قد قالها الذين من قبلهم فما اغنى عنهم ما كانوا يكسبون
صمود الدكتور السنكيس وبقية الرهائن أقوى من زمجرات الثلاثي البغيض
ليس أول الطغاة ولن يكون آخرهم، فما أكثرهم في التاريخ، وما أوهى بيوتهم، وما أسوأ نهايتهم. طاغية البحرين، هذا الصعلوك الذي نصب نفسه ملكا على الناس، وراح يحكم في عباد الله بالظلم والعدوان، واحتل اراضيهم، وقرب شرارهم، واعتقل خيارهم، يطل برأسه كالأفعى السامة، مكشرا انيابه، فاغرا فاه كالحيوان المفترس، فما أصغره وأوهن شأنه. يتقلب في امره، فهو كالذي يتخبطه الشيطان من المس.
بالامس يدعو المنفيين للعودة وممارسة المعارضة من الداخل، وما هي الا ساعات حتى يعتقل اول العائدين الى وطنهم من البحرانيين. وما الجديد في ذلك؟ أليس هو الذي اعطي وعودا موقعة للمواطنين بالالتزام بالدستور الشرعي الوحيد، ثم أخلف وعده؟ أليس هو الذي يتحدث عن “مملكة دستورية” ثم يتحول الى طاغية مستبد لا يجاريه اي من ا لحكام العرب في الطغيان والاستبداد؟ مشكلته، كغيره من الظالمين، انه لا يفقه السنن الالهية والقوانين التاريخية، فيعتقد انه سوف يخلد في هذه الدنيا الى الابد، ويظن ان القوة المفرطة سوف تقضي على روح الحرية في المواطنين، ويتجاهل انه تحول من حاكم محمول على الاكتاف في بداية عهده عندما قدم الوعود المذكورة، الى حاكم مكروه من القاصي والداني، يستهزيء به اقرانه من الحكام لغروره وحبه الجاه والعظمة الوهمية، ويدعو البحرانيون من داخل قلوبهم ان يمحقه كما محق من قبله ممن على وتجبر. ان كل دمعة ذرفت من عين شهيد سقط في عهده، تدعو عليه عند الله، خصوصا في ليالي الشهر المبارك الذي لا ترد فيه دعوات الامهات، وكل آهة تنطلق من فؤاد أم مفجوعة باعتقال نجلها وتعذيبه لا يحجبها عن الله شيء، وكل دعاء من عابد منع من دخول مسجد لاداء الصلاة، يخترق السماوات ليصل الى مصدر العدل الالهي ويتحول الى صاعقة تحرق البيت الخليفي الجائر، وكل نفثة هم تنبعث من قلب معدم محروم من العمل او المسكن، تسمعها ملائكة السماء وتوصلها الى المنتقم العادل، قاصم الجبارين، مبير الظالمين.
ها هو المستقبل المشرق يصوغ فصوله المجاهدون الاحرار، ابتداء برهائن كرزكان، مرورا بابناء المعامير الذين يقضون ايام رمضان ولياليه في طوامير الخليفيين السفاحين، وصولا الى آخر سجناء الرأي، الدكتور عبد الجليل السنكيس، الذي اختطف من بين ايدي عائلته وهو عائد الى البلاد. واذا كان السفير الامريكي قد مهد لاعتقال السنكيس وبقية رواد الحرية، بدعوته الماكرة لهم بالعودة الى البلاد بدعوى ان بامكانهم المعارضة من الداخل، فقد اصبح شريكا في التعذيب الذي يمارس بحق هذا البحراني المظلوم، الذي لم يرحم الخليفيون المحتلون، عاهته، فاقتادوه بعكازتيه تارة وبكرسيه المتحرك تارة اخرى، ومحمولا او مجرورا بأيدي السفاحين ثالثة. لقد كانت الملائكة تحف به وهو يترنح بأيدي هؤلاء الظالمين، وترفرف حوله لتنقل آهاته واستغاثاته الى الملكوت الاعلى، لتصل الى الرب العادل الذي دعاه، وكل من آمن برسالة السماء، للاعلان عن الظلامة بصوت عال: آذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا، وان الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله”. والاغرب من هذا “المملوك” الصغير الذي اصبح عبدا لنزواته واسيرا للشيطان الذي يزين له المنكر والظلم والنهب والاعتداء على المؤمنين، وغلق المساجد، وانتهاك حرمات النساء والاطفال، ذلك السفير الذي انسلخ من انسانيته بمشاركته المكشوفة في جريمة استدراج المواطنين الى البلاد ليقعوا بأيدي القتلة الخليفيين، ان السفير الامريكي اصبح شريكا في الجريمة بتلك الدعوة المشؤومة التي كشف فيها انه من أشد أعداء الحرية خصوصا حرية التعبير وحرية السفر وحرية التوطن، وحرية تقرير المصير. اثبت هذا السفير، ضالعا في الجريمة ضد ابناء البحرين الاصليين (شيعة وسنة)، وهذا ليس غريبا على الامريكيين الذين لم يعرف عنهم سوى دعمهم للطغيان والاستبداد والديكتاتورية.
ربما كانت المفاجأة هذه المرة ما صدر عن “العم العزيز” الذي جسد ذروة الاجرام الخليفي، الذي تلطخت يداه بدماء شهدائنا الابرار، ابتداء بمن سقط في السبعينات ام الثمانينات ام شهداء الانتفاضة المباركة، ابتداء بالهانيين. هذا الشرير المتهالك على الدنيا، المتهافت على سرقة الاراضي واغتصاب اموال الناس بالباطل، الذي اعتمد على هندرسون وفليفل وسواهما من الجلادين، لم يتعلم الدرس الذي اسقطه من حساب التاريخ، وأذله وهو على قيد الحياة، وجعله أداة طيعة بيدي الطائفي المقيت، خالد بن أحمد آل خليفة، الذي سلبه من صلاحياته، وابقاه جسدا له خوار، ولكن بدون روح او كرامة. يخرج “العم العزيز” الذي آذله الله في الدنيا قبل ان ينال عقابه المحتوم عندما يمثل امام محكمة العدل الالهية، وكأنه لم يتعلم درسا واحدا من تجربة الماضي القريب. فقد فشل فشلا ذريعا في القضاء على ارادة شعب البحرين، برغم ما اقترفته يداه من جرائم وآثام، ووضع اسم عائلته في لائحة التاريخ السوداء، كل ذلك بسبب اعتقاده بان القمع كفيل بالقضاء على البحرانيين. ألا يدرك هذا المتهافت على الدنيا، الذي اصبح وجوده في الحكم من اقوى اوراق المعارضة بعد ان قضى اربعين عما رئيسا للوزراء، لينسف ورقة التوت التي يستر بها النظام عوراته، بدعوى “الديمقراطية”، ان اساليبه القمعية قد فشلت في القضاء على البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة)؟ وانه احتل موقعه بجدارة في مزبلة التاريخ التي تضم امثاله من السفاحين؟
لقد راودت الحاكم نفسه ان يتفرعن، مسكونا بداء العظمة الموهومة. واعترف للمرة الاولى بفشل مشروعه التخريبي عندما اعلن انه استبدله بمشروع تصفوي دموي، على خطى فرعون: “وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون، قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين”. فتعسا لهؤلاء الذين فقدوا عقولهم وانسانيتهم، وقرروا شن العدوان الساحق مجددا ضد اهل البحرين، بذرائع شتى، وسوف يكتشفون عن قريب ان الدمويين هم اول ضحايا دمويتهم، وان الشعوب لا تفنى بالعدوان، وبدلا من حثهم على العدوان، ومساعدتهم على استدراج الضحايا الى مقاصل الجزارين، كان حريا بالسفير الامريكي ان يطلعهم على هزائم امريكا المادية والاخلاقة في العراق وافغانستان وفلسطين، وان الاحتلال لا يمكن ان يدوم، طال الزمن ام قصر، وان العنف لا يولد الا العنف، وان المكر السيء لا يحيق الا بأهله. سوف يصمد شعبنا بوجه هذا العدوان السافر الذي اعلنه الثلاثي البغيض، وان الدكتورالسنكيس وبقية الرهائن قد وطنوا انفسهم على تحمل الشدائد ومواجهة المعذبين بروح أبية صامدة، وان البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) لن يخضعوا امام الاستبداد والظلم والارهاب الخليفي. سيظلون صامدين، كما صمدوا عقودا، وسوف يواصلون نضالهم السلمي لاسترداد حريتهم وانهاء الاحتلال الخليفي البغيض، لانهم يؤمنون بان العاقبة للمتقين، ولا عدوان الا على الظالمين، وسيعمل الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.
اللهم ارحم شهدءانا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
14 اغسطس