قضايا التعذيب والحرية والحقوق في ظل الطغيان الخليفي
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور). آل عمران186
الأباة يرزحون وراء القضبان، فما نحن فاعلون؟ والأحرار يطاردون في ارزاقهم وحرياتهم، فلماذا أنتم صامتون؟ والحاكم الظالم لا يرعوي عن ارتكاب المحرمات، بما فيها التطبيع مع الصهاينة، فهل أنتم قابلون؟ والنظام الخليفي (متمثلا بدستوره المشؤوم) ألغى وجودكم كشعب، فكيف تقبلون؟ والأبواق الرخيصة تنال من علمائكم ومناضليكم وتشوش حقائق التاريخ، فلماذا لا تنطقون؟ هل كتب علينا الموت ونحن نستننشق الهواء؟ ام ان البصيرة سلبت من القلوب فاذا بنا أجسادا بلا أرواح، وهياكل بلا وجود؟ ماذا نقول للشباب الذي يرزح في الأصفاد وهو يتلوى تحت سياط الجلادين؟ ماذا تفهمون من دعاء الامام السجاد عليه السلام: “الله اني أعتذر من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره؟ من المظلوم في بلدنا ومن الظالم؟ فكيف نتنكر للمظلوم ونقف مع الظالم؟ كيف نصافح أيدي الحاكم ورئيس وزرائه ووزرائه وجلاديه، وهي ملطخة بدماء الشهداء والسجناء الذين يقضون أحلى أيام حياتهم في غياهب السجون وأقبية التعذيب؟ أين كلمة الحق التي تقال امام سلطان جائر؟ لماذا نسمح لقلوبنا بالموت ونحن قادرون على إحيائها بالايمان الحقيقي الذي يرفض السكوت على الظلم؟ فها نحن نستعد لاستقبال موسم العاشوراء الذي نهض فيه أبو الأحرار، معلنا شعار ثورته التاريخية العظيمة: “فقد علمتم أن رسول الله (ص) قد قال في حديته من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام لله ناكثا لعهد لله مخالفا لسنة رسولله يعمل في عباد لله بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول و لا فعل كان حقا على لله أن يدخله مدخله“.
ان هذه الطغمة الحاكمة تساوم الناس على حرياتهم و حقوقهم ووجودهم، مستغلة أقذر الاساليب، فتبدأ بالاعتقال والتعذيب وتتواصل عبر المحاربة في الرزق. فقبل اعوام ثلاثة تصدى الخليفيون للأخ المجاهد الدكتور عبد الجليل السنكيس، وانتقموا منه بابعاده عن منصبه الاداري وحرمانه من اكثر من ربع راتبه، كل ذلك عقابا له لجرأته وصموده. ثم جاء دور الأخ النقابي، المهندس عباس العمران، الذي طرد من وظيفته ظلما وتعسفا بدون اي مبرر، وبرغم الهراء الذي تقدمه اجهزة التعذيب للرأي العام. واليوم جاء دور الاستاذ عبد الوهاب حسين، في رسالة واضحة ليس فيها لبس او غموض، بان الحاكم اصبح قادرا على قطع أرزاق الناس، كما هو قادر على إغداق المال على العملاء والعبيد. ألسنا بحاجة لرؤية أكثر وضوحا وبصيرة لسياسات الظلم الخليفي لاستشراف خطواتهم المستقبلية؟ أليس الصمت على هذه الجرائم تشجيعا لهم على تكرارها ضد اي مواطن ينبض قلبه بالحيوية، ويتحرك ضميره من اجل الله والناس والوطن؟ أليس هذا التشطير المجتمعي بين المنعمين من اموال الشعب المسروقة، والمحرومين منها، نمطا واضحا في التعامل الخليفي مع حركة المقاومة المدنية الصاعدة؟ قد يعتقد منظرو هذا النظام الديكتاتوري البغيض بانهم قادرون على كسر شوكة الاحرار، ويتناسون ان الله لهم بالمرصاد، وان طاغية البحرين لن يكون أقوى من فرعون وبقية الطغاة الذين سبقوه، فماذا كان مصيرهم: “ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، ان ربك لبالمرصاد”. فصبرا صبرا أيها المقاومون الأحرار، ولا تخشوا فرعون وكيده، “وما كيد فرعون الا في تباب“.
وفيما نستعد جميعا لاحياء ذكرى عيد الشهداء في 17 ديسمبر، تتراقص أمامنا الذكريات الجميلة برغم مرارتها، لانها تعبر عن حيوية الشعب وكرامته، فها هو هاني الوسطي وهاني خميس يترجلان في معركة الذود عن الوطن ومقاومة الغزاة المحتلين، وها هو علي جاسم يقتفي أثرهما ويترجل هو الآخر مرفوع الرأس، شامخ الهامة، ويسير نحو الخلود عند ربه، بخطى واثقة بالنصر، مطمئنة بقضاء الله، واثقة بان ما عند الله خير وأبقى. تلك هي ثقافة الشهادة التي يسعى النظام والسائرون في ركابه لطمسها، ومحوها من ذاكرة المجاهدين، وهيهات لهم ذلك. واستعدادا لاحياء عيد الشهداء، يستقبل نشطاء حقوق الانسان العاشر من ديسمبر، اليوم العالمي لمكافحة التعذيب، وكلهم اصرار على مطاردة السفاحين والجلادين والمعذبين الذين أصدر حاكم البحرين قانونا جائرا لحمايتهم. نضم جهودنا الى جهود الآخرين، لنقف صفا واحدا ضد الانظمة التي تمارس التعذيب وتشجعه، وتحمي مرتكبيه، وفي مقدمتهم النظام الخليفي الذي فقد مقومات بقائه بعد ان اصبح يحمي الجريمة مستغلا سلطة الدولة بأبشع الصور والاساليب. لنرفع اصواتنا جميعا ضد اولئك المجرمين، معلنين للعالم ان شعب البحرين لن ينام على ضيم أبدا، ولن ينحني يوما للجلادين والقتلة. وثمة عبرة اخرى لا بد من استحضارها. فقد ذكرت وسائل الاعلام ان جد الرئيس الامريكي المنتخب، حسين اوباما، تعرض للتعذيب على ايدي المستعمرين البريطانيين الذين تصدوا لثورة الماو ماو في كينيا في مطلع الخمسينات. يومها كان المعذب البريطاني المعروف، ايان هندرسون، أحد العناصر التي تؤكد الوثائق انها شاركت في اعتقال عناصر الماو ماو وتعذيبهم في جبل كينيا. هندرسون تعرض للطرد بشكل مهين، عندما طلب منه رئيس الوزراء في حكومة الاستقلال، اوجينجا اودينجا، مغادرة كينيا في غضون 24 ساعة، نظرا لدوره في تعذيب المناضلين. هندرسون هذا نفسه، يحظى بحماية العائلة الخليفية التي اعتادت توفير الحماية لمرتكبي جرائم التعذيب وذوي السوابق السيئة. وما قضية نجل الحاكم مع المغني مايكل جاكسون الا تأكيد لهذا السلوك المشين للنظام الخليفي المقيت.
نجدد العهد مرة اخرى للشهداء والمظلومين، بان لا نخذلهم طرفة عين، ولا نوالي أعداء الله والشعب يوما، ولا نحترم المجرمين او من يحميهم ويدعمهم. نعاهد الاحرار في كافة ربوع الوطن على احترام الكلمة والمحافظة على قداستها، فلا نحيد عن كلمة الحق ما استطعنا، ولا نقول من الكلام ما يسخط الله، خصوصا اذا كان مديحا لطاغية او تعظيما لمجرم، او إذعانا لمتجبر. نقف في محراب الشهادة لنرفع ايدينا الى الله سبحانه بان يرحم اولئك الابطال الذين ذادوا عن حمي الاوطان ودافعوا عن قيم الحرية، ووقفوا بوجه الظلم، ولم تغرهم الدنيا وبهرجتها. لقد ذهبوا أحرارا الى ربهم، وهل هناك مرتبة أعلى من الشهادة؟ قالوا كلمتهم وساروا على طريق الانبياء الذين قتلوا على ايدي الطغاة (ان يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم)، فأصبحوا مخلدين عند ربهم، فطوبى لهم، وتعسا لقاتليهم الذين سيسقط حكمهم، بعون الله، عاجلا ام آجلا، بعد ان سفكوا دماء الأبرياء ظلما وعدوانا واستكبارا وفسادا.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
5 ديسمبر 2008