اللهم يا ماحق الظالمين، لا تذر على الارض من الخليفيين ديارا
يعيش شعبنا المحنة في هذه الايام والليالي الرمضانية المباركة، ونحمد الله على السراء والضراء، نحمده حمد الصابرين على بلائهم، ونفتح قلوبنا على الله المقتدر الجبار عندما نقرأ دعاء الافتتاح الذي يكرس ايمان المؤمنين وثقتهم في عدل الله: الحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين“.
نكرر هذا الدعاء ونزيد عليه ما يختمر في قلوب الامهات المفجوعات بابنائهن: نقرأ آيات القرآن الكريم ونستعيد قصة الطغاة لنستلهم منها العبر: “ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم ويستحيي نساءهم، انه كان من المفسدين”. فتلتقي قلوبنا بقلوب العباد والزهاد والمتنسكين فترتفع حناجرنا بالتوسل اليه سبحانه والدعاء على الظالمين من عمق افئدتنا: اللهم امحق دولة الظلم الخليفية، وامحها من الوجود، وانتصر لعبادك المظلومين” والدعاء في هذه الليالي المباركة هو السلاح الامضى الذي يمتلكه المظلومون، وهو أمضى من سلاح الارهاب الذي اصبح الخليفيون، نتيجة اجرامهم ودمويتهم مسكونين به. نهيب بالمؤمنين التضرع الى الله في هذه الليالي المباركة بالصلاة والدعاء والابتهال، متضرعين الى خالق السماوات والارضين ان يزلزل الارض تحت اقدام الخليفيين المجرمين، وان يمحقهم ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر. فقد أمعنوا في التنكيل بعباد الله، ولم يراعوا لهم ذمة او عهدا او حقا او كرامة. لقد روعوا الاطفال والنساء وهم يقتحمون منازل العلماء كالشيخ العابد، عبد الهادي المخوضر، وامعنوا في ترويع نسائه واطفاله، وارتكبوا الجريمة النكراء نفسها وهم يعتقلون الاحرار مثل الاستاذ المربي عبد الهادي الصفار، والاستاذ حسن الحداد. ولم يراعوا شيبة الحاج جاسم الحسابي، جد السجين المظلوم، جعفر الحسابي، ذلك الشيخ الذي يتجاوز عمره 112 سنة، والمصاب بالشلل. لقد اقتحموا عليه منزله الليلة الماضية، واحاطوه بسلاحهم ونباحهم، ونقلوه من مكانه بعنف واهانة بدعوى البحث عن ممتلكات حفيده الذي لم يسكن ذلك البيت قط، ولم يراعوا شيبته. لقد انسلخ الخليفيون من انسانيتهم وتلفعوا بالجريمة وأتقنوا الارهاب. ألا لعنة الله على القوم الظالمين، وشلت الايدي التي روعت هذا الرجل الطاعن المريض لتلبية نزواتهم الشيطانية، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
وامام هذا العدوان الارهابي من قبل فلول القراصنة والمرتزقة يقف الاحرار شامخين بهاماتهم التي لم تنحن يوما الا لله، انهم يستهزئون باولئك الذين حولوا “القانون” الى مقراعة يضربون بها اهل البلاد الاصليين، ويعبرون عن استعلائهم على اولك الاقزام الذين تجبروا في الارض ونسوا ما حل لمن سبقهم من الطغاة والفراعنة. ويمعن هؤلاء في الاجرام، حتى يعلنوا بدون حياء انهم ماضون في سياسة التجويع والحرمان ضد البحرانيين، ويهددون باستهداف الجيل الجديد بمنعه من الدراسة، وحرمان البحرانيين من حقوقهم المشروعة، واقالتهم من وظائفهم وحرمانهم من الحصول على السكن، وهي جرائم لا تنفك عن جريمة “الابادة” التي يتهم الطاغية بارتكابها ضد البحرانيين. انه امر لم يفعله احد من قبله. فربما مورس من قبل الطغاة الآخرين، ولكنه لم يقنن. ولذلك فان تقنينه هذه المرة امر ايجابي للمقاومة الوطنية التي طالما سعت لاقناع العالم بمدى اجرام الخليفيين المحتلين، في غياب تقنين الظلم بهذا الشكل الصريح. فمن هذا السخيف الفاشل الذي يخطط للخليفيين الظالمين؟ كيف يسمح لنفسه بتكرار المسرحيات الهزيلة، مع علمه انها لن تصمد طويلا لانها مؤسسة على الزيف والباطل والبهتان؟ ألا يعلم اولئك ان اصرارهم على ارتكاب الجريمة يزيدهم غوصا في الوحل، حتى يبلغ رؤوسهم قبل ان يموتوا اختناقا؟ كيف تورطوا هذه المرة في هذه الورطة التي ستقضي عليهم وعلى كيانهم الذي شيد على جماجم الشهداء واجساد الابرياء، في زمن رخصت فيه الضمائر، ما اكثر الذين انسلخوا من انسانيتهم في مقابل مال او وجاهة وهمية او منصب سياسي تافه. وما اعمق شعور من يقبل بهذه “المكرمات” بعبوديته، وانه أقل شأنا من أصغر سجين تحتوشه الكلاب الخليفية بين الساعة والاخرى.
من قال ان المحنة مشكلة لمن تعمقت فيهم روح الايمان؟ “ألف لام ميم، أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين.. ام حسب الذين يجترحون السيئات ان يسبقونا، ساء ما يحكمون”. انها سنن الله في الخلق، لا يستطيع احد تعطيلها، هذه المحنة تهدف لتمييز الايمان الصادق من الزائف، ولتضع المؤمن امام مسؤوليته، لينمو الصف الايماني على أسس راسخة فيكون كالشجرة الثابتة “أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين باذن ربها”. هذه وقفة وفاء واجلال واكبار لضحايا القمع السلطوي الخليفي، ووعد بالتعاون مع كافة القوى الخيرة التي أخذت على عاتقها مهمة التصدي وتحدي الطغيان والظلم والحيف. واننا لنعلنها صرخة مدوية في أسماع الزمن، بان لا ننام على ضيم أبدا، وان نرد كيد الظالم في نحره، فلا تقوم له قائمة بعون الله تعالى.
لقد سارت الكوكبة الايمانية بخطى ثابتة على الدرب الذي سلكه الحسين واصحابه وهو يواجه يزيد. فمن الذي انتصر في نهاية المطاف؟ الحسينيون لا يهزمون ابدا، اما يزيد واتباعه فالى زوال. لقد صاغوا مسرحيتهم الفاشلة، ولم تمض سوى ايام على بدء بثها والافصاح عنها، حتى لاحت بشائر النصر للمظلومين. ويكفي هؤلاء المظلومين فخرا ان منظمات المجتمع المدني في كل مكان لبت نداء الواجب، وصرحت بمواقفها الداعمة للمظلومين، وشجب الظالمين. وما البيانات والتصريحات عن هذه الجهات الا المسمار الاخير في نعش هذا النظام البالي الذي عبر عن ضعفه بالظلم، كما يقول الامام علي عليه السلام: “انما يعجل من يخاف الفوت ويحتاج الى الظلم الضعيف” . سار الابطال على خطى البدريين، وهم يتلون الآية الكريمة “كم فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله، والله مع الصابرين”. ذهبوا الى الزنزانات الضيقة بنفوس كبيرة وتطلعات عملاقة، لم يفت في عضدهم التنكيل او الارهاب السلطوي، بل توكلوا على الله وانفتحوا عليه، مجسدين بذلك أرقى القيم الانسانية والاسلامية في مواجهة الظلم والاستبداد، فطوبى لهم في المجاهدين. لقد فشل المشروع الفرعوني الرهيب الذي سخر للامة من يذود عنها، ووفق ابناءها للموقف المسؤول في احلك اللحظات.
“ونريد ان نمن على الذين استعضفوا في الارض ونجعلهم آئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون”
الله ارحم شهدءانا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين.
حركة احرار البحرين الاسلامية
23 اغسطس 2010