السجناء الأحرار سيحاكمون سجانيهم عما قريب، فالشكر مجددا لكم يا شباب المولوتوف
لم نقر يوما استعمال العنف، لاننا ابناء وطن مسالم، وسليلو قوم آلوا على انفسهم ان يذودوا عن كرامتهم وديارهم ولسان حالهم يقول: “لنا حق إن أعطيناه والا ركبنا أعجاز الإبل وان طال السرى“.
لم ندع يوما لمواجهة العنف بالعنف، ولكننا لا ننكر على من يرفع زجاجة المولوتوف ليواجه بها مرتزقا يعتدي على ارضه وحقه، او يحتل وطنه. ونضيف الى ذلك القول ان عنفوان هؤلاء الشباب الذين أقضوا مضاجع المحتلين هم الذين أرغموهم على إطلاق سراح الدفعة الحالية من معتقلي الرأي الذين لم يسجنوا الا لكفرهم بالطاغوت الخليفي المقيت، والاصرار على رفض الانحناء او الخضوع لغير الله المقتدر الجبار. تحرك هؤلاء للقيام بواجبهم الديني والوطني بعد ان بلغ السيل الزبى وبعد ان انقلب الطاغية على كافة الوعود التي قدمها للشعب، وأمعن في التذاكي الى حد الافراط واستغباء الشعب والغاء وجوده كهوية ووجود وحقوق. هؤلاء الشباب تحركوا من أجل الحق وضد الباطل فكانوا مصداقا لقوله تعالى: ” وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا. هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا”. انطلقوا نحو المجد يسابقون الريح ويناطحون السحاب، ويطاولون الجبال، فكان النصر حليفهم، ولو بعد حين. ثبتوا على موقفهم مكبلين في قيود الأعداء، فكان الله لهم عينا وناصرا، فأخزى أعداءهم وأذلهم، واضطرهم للتقهقر بعد ان أخزاهم وأذلهم، وكشف أكذوبتهم، وأظهر الحق للناس، فاذا بشهادة وفاة الشرطي المرتزق، أصغر علي بخش، تدمغ الطغاة بدون رحمة، وتكشف عوراتهم في الداخل والخارج، فيتساقطون الواحد تلو الآخر في مزبلة التاريخ.
ولكن هل انتهت محنة هؤلاء الظلمة؟ لا شك ان أبطال كرزكان وبقية اخوتهم قد صنعوا تاريخا مشرفا للبلاد والشعب، لانهم خرجوا من اجل الاصلاح وأدوا الامانة على خير وجه وهم يواجهون عصابات القتلة وفرق الموت الخليفية، فكانت رحمة الله تتنزل عليهم وهم يهتفون بحياة الشعب وهلاط الطغاة، مستمدين القوة والعزم والأمل من وعد الله تعالى الذي لا يخلف: “اننا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد”. لم يسابقوا أحدا من اجل دنيا او جاه، ولم يصافحوا أيدي المجرمين الملطخة بدماء الأبرياء والأحرار، ولم يتراجعوا عن موقفهم وهم يتعرضون لسلخ الجلود بالمكاوي، ونزع الثياب بالقوة في الشتاء القارس. أما اخوتهم في خارج السجن فقد أبلوا بلاء حسنا، وزلزلوا الارض تحت اقدام الخليفيين المجرمين، فلم تهدأ البلاد منذ ان اختطفت شباب كرزكان تلك الايدي الاجرامية الخبيثة. لقد رفض هؤلاء الابطال ان يكتبوا كلمة استعطاف واحدة لعلمهم ان ذلك يريح الديكتاتور الذي شيد حكمه على جماجم الشهداء ابتداء بالشهيد نوح خليل أل نوح مرورا بالشهداء السعداء، محمد جمعة الشاخوري، ومهدي عبد الرحمن، وعباس الشاخوري، وعلي جاسم، وصولا الى الشهيد موسى جعفر ملا فتيل. رفضوا ان يطلبوا العفو الا من الله وحده، فلديهم ايمان عملي يمنعهم من إعانة الظلمة على انفسهم باستعطافهم او مسايرتهم او التعامل معهم باجلال او تقدير. صبروا واتقوا فكان نصيبهم حسن الخاتمة. لقد سمعوا الكثيرين من الذين يستعيدون امجاد ا لماضي لتبرير حاضرهم المخزي والمذل، اذ يقفون مع الجلاد ضد الضحية، ويساهمون بتقوية الظلم والانحراف والفساد والاحتلال، فأبوا الا ان يكونوا على الطرف الآخر من الصراع: مع المؤمنين والمستضعفين والمظلومين والشهداء، فكان لهم ذلك.
ظلموهم ليس بالاعتقال التعسفي الجائر فحسب، بل بالتعذيب الوحشي الذي مزق أجسادهم بدون رحمة. وظلموهم عندما اتهموهم بقتل شخص كان قد فارق الحياة قبل اعتقالهم بستة شهور. وظلموهم عندما أصروا على تجريمهم بطرح “مخارج” من “الجريمة” من بينها “دفع الدية” لذوي “الضحية”. وظلموهم رابعة عندما سخروا إعلامهم التافه لتشويه السمعة، وبالغ الطبالون في الكذب حتى صدقوا كذبهم. ذلك هو نظام الاحتلال الخليفي الذي ارتكب بحق البحرانيين ما لم يرتكبه الصهاينة. فبرغم اجرامهم ووحشيتهم لم نسمع ان قوات الاحتلال الصهيونية فعلت ما يفعله المحتلون الخليفيون بحق اهلنا وارضنا ظلما وعدوانا وإرهابا واستكبارا. لقد تجاوزوا في فسادهم وجرمهم كل الحدود، وانتهكوا القيم والاخلاق والقوانين والمعاهدات. فتبا لهم من عصابة سوء ندعو الله ان يمحقها من هذا العالم انتقاما لكرامة شبابنا الذين غيبوا البسمة عن شفاههم، وانتهكوا اعراضهم ولم يراعوا فيهم إلا ولا ذمة. وان لم تمحق فسوف يكون لها موقف امام القضاء العادل، عاجلا ام آجلا، عندما يقاضيهم ضحاياهم بجرائم التعذيب التي ارتكبوها بحقهم. فهل سيستطيع الحاكم او جلاوزته، خصوصا مسؤولي جهاز التعذيب ان يوقفوا حركة التاريخ او يكمموا الافواه الى الأبد؟ ها هي الدوائر تدور عليهم، ويبدأ الضحايا في إعداد الملفات التي تدين اولئك المجرمين بارتكاب أفظع الجرائم، ليقدموها امام الجهات الدولية المختصة. وكما اصبح الصهاينة المجرمون الذين مزقوا أشلاء الفلسطينيين محاصرين بالقضايا التي تلاحقهم، فلا يستطيعون السفر الى البلاد الاخرى خشية الاعتقال، فلن تكون العناصر الخليفية التي ارتكبت من الجرائم ضد الا نسانية أفظعها بمأمن من يد العدالة بعون الله تعالى.
نجدد العهد لله سبحانه ولدماء الشهداء وأرواح إخواننا الذين سبقونا بالايمان، بالثبات على درب ا لطاعة لله وحده وعدم الخشية من احد سواه، او استعطاف مخلوق من دونه، نعاهدهم على السير على طريق الحق والعدل، لا نحيد عنه بتوفيق الله وتسديده، والصدق في الموقف وعدم مسايرة الظالمين، او دعم نظامهم او الانخراط في العمل ضمن اي دستور لا يكتبه البحرانيون بأيديهم. ونعاهدهم كذلك على مواجهة مشروع التجنيس السياسي المقيت بدون كلل او ملل، حتى يحكم الله بيننا وبين القوم الظالمين. ان الفخر ليملأ الصدور والنفوس بثبات شباب كرزكان المظلومين وشباب المعامير المضطهدين، وصمود المواطن الأبي، حسن سلمان، الذي أبى ان يتستر على المعذبين والسفاحين، وان يضحي بما لديه من اجل كشف اعداء الشعب. فما أجمل تلك المواقف الخالدة التي قلما تحدث الا عندما يتعمق الايمان بان ما عند الله خير وأبقى، ويتأصل الايمان بان مواجهة الظلمة والطغاة من افضل العبادات وأقوى مصاديق توحيد الله سبحانه. لقد بدأ فجر جديد قوامه الصمود والصدق في الموقف ووضوح الرؤية ورفض مسايرة الطغاة، حتى يحكم الله بيننا وبين القوم الظالمين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
14 اكتوبر 2009