ماذا بقي من مشروعكم السياسي أيها الفاشلون؟
ارتكبتم كل الموبقات بحق البحرانيين، فماذا أجداكم ذلك؟ قتلتم رجالنا وعذبتم شبابنا واعتديتم على نسائنا، ونهبتم خيرات بلادنا، ووضعتم أيديكم على اراضينا، فماذا حققتم؟ كنتم تعتقدون ان اعلامكم التضليلي الكاذب سوف يغطي سواءتكم، فها هو بائس كبؤسكم، وفاشل كفشلكم، فما أنتم فاعلون؟ عشرة اعوام من الجحيم، وما أشده من عذاب! كان ذلك العقد مرا كالعلقم، أسود كالحا، ثقيلا كالجبل، ندعو الله ان ينتهي عهدكم بانتهائه ليحيا الناس وتسلم البلاد ويأمن الخائفون.
يموت الكثيرون عندما ينامون وفي الغرفة غاز اول اوكسيد الكربون، بلا طعم ولا رائحة، فهو موت بطيء ولكنه محتوم، لا يفلت منه الا من فتح لنفسه نافذة هواء يستنشق منها النسيم العليل، وهو ما لم تفعلوه. ظننتم ان الكذب والدجل والنفاق سوف تحول دون نفاذ سنن الله وقوانينه، وفاتكم ان الطغاة هم الذين يرحلون، ويبقى الناس الطيبون مهما كانت بساطتهم وسذاجتهم. ولغتم في الدماء حتى سالت رخيصة دافئة، ابتداء بدماء الشهيد نوح، مرورا بمحمد جمعة الشاخوري ومهدي عبد الرحمن وعباس الشاخوري وعلي جاسم وأخيرا موسى ملا خليل. تموت اجساد هؤلاء ولا تموت ارواحهم، ولا تجف دماؤهم الطاهرة. فها هي أشلاؤهم تطاردكم من تحت القبور، وارواحهم تدعو عليكم غاضبة من اجل الحق، وذكرهم يتبارك به ذوو الضمائر الحية والايمان الراسخ. لقد أظهرتم من الاستكبار ما لم يبد من أسلافكم، ومن العنت والاستبداد ما لم يفعله من سبقكم، ومن الاجرام ما لا يضاهيه مجرموكم السابقون.
وها هو العالم يصحو مجددا على حقيقتكم، فبعد عقد من الدعاية الفارغة المدعومة بأموال الشعب المنهوبة، بدأت حقيقة نظامكم تظهر للرأي العام، في الداخل والخارج. فلم تعودوا في نظر العالم “مملكة دستورية تضاهي اعرق الممالك الدستورية في العالم” بل اصبحتم، حسب ما جاء في التقرير السنوي لمؤسسة “فريدوم هاوس” الاخير “دولة لا تتوفر فيها الحرية”. وكانت هذه المؤسسة قد صدقت بعض دعاواكم سابقا واعتبرتكم آنذاك “دولة تتوفر على حرية جزئية”، ولكنها ادركت الحقيقة واكدت حالة الاستبداد والقمع التي فرضتموها على البحرين واهلها. وهكذا فقد سقطت مقولاتكم حول “الديمقراطية” وتراجع نظامكم، في نظر الآخرين، الى المستوى الهابط الذي كان عليه في الحقبة السوداء. وبالامس أصدرت منظمة هيومن رايتس ووج تقريرها الشامل والدامغ الذي يؤكد، بدون أدنى شك او ريب، عودتكم الى طبعكم اللئيم بممارسة التعذيب ضد أبناء البحرين المظلومين. لم نصدق يوما انكم قادرون على تغيير طباعكم، وكنا ندرك ان ما نراه من تغير انما هو تطبع لا يدوم، فكما يقال “الطبع يغلب التطبع”، فما دمتم حاقدين ضد هذا الشعب، فلن تترددوا في إيذائه، فانتم تتلذذون بذلك، وتشعرون بالأذى عندما ترون عليه آثار العافية. فلتعلموا يا أهل البحرين ان هؤلاء الخليفيين أعداء ألداء لكل ما هو بحراني أصيل (سواء كان شيعيا ام سنيا)، ولذلك “ان تمسسكم حسنة تسؤهم، وان تصبكم سيئة يفرحوا بها، وان تصبروا وتتقفوا لا يضركم كيدهم شيئا”. والأخطر من ذلك ان هذه الطغمة التي مزقت اجساد شبابنا لا ترعوي ابدا، ولم تبد أي استعداد للتراجع عن سياساتها الاجرامية خصوصا في ما يتعلق بالتعذيب. فقد خرج مسؤولوها لينكروا وجود التعذيب برغم وجود الادلة الدامغة على ذلك في تقرير منظمة هيومن رايتس ووج، وبرغم ما يزال ظاهرا على اجساد الضحايا من آثار. انهم قوم لا يخجلون، ولا يمكن ان يرعووا يوما عن غيهم واجرامهم. ألم يصدر طاغيتهم قانونه الاجرامي الذي يحمي مرتكبي جرائم التعذيب؟ ألم يصر عليه برغم توصيات لجنة قانون مكافحة التعذيب التابعة للامم المتحدة؟ بل يتصرفون عكس ذلك. فقد منحوا المعذبين ترقيات كبيرة، ابتداء بهندرسون وفليفل، وانتهاء بعبد العزيز عطية الله آل خليفة، والمعذب المقبور، عبد الرحمن بن صقر آل خليفة.
التقرير الدولي أكد ان التعذيب مورس بحق البحرانيين في ثلاثة مراكز: مركز التحقيقات في العدلية وسجن الحوض الجاف، وغرف التعذيب بمقر جهاز الامن الوطني بالمنامة. واكد التقرير عودة ممارسة التعذيب بشكل منهجي في 2007، عندما كان خليفة بن علي بن راشد، رئيسا لذلك الجهاز. وبدلا من معاقبته على اشرافه على التعذيب، تمت ترقيته الى منصب سفير لدى بريطانيا. وقد اشرف هذا المعذب على عمليات ارهابية ضد عناصر المعارضة في لندن ارتكبت في الصيف الماضي، ويخطط لجرائم اخرى ضد البحرانيين. وهناك اهتمام خاص بملف هذا المعذب، سواء عندما كان رئيسا لجهاز التعذيب الوطني، ام بعد ان اصبح سفيرا. التقرير ذكر كذلك اسماء خمسة معذبين وهم: . ويستحيل ان يقبل نظام الاحتلال الخليفي بمحاكمة هؤلاء المجرمين، ولكن لا يستبعد ان يعيد تدويرهم في المناصب، او احالة بعضهم على التقاعد، بهدف تخفيف الضغط الدولي الذي يتوقع تصاعده بعد انكشاف حقيقة هذا النظام وجرائمه. وزير خارجية الاحتلال الخليفي ما يزال يعتقد بامكان تجاوز تبعات التقرير ببعض التصريحات المائعة مثل “سوف ناخذ ما جاء في التقرير بعين الاعتبار”، وليعلم النظم وازلامه ان البحرانيين لن يناموا على ضيم، ولن يسكتوا عن حقوقهم يوما، مهما ارتكب المحتلون من جرائم. فلن يفعلوا اكثر مما فعلوه من قتل وسجن وتعذيب ونهب ومصادرة اموال واراض وسواحل. فبعد ان مارسوا الابادة بحق اهل البحرين ما الجريمة الاكبر التي سيرتكبونها؟
لقد انتهى مشروع التخريب الخليفي الذي فرضه الطاغية على البلاد بالقوة فقد اكتشف الرأي العام في الداخل والخارج انه نظام يصادر الحريات (وهذا ما اكده تقرير فريدوم هاوس) وينتهك حقوق الانسان بممارسة ابشع هذه الانتهاكات، وهو التعذيب. هذان هو الجانبان الاساسيان في اي مشروع سياسي اصلاحي، فما الذي بقي في هذا المشروع من ايجابيات يستطيع الخليفيون التباهي به؟ ان نظاما يصادر الحريات وينتهك حقوق الانسان ويمارس التعذيب كسياسة منهجية ثابتة يفقد مبررات وجوده، ولا يستحق البقاء. وان نظاما يقوم اساسا على عقلية “الفتح” اي الاحتلال، لا يمكن ان يكون شرعيا. انه نظام لم يعد يخجل من تكرار كلمة “الفتح” التي ترادف “الاحتلال” بل يطلقها على مؤسساته وشوراعه ومساجده، فتعسا له وتبت اليد التي يمدها للآخرين لخداعهم في الوقت الذي يغرز بيده الاخرى طعناته في ظهورهم. لقد وقع نظام الاحتلال الخليفي ضحية تذاكيه على الشعب، وهي سياسة لم تنفع الطغاة السابقين الذين اسقطتهم ارادات الشعوب. لقد انتصر شعب البحرين، بدماء شهدائه وتضحيات سجنائه ونشاط ابنائه، على المشروع التخريبي، بنجاحه في كشف حقيقته وتعريته امام الآخرين. فشكرا لجميع الذين ساهموا في ذلك، ونبارك لهم هذه الخطوة المباركة التي ستكون المسمار الاقوى في نعش النظام الخليفي المتداعي، و الخطوة الكبرى على طريق الخلاص من الاحتلال والنهب والقمع والتعذيب. على الله نتوكل، وبه نستعين، ونحن نشق الطريق الى الامام بهدف نيل رضا الله سبحانه، وتحرير شعبنا من هذا الكابوس الجاثم على صدور البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة)، فهو المستعان، وهو نعم المولى ونعم الوكيل.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
12 فبراير 2010