي نساءهم.
يوم الزينة هذه المرة يتم احياؤه على اجساد السجناء من خيرة ابناء هذه الامة وعلمائها وصلحائها. هذه الجريمة الفرعونية تمرر باعصاب باردة، وقلوب اعتراها الخور ومات شعورها واحساسها، فلم يعد الشيخ محمد حبيب المقداد يمثل لها شيئا، وما عاد الجسد الممزق للشيخ سعيد النوري يؤرق قلوب الذين كرعوا خمرة الانتخاب، فطربوا حتى الثمالة، فما أوهى النفوس، وابعدها عن درب ائمة الهدى عليهم السلام. ففي رواية أبي بصير قال: سألت أبا جعفر الباقر عن أعمالهم فقال لي (يا أبا محمد لا ولا مدة بقلم، إن أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينه مثله) . فهل هناك مصطلح لوصف ما يمارس في اقبية السجون وغرف التعذيب بحق الشيخ ميرزا المحروس وعبد الهادي المخوضر، والسيد عقيل الساري والدكتور عبد الجليل السكنيس والاستاذ عبد الغني خنجر والدكتور محمد سعيد السهلاوي، والاستاذ جعفر الحسابي، غير الظلم؟ فاذا كان الخليفيون ظالمين، فما الموقف المطلوب خصوصا اذا كان مشروعهم قائما على ممارسة الظلم و تكريسه؟ وهل هناك من يشكك في الظلم الخليفي لحظة خصوصا بعد تجربة السنوات الاربع الماضية التي فشل المشاركون خلالها منع اي ضرر ضد المواطنين؟ وهل هناك ضرر اكبر من تحويل المشاركة الى ذريعة لضرب معارضي مشروع التجنيس السياسي؟ لقد استطاع فرعون تمرير كافة قوانينه وفي مقدمتها قانون التجمعات وقانون الارهاب وقانون المولوتوف، وسوف يمرر قوانين اخرى للمآتم والمساجد، كل ذلك بهدف القضاء على أي أثر فكري او ثقافي يفشل مشروع التغيير السكاني. لقد طرح قانون خفض اصوات مكبرات الصوت، بالونة اختبار لتسهيل مهمة تحويله الى قانون يصدر باسم “الديمقراطية”. فالقوانين القمعية المذكورة صدرت من خلال تلك المشاركة “الديمقراطية”. واذا ما صدقت مقولة الدكتور صلاح البندر مؤخرا بان الاحتلال الخليفي بعث رسالة لطمأنة البعض بان الحملة القمعية الاخيرة انما تستهدف المجموعة الرافضة للدستور الخليفي وليست موجهة ضدهم، فان ذلك محنة كبرى تكشف مدى ما يمكن ان يصل الوضع اليه عندما تصبح الهرولة من اجل المناصب والمكاسب المحدودة بديلا للموقف المبدئي المسؤول الذي اكدته احاديث الرسول وروايات اهل البيت عليهم السلام. قال رسول الله(ص): “من مدح سلطاناً جائراً وتخفف وتضعضع له طمعاً فيه كان قرينه إلى النار”. وعن عبد الغفار بن القاسم، عن الباقر (ع) قال:«قلت له: يا سيدي ما تقول في الدخول على السلطان؟ قال: لا أرى لك ذلك، قلت: إني ربما سافرت إلى الشام. فأدخل على إبراهيم بن الوليد. قال: يا عبد الغفار، إن دخولك على السلطان يدعو إلى ثلاثة أشياء: محبة الدنيا، ونسيان الموت، وقلة الرضا بما قسم الله». وعن مسعدة بن صدقة قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان يعملون لهم ويجبون لهم ويوالونهم؟ قال: ليس هم من الشيعة ولكنهم من أولئك. وعن صبيح الكابلي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (من سود إسمه في ديوان بني شيصبان ـ أي بني العباس ـ حشره الله يوم القيامة مسوداً وجهه)
ألم يحن الوقت لكي نحمي ديننا وانسانيتنا ونربأ بأنفسنا عن الولوج في باب ضيق يقودنا الى النار؟ لقد اعترف الاجانب بظلم آل خليفة خصوصا في عدوانهم الاخير الذي طال العلماء والخطباء والنساء والاطفال بدون تمييز. فكيف يمكن تبرير هذا الصمت؟ لماذا تمر خطب الجمعة ولا تذكر مصيبة هؤلاء المظلومين؟ ان من يساير الطغاة يجد نفسه مغلول اللسان، ميت الضمير، عاشقا للدنيا، متكالبا على الوجاهة والمنصب، فيضمر الحس الانساني لديه، ويمارس رقابة ذاتية مفرطة، ويصبح اداة من ادوات السلطان، بل ربما اصبح ملكيا اكثر من الملك كما يقال. ما هي المصلحة التي تحققت بعد اربع سنوات من الاذعان لارادة الطغاة والظالمين؟ وما المضرة التي خففت بمجاملتهم وتمجيد رموزهم واطلاق صفات الجلالة التي لا تليق بغير الله على فرعونهم؟ أليس الصمت.
أخي أيها المواطن المظلوم: اياك ان تحضر يوم الزينة لتشهد شهادة الزور، فانك عندما “تصوت” فانما تدعم المشروع الذي شرع قوانين الظلم، وقنن التعذيب، وسمح لفرعون بتغيير التركيبة السكانية، وادى الى سيطرة المحتلين على اكثر من نصف اراضي البلاد واكثر من 90 بالمائة من سواحلها، ودمر البيئة وصادر الحريات وبدأ تحويل الاحتلال الى حرب ثقافية ودينية ومذهبية ضد المواطنين الاصليين (شيعة وسنة). أليس الصمت أولى لك؟ أليس الالتزام بتوجيهات الرسول والائمة عليهم السلام جميعا، أسلم من الخوض في معمعمة لا ينتصر فيها الا الخليفيون المجرمون الذين استحلوا الحرمات؟ وليكن شعارك يوم الزينة قول أميرالمؤمنين (عليه السلام): “لا تكن عبد غيرك و قد جعلك الله حرا“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 اكتوبر 2010