أيها القمران: أفيضا علينا شيئا من الحرية والشموخ
لولاكما لما حلق شعبنا في عالم المجد. لقد اعتقد المجرمون انهم كسروا كل الاجنحة، وان الطيور التي تقضي وقتها محلقة بين قمم الجبال ورؤوس الاشجار لم تعد قادرة على ذلك بعد ان كسرت اجنحتها. فاذا بهم كاذبون. فها انتما الجناحات اللذان لا يكسران، تحملان القضية الى كل مكان، تطيران بساعة البرق الى ما شاء الله، مؤمنين ان كلمة الحق لا تكسر ولا تندحر ولا تتراجع، بل تخترق الحجب لتصل الى مسامع الزمن بدون حجاب.
كنتما، وما تزالان، صوتين هادرين بالحق، تنطقان وانتما في غياهب السجون، وتطيران الى أعلى عليين وانتما رهينتان وراء القضبان. ومرة أخرى خاب سعي الطغاة، فاصبحوا متهمين بارتكاب الفظاعات، والسقوط الى مستنقعات الجريمة. اما انتما فما تزالان محلقين فوق رؤوس الجميع. في مملكة الصمت تخرس الالسن، وتنهار النفوس، ولكن تنطلق الاصوات من وراء القضبان هاتفة بحياة الشعب وسقوط الجلادين. اعتقد الجلاوزة والسفاحون انهم قادرون على اخماد صوتيكما، وتغييب شخصيكما، واحتواء روحيكما، ولكن أليس ما يحدث كل يوم تأكيدا على فشلهم وانتصار صوت الحق ضد الاحتلال والاستبداد؟
وددنا لو انتفض ضمير بعض من يعنيهم الامر، فيتفاصلوا مع الحكم الجائر، وينضموا الى صفوف الشعب المظلوم. وما اجمل ان يراجع المرء مواقفه، ويعدل عنها عندما يدرك خطأها. فهل كان أجدى بالشيخ عبد العظيم المهتدي الاصرار على التشبث بموقعه في المجلس الاسلامي بعد ان رأى بعينيه ما رأى من اضطهاد لاخوته في العقيدة والانسانية؟ فماذا يجدي التشبث بمناصب دنيوية زائلة؟ ولماذا الاستمرار في محاولة تسويق العمل ضمن النظام الخليفي الجائر واضفاء الصفة الشرعية عليه؟ لماذا لا يسمح للضمير بالصحوة، ليكون قادرا على التصدي، بمسؤولية كاملة، لنظام الاستبداد بعد ان كشف عوراته واهدافه وسوء نواياه؟ أوليس البقاء ضمن الاطر الخليفية تقوية للظلم والظالمين؟ من الذي ذهب في 2005 الى الجلسة التي خصصتها لجنة مكافحة كافة اشكال التمييز العنصري والديني لمناقشة التمييز في البحرين؟ ألم يكن اعضاء الوفد السلطوي مكونا من 12 شخصا موزعين بالتساوي بين الشيعة والسنة؟ فعندما يكون الموضوع دفاعا عن النظام الخليفي يتم التحاصص بالتساوي، اما اذا كان الامر يتعلق بمصالح الشعب وحقوقه فالتحاصص يختلف في كميته وكيفه. كيف سمح لاعضاء ذلك الوفد (خصوصا المحسوبين على الفئة المظلومة) بتمرير جريمتهم التي ارتكبوها عندما أدلوا بشهادة زور قائلين: ليس هناك اي تمييز في الماضي او الحاضر؟ من الذي ذهب الى واشنطن في شهر ديسمبر بمعية السفيرة اليهودية لتقديم شهادات زور اخرى بعدم وجود تمييز ضد اهل البحرين؟ ألم يكن الوفد مكونا من عدد من المحسوبين على الفئة المضطهدة، الذين تبرعوا لتقديم شهادة زور اخرى لافشال الافادات التي قدمت في شهر نوفمبر في جلسة الكونجرس التي تبنها السيد جيف ساشن؟ لماذا لم يرتفع صوت واحد يدعو لفرض عقوبة اجتماعية بحق المدافعين عن نظام الاحتلال الخليفي؟ ألم يتصدر الوفد الخليفي الذي ذهب لمقابلة آية الله السيد علي السيستاني حفظه الله أفراد محسوبون على الفئة المضطهدة ذهبوا للادلاء بشهادات زور اخرى في محاولة يائسة للتأثير على موقف المرجع الاعلى؟ من المسؤول عن تردي الاوضاع الى هذا المستوى الذي اصبحت شهادت الزور تقدم يوميا رخيصة وبدون وازع من دين او ضمير او انسانية؟
طالما تطلعنا لصحوة ضميرية في صفوفنا، تضع حدا للتهاوي الاخلاقي والديني الذي دفع البعض لخدمة النظام ولو بتقديم شهادات الزور ضد ابناء البحرين المظلومين. وطالما وددنا ان لا يقتصر الصمود والتصدي للظلم والقطيعة مع الظالمين والمحتلين على نفر محدود يتزعمهم العملاقات حسن مشيمع والشيخ محمد حبيب المقداد. ولقد دعونا الله في بطن الغيب ان يهدي اخوتنا لاتخاذ الموقف الموجع للنظام الخليفي، لكشف عوراته، وحرمانه من الدعم السياسي الذي يبحث عنه لشرعنة سياساته ودستوره وقوانينه. لقد اصبح الخليفيون يبررون جرائمهم بـ “حماية الدستور والقانون”، وتحول القانون الذي فرضوه الى عصا يضربون به ابناء البحرين، ولم يعد مرجعية تحكم بين الناس بالحق والعدل، فما أظلم قوانينهم وما أكثر افراءاتهم. انهم يسمون ارادتهم “قانونا” ويسعون لاقناع الآخرين بانهم حماته ورعاته، حتى اذا كان مغايرا للذوق الانساني والقيم الدينية. فالقانون 56 من تلك القوانين التي تحظى بدعم الخليفيين المحتلين، مع ان لجنة مكافحة التعذيب التابعة للامم المتحدة طلبت منهم مرارا تغيير ذلك القانون لانه لا ينسجم مع معاهدة منع التعذيب. فهو في نظر الخليفيين “قانون” وفي نظر المجتمع الدولي “عصا” يستعملها الحاكم وجلاوزته لحماية المجرمين. انه “قانون” يهدف لطمأنة المعذبين الذين يسلخون جلود ابنائنا واخوتنا في زنزانات التعذيبن، بان لا يخشوا من عقوبة او مساءلة. فالتعذيب هنا هو القانون الذي يحميه قانون آخر هو رقم 56، وهذه القوانين جميعها محمية بقوانين اخرى صدرت لاضطهاد ابناء البحرين مثل قانون الجمعيات السياسية وقانون الصحافة وقانون التجمعات وقانون الارهاب وقانون المولوتوف. هذه القوانين جميعها صدرت عن مجالس الشيخ حمد التي فشلت في اصدار قانون واحد يحمي اهل البحرين سواء في وجودهم كشركاء سياسيين ام كمواطنين بحقوق حياتية في السكن والوظيفة والامن، ام في الوجود كشعب اصيل له تاريخه وثقافته وتراثه. المجالس الخليفية لا يمكن ان يأتي بخير اطلاقا لانها اسست على الشر والظلم من اول يوم، متمثلا بالدستور الخليفي الذي فرض على الناس بالنار والحديد.
انتما، يا حسن مشيمع والشيخ المقداد، وقفتما، ومعكما ثلة من الاخيار، تصدعان بمقارعة الظلم، وترفضان القوانين التي فرضها المحتلون، والتزمتم بموقف آية الله السيد السيستاني الشهير الذي رفض اي دستور لا تكتبه أيدي المواطنين. فطوبى لكما من بطلين عملاقين، تتسع قلوب المواطنين لكما وان ضاقت زنزانات التعذيب عليكما. جناحان انتما لهذا الشعب، حلق بهما في أفاق المجد، فبلغت قضيتته، باعتقالكما، الى اقاصي البلدان، وحركت كلماتكما ومواقفكما مشاعر الغضب ضد نظام الاحتلال، ولذلك فقد صوابه وراح يمارس اقسى الاساليب وحشية بحقكمأ. لقد كسرتما كبرياءه، واصبحتما رمز الحرية وانتما ترزحان في القيود والاغلال، واصبح النظام الخليفي رمزا للوحشية والظلم والجريمة. انكما اليوم تحاكمان النظام امام الجماهير وفي المحافل العالمية والمحاكم الدولية، وستقفان امام رموزه يوما أمام مقتدر جبار، تختصمان معهم، وتقاضيانهم بجرائمهم الفظيعة، “ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء“.
الله ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
6 فبراير 2009