مشوار التغيير انطلق مجددا لإفشال المشروع الخليفي للإلغاء
أظهرت المحاكمة الصورية لرموز الشعب الابطال خواء النظام الخليفي وانسلاخه من القيم والاخلاق. فقد مارس المخادعة مرة اخرى بأساليبه القذرة، وحاول تغطية جرائمه بمنع الضحايا من الكشف عما لحقهم من تعذيب وحشي على ايدي الجلادين.
فبعد ان رأى الاهتمام الدولي بمحاكمة البحرانيين، أصدر اوامره لقضاته بانتهاج خطة تهدف اولا وقبل كل شيء لمنع اي من الضحايا عن التحدث في تلك الجلسة. ولضمان صمت الضحايا بعث جهاز التعذيب أحد الجلادين لحضور جلسة محاكمة الابرياء، ليراقب تصرفاتهم ويعذب من يجرؤ منهم على التحدث عما لحقه من تعذيب. ويعتبر هذا الاسلوب من أقذر الاساليب اذ يعني تكتيم افواه الضحايا ومنعهم من تقديم شهادات حية عن اوضاعهم او التظلم في حضور مراقبين دوليين. مع ذلك فقد أوضحت الازمة الحالية عددا من الامور: اولها ان الشيخ حمد وعصابته فشلوا في تمرير مشروعهم الاجرامي بحق شعب البحرين، وان كانوا مستمرين في برنامج التجنيس السياسي، ولكن وعي اهل البحرين واستمرار نضالهم ومشاركتهم في الاحتجاجات السلمية ضد النظام الخليفي سوف يؤدي، بعون الله، لوقف هذه الجريمة عاجلا ام آجلا. فلا خوف على الشعوب اليقظة، ويمكن القول ان شعب البحرين أصبح أكثر وعيا وشجاعة نتيجة وجوده المتواصل في الميدان، وما يكسبه ذلك من خبرات عملية وترسيخ للشجاعة والقيم. ثانيها: ان المشروع الخليفي سوف يصطدم بصخرتين: الصمود المحلي والاهتمام الدولي. وتجدر الاشارة الى ان القضية المرفوعة ضد الحاكم وثلاثة من عصابته امام المحكمة الجنائية الدولية بتهمتي الابادة وارتكاب جرائم ضد الانسانية، متواصلة، وان الفريق المعني بها جاد في متابعتها وجمع الادلة المطلوبة لتقديمها الى مكتب المدعي العام الدولي، مورينوا اوكامبو. يضاف الى ذلك ان انكشاف مشروع الابادة السكانية الذي انطوى عليه “المشروع الاصلاحي” للعائلة الخليفية قد وفر دعما اخلاقيا وسياسيا وحقوقيا لأهل البحرين في نضالهم ضد العائلة الخليفية التي تعتبر محتلة للبلاد. ويساهم في تكريس فشل المشروع الأداء التافه لمجالس الشيخ حمد الصورية التي فشلت في اقناع المواطنين بجدواها، برغم اصرار البعض على التشبث بها. فهي خيار فاشل تماما في غاياته وممارساته، ولم يستطع القضاء على الوعي الشعبي الذي ينفجر بين الحين والآخر في شكل انتفاضات واحتجاجات في الداخل والخارج.
الامر الثالث ان اعتقال الاستاذ حسن مشيمع والشيخ محمد حبيب المقداد، وقد وضع النظام في أزمة كبيرة، فلا هو قادر على الافراج عنهم بعد ان اتهمهم بالسعي لاسقاط نظام الحكم بالقوة، لان ذلك سوف يكشف الطبيعة الكيدية لاجهزة النظام ويعكس خواءه وافلاسه الاخلاقي والانساني، ولن يكون قادرا على اثبات التهم التي وجهها لهم خصوصا بعد ان تم تدويل قضيتهم. هذا التدويل تجسد في الجلسة الاخيرة في 24 مارس الماضي التي حضرها ممثلون عن ثماني منظمات حقوقية دولية، الامر الذي أحدث هزة في كيان النظام الذي فوجيء بهذا الحضور الكثيف وكشف قدرة البحرانيين على استقطاب اهتمام الآخرين، واكد فشل السياسات الخليفية في اسكات المعارضين. لقد جاء اولئك المراقبون من اقاصي الارض تعبيرا عن تضامنهم مع اهل البحرين في نضالهم ضد الاحتلال الخليفي، واكتشفوا بأنفسهم اساليب الخداع والتضليل والتشويش التي تمارسها العائلة الخليفية المجرمة. البعد الرابع، ان اعتقال الرموز والتعذيب الوحشي لعشرات المواطنين، وبعضهم في عمر الزهور، وفر شرعية انسانية واخلاقية ودينية للتحرك الشعبي لمقاومة الاحتلال الخليفي. فعائلات هؤلاء المظلومين يزدادون حنقا وغضبا بعد ما شاهدوه من جراح على اجساد ابنائهم التي مزقها الحقد الخليفي. واصبحت دعوات الامهات ضد النظام ورموزه لا تنقطع، بحيث تحول ذلك الى ثقافة شعبية تزداد رسوخا بشكل مضطرد. يضاف الى ذلك ان التعاطف الشعبي مع السجناء دفع الكثيرين لاستيعاب مشروعهم الاصلاحي الهادف لاستعادة الحقوق السليبة للشعب بالشراكة السياسية وضمان الحريات والقضاء على الفساد المالي والاداري. واتضح ان حركة الشارع التي تواصلت شهورا متواصلة تأبى التوقف وتستعصى على محاولات الاخماد التي تقوم بها اجهزة القمع. البعد الخامس، ان النظام خسر المعركة الاخلاقية تماما، ولم يتوفر له دعم شعبي من اي من الشعوب، برغم سعيه المتواصل لاثارة العصبيات المذهبية والنعرات الطائفية. فقد استثمر كثيرا لاثارة الحساسيات بين ابناء الدين الواحد، وسعى لاقناع الشعوب العربية بانه يدافع عن مذهب في مقابل آخر، ولكن سياساته وعلاقاته المتينة بالعدو الصهيوني، واستعانته بخبراته الامنية، أفشل تلك المهمة، وأظهر النظام الخليفي على حقيقته. فلم يحصل على تعاطف من أحد، وبقي أسيرا لشعاراته وسياساته.
مما تقدم يتضح ان الوضع ا لبحراني دخل مرحلة اللاعودة. فبعد ان قدم التضحيات واكتظت زنزانات التعذيب بأبنائه، واستطاع كسر الحواجز التي شيدها الاحتلال الخليفي بوجهه، لم يعد هناك مجال للتنازل او المساومة على الحقوق المشروع. واول هذه الحقوق الغاء ثقافة الاحتلال كشرط للتعايش بين ابناء البحرين والعائلة الخليفية. الامر الثاني تعميق الثقافة الشعبية بان الحكم الخليفي ليس أزليا، وانه محكومة بالقوانين نفسها التي حكمت انظمة الحكم التي قامت على أسس عائلية وقبلية. وقد نجحت المقاومة الشعبية في ترسيخ ثقافة شعبية ضد العائلة الخليفية التي اصبحت في نظر أهل البحرين تمثل العدو الاول لهم، وأفشلت بذلك كافة محاولات التطبيع بين الطرفين، وهي السياسة التي سعى الشيخ حمد لتمريرها ليس من اجل تحقيق وئام وطني بل من اجل الحفاظ على سياسة الاستعباد والتبعية والاستكبار التي تمارسها عائلته. كان مشروعه يقوم على اقصاء اهل البحرين عن الشراكة السياسية كخطوة أولى، يليها القضاء عليه انسانيا ووجودا باستبدالهم بجحافل من المستوطنين الاجانب، مستفيدا من التجربة الصهيونية الهادفة للقضاء على الهوية الفلسطينية. الامر الثالث ان صمود الرموز في زنزانات التعذيب، ومعهم المجموعات الشبابية ساهم في افشال الدعاوى السلطوية بوجود مشروع تخريبي بدأ بتدريب الشباب في منطقة الحجيرة السورية. هذه الكذبة الكبرى لم تنطل على أحد، وفشلت منذ اطلاقها، واصبح النظام رهينة لكذبه وافتراءاته. وقد تورط الشيخ حمد وعصابته الاجرامية في جريمة اعتقال المواطنين وتعذيبهم بدون اي مبرر، واصبح النظام هو المتهم بالاستبداد والتلاعب بمقدرات الدولة وامكاناتها والتلاعب بحقوق الناس وارواحهم، وجميعها جرائم خطيرة لا تمارسها الانظمة المتحضرة. الامر الرابع: ان كفاءة المعارضة البحرانية في الداخل والخارج تمكنت من تعرية العائلة الخليفية امام الرأي العام الدولي، ولم ينجم عن الجهود التي قام بها وزير الخارجية وسفراؤه في تغيير صورة النظام لدى العالم، لان تلك الجهود لم تؤسس على الصدق والصراحة، بل قامت على التضليل والتشويش ومحاولات شراء المواقف بالمال، وهي اساليب لا يمكن ان تفضي الى نجاح. الأمر الخامس، ان الازمة الاخيرة ساهمت في ظهور قيادات ميدانية جديدة، مصممة على مقاومة الاحتلال الخليفي بكافة السبل وانهاء العهد الاسود للشيخ حمد وعصابته، واصبح من المتعذر على العائلة الخليفية القضاء على هذا التوجه، خصوصا بعد ان فشلت خطوتها الاولى التي تمثلت باعتقال الرموز والنشطاء.
ان المشهد الذي تمثله المقاومة الشعبية في البحرين يتطور تدريجيا، مستفيدا من الفشل الذريع لمشروع الشيخ حمد التخريبي القائم على اسس عنصرية وطائفية مقيتة، ومن عقلية الاحتلال التي منعت الشيخ حمد وعصابته من الاستفادة من تجربة الانفتاح الوجيزة التي تحققت في العام 2001 ولم تدم طويلا. وقد آلت المعارضة التي تمثل المقاومة المشروعة لنظام الاحتلال الخليفي، على نفسها الاستمرار في اساليبها السلمية المتحضرة، وتوسيعها على الصعيد الدولي ومد يد التعاون والاخوة الى شعوب العالم ومنظماته المدنية ورموزه الانسانية، وتوحيد صفوف المقاومة الشعبية وفصائل المعارضة، فكل ذلك ضروري على طريقة المقاومة المشروعة ضد خطط النظام الخليفي لإلغاء شعب البحرين سياسيا وبشريا.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
26 مارس 2009