لكي نبقى على خط الايمان الذي يحارب الظلم
تساؤلات عديدة تطرح بين الحين والآخر حول دوافع الطرح القائم على ثقافة المقاومة الجادة للاحتلال الخليفي، مع وجود ثقافة اخرى تروج اساليب مختلفة للتعامل مع الوضع القائم. ومن هنا اصبح من الضرورة بمكان عرض بعض النقاط ذات الصلة بهذه القضية الحساسة، على امل ترشيد الموقف وابراء الذمة وحمل الامانة بصدق ووفاء:
1- الاختلاف في فهم الاوضاع امر طبيعي، وطبيعي ايضا الاختلاف حول طرق التعاطي معها. وفي ما يتعلق بالواقع البحراني فهناك خطوط عديدة يعمل كل منها وفق نظرته الخاصة، وهذا امر ليس من الحكمة انكار وجوده، او السعي للقفز عليه باصدار الاحكام ضد شخص او طرف او اتجاه.
2- من حق اي مواطن ان يختار ما يناسب موقفه الاسلامي الشرعي والانساني، والله سبحانه وتعالى هو العالم بما تخفي الصدور، اي انه وحده من يعلم النوايا الخفية، وليس من حق احد محاكمة تلك النوايا الخافية الا على الله وحده.
3- اثبتت السنوات الخمس الاخيرة وجود خطين مختلفين في تشخيص الوضع السياسي، وانتهج كل فريق ما يراه مبرئا للذمة. وما الضير في ذلك؟ والمسألة هنا ليست من نوع الحلال والحرام، التي تكون احكامها الدينية مبرمة. فثمة خط يعتقد بامكان العمل من داخل النظام لتغييره، وخط لا يعتقد بامكان تغيير النظام من داخله، بل لا بد من السعي لخلخلة ذلك النظام، لان الاختلاف معه ليس حول اداء الحكومة بل حول أسس الحكم: هل يعترف باهل الارض الاصليين (سنة وشيعة) ام لا يعترف؟ هل يرضى بشراكة سياسية معهم من خلال دستور يكتبه الشعب ام لا يرضى؟ هل تشكيل الحكومة شأن خاص بالعائلة الحاكمة ام ان الشعب صاحب الفصل في تشكيل الحكومة التي تدير شؤونه؟
4- في ظل هذه الحقائق يفترض ان لا يؤدي الاختلاف الى تجاوز الحدود والاخلاق، او التكفير او التسقيط او التشكيك في النوايا. ومع ان هذه نظرة مثالية ولكن المطلوب من الرموز المتقدمة في كل من الخطين وكذلك من الشباب الملتزمين بأي من الخطين ان يلتزموا بأخلاق الاسلام ضمن اطر الايمان والأخوة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وليترك بعد ذلك للناس حرية اختيار ما يبريء ذمتهم.
في ضوء ما تقدم يمكن طرح الضوابط التالية:
اولا: التأكيد على انتماء الجميع للاسلام، والتعامل على اساس ذلك الانتماء، وعدم السماح للشيطان باختراق الصفوف واثارة الفتنة والبلبلة. وبالتالي فليس مناسبا الطعن في ايمان الاشخاص او نواياهم.
ثانيا: الابتعاد عن اقحام مصطلح “الشرعية” في السجال، فهو إقحام في غير محله، وهو سلاح ذو حدين لا ينحصر خطره على طرف دون الآخر. فهناك اوامر الهية واضحة لا يستطيع احد تجاهلها في ما يتعلق بمواجهة الظالمين: “أذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير”. “ان من اعظم الجهاد عند الله كلمة حق امام سلطان جائر“. وهناك من الاحاديث الثابتة عن أئمة اهل البيت عدد كبير يدعو لمقاطعة الظالمين. هذا يعني ان هناك إذنا عاما بمواجهة الظلم والظالمين، ولا يمكن ان يكون من يتصدى للعدوان الخليفي الذي يشن حرب وجود طاحنة ضد البحرانيين، ويضحي في سبيل ذلك عاصيا لله.
ثالثا: مطلوب منا جميعا ن نغضب لله سبحانه وليس من اجل مصالحنا الشخصية ، او مصالح فئتنا. وما أبلغ كلمات الامام علي عليه السلام لأبي ذر وهو يودعه منفيا الى الربذة:” يا أبا ذر… إنك غضبت لله فارج ما غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرب منهم بما خفتهم عليه، فما أحوجهم إلى ما منعتهم، وما أغناك عما منعوك، وستعلم من الرابح غدا، والأكثر حسدا، ولو إن السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا، لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل، فلو قبلت دنياهم لأحبوك، ولو قرضت منها لأمنوك“.
رابعا: ان هناك خشية من ان نكون ممن يلتمس الاعذار لعدم مواجهة العدو، فنصبح مصاديق للآيات البليغة من سورة التوبة، او سورة النور، او سورة الاحزاب، وهي آيات ترتعد منها الفرائص لانها تعبر عن سعي “المعوقين” للتثبيط عن مواجهة العدو، وسعيهم لاخفاء ذلك بذرائع وحجج واهية: ” قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا، أشحة عليكم، فاذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون اليك تدور أعينهم كالذي يعشى عليه من الموت، فاذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير، أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا، يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يؤودا لو انهم بادون في الأعراب، يسألون عن أنبائكم، ولو كانوا فيكم ما قاتلوا الا قليلا“.
خامسا: ان من سمات الفائزين التواصي بالحق والتواصي بالصبر “والعصر، ان الانسان لفي خسر، الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر”. أليس من الضروري تفعيل هذه القيم في اوساطنا الملتزمة، فنصبر على الاذى عندما نتصدى بالحق؟ كما ان من اعظم الكبائر السكوت على الاخطاء والمنكرات وعدم استنكارها: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه”. هذا المنكر قد يكون عملا منحرفا، او كلمة مدح لظالم، او دعما لظلم، او تحريضا على الظلم، او تخل عن نصرة مظلوم.
سادسا: لقد جعل الله للعقل دورا حاسما، به يكون الانسان انسانا، والا تساوى مع الحيوان الذي لا عقل له. هذا العقل كرمه الله، قال الامام الصادق عليه السلام: “لمّا خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إليّ منك، بك أعطي، وعليك أُثيب”. فلا تسمح لأحد بالتفكير نيابة عنك، ولا تلغ دور عقلك في تحديد الطريق والتمييز بين الحق والباطل، بين الغث والسمين، وبين ما يرضي الله وما يسخطه. كن كما قال الامام علي عليه السلام: “لا تكن عبد غيرك، وقد جعلك الله حرا”. فاذا طرحت قضية فناقشها، وتفحصها، واقرأ ما بين سطورها، ولا تتبع الآخرين الا بعد التمحيص والتدقيق، لان الله يحذرنا من عاقبة الاتباع بغير هدى: إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
26 مارس 2010