اعتقال المشيمع والمقداد والسنكيس بداية المنازلة الحقيقية مع المحتلين
الأسود تزأر وهي مقيدة، فتهلع قلوب أشباه الرجال
“أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وان الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله“
لم يكن اعتقال أسود أوال، الا لسبب واحد أساس وهو إصرارهم على الإقرار العملي بربوبية الله، ورفض حكم الطاغوت الذي يمثله البيت الخليفي الفاسد. ولو لم يعتقل هؤلاء، وغيرهم من المؤمنين والاحرار، لما تجسد الظلم وبشاعته بجلاء لا غموض فيه، ولما وعى المواطنون حقيقة الحرب الشاملة التي اعلنها الخليفيون ضد أهل البحرين. لقد تجسد الارهاب الخليفي في الساعات الاولى من هذا اليوم بعدوانه الغاشم على حرمات رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأصروا طوال حياتهم على التشبث بإيمانهم العملي باالله وكفرهم بالطاغوت الخليفي الحليف للصهاينة. وحيث قد هزم الصهاينة الأقوى سلاحا وعتادا ومكرا، فان الله سيهزم هذه الثلة الباغية، وينصر عباده المظلومين “وان الله على نصرهم لقدير”. هذا عهد إلهي للصابرين المحتسبين الذين لا يشركون به شيئا، ولا يقدسون غيره، ولا يركعون الا له، ولا يوالون سواه.
لقد بزغ فجر جديد من الحرية بأسر كل من الاستاذ الكبير حسن مشيمع وسماحة الشيخ محمد حبيب المقداد، والدكتور الصابر عبد الجليل السنكيس، وستظل اشباحهم تطارد آسريهم ما داموا رهن الأسر، ولن يهدأ بال لأوال وأهلها ما داموا مغيبين في غياهب السجون. كانوا مخيرين بين أمرين، الاستسلام او النضال من اجل حرية الشعب، وكان لسان حال كل منهم يقول: “ألا ان الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وجدود طَهُرتْ وأنوفٌ حمية ونفوسٌ أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام”. فصمدوا امام هذا الحكم الذي بدأت سياساته تجره نحو الهاوية ليسقط فيها الى الأبد، بعون الله: ” يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار”. لقد كان السيف الخليفي بعد ان قتل الاحرار وعذب الابرياء وهتك الحرمات، فلم يعد قادرا على ان يثني الأحرار عن مواقفهم، او يستعبدهم كما يريد، فجن جنونه، وأصبح مذهولا، كالثور الهائج، يضرب برأسه ما حوله، فلا تزيده حماقته الا المزيد من الأذى لنفسه قبل غيره، حتى تنهار قوته، فيسقط على الارض جثة هامدة. ومن الغريب ان يقلدوا الصهاينة في كل شيء، فاذا كان الصهاينة قد هدموا المساجد على رؤوس المصلين، فقد أغلق الخليفيون المساجد ومنعوا المصلين من ارتيادها، وها هم اليوم يعتقلون أئمتها وخطباءها. واذا كان الصهاينة قد شنوا الحروب الفاشلة، الواحدة تلو الاخرى، ضد طلاب الحرية وعشاق الكرامة، فان الخليفيين اليوم ينهجون الخط نفسه، فيعلنون الحرب الشاملة ضد اهل البحرين الأصليين (شيعة وسنة)، ويستهدفون الاحرار، ويلفقون لهم التهم، معتقدين انهم ما يزالون قادرين على كسب المعركة بالزيف والتشويش والتضليل. انهم لا يدركون ان الحقيقة كالشمس، قد تغيبها السحب فترة، ولكنها ما تلبث ان تطلع بجلائها لتغشي أبصارهم فاذا هم لا يبصرون. ولقد جربوا اساليب القمع عقودا، فما اغنت عنهم شيئا، بل ارتد كيدهم في نحرهم، وكفى الله المؤمنين القتال.
لقد كان الابطال الثلاثة على حق عندما رفضوا الامتثال للاوامر الخليفية بتسليم انفسهم الى جهاز التعذيب الخليفي. ما كان لهؤلاء ان يتأخروا عن الركب، فيستسلموا للطلب الخليفي الجائر بتسليم انفسهم. لقد بقوا أحرارا وقالوا للطاغية وجلاوزته: “لا نعطيك اعطاء الذليل، ولا نقر إقرار العبيد”. فساروا على هدي من الله، وتوفيق، ففقد الطاغية اعصابه، لانه اعتقد انه استطاع تركيع الناس وانه اصبح الرب الذي لا يعصى. فأمر أحد عبيده، ويدعى وائل بوعلاي، بتوقيع رسالة الأسر، وتسليمها للمرتزقة الذين جيء بهم من أقاصي الدنيا للاعتداء على أهل البحرين. ونظرا لخوف هؤلاء وهلعهم، قرروا أسر الأسود من عرينها ليلا، لترويع الآمنين، بعد ان ملأوا المناطق السكنية التي تقع فيها عرائن الأسود بالسيارات العسكرية وعناصر الأمن والشرطة، حتى لكأن كل فريق متوجه الى حرب ضروس مع عدو لا يقل عدة وعددا. وكما وصفت عائلة الدكتور السنكيس، وهو البطل المقعد الذي لا يستطيع الوقوف او المشي نظرا لاعاقته الجسدية، فقد اكتظت المنطقة بالمرتزقة من كل مكان. انه مشهد يشبه مشهد اغتيال الشيخ الشهيد أحمد ياسين، الرجل المقعد، الذي مضى لربه شامخ الرأس. ذهب الشيخ ياسين الى ربه، وأصبح دمه يطارد قاتليه، فلم تمض الا هنيئة حتى سقط رئيس قتلته، ارييل شارون، بجلطة دماغية، انتقاما لدم الشهيد. واستمرت دماء الشهيد ياسين تطارد قاتليه حتى هزمتهم شر هزيمة قبل اسبوع واحد فقط. أليس ذلك مصداقا للآية الكريمة “وان الله على نصرهم لقدير”. انها سنة إلهية تطال الخليفيين كما طالت الصهاينة، وتطال كل طاغوت يمارس الظلم والقتل والاعتداء والاحتلال وأسر الأحرار وهتك الحرمات. فاليد الخليفية التي صافحت رئيس الكيان الصهيوني، شمعون بيريز، هي نفسها التي أصدرت اوامر اعتقال الرموز الثلاثة، فهل ستكون تلك اليد بمنأى غن غضب الله وجريان سننه؟
لقد سقط آخر الاقنعة التي تغطي الوجه القبيح للنظام الخليفي البشع، باعتقال الأبطال، فكلما ازداد بطش هؤلاء الظالمين اقترب نصر الله لعباده المظلومين، فان الصبح لناظره لقريب، وان دولة الباطل ساعة، ودولة الحق الى قيام الساعة، وان الله يمهل ولا يهمل “ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، انما يؤجلهم ليوم تشخص فيه الابصار، مهطعين مقنعي رؤوسهم، لا يرتد اليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء”. ان النفوس العالية لكل من الاستاذ المجاهد حسن مشيمع، والخطيب البارع، الشيخ محمد حبيب المقداد، والاستاذ الجامعي الصابر، الدكتور عبد الجليل السنكيس، تخاطب يزيد العصر من داخل زنزانات التعذيب قائلة “فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، فهل رأيك الا فند، ، وأيامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين”.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
26 يناير 2009