تعذيب السجناء، وانتهاك الحرمات، وتهديد بالفتنة الطائفية، فأين المواقف المسؤولة؟
لا يمكن فصل ما يحدث للسجناء السياسيين من تعذيب وحشي على ايدي الطغمة الخليفية الفاسدة عن الاجراءت المتواصلة لـ “تقنين” التعذيب والقمع والاستبداد. هذا التقنين يتم تارة عبر مجالس الشيخ حمد، واخرى بقرارات مباشرة من ديوانه، وثالثة بلوائح داخلية يفرضها المعذبون انفسهم. وقد وجد الشيخ حمد ان “الديمقراطية” وفرت له اكثر مما كان يتوقع، اذ ان مجالسه أقرت كل ما يريد بدون مقاومة تذكر، ولم يجد نفسه محتاجا لعقد جلسات مشتركة بين غرفتي مجلسه المشؤوم، لحسم قضايا مختلف عليها.
فقد أثبتت الغرفة “المنتخبة” ولاءها المطلق، ولم ترفض أيا من قوانينه الارهابية. ولم تستطع تلك المجالس ومن فيها ايقاف تعذيب ابناء البحرين او محاسبة واحد من أي من مرتكبي جرائم التعذيب، او التحقيق في قضية قتل وتعذيب واحدة. ولذلك لم يتواصل الارهاب الخليفي فحسب، بل اخذ ابعادا جديدة تمثلت اخيرا في وثيقة التهديد بإبادة غالبية شعب البحرين التي أصدرها جهاز التعذيب الخليفي باسم وهمي. ويجدر بالمعارضة رفعها الى المراجع الكبار والجهات الحقوقية الدولية كشكوى ضد الشيخ حمد وطغمته الارهابية، ومناشدة العالم التدخل لانقاذ ابناء البحرين من براثن هذا الوحش الكاسر.
قبل يومين نقل السجين ميثم الشيخ الى الجناج 21 بالمستشفى العسكري بعد ان تعرض لتعذيب لا يمكن وصفه على ايدي سفاحي آل خليفة المجرمين. وكان هذا المظلوم قد شرح طبيعة التعذيب الذي مورس بحقه، ومعه رفيق دربه، حسن عبد النبي وعدد آخر من سجناء الرأي الرازحين في زنزانات التعذيب الخليفية. وليس معروفا بعد مدى صعوبة حالته، ولكن الانباء الاولية تشير الى تدهور مروع في ا وضاع السجناء، بعد ان قرر حمد بن عيسى آل خليفة وزمرته خوض حرب شرسة مع اهل البحرين الذين أفشلوا مشروعه، وفضحوا اجرام جرائم عائلته امام العالم. ميثم الشيخ هذا ليس الا واحدا من أبطال أوال الذين رفضوا الانحناء للنظام الارهابي، وأصروا على مقاومته، كما يفعل الاحرار عادة. لقد صبر على الضيم، وأبى ان يتفوه بكلمة “آه” امام جلاديه، لان روحه الكبيرة تأبى ذلك، وترفض ان تبدي ضعفا امام القتلة والسفاحين. مشى ومعه ثلة من اخوته على طريق مقاومة الطغاة، يبتغي بذلك وجه الله، ويهدف لتحقيق الحرية لأهل البحرين من هذا الكابوس الجاثم على الصدور. وعندما شعر عبيد الطغاة انهم فشلوا في كسر معنوياته، انهالوا كالوحوش على جسده الطاهر، فكسروه بدون رحمة:
واذا كانت النفوس كبارا عجزت في مرامها الاجسام
ما يحدث للسجناء السياسيين ليس الا جانبا من خطة البيت الخليفي الأموي للقضاء على اهل البحرين. وما البيان الذي اصدرته العائلة الخليفية تحت اسم “كتائب التوحيد” الا محاولة يائسة للنيل من صمود أبطال أوال ضد طغيانهم الذي تجاوز الحدود وأزكم الانوف. والمعروف ان الطغاة يلجأون لاشعال الفتن هربا من الواقع الذي يواجهونه، على أمل ان تؤدي الفتن لاضعاف المعارضة وتشتيت صفوفها، أو إقحامها في صراعات فئوية أو طائفية أو عرقية، تشغلها عن النظام الجائر. ولكن أهل البحرين هذه المرة، شيعة وسنة، أدركوا خطر هذه الفتنة التي يسعى آل خليفة لجرهم اليها، ويستحضرون ما فعله دعيج آل خليفة في سبتمبر 1953، عندما تصدر لموكب العزاء بالمنامة بهدف اشعال فتنة مذهبية، فانقلب الامر ضد العائلة الخليفية المحتلة، وبادر الشرفاء لتشكيل “الهيئة التنفيذية العليا” لتتصدى للنظام الخليفي واستبداده وظلمه. والأمل ان ينبري العقلاء من ابناء البحرين هذه المرة ايضا لقلب الطاولة على رؤوس آل خليفة المجرمين، وافشال مخططهم الارهابي. ان التهديد بالارهاب لم يمارسه الا الصهاينة الذين استعملوا أبشع الوسائل لقمع أهل غزة، فباؤوا بالفشل، واندحروا، ورد الله كيدهم في نحورهم، ونصر الله عباده الصابرين المحتسبين. الهزيمة لم تكن للصهاينة وحدهم، بل لكل من تحالف معهم، وصافحهم، وألغى مقاطعتهم، ونظام الحكم الخليفي في طليعة الانظمة التي اتخذت خطوات عملية للتطبيع معهم. وتؤكد المعلومات ان آل خليفة لم يكتفوا بذلك بل استعانوا بهم لضرب المقاومة البحرانية، وان ما يتعرض له السجناء السياسيون، وما توجهه العائلة الخليفية من تهم لاهل البحرين بـ “التآمر” و “التدريب” في سوريا تارة، وفي ايران اخرى، ليس منفصلا عن المشروع الصهيوني الذي يستدف كافة الجهات المتصدية للاحتلال الصهيوني.
ان الاعتقالات المتواصلة تحت ذريعة “الخلية الارهابية” وصمة عار في جبين هذا الحكم ومن يرتبط به، وان ما حدث في الايام الاخيرة من اعتداء على منازل الابرياء مثل السيد علي السيد شبر السيد حسين، والطفل حسين علي جمعة، والسيد جعفر السيد مجيد المرزوق، وعلي عبد الهادي مشيمع، دليل على ان الخليفيين اصبحوا اكثر وحشية مما كانوا عليه خلال الحقبة السوداء، وان الشيخ حمد وعصابته يسعون للانتقام من اهل البحرين بسبب افشالهم مشاريعه المختلفة. لقد اصبح النظام مصدر عار لمن يرتبط به خصوصا بعد ان اعتدى على الحرمات والاعراض. وما التنكيل المتواصل للمواطنة ساجدة الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي واستدعاؤها وتهديدها بهتك العرض الا وصمة عار ليس للنظام فحسب، بل لمن يشارك في تشجيع النظام على ذلك بالمشاركة في مشاريعه السياسية او الصمت على جرائمه. فما جدوى السكوت بعد هتك الاعراض؟ وما معنى الانحناء المتواصل امام ضغوطه؟ وماذا يعني مجاملته واضفاء سمات الاحترام والتبجيل على رموزه التي هي مصدر الاجرام والتنكيل بأبناء البحرين؟ لقد بلغ السيل الزبى، فمن يدافع عن الحرمات؟ ومن يحمي الوطن من اعدائه؟ ومن يحرره من المحتلين؟ من يعيد الاراضي المنهوبة الى اهل البلاد الشرعيين؟ من يوقف الزحف المتواصل من الاجانب جهارا نهارا لاحلالهم محل اهل البحرين الاصليين (شيعة وسنة)؟ من يصفع هذا النظام ورموزه على وجوههم لكسر كبريائهم بعد ان بدأوا مسلسل الفتنة مع سبق الاصرار والعمد؟ من يستجيب لصرخات ميثم الشيخ وحسن عبد النبي والطفل حسين علي جمعة والسيدة ساجدة الجدحفصي؟ ألم يعد في هذا الوطن رجال يدافعون عن الاعراض ويغيرون المنكر ولو بالقلب (اي مقاطعة النظام ورموزه ومشاريعه)؟ اللهم ان هذه صرخات دفعتنا اليها استغاثات الضحايا وظهورهم تجلد بالسياط، وجلودهم تكوى بالكهرباء، وشكوى امرأة اقتيدت الى الأقبية لتهان وتهدد وتعذب بأوامر من رأس النظام، ودعاوى امهات ثاكلات فقدن اولادهن ظلما وعدوانا بسكاكين الغدر الخليفية، او رأين اولادهن في المخافر وأشلاؤهم ممزقة بمباضع الجلادين. اللهم انا نسألك الرحمة لهؤلاء المظلومين، والانتقام من المجرمين، والرأفة بنا ان قصرنا في نصرة المظلوم، واستهوتنا الدنيا فآثرنا الراحة على التصدي للظالمين، انك حميد مجيد.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 يناير 2009