يوم القدس صرخة ضد الاحتلال ورموزه، أيا كان شكله ومدته
نعيش مع القدس، قضية مقدسة وهما إسلاميا عميقا، وعنوانا لظلامة أمة كاملة غير محصورة ببلد او شعب. واذا كان المسلمون ينطلقون في اهتمامهم بقضية المدينة المقدسة على اساس الشعور بالمسؤولية الاسلامية والانسانية، فان البحرانيين يشاطرون بقية المسلمين في منطلقاتهم، ويزيدون على ذلك ان بلدهم يتعرض للمصير نفسه الذي يواجه فلسطين المحتلة. فالاحتلال واحد، سواء كان من قبل الصهاينة لفلسطين، ام من صدام حسين للكويت ام من آل خليفة للبحرين.
ولا تسقط صفة الاحتلال بالتقادم. فبرغم مرور اكثر من ستين عاما على احتلال فلسطين، ما يزال الغيارى من ابناء الامة يرفضون ذلك الاحتلال ويطالبون بتحرير “المسجد الاقصى الذي باركنا حوله” من براثن الاحتلال الصهيوني. وحتى لو مرت قرون على هذا الاحتلال فانه لن يحظى بالشرعية يوما، ما دام هناك احرار في هذه الامم مثل الامام روح الله الموسوي الخميني الذي أعاد للقضية حيويتها واعتبر الاحتلال إثما وجرما لا يحق لأحد إقراره. ومن هنا انطلق مشروع “يوم القدس العالمي” ليعبيء طاقات الامة باتجاه مشروع التحرير الكامل لأرض فلسطين، ووقف ظاهرة التداعي النفسي والاخلاقي خصوصا في اوساط النخب الحاكمة المستبدة في العالم العربي. انطلق الامام الراحل في موقفه على أساس “التكليف الشرعي” الذي يمنعه من الاعتراف بالاحتلال والظلم، مع علمه بان الامة، في 1979 عندما طرح مشروع “يوم القدس العالمي” لم تكن مهيأة لرفض الاحتلال بشكل فاعل. الموقف الشرعي هذا هو الذي عمق الشعور بحتمية النصر على قوى الاحتلال والبغي. الامام الخميني رحمه الله لم يسمح لعامل الضعف المادي الذي ينخر في جسد الامة وقادتها السياسيين والدينيين ان يؤثر على الموقف المبدئي الشرعي، بل سعى لتطويع المواقف السياسية للمسلمين للموقف الشرعي, وجعل قضية تحرير فلسطين ورفض الاعتراف بالاحتلال مسؤولية دينية. ولذلك اصبح على ايران دفع فاتورة ذلك الموقف المبدئي. الامام يعتقد ان هذه الفاتورة ضرورة ليس لنيل الرضا الالهي في الآخرة، بل انها تساهم في تقوية الدولة وتثبيت اركانها والحفاظ على استقلالها. ويخطيء من يعتقد ان تأويل الموقف الشرعي تجاه الظلم والاحتلال يخضع لموازين القوى المادية، فلو كان الامر كذلك لما انتصرت الفئات المستضعفة سواء في صدر الاسلام ام في واقعنا المعاصر. فالقانون الالهي ينتصر للمظلومين والمستضعفين، ويتصدى للطغاة والظالمين والمحتلين (ان يكن منكم عشرون صابرون، يغلبوا مائتين، وان يكن منكم مائة يغلبوا ألفا).
يوم القدس هو يوم المستضعفين، خصوصا الذين يعيشون تحت احتلال جهة اجنبية تمعن فيهم ظلما وإقصاء وتهميشا. فاذا كانت “اسرائيل” توزع جنسياتها على اليهود أينما كانوا وتأتي بهم ليحلوا محل سكان الارض الاصليين، فان ما يجري في البحرين لا يختلف عن ذلك أبدا. فمشروع الشيخ حمد التخريبي، الذي ما يزال البعض يسميه “اصلاحيا” يقوم اساسا على التجنيس السياسي لتمرير المشروع الخليفي بمسخ ارض البحرين وشعبها وتاريخها وثقافتها، والتغيير الديمغرافي هو حجر الاساس في المشروع، وما الانتخابات الصورية التي تجرى والمجالس الشكلية التي تقام الا لصرف الانظار عن العمق الحقيقي للتخريب الخليفي لهذه الارض التي تدنست منذ ان وطأتها أقدامهم محتلين، لا فاتحين. فلم تكن البحرين يوما بحاجة لـ “فتح” منذ ان هداها الله للاسلام طوعا في السنة السابعة للهجرة، بدون ان يوجف عليها بخيل ولا ركاب. وسواء صح ما يتردد عن قرار خليفي بتجنيس اللاعب البرازيلي لياندسون دياز دا سيلفا (ريكو) واللاعب المغربي، جمال أبرارو، ام كانت إشاعات مجردة، فان هذا المنحى كان قائما منذ استيلاء الحاكم الحالي على منصبه في 1999. وقد تم تجنيس الرياضي الكيني، مشير سالم جوهر، الذي تخلى عن الجنسية البحرينية لاحقا عندما اكتشف حقيقة العقلية الخليفية الهابطة في التعامل، وما قضية مايكل جونسون الذي منح إقامة في البحرين وأنفق عليه نجل ا لحاكم من اموال الشعب المسلوبة الشيء الكثير، بعيدة عن الانظار. وكذلك المغنيات الماجنات، نانسي عجرم وأصالة، بالاضافة الى عشرات الآلاف من السوريين والسعوديين والباكستانيين والاردنيين واليمنيين. إنها قصص تدمي القلب، ولكنها الحقيقة التي تعيشها البحرين وشعبها في ظل الاحتلال الخليفي الذي ازداد سوءا منذ ان تولى الحاكم الحالي منصبه. هذا الحاكم عين على البلاد شخصا بعقلية اجرامية وعنصرية وطائفية غير مسبوقة. وبعد ان اصدر هذا الخليفي المقيت “مانفستو” خاصة به نظمها خلال الانتفاضة الشعبية المباركة على شكل شعر بدوي، أصبح مستحقا لمنصب وزير ديوان الحاكم، واصبح يتصرف كما يحلو له، بدون الخشية من رقابة او محاسبة.
هذا في الوقت الذي يطل فيه عيد الفطر المبارك، وشباب البحرين مغللين في قيود الحقد الخليفي الدفين، بدون جرم ارتكبوه، بل تنفيذا لرغبة الطغاة الخليفيين وعلى رأسهم الحاكم ووزير ديوانه. انها محنة تتجدد مع الذكريات الحزينة للامة خصوصا الاحتلال الصهيوني لفلسطين. شبابنا يرزحون في قيود الاعداء، يقضون ايام صومهم في زنزانات التعذيب على أيدي شرار خلق الله، فيا للمسلمين، ويا للنخوة العربية، ويا للقيم الانسانية. ويزداد الجرح إيلاما مع صدور حكم ارهابي آخر بحق المواطن البطل، حسن سلمان، بالسجن ثلاثة أعوام بتهمة فضفاضة ما تزال ظروفها غير واضحة. هذا الرجل هاله ما رأى من جرائم ارتكبتها فرق الموت الخليفية بحق ابناء البحرين، فساهم بما يستطيع لكشف هؤلاء القتلة بأسلوبه الخاص. ان أي شريف مثله لا يمكن ان يكتم الشهادة في نفسه، وهو يرى جراح اهله تنزف، وآلامهم تتعمق، وآهاتهم تشق الصمت الرهيب. وثمة اعتقاد يستند الى أدلة بان وفاة الشاب أحمد حسن قبل يومين بعد اصابته بجلطة دماغية انما جاءت نتيجة اصابته في وقت سابق برصاص مطاطي في رأسه من مسافة قصيرة. هذا الشهيد يضاف الى قائمة الشهداء الذين سبقوه في “العهد الاصلاحي” ومنهم علي جاسم وموسى جعفر ملا خليل. انها سلسلة من معاناة الشعب المظلوم على ايدي الخليفيين المحتلين وجلاوزتهم، وهو مسلسل متواصل لن يتوقف الا بالصمود والتصدي والتحدي للاحتلال الخليفي ورموزه، فما دامت عقلية الاحتلال تحكم البلاد فلا تعايش معها أيا كانت الظروف والأساليب. نقول ذلك وثقتنا بالله كبيرة باندحار المعتدين وانتصار المستضعفين “فما ضاع حق لم ينم عنه أهله ولا ناله في العالمين مقصر“
ومع إطلالة عيد الفطر المبارك، نتقدم بأسمى التهاني والتبريكات لشعبنا المظلوم، داعين الله سبحانه وتعالى ان يكون شهر رمضان شاحذا للهمم، موضحا للمباديء والقيم، مؤكدا حتمية النصر الالهي للمظلومين، فهو قاصم الجبارين، ومبير الظالمين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الاسلامية
18 سبتمبر 2009