حقائق على طريق التحرر من الاحتلال
برغم قرع طبول “الانتخابات” والسعي المتواصل لاثبات شرعية الاحتلال الخليفي من قبل أبواق النظام، على أساس الدستور الذي كتبه المحتلون، بدون مشاركة من ابناء البحرين، فما تزال سياسة مواجهة ذلك الاحتلال على كافة الصعدان، تمثل محور المقاومة المدنية التي تبنتها ثلة من المؤمنين والاحرار التي لم تتأثر بالاعلام الخليفي الطائفي المقيت. وخلال سنوات المجالس الخليفية الصورية، أدرك الشعب فشل المشروع السياسي للطاغية، جملة وتفصيلا، ولذلك استمرت فعاليات المقاومة بدون توقف.
وبرغم محاولات نظام الاحتلال الخليفي وابواقه للتصدي للبحرانيين الاصليين (شيعة وسنة)، ونعتهم بأبشع الاوصاف، فقد ثبت الله أقدام المؤمنين، وزادهم هدى وآتاهم تقواهم، واصبح الواحد من هؤلاء المقاومين أقوى عودا، وأشد ثباتا، وأوضح رؤية، وأنقى قلبا، وأطهر وجودا. فمخالطة الظالمين وحضور مجالسهم، واضفاء ألقاب التبجيل والتعظيم عليهم، كل ذلك يميت القلب، ويطفيء وهج الايمان، ويبعد الانسان عن العبادة الخالصة لله، بدون شرك او شك او تردد. لقد اثبتت المجالس الصورية التي فصلها نظام الاحتلال الخليفي لتساوي مقاساته، ولتطفيء وهج الايمان في النفوس، وتقضي على روح الحرية والكرامة في النفوس، عدم قدرتها على تغيير ما يعادل قيد أنملة من قرارات العائلة الخليفية الجائرة. فالظالم يحكم كما يريد، يعتقل من يشاء، ويعذب من يشاء، ويمنح المال والمنصب لمن يشاء، ويجوع من يشاء، يقرب المتملقين والمتسلقين والانتهازيين، ويعاقب المجاهدين والصادقين والمؤمنين، متى شاء. ومع ان الطاغية يتجاهل ان الله له بالمرصاد، ويتظاهر بعدم اكتراثه بمعارضيه، فانه يحترق في داخله، ويتمزق حنقا وغيظا كلما فتح الله على المؤمنين فتحا: “ان تمسسكم حسنة تسؤهم، وان تصبكم سيئة يفرحوا بها، وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا”. وعندها يفقد صوابه ويتصرف كالمجنون وينعت معارضيه بما لا يليق.
وبودنا الاشارة الى بعض الامور:
اولا: ان مقاومة النظام الخليفي ما دام متشبثا بعقلية الاحتلال سوف تتواصل بعون الله. انها مقاومة بما للكلمة من معنى، أي انها تتصدى للعدوان، ولا تعتدي. وبهذا فهي تجسيد للامر الالهي الذي تنص عليه الآية الكريمة “أذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق الا يقولوا ربنا الله”. فالحرب الخليفية ضد اهل البحرين تصاعدت منذ ان تولى الطاغية الحالي منصب الحكم، وتتمثل بعدد من السياسات: تهميش دور البحرانيين في الحكم والادارة، حرمانهم من الوظائف المناسبة بتشجيع العمالة الاجنبية ومعاقبة المواطنين على اساس مواقفهم السياسية، واقصاء البحرانيين عن العمل في وزارتي الداخلية والدفاع والمرافق الحيوية الاخرى، حرمانهم من السكن بتسهيل تملك الاراضي من قبل الاثرياء الخليجيين الامر الذي ادى الى صعود اسعار الاراضي بشكل جنوني، الاستعانة بالاجانب لقمع اهل البحرين، وما العلاقات المتميزة من الولايات المتحدة التي ستنفق اكثر من نصف مليار دولار لتحديث قواعدها في البحرين الا مثال على ذلك، الابادة الثقافية والاقتصادية، التجنيس السياسي بهدف تحويل البحرانيين الى أقلية في بلدهم.
ثانيا: ان هذه المقاومة مفتوحة على الزمان والمكان، وتقتضي اقامة الحواجز بينهم وبين المحتلين، ومنع التطبيع بين المظلومين والظالمين، بين اهل البلد الاصليين (شيعة وسنة) والمحتلين الذين وضعوا ايديهم وايدي شركائهم على اراضي البلاد، خصوصا جزر ام النعسان وام الصبان (المحمدية) وجدة (الخليفية) وحوار. ويسعون لازالة آثار البحرانيين التاريخية التي تثبت وجودهم التاريخي السابق على الاحتلال الخليفي (ومن ذلك منع ترميم مسجد الشيخ ابراهيم على الجزيرة المقابلة لمنطقة عسكر). وتشير الادلة الى وجود مخطط لتهديم مسجد الخميس كمعلم تاريخي ديني يؤكد عمق انتماء البحرانيين لارضهم. وليست من مصلحة البحرانيين، على المدى ا لبعيد، التطبيع مع هؤلاء المحتلين، خصوصا بعد ان تخلوا عن اي عقد ملزم مع ا صحاب الارض الاصليين (شيعة وسنة) بالغائهم الدستور التعاقدي وفرض دستورهم الخاص الذي يلغي الشراكة السياسية للسكان الاصليين (شيعة وسنة). وبذلك فليس من شأن المقاومين الانجرار الى مشاريع “انتخابية” تهدف لاضفاء الشرعية على دستورهم المفروض بالقوة، ومجالسهم التي كرست الاحتلال وفشلت في تحجيم اطماعهم او استرداد الاراضي المحتلة منهم، او منح المواطنين اي دور في تشكيل الحكومة، او محاسبة اللصوص والمجرمين والمعذبين الخليفيين. وقد تفاقم الضرر في السنوات الاخيرة، اذا اخذت القضايا الكبرى بعين الاعتبار.
رابعا: ان الاحتلال الخليفي اصبح يزور التاريخ عمدا وبسابق اصرار. فما الوثيقة التي وزعتها السفيرة اليهودية على المشاركين في حفل استقبال اعضاء لجنة مقاومة التمييز ADC الاسبوع الماضي التي كانت هجمة شرسة على المواطنين الشيعة الا حلقة جديدة في مسلسل العدوان الخليفي ضد اهل البحرين الاصليين (شيعة وسنة) وتاريخهم وثقافتهم التي تسبق الاحتلال الخليفي. هذه الوثيقة تنعت الشيعة بأبشع النعوت، وتربطهم بايران، وتزدري نظام ولاية الفقيه، وتقلب الحقائق لتصور ان البحرانيين انما هم امتداد لايران، وان المحتلين الخليفيين هم اصحاب الارض الاصليين. هذه الجريمة الاخيرة تضاف الى الجريمة التي ارتكبتها الهيئة الوطنية لحقوق الانسان التي شارك ممثلها، محمد الانصاري، الشهر الماضي بالادلاء بافادة هاجم فيها الشيعة وايران. وسبق ذلك زيارات الى امريكا شارك فيها “وزراء” شيعة شاركوا في الهجمة على اهلهم، تنفيذا لاوامر المحتلين الخليفيين.
ان هناك تاريخا مزورا يتم صنعه بالتزييف والافتراء، بأمر من المحتلين الخليفيين، وبمشاركة بعض الانتهازيين والوصوليين والمتسلقين الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم، واصبحوا العوبة تستخدم لتزوير الحقائق وترويج ديمقراطية النظام وعصريته ودستوريته. هذا التاريخ شهادة زور خطيرة، لن يستطيع من يشارك فيه ان يبرر موقفه امام ربه ومجتمعه. ولذلك فمن بين اهداف المقاومة المدنية الشريفة التصدي لهذا التاريخ المزيف الذي يتألف من قطع متناثرة ذات الوان واشكال متعددة: انتخابية (بعنون الديمقراطية) ودعائية واعلامية ودينية وثقافية، وجميعها يتعاضد ليشكل ما يهدف الخليفيون المحتلون لتحقيقه. فكيف بنا نساق الى هذا المصير المشؤوم، لنكون شهداء زور، وكتابا لتاريخ معاد لكل ما هو نبيل وشريف وانساني وديني وقرآني وولائي؟ كيف نسمح لانفسنا ان نساق كالبهائم بعناوين براقة وتبريرات لا تخلو من شرعنة وقرأنة وأدينة؟ كيف نقبل بخدمة المحتلين ومن يشاركهم في الجرم والنهب، ويصبح، بقوة قادر، واحدا منهم بعد حين؟ نقول هذا ابراء للذمة، ورغبة في ايقاظ العقول وتزكية النفوس وإعلاء كلمة الحق والايمان. فليس من هؤلاء المقاومين من يسعى لمال او جاه او سلطان، ولكل منهم تاريخه المضيء وواقعه المشرف، وفي ذلك مصداق للآية الكريمة “اتبعوا من لا يسألكم أجرا، وهم مهتدون”. التي تؤكد شرطين اساسيين للاتباع: ان لا يكون للداعي مصلحة مادية في ما يدعو اليه، وان يكون سلوكه مستقيما. نقدم هذه الكلمات على امل ان تجد وقعا لها في النفوس، تبرئة للذمة ورغبة في تحرير الوطن واهله من الاحتلال الخليفي الغاشم، والله على ما نقول وكيل.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
11 يونيو 2010