لنقف جميعا ضد الاحتلال ولنرفض التطبيع معه
ما الذي سيحرك الضمير البحراني ليواجه قاتليه ومعذبيه ومحتلي أرضه؟ اذا لم يتحرك الضمير عندما تراق دماء الشهداء رخيصة بدون ذنب، واذا لم تستيقظ القلوب النائمة عندما تسمع عن سجين مزقت اشلاءه مباضع الجلادين، واذا لم تتألم النفوس لخبر عن تعرض معتقل سياسي لاعتدءات جنسية على ايدي أعداء الانسانية من الجلادين الخليفيين، واذا لم ينطق اللسان بالظلامة عندما يجرد السجناء من ملابسهم ويساقون عرايا امام القتلة والسفاحين، فماذا بقي من معنى للحياة؟
وأين ذهبت قيم الدين والانسانية؟ ما الذي ينتظره الاحرار قبل ان تنطلق اصواتهم مجلجلة ضد المجرمين من المحتلين ومرتزقتهم؟ وعندما يصافح الخليفيون نظراءهم الصهاينة في دافوس ونيويورك وتل أبيب، أفلا يرون تشابك الايدي المجرمة عنوانا لظلامة شعبين يعانيان محنة متشابهة؟ فلماذا لا يصرخون ويستغيثون وينتحبون، وهو أضعف الايمان؟ لماذا لا يتناجون مع ربهم في بطن الغيب ليبثوه شكواهم ويطلبوا من الله المقتدر الجبار دحر الظالمين والمعتدين و المحتلين؟ وحين يطالب الحاكم المستبد يهود العالم بالتوجه الى البحرين للاستيطان، فلماذا يطبق الصمت على الجميع؟ هل ماتت الضمائر جميعا ولم يبق منها من يحرك صاحبه للاحتجاج اللفظي على أقل تقدير؟ فبعد ان امتدت ايدي الاحتلال الخليفي الخبيث لكافة مناطق البحرين، وأقصي سكانها الاصليون (سنة وشيعة) عن سواحلها لتصيح كافة السواحل بأيدي المحتلين والمستوطنين، لماذا لم تنطلق كلمات الاحتجاج والتشكي والتظلم لاعلان الظلامة وأداء الامانة؟ لماذا لم توجه صرخات الاستغاثة للآخرين: من فقهاء وعلماء وساسة أصدقاء وأحرار وإنسانيين ومنظمات حقوقية لاطلاعهم على احدى ظواهر الابادة التي تمارس ضد شعب مغلوب على أمره؟
يلتقي رأس نظام الاحتلال الخليفي برأس نظام الاحتلال الصهيوني في نيويورك، فلا تنطلق كلمة من أحد: لا من عالم او ناشط سياسي او اعلامي، فكأن ما يفعله هذا الطاغية بعيد عن النقد لان “ذات جلالته مصونة”. وعندما يلتقي ولي العهد الخليفي مع بيريز في دافوس اكثر من مرة، لا تصك مسامعنا كلمة احتجاج من أحد، ولا يناقشها “البرلمان الذي يضاهي أعرق الديمقراطيات في العالم”، ولا يدعو أحد لمسيرة احتجاجية او ندوة نقدية. وعندما يدعو رأس نظام الاحتلال الخليفي الصهاينة علنا للتوجه للبحرين للاستيطان، تمر كلماته بدون احتجاج او شكوى او نقد. وعندما يعين نظام الاحتلال الخليفي يهودية لتمثله في الامم المتحدة (نكاية بأهل البحرين ونضالهم) لا يبدو ذلك الفعل امرا يستحق الاحتجاج او الانتقاد. وحين يلتقي وزير خارجية النظام الخليفي برئيس جمعية اليهود الامريكيين في نيويورك الشهر الماضي لا تنطلق كلمة مساءلة واحدة من “ممثلي الشعب” أيا كان موقعهم. فماذا يعني هذا الصمت؟ ولو سعى البعض للاحتجاج لارتفعت اصوات الردع، ليس من النظام واجهزته القمعية فحسب، بل من بعض الاوساط التي قررت مسايرة نظام الاحتلال الخليفي والصمت على جرائمه لاعتبارات لم توضحها لاحد. وحينما يذهب وفد من وزارة الخارجية لمقابلة الصهاينة بذريعة استلام بحرينيين اعتقلتهم قوات الاحتلال الاسرائيلية، يطبق الصمت على الجميع فلا تنطلق كلمة احتجاج واحدة، ولا تجري مساءلة المسؤولين الخليفيين، بل يذهب البعض لتبريره بانه “مهمة انسانية” ويتجاهل ان هذه المهمات توكل عادة للمنظمات الدولية مثل الهلال الاحمر الدولي، عندما لا تكون هناك علاقات دبلوماسية بين البلدان. وثمة تساؤل يتردد على السنة الكثيرين؟ هل يمكن حدوث اي من تلك التصرفات المذكورة في بلد خليجي آخر كالكويت؟ وكما هو معروف، فالكويت تعرضت للاجتياح البعثي قبل قرابة العشرين عاما، وتدخلت القوات الامريكية والاجنبية لانهاء ذلك الاجتياح. وبرغم الضغوط الامريكية على الكويت لتطبيع العلاقات مع الاسرائيليين، الا ان وجود مجلس الامة حال دون حدوث اي اتصال بين الطرفين. فما الفرق؟ هناك جانبا اساسيان: اولهما ان آل خليفة يشعرون ان وجودهم كمحتلين لارض البحرين يشبه كثيرا الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وانهم بذلك يحتاجون للخبرات الاسرائيلية في اساليب مكافحة تطلعات السكان الاصليين، امنية وعسكرية وسياسية. الامر الثاني ان لدى الكويت مجلس امة قويا، قادرا على ممارسة الرقابة والمحاسبة. ولا يستطيع فرد من ابناء عائلة آل صباح الحاكمة، تجاوز ارادة ذلك المجلس. ولكن الوضع في البحرين مختلف تماما لان مجلس الشيخ حمد صوري، لا قيمة له في نظر المحتلين الخليفيين، وليس مسموحا له بالتدخل في السياسة، لانه مؤسسة ديكورية أقيمت بهدف ضرب المعارضة لنظام حكمهم، وليس لضمان حقوق اهل البحرين.
في شهر يوليو الماضي طلبت سفيرة الاحتلال الخليفي الاجتماع بعدد من اعضاء الكونجرس الامريكي الذين كان المعارضون البحرانيون قد التقوا بهم في فترة سابقة. ما الهدف؟ محاولة تكذيب الحقائق التي قدمها ابناء البحرين حول وضع الشعب في ظل الاحتلال الخليفي. ولكن كيف تحقق السفيرة هدفها؟ اصطحبت معها شخصيتين معروفتين بانهما اصبحتا عونا للظالم ضد المظلوم، احداهما شيعية والاخرى سنية. كانت السفيرة تقدمهما بصفتهما السياسية والمذهبية كشاهدين ضد ما يقال عن التجنيس السياسي والتمييز ضد الاغلبية البحرانية وانتهاك حقوق الانسان والتعذيب الذي يمارس ضد ابناء ا لبحرين. هذان الشخصان أبليا بلاء حسنا في الدفاع عن الاحتلال الخليفي وتكذيب شهادات ضحايا التعذيب والنشطاء السياسيين. بعض هؤلاء الامريكيين اتصل باحد النشطاء لابلاغه بتفصيلات اللقاءات التي تمت. حتى هذه اللحظة، وبرغم معرفة هوية هذين الشخصين لدى الكثيرين، لم تصدر كلمة نقد واحدة ضد اي منهما. ننتقد السلطة الفلسطينية التي تسعى للتطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، ونصمت على جرائم الاحتلال الخليفي التي لم تتوقف يوما وما تزال تستهدف ابناء البحرين الاصليين (سنة وشيعة) ليس في حقوقهم فحسب، بل في وجودهم كذلك.
اننا جميعا مطالبون برفع الصوت المجلجل احتجاجا على هذه الجرائم الخليفية بحق الوطن والمواطن، بحق الامة وشعوبها وحقوقها، وبحق فلسطين واهلها. ان من يطبع العلاقة مع الصهاينة لا يحق له الارتباط بهذه الارض الطاهرة التي ترفض الاحتلال ايا كان شكله والقائمون به. مطلوب نشر ثقافة رفض الاحتلال ومقاومته بكافة الاساليب والوسائل المشروعة دوليا، وعدم مسايرة رموز الاحتلال او مصافحتهم او التطبيع معهم. ألم يحن الوقت لصرخة وطنية مجلجلة تعيد التوازن للوضع السياسي وتضرب بيد من حديد على ايدي المتلاعبين بمقدرات الشعب وقيمه وحقوقه ووجوده ووئامه واستقراره؟
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
9 اكتوبر 2009