الأيام التي لم نعشها بعد: عندما يصبح المعذبون “ساسة” و “نوابا”
ان من سخريات القدر ان يرفع المجرمون رؤوسهم ويهددوا اهل البحرين بالمزيد من القمع والقتل والاعدام. فمسؤولو النيابة الخليفية الذين فشلوا في اثبات اية تهمة جنائية بحق اي بحراني حتى الآن هم المجرمون الحقيقيون، وفق ما جاء في تقرير منظمة هيومن رايتس ووج الاخير حول التعذيب في البحرين.
وقد أكد محررو التقرير ان هؤلاء “متواطئون” في جريمة التعذيب على اقل تقدير، لانهم فشلوا في ثلاثة جوانب: اولها انهم لم يستمعوا لشكاوى الضحايا الذين كرروا عليهم ان “اعترافاتهم” انتزعت تحت التعذيب، وثانيها: انهم لم يحققوا في جرائم التعذيب التي ارتكبها جلادوهم لاجبار البحرانيين الشرفاء على توقيع افادات مزورة، وثالثها: ان بعض افراد النيابة ربما شارك شخصيا في ممارسة التعذيب او أمر به. ولتغطية جرائمهم، يطالبون باعدام ضحاياهم. لان بقاء هؤلاء الضحايا يعني استمرار كشف جرائم مسؤولي النيابة الخليفية التي لم تتوقف، خصوصا مع توجيه الاتهامات والامر بتمديد فترات توقيف سجناء الرأي والامعان في التنكيل بالاحرار. كل ذلك بدعوى انهم قاموا بحرق مزرعة المعذب المعروف، عبد العزيز عطية الله آل خليفة، الذي حظي بمكافأة كبرى من الطاغية عندما عينه مستشارا أمنيا له، بسبب ما له من باع طويل في تعذيب شباب البحرين والتنكيل بهم بلا حدود منذ مطلع الثمانينات. ان هذا الجلاد ومن يقف معه ويحميه لا يعادل شعرة واحدة من جسم واحد من الضحايا الذين مزق عطية الله اجسادهم في زنزانات التعذيب الخليفية. فما قيمة مزرعته التي نهبها من البحرانيين بدون حق؟
وما دام الشعب يعيش في عهد أسود تحم حكم الطغمة الخليفية التي احتلت ارضنا بقوة السلاح وتواصل اجرامها بتعذيب الاحرار وتكميم الافواه، فلن يكون بمأمن من اجرامها المتواصل، ولن يهنأ يوما بالعيش على ارضه خصوصا بعد ان سلطت الاجانب عليهم وجاءت بالمستوطنين من كل حدب وصوب. لقد اصيبت البحرين بنكبة انسانية قل نظيرها، خصوصا منذ ان وصل الطاغية الحالي الى الحكم، واصبح يتحكم في البلاد والعباد، ويحكم في الناس بالظلم والقهر والاستبداد و الاستعباد. ولكن الله من على ضحاياه واستجاب لدعوات امهاتهم، فانكشف امر هذه الطغمة الحاقدة، فبدأت التقارير الدولية تصدر تباعا لتجرمهم ولتجعل حكمهم المقيت واحدا من أبشع نظم الاحتلال التي ابتلي بها العالم، فلم يكتفوا باحتلال الارض وابتلاعها، بل عمدوا لإبادة السكان الاصليين بأبشع الوسائل. فجاؤوا بالمستوطنين للاستقواء بهم على اهل البحرين ظلما وعدوانا، وما يزالون يستوردون هؤلاء برغم احتجاجات المواطنين. انها جريمة إبادة بحق المواطنين الاصليين (سنة وشيعة) يستحق مرتكبوها المقاضاة امام القضاء الدولي الذي يجرم إبادة الشعوب الاصلية. وسوف يأتي بعون الله اليوم الذي ينال الطاغية ووحوشه جزاءهم العادل امام القضاء الدولي (او المحلي) في الدنيا قبل الآخرة، وما ذلك على الله بعزيز. فلقد استكبروا في الارض وعتوا عتوا كبيرا، فلن يكون مصيرهم مختلفا عن مصير امثالهم في ايران والعراق وبقية دول العالم.
لم يكتف الاحتلال الخليفي بذلك بل اصبح يمعن في اهانة المواطنين والضحايا بسياساته الهابطة. فما تسليط الطائفي المقيت، خالد بن احمد آل خليفة، على الشعب من موقعه كوزير لديوان الحاكم، وهو منصب يجعله يتصرف كرئيس للوزراء، الا مؤشر آخر على عمق الحقد الطائفي الذي ينطوي عليه المشروع السياسي للطاغية، ويعتبر تحديا مباشرا ومهينا لمشاعر المواطنين الذين عاشوا اخوة على اختلاف انتمائهم المذهبي. ولن ينسى شعب البحرين الاصلي هذه الجريمة النكراء التي يمعن الاحتلال في تنفيذها مستغلا بعض الانتهازيين والمتطرفين الذين يضعون مصالحهم الشخصية فوق مصالح الوطن والشعب. ان اصرار الحاكم على ابقاء خالد بن احمد آل خليفة في منصبه جريمة اخرى تضاف الى سجله الاسود، لتؤكد نواياه السوداء وغربته عن البحرين، ارضا وشعبا وثقافة وتاريخا.
لقد بلغ اجرام نظام الاحتلال الخليفي ذروته باعلان ترشح رمز التعذيب الرهيب، عادل فليفل، لعضوية النصف المنتخب من مجلس الشورى الصوري، وهي خطوة اخرى من خطوات الاهانة والاحتقار للمواطنين. فبدلا من الاقتصاص من هذا الوحش الكاسر، يتم ترقيته ليكون “مشرعا” للبحرانيين. فأي جرم يرتكب نظام الاحتلال هذا؟ وبهذه الخطوة يحفر الطاغية قبره بيديه، فسيظل فليفل، اذا ما وصل الى عضوية ذلك المجلس التافه، عنوانا بارزا لظلامة اهل البحرين. وكما يقال، فرب ضارة نافعة. فوجود فليفل في ذلك المجلس سيكون امتحانا للجميع: فهل سيقبل احد من ذوي المروءة والشهامة بمجالسته وتبادل الاحاديث معه، وهو الذي ولغ في دماء الابرياء على مدى اكثر من عشرين عاما؟ هل ستمتد ايدي الآخرين لمصافة يديه الملطختين بدماء الشهداء الذين بدأوا يتساقطون، ابتداء بالشهيد جميل العلي، مرورا برضي مهدي ابراهيم، ومحمد حسن مدن، وكريم الحبشي والشيخ جمال العصفور، والدكتور هاشم العلوي، وصولا الى شهداء الانتفاضة المباركة وآخرهم نوح خليل آل نوح. عادل فليفل هذا يمثل أسوأ رمز للتعذيب والجرائم ضد الانسانية. ويستحق هو ومن يحميه ويغطي جرائمه، اقسى العقوبات بسبب ما ا رتكبت يداه. ان دماء ضحاياه لم تجف بعد، فلا خير في مجلس يعترف بعضويته، ولا خير في نظام يؤويه.
لم يكن الامر غائبا عن اذهان رموز المقاومة البحرانية التي اتخذت قرار القطيعة الكاملة مع نظام الاحتلال، وحققت بذلك نجاحات لم تكن تأمل ان تتحقق بهذا الحجم. فان ما تحقق خلال السنوات الاربع الاخيرة من فضح نظام الاحتلال الخليفي وسحب الشرعية عنه شعبيا وسياسيا واخلاقيا كان فوق ما كان متوقعا. وان الشهادات الدولية التي صدرت في الفترة الاخيرة ابتداء بتقارير المنظمات الحقوقية الدولية ووصولا الى تقرير منظمة فريدوم هاوس الذي أسقط الدعاوى الخليفية بالديمقراطية والاصلاح السياسي، وتقرير منظمة هيومن رايتس ووج الذي أزاح اللثام عن الوجه الخليفي القبيح، واظهرهم على حقيقتهم كوحوش كاسرة تتلذذ بلعق الدماء وتمزيق اجساد الابرياء، واخيرا تقرير منظمة الدفاع عن الصحافيين الامريكية الذي اكد مصادرة الحريات الاعلامية والصحافية في البحرين، كل ذلك كشف عورات النظام التي كان يسعى لتغطيتها بالتصريحات الجوفاء والادعاءات ا لخاوية والابواق الاعلامية الرخيصة. الآن زحزح الحق، وتحققت الانتصارات التي كانت المقاومة البحرانية تهدف لها منذ سنوات، وأعادت الديكتاتورية الخليفية الى المربع الاول، لتبدأ مرحلة جديدة من النضال ضد هذا الاستبداد والظلم والديكتاتورية، بروح جديدة وأمل عميق بتحقيق الانتصار الكبير بعون الله تعالى، بسحق الطغيان والاستبداد والقضاء على الاحتلال ورموزه ومعذبيه وطغاته. وذلك ما سيتحقق في زمن غير بعيد بعون والله وقوته وتوفيقه، وما ذلك على الله بعزيز.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
19 فبراير 2010