ثبات تيار المقاومة ضرورة لدحر المحتلين والمستبدين
ما دام هناك ظلم فلا بد ان يكون هناك من يسعى لدفعه، بدلا من الصمت عليه او القبول به او مسايرته. وهذا ما سعت المعارضة البحرانية منذ ان بدأت عملها في العشرينات من القرن الماضي عمله. وساهم في إبقاء جذوة الحرية والنضال مشتعلة وعي القادة الذين تصدوا لمواجهة الظلم الخليفي الذي لم يتوقف يوما، بل استمر مستهدفا كافة ابناء البحرين (شيعة وسنة).
كان الآباء والأجداد واضحين في موقفهم، كما تؤكد العرائض التي وقعها الاعيان ابتداء بالعريضة التي قدموها للميجور ديلي في العام 1923، مؤكدين فيها على ظلامتهم من قبل من اسموها “العائلة الخارجية” اي آل خليفة. اولئك لم يعترفوا بالاحتلال الخليفي قط، وهذا ما تؤكده عرائض ذلك الزمان. فالمحتل لا يتحول الى “ملك” شرعي الا اذا غير عقلية الاحتلال، ورضي بان يعيش بين مواطني الارض التي احتلها كأحدهم، وبرضاهم، وليس كما يحصل الآن، بالترفع عنهم، وبالرغم منهم. وعلى مدى العقود الثمانية الماضية ما اكثر الذين هرولوا للتعايش مع الاحتلال الخليفي، ولكن ما اكثر الذين صمدوا ضده وواجهوه. فلم يكن هناك يوما من اعتراف بحكم آل خليفة الا عندما تخلوا عن عقلية الاحتلال وقبلوا بالاحتكام لدستور يكتبه ابناء البحرين. عندها قبل المواطنون بحكم العائلة العائلة الخليفية وفق دستور ينظم العلاقة بين الطرفين، ولا يفرض الارادة الخليفية عليهم. من هنا جاء رفض الدستور الخليفي الذي فرضه الحاكم الحالي في 2002 على البلاد والعباد، وهو رفض لن يتغير يوما مهما فعل المحتلون واذنابهم. هذا الرفض لن يتغير باجراء تعديلات طفيفة على الدستور الخليفي، لان ذلك الدستور يلغي المبدأ الاساس في العلاقة وهو الاعتراف المتبادل، فيشترط على اهل البحرين الاعتراف بالحكم الخليفي الذي يرفض الاعتراف بوجود ذلك الشعب. ولقد قلناها مرارا، وسنظل نكررها ونعمل من اجل تحقيق اهدافها، باننا لن نعترف يوما بمن يرفض الاعتراف بنا كشعب ذي سيادة على ارضه، وان هذا الشعب سوف يواصل بعون الله درب نضاله حتى يحقق لنفسه الحرية. ومن نعم الله على هذا الشعب ان وفر له ثلة مؤمنة مستعدة لتحمل الصعاب، تنطلق على اساس الايمان بالحرية المؤطرة بإطار الايمان والانسانية، مستعدة لتحمل اعباء ذلك الموقف، مستمدة قوتها من شرعية الحق الذي تطالب به، وتؤسس جهادها على اساس وجوب التصدي للظالمين الذين يحاربون الناس في وجودهم وحقوقهم.
وكما فشلت الطغمة الحاكمة في مسرحية “الحجيرة” فشلا ذريعا، فسوف تفشل في مسرحيات التجنيس السياسي والسعي المتواصل لاستبدال شعب البحرين بغيره من البشر. ان الثلة المؤمنة الصامدة بوجه العدوان الخليفي تدرك اهمية الصبر والصلاة والايمان في تحريك مشروعها السياسي، وتقدمت على طريق الاباء وذاكرتها تسترجع نضال من سبقها من عظماء الرجال الذين صمدوا، على اختلاف مشاربهم السياسية والايديولوجية، بوجه العدوان الخليفي، وذاقوا اصناف العذاب في غرف التعذيب بجزيرة “جدة” تارة و “القلعة” أخرى، وسجن جو لاحقا. وكان لصمود اولئك الابطال من ابناء البحرين، شيعة وسنة، اسلاميين وليبراليين، دور في تاصيل حالة النضال والثورة ضد النظام الخليفي البائس، فلم ينحنوا يوما امام طغيان رموزه وجرائم مرتزقته، بل أحلوا كل اولئك في مزابل التاريخ، ومنهم ايان هندرسون وعادل فليفل وعبد الرحمن بن صقر وعبد العزيز عطية الله وبقية الجلاوزة الذين امتهنوا القتل والتعذيب. واليوم نهيب بضحايا التعذيب الترفع على محاولات اسكاتهم بالترغيب والاستدعاء الى قصور الطغاة، بعد ان صمم المناضلون على رفع قضايا ضد رموز العائلة بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية. فما معنى استدعاء الضحايا الذين تعرضوا على مدى سنوات للتعذيب الوحشي، الى قصر الحاكم؟ وماذا تعني ارسال الوسطاء الى اولئك الضحايا لترغيبهم بالوظيفة والالحاح عليهم بالتخلي عن المواقف السياسية الصامدة في مقابل حفنة من المال او وعود بالوظيفة والمسكن؟ ان هناك مهمة كبيرة ملقاة على عاتق الواعين من النشطاء بالتصدي للخطة الخليفية الاخيرة التي ترمي لتكميم الافواه باسلوب الترغيب في المال والوظيفة والمسكن، وطرح مصلحات من قبل “ضرورة بناء الذات” و “الواقعية” و “ان الحكمة تقتضي أخذ الشعرة من جلد الخنزير” بدلا من خسارتها. هذا الترغيب بالرغيف انما يمارسه عناصر النظام وجلاوزته الذين يسعون لكسر معنويات المجاهدين الاحرار عندما تلوح في الافق بوادر الخطر على عناصر النظام بسبب وعي اولئك الضحايا. فليتحرك الواعون والعلماء من خط المقاومة لمنع ذلك التداعي، والصمود امام اساليب فرعون وهامان ومن معهما من الجلاوزة والسراق والقتلة والمتسلقين والانتهازيين.
لقد آمنا بعدد من الامور: اولها ان لا تعايش مع الاحتلال الذي ما يزال يمدد نفوذه بعد ان استولى على كافة سواحل البلاد وارضيها وتمدد الى مناطقها البحرية وقام بردمها وتوزيعهاعلى مرتزقته. ثانيها: ان لا مسايرة مع نظام ظالم يمارس التعذيب وخطف الابرياء وقتل المناضلين بدون حدود. ثالثها: ان لا تراجع عن المطالبة بتحرير البلاد من عقلية الاحتلال التي تسعى للقضاء على شعب البحرين الاصليين (شيعة وسنة) باساليب ماكرة لا تنطلي على من فتح الله بصائرهم على الحق فباعوا دنياهم من اجل آخرتهم، وآمنوا بان ما عند الله خير وأبقى. رابعها: ان لا نوم على ضيم بعد ان بلغ السيل الزبى، وان لا تراجع عن ملاحقة القتلة والسفاحين والمعذبين والقتلة امام الاجهزة الدولية المعنية، ابتداء برأس الحكم مرورا بسفرائه خصوصا وزير الامن الوطني السابق الذي يشغل منصب السفارة في لندن، ووصولا الى فرق الموت الذين اغتالوا ابناء البحرين مثل نوح خليل آل نوح، ومحمد جمعة الشاخوري ومهدي عبد الرحمن وعباس الشاخوري وعلي جاسم وموسى جعفر ملا خليل وسواهم من شهدائنا البررة.
نهيب بضحايا التعذيب المبادرة لتوثيق معاناتهم بالصوت والصورة والكتابة، ونشد على ايدي النشطاء الذين استهدفوا في الاعوام الاخيرة عدم الخوف او الخضوع او الانفكاء، بل الاصرار على الموقف واظهار التحدي للطغمة الخليفية المحتلة، لان الله معهم، واصحاب الضمائر الحية والقانون الدولي، اذا سعوا للاستفادة منه. ونناشد العلماء الصامدين المحسوبين على تيار المقاومة استصغار كيد فرعون وجلاوزته، واستحضار عظمة الله وانه قاصم الجبارين ومبير الظالمين، لان سلاح الايمان والعبادة والانقطاع الى الله لا يمكن ان يواجهه سلاح الظلم والاستبداد والقمع والطغيان. واخيرا نشد على ايدي الشباب المقاومين ونهيب بهم عدم التراجع او الخوف او التردد في الموقف وعدالته، وعدم الفرار امام زحف الاعداء: يأ أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
12 يونيو 2009