فرص التعايش بين المحتلين واصحاب الارض تتلاشى، والعالم مطالب بالتدخل
القاعدة التي يؤسس المحتلون الخليفيون عليها وجودهم مبنية على نصائح “ميكافيلي” للأمير. ومن هذه “النصائح” اولا: انك سوف تهيمن على الشعب في حالتين: اما ان يحبوك او ان يهابوك. وما داموا لن يحبوك، فليس هناك الا ان يهابوك. والهيبة هنا تقوم على الخوف نتيجة البطش السلطوي.
ثانيها: ان الغاية تبرر الوسيلة، فما دامت غاية الخليفيين الاحتفاظ بالهيمنة المطلقة المنبثقة عن عقلية الاحتلال، فانهم مستعدون لاستخدام كافة الوسائل والاساليب القذرة، وان تعارضت مع القيم والاخلاق والقوانين الدولية. ثالثها: ان الغدر بالابرياء والاوفياء امر مقبول لان هؤلاء “سوف يصبحون في ما بعد ذوي شأن في الدولة، وربما كان لهم تأثير في النظام السياسي، فالافضل التخلص منهم”. رابعها: عدم الالتفات الى النعوت السلبية: “لا عليك ممن يقولعنك انك ناكر للجميل، لان الغاية تبرر الوسيلة”. خامسها: اظهار الاخلاق الحسنة على ان تكون مظهرا خارجيا فقط لأجل كسب الناس وتأييدهم، وأن يحاول أن يجمع كل الصفات الحميدة التي يفتخر بها الرجال ، ويلتزم بها أمام الناس ، بل ويبذل كل ما في وسعه ليشتهر بها بين الناس ، فيقول عنه الناس إنه : كريم وصادق وشجاع وحافظ للعهد ، ولكنه يشدد على أن يستخدم الأمير عكس هذه الصفات تماما عند الحاجة إليها دون خجل أو حياء ، فالمهم هو طلب الشهرة التي بها يكسب الناس. سادسها: ان يكون الامير ثعلبا ليتلقي الحفائر والحبال، وأسداً ليرهب الذئاب. سابعها: لا ينبغي للأمير أن يحفظ العهود إذا كانت ضد مصلحته. ثامنها: إن القوي الذي يسعى لتقوية الضعيف يسعى للموت بقدمه. تاسعها: أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين احتلوا وانتصروا، بينما فشل الأنبياء غير المسلحين عن ذلك. ان التزام طاغية البحرين بهذه المباديء لا يحتاج لمزيد من التوضيح، خصوصا بعد مرور اكثر من عشرة اعوام على توليه الحكم، وما عمله خلال تلك الفترة لاضعاف ارادة اهل البحرين، والسعي المتواصل ليس لاضعافهم فحسب، بل للقضاء عليهم. ولقد أضاف هذا الطاغية مبدأ آخر للاطروحة الميكافيللية: الباب الذي تأتيك منه الريح، اغلقه واسترح. فما المانع من ابادة الشعب واستبداله بغيره ما دام قد اكتشف طبيعة النظام ومبكافيليته، واستطاع، الى حد كبير، الحفاظ على وجوده ونضاله؟
نقول ان نظام حكم الاحتلال الخليفي في البحرين استنفذ وسائل وميكافيلل للامير، ولكنه فشل في احتواء الوضع، واصبح وجوده معرضا للخطر، سياسيا واخلاقيا على الاقل. وهنا عمد الطاغية للمبدأ الاخير الذي لم تتضمنه نصائح ميكافيللي، فعمد لتطبيق مبدأ القضاء على الشعب الاصلي (شيعة وسنة)، واستبداله بالاجانب. وفيما تستمر جريمة الابادة، تتواصل الاساليب الاخرى للتخلص من هذا الشعب “المزعج”. وقد عمد الخليفيون مؤخرا لاظهار حقيقة نواياهم، بدون استحياء او خشية من احد. فاستهداف الابرياء بالتعذيب والقتل اصبحت وسيلة اساسية في الحرب الخليفية ضد البحرانيين. وما تصريحات محمد راشد بوحمود، الوكيل المساعد للشؤون القانونيوة بوزارة الداخلية الخليفية الاخيرة الا تأكيد للمنحى الدموي التصفوي لنظام الاحتلال. فقد أفتى هذا أفتى هذا ا لمجرم بجواز قتل الابرياء بسلاح الشوزن، وقال ان ذلك ليس محرما دوليا، مؤكدا “ان ما يروج عن ان سلاح الشوزن محرم دوليا عار من الصحة، واالاسلحة المحرمة دوليا هي الكيماوية والغازية”. هذا التصريح الخطير تأكيد لتصاعد الحرب الخليفية ضد البحرانيين، ويكشف غطرسة وغرورا متميزين. فكيف يستطيع مسؤول بأية دولة الدفاع عن استهداف المواطنين العزل عندما يمارسون حقهم الطبيعي في الاحتجاج والتظاهر؟ وبرغم الشجب الدولي لتلك السياسة (وآخرها ما جاء في بيان اصدرته الشهر الماضي منظمة العفو الدولية” فقد أكد المسؤولون الخليفيون اصرارهم على استعمال الاسلحة المحرمة دوليا. ويعتبر تصريح بوحمود ردا مباشرا على ذلك البيان، ورفضا خليفيا للالتزام بالقوانين الدولية. والواضح من هذا التصريح ومن تصرفات الاجهزة الامنية ان الخليفيين ماضون في مشروعهم الخبيث بالقضاء على اهل البحرين، سواء بالتجنيس السياسي المقيت ام اساليب التركيع والاستعباد والاعتقال والتعذيب، ام الاستهداف المباشر بالقتل. وقد رفض المحتلون الخليفيون حتى اليوم اجراء اي تحقيق في استشهاد عدد من البحرانيين في عهد الديكتاتور الحالي مثل نوح خليل آل نوح، محمد جمعة الشاخوري، مهدي عبد الرحمن، عباس الشاخوري وعلي جاسم. كما رفض المحتلون الخليفيون اجراء اي تحقيق في جرائم التعذيب التي وثقت منظمة هيومن رايتس ووج عددا منها في تقريرها الاخير الذي صدر في شهر مارس الماضي.
انه صراع مرير بين طرفين: آل خليفة الذين احتلوا البلاد بالقوة ويسعون لابادة سكانها الاصليين (شيعة وسنة) واهل البحرين المتشبثين بارضهم ووطنهم، والرافضين الخضوع للمحتلين. هذا الصراع مر بمراحل عديدة حتى وصل الى الوضع الحالي الذي هو الاخطر لانه مرحلة كسر العظم بين الجانبين. الامر الايجابي الذي اثبتته عقود الاحتلال الخليفي فشل المحتلين في التطبيع مع السكان الاصليين (شيعة وسنة). هذا الفشل الذريع يتمثل حاليا بالمفاصلة السياسية والاجتماعية والثقافية بين الطرفين، فالخليفيون يعيشون ضمن مستوطناتهم في الرفاع، ويرفضون الاحتكاك المباشر مع البحرانيين، الى حد منعهم من تملك الاراض في تلك المنطقة. كما يرفضون التزاوج مع البحرانيين، ويعاقبون من يكسر هذه القاعدة من آل خليفة بحرمانهم من الامتيازات الخاصة بهم. هذا الصراع المرير يزداد تأججا يوميا نتيجة سياسات الشخص الذي أسند الطاغية اليه ملف ادارة البلاد حتى اصبحت الطائفية العنوان الاوضح في كل سياساته. وقد ادى ذلك لتعمق مشاعر الكراهية الشعبية للحاكم وبطانته، لان خالد بن أحمد آل خليفة، وزير ديوان الطاغية، يمثل أسوأ الصور في اذهان المواطنين بطائفيته وحقده. وقد اصبح هذا المجرم الذي يضم فريقه اشخاصا لا يقلون سوءا مثل احمد عطية الله آل خليفة، الشخص الذي كشف تقرير البندر دوره الخبيث في ترويج الثقافة الطائفية والتشطير المجتمعي، رمزا لكل ما هو سيء في مشروع الاحتلال الخليفي كالحقد الطائفي والاستبداد والابادة والتمييز ودعم التطرف. وبذلك اصبح الحاكم الحالي رمزا للوحشية والجشع والحقد، وأسوأ الحكام الخليفيين على الاطلاق، وبذلك دخلت البلاد مرحلة سوداء قاتمة ستشهد المزيد من الاحتقان والاحتراب، والمفاصلة بين القاتل والضحية، بين الجلاد والسجين، وبين اللص وصاحب الحق المسروق.
في الفترة الاخيرة شعر المحتلون الخليفيون بتراجع حظوظهم على الساحة الدولية. ومن مظاهر هذا التراجع: فشل المشروع السياسي الذي فرضه الديكتاتور الحالي على البلاد بالقوة، فلم يحظ بأي دعم دولي على الاطلاق. وبلغ الاستسخاف الدولي بهذا المشروع مستوى هابطا جدا عندما ادرجت منظمة “بيت الحرية” البحرين ضمن الدول التي “لا توجد بها حرية”. ومن المظاهر ايضا شعور المسؤولين الخليفيين بتأرجح دعم حلفائهم في واشنطن ولندن، الامر الذي دفع ولي العهد الخليفي الذي اصبح شريكا اساسيا في الفساد المالي والاداري، للقيام بزيارات متواصلة الى الولايات المتحدة وبريطانيا في محاولات يائسة لتحييد نتائج عمل المعارضة التي نجحت في كشف طبيعة الاحتلال الخليفي بشكل غير مسبوق. وكان آخر هذه الزيارات الى الولايات المتحدة حيث التقى المسؤول الخليفي الذي كان يأمل ان تساعده ثقافته الامريكية في اختراق قلوب اصدقاء عائلته بشكل فاعل، والتقى خلال تلك الزيارة بعدد من اعضاء الكونجرس للتأثير عليهم وتغيير الصورة السوداء التي ارتسمت في اذهانهم نتيجة جرائم التعذيب التي ارتكبوها وتكريس نظام الاستبداد والديكتاتورية والتمييز ضد اغلبية المواطنين وقمع الحريات العامة خصوصا حرية التعبير. ولي العهد الخليفي يجد نفسه اليوم مستهدفا بدعاوى الفساد خصوصا بعد ان أصبح يسمى “شيخ بحر” بسبب استيلائه على مساحات شاسعة من البحر، واستلامه العمولات بعشرات الملايين من الدولارات كعمولات من تجار البناء. كما يجد والده، الحاكم الديكتاتور، مستهدفا بدعاوى دولية بارتكاب جريمة “الابادة” ضد الاغلبية البحرانية التي اصبحت مستهدفة في وجودها على كافة الصعدان. برغم ذلك فقد بلغت صورة الحكم الخليفي من السوء درجة لا يصلها اي نظام عربي آخر، واصبح داعموه في موقف حرج خصوصا مع تكرر التقارير الدولية التي تدينه وتكشف عوراته وجرائمه. انها حرب طاحنة بدأت وسوف تتواصل حتى يظهر الله الحق ويمحق الباطل، ويهلك الطغاة والظالمين والجلادين، وينصر عباده المؤمنين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
28 مايو 2010