لن نصف المحتلين بـ “الكرام” يوما، ولن نساومهم على ثوابت الدين
ما وجه الكرم في الاحتلال الخليفي لاراضي البحرين؟ ما الذي قدموه للبحرين منذ ان دنست اقدامهم ترابها الطاهر سوى النهب والسلب والقتل والتعذيب والتنكيل باهلها؟ هل يمكن مقارنتهم بحكام دول الخليج الاخرى من حيث الشعور بالانتماء للوطن والمواطنين والرغبة في تخفيف الضغوط المعيشية عليهم.
ان هؤلاء القوم ليسوا كرماء الا مع انفسهم باقتطاع اراضينا واموالنا. اما مع البحرانيين الاصليين (سنة وشيعة) فكرمهم لا يتوفر الا بتوسعة السجون والبذخ في الانفاق على شراء ادوات التعذيب، وتوظيف العملاء الاجانب لاستهداف النشطاء، ورشوة بعض الافراد والمؤسسات لتسليطهم على اهل البحرين. لو كان هؤلاء كرماء لأنفقوا ثروات البلاد على اهلها ولم يهدروها لخدمة مشاريعهم الشيطانية.
بحرانيون اصليون، كعائلة الستراوي وغيرها، يحرمون من الجنسية وجوازات السفر، بينما يخاطب الطاغية اليهود في امريكا في شهر نوفمبر 2008 قائلا: “اتمنى ان يختار عدد اكبر منكم المجيء الى البحرين. فلدينا ارض مخصصة لمن يعود منكم الى البحرين، فانهم موضع ترحيب كمواطنين”. هذا الطاغية يوجه ابواقه الرخيصة للكيد ضد البحرانيين مدعيا ان “الشيعة هم الذين طردوا اليهود من البلاد في 1948″، لكنه لا يقول لهم “ان اليهود هم ا لذين طردوا الفلسطينيين من ارضهم”. ما الفرق بين احتلال بالقوة قام به احمد آل خليفة لارض البحرين، واحتلال نفذه الصهاينة في فلسطين؟ الغرباء الذين سمعوا بمعاناة اهل البحرين قالوا كلمتهم بوضوح وبدون لبيس او غموض: البحرين دولة “لا تتوفر فيها الحرية” (منظمة فريدوم هاوس) وانها “تمارس التعذيب ضد السجناء السياسيين” (منظمة هيومن رايتس ووج. وبذلك سقط المشروع السياسي الذي فرضه الطاغية على البلاد. فلمصلحة يتصدى البعض من اخوتنا لينقض هذه الحقيقة قائلا ان العائلة الخليفية “الكريمة” تمارس ديمقراطية من افضل الديمقراطيات في المنطقة؟ أليس عارا ان نمدح الظالمين؟
لقد امرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصمت عندما نفتقد ما نقوله من كلام الحق والخير: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا او ليصمت”. وحري بكل مواطن غيور ان لا يمنح هؤلاء المحتلين اعترافا مجانيا باحتلالهم، ويخطيء من يقول ان هناك قبولا غير مشروط من قبل اهل البحرين بالاحتلال الخليفي. فهل هناك من يعطي السكين للذباح ليسهل بها قطع رأسه؟ فخلال ما يربو على القرنين من الاحتلال، لم يعترف البحرانيون بالحكم الخليفي الا في دستور 1973 الذي كان تعاقدا مشتركا بين طرفين. وبالغاء الطاغية الحالي هذا الدستور فقد سقط ذلك الاعتراف. وعندما سعى لكسب اعتراف شعبي بالحكم الخليفي، اشترط البحرانيون ان يكون ذلك الاعتراف ضمن حاكمية دستور 1973 من خلال ميثاقه المشؤوم. وحبث انه لم يلتزم بتلك الشروط، فقد اصبح ميثاقه لاغيا، ومعه الاعتراف بالحكم الخليفي. ان الشعب يشترط ان يكون شريكا في الحكم كشرط لقبول الحكم الخليفي، مع ان الزمن لم يعد مناسبا للحكم التوارثي الاستبدادي. وليس مهما ان يدعي احد بخلاف ذلك، خصوصا مع استمرار المعارضة البحرانية الباسلة التي تعبر عن نفسها يوميا بوسائلها السلمية في كافة مناطق البلاد.
كيف يوصف المحتلون بالكرم؟ وكيف تضفى على من يتحالف مع الموساد الاسرائيلي ضد اهل البلاد الاصليين (سنة وشيعة) سمات التبجيل؟ هل هناك مردور لذلك الاعتراف يرضى به البحرانيون؟ هل هناك تخويل من احد بمنح الشرعية للاحتلال الخليفي بالنيابة عن المواطنين؟ ان من الاجدى المطالبة بمحاكمة رموز الحكم الخليفي لارتكابهم جرائم ضد الانسانية من خلال ممارسة التعذيب، خصوصا بعد صدور تقرير منظمة هيومن رايتس ووج الذي هز مشاعر البشر بسبب ما احتواه من ادلة دامغة على المعاملة الوحشية للسجناء السياسيين على ايدي الخليفيين وجلاديهم. فحتى هذه اللحظة لم يصدر عن هذه الطغمة سوى التصريحات التي يهدفون منها لامتصاص الغضب الشعبي او سخط المنظمات الحقوقية الدولية والجهات السياسية الصديقة لحكمهم. بينما يتم تدوير هؤلاء، فينقل يوسف العربي الى طيران الخليج، بينما تقتضي العدالة ان يقدم للعدالة بسبب ما اقترفه من جرائم بحق الابرياء.
بالامس تم الكشف عن اللقاء السري الاخير بين وزير الخارجية الخليفي ورموز الصهيونية العالمية، ولم ير حرجا في نشر صوره وهو في حالة نشوة منقطعة النظير مع أشباهه في الاحتلال. لم يختلف في شكله كثيرا وهو يلتقي مضيفيه عن ارييل شارون الذي وطأ اجساد شهداء صبرا وشاتيلا واستقبله الصهاينة في امريكا كبطل قومي لليهود. ما الفرق بين الاثنين ما دام ضحاياهم من الفلسطينيين والبحرانيين وليس من ذوي الدماء الوردية؟ البعض يتساءل عن سبب تشبيه الوضع البحراني بالفلسطيني، فكأن الاحتلال له وجوه مختلفة! ما الفرق بين احتلال يمارسه الصهاينة في فلسطين، واحتلال يمارسه الخليفيون ويطلقون عليه عنوان “الفتح” للايحاء بان البحرانيين كانوا كفارا، فجاء “الفتح الخليفي” لانقاذهم من الكفر؟ ما الفرق بين من يعذب معتقلا فلسطينيا لانه يطالب بتحرير ارضه، ومن يعذب معتقلا بحرانيا لانه يرفض عقلية الاحتلال التي يحكم بها؟ وما الفرق بين من يأتي باليهود من اصقاع الارض ليوطنهم في اراضي الفلسطينيين وبين من يستقدم المرتزقة والعملاء الاجانب ليحتلوا ما تبقى للبحرانيين من مسكن ومأكل؟ اما آن الاوان صحوة ضمير توقظ النائمين على واقعهم المر، ليتحركوا على طريق الانبياء والمصلحين ليواجهوا الطغاة والظالمين بدلا من الصمت على جرائمهم او مسايرتهم؟ أين ذهب الاحرار والمؤمنون الذين لا يوالون أعداء الله، ولا يخشون بطشهم او سلطانهم، ولا يجالسونهم او يقرون ظلمهم او يشاركونهم في فسادهم؟ أين كلمة الحق امام سلطان جائر؟
ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد. ان للكمة شأنا في الاسلام، فلا يجوز امتهانها واستعمالها في غير مكانها، لكي لا تفقد قيمتها ومعناها. فاللئيم لا يمكن وصفه بالكرم، والمجرم لا يوصف بالعدل، ووزير الداخلية الذي يشرف على اجهزة تعذيب البحرانيين لا يجوز وصفه بـ “الحكمة” او انه “الرجل المناسب في المكان المناسب”. هل يجوز تسليط جهاز الشرطة الذي يتكون من مرتزقة أجانب ضد المواطنين؟ هل يمكن ان يمارس الشرطي او العسكري دور المربي والناصح لأبنائنا؟ فلنتق الله في انفسنا وعيالنا، ولنحميهم من عدوان هؤلاء الآثمين والمجدرمين والسفاحين، فهل هناك بلد في العالم يعهد للشرطة بتربية المواطنين وتثقيفهم حول حقوقهم وواجباتهم ومسؤولياتهم؟ ولنمارس تربية فاعلة للنشء الجليل، تعطي للعقل دوره، وتغرس في نفوس ابنائه نزعة الحرية وتعمق لديه الايمان بالله وحده، واستصغار كل ما سواه. لنقف صفا واحدا ضد الظلم والاستبداد والعدوان والسلب والنهب، خصوصا اذا كان من يمارسه صديقا للصهاينة، وعدوا للمستضعفين والمؤمنين. فان لم نفعل ذلك فقد فشلنا في حمل الامانة وتبليغ الرسالة، ووالينا اعداء الله وكنا للظالم عونا وللمظلوم عونا، فهل هذا ما نريد؟
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
5 مارس 2010