بعد التطبيع الخليفي مع الصهاينة: أما آن الأوان لتحطيم أصنامهم؟
قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين.
الاصنام رمز لكل ما يعبد سوى الله سبحانه، وما يطاع دونه. فقد يكون حاكما طاغيا، يفرض هيبته على المواطنين بالقوة والغلبة، ويطلب منهم ان يطيعوه حتى لو كان ذلك مخالفا لما أمر الله سبحانه وتعالى.
والنظام الفرعوني نظام صنمي، يفرض الطاعة المطلقة للحاكم الذي نصب نفسه على البشر، واعطى نفسه “جلالة” زائفة، ويفرض على الناس ان يضفوا عليه الألقاب التي لا تليق بغير مقام الخالق سبحانه، ويؤسس لذلك الاستعمال حتى يصبح استعماله أمرا ليس بديهيا فحسب، بل مشروعا، وفق فتاوى علماء البلاط ووعاظ السلاطين. هؤلاء الاصنام والمتفرعنون لا يقفون عند حد في تصرفاتهم, وكلما ازدادت الرؤوس انحناء امامهم، وتسابقت الألسنة في اطرائهم ومدحهم، وتعمق النفاق في القلوب لمجاملتهم، ازداد استكبارهم واستعلاؤهم، وتعمق شعورهم بالعظمة الموهومة، حتى يصلوا الى مستوى فرعون الذي يقول لقومه: “ما أريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد”. ويواصل الحاكم المتفرعن تكبره حتى يقول: “انا أحيي وأميت”. فيأمر بسجن معارضيه وقتلهم او يصدر “العفو” عنهم، ليثبت قدرته على الإحياء والإماتة. والمتفرعنون عادة يحكمون بلادا كبيرة وامبراطوريات عملاقة، كما فعل معاوية عندما قال لأهل الكوفة بعد توقيع الهدنة مع الامام الحسن عليه السلام اذ يخاطبهم بقوله: “ما حاربتكم لتصوموا، ولا لتصلوا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، وإنما حاربتكم لأتأمر عليكم”. وفي منطق العصر الحديث يتم “مأسسة” ذلك التكبر والاستعلاء بلغة العصر لكي يمكن اسكات المناوئين و المعارضين. فتطرح الدساتير التي يكتبها المتفرعنون لتشريع الاستكبار والاستعباد، وتكتب القوانين لتجريم من يعارض ذلك او يقاومه. فالفرعنة تطورت مع الزمن، وأصبحت اليوم “حداثية” في منطقها واساليب قمعها.
والا فما معنى التشدق بمفهوم الديمقراطية في بلد يحكم بنظام توارثي استبدادي يمكث الحاكم فيه على سدة الحكم حتى يموت؟ وأية ديمقراطية هذه التي تسمح للحاكم ان يرث الحكم عن أبيه، ثم يورثها في أبنائه بدون انتخاب او استفتاء؟ وهل من الديمقراطية في شيء ان يستمر رئيس الوزراء في منصبه 37 عاما؟ ام هل تسمح قيم الديمقراطية الحقيقية ان يحتل ابناء العائلة الحاكم 17 منصبا وزاريا من مجموع 29 (24 وزيرا، وخمسة برتبة وزير)؟ وهل ان من الديمقراطية ان تصدر الاوامر لـ “القضاة” الذين هم عادة “خصماء” للمتهمين، باصدار أقسى العقوبات بحق من يعارض الحكم، ليخرج “فرعون” بعدها ليصدر “عفوا” عن اولئك “المجرمين” الذين “هددوا امن الدولة وخططوا لقلب نظام الحكم بالقوة”؟ وفي المملكة الفرعونية تسخر الاقلام وكافة وسائل الاعلام للتطبيل والتصفيق للطاغية المتفرعن، ويوصف بألقاب لا تليق الا بالله سبحانه، او بالحكام الديمقراطيين حقا الذين يحكمون وفق دساتير وقوانين تكتبها أيدي مواطنيهم. فهل ثمة وضع أشد سخافة من الوضع الذي يعيشه البحرانيون حيث التفرعن وا لفرعنة تبلغ أقصى مداها؟ في مملكة الصمت هذه اصبح من الطبيعي ان تسود محاكم التفتيش، ويحاكم الاحرار بسبب ما يكتبون، فتغلق المواقع الالكترونية، ويقدم القائمون عليها الى محاكم التفتيش لانزال اقسى العقوبات بحقهم. والأنكى من ذلك ان لا ترتفع الاصوات الاحتجاجية ضد ذلك، بل يعتبر ذلك “تطبقيا للقانون”. هذا القانون الذي تأسس على “تأميم” المجتمع المدني برمته، وفرض على الناس الامتثال لأوامره ونواهيه بقوانين حقيرة لا يصبر عليها الا المتخاذلون والأذلاء ومن ارتضى الاستعباد وتخلى عن قيم الدين والانسانية.
وتستمر مسيرة الاستبداد والديكتاتورية الشنيعة بدون توقف. ولا يخجل الحاكم ووزير خارجيته من اعلان ارتباطهم الوثيق بالمشروع الصهيوني وحذوهم في سياساتهم الداخلية تجاه اهل البحرين الاصليين (سنة وشيعة) حذو الصهاينة في التعامل مع الفلسطينيين. فالحاكم يجتمع بممثلي الصهاينة في العاصمة البريطانية لاثبات “حسن النوايا” وضمان استمرار الدعم الصهيوني لنظامه الجائر الذي يمارس قمع السكان الاصليين من جهة وتوطين الاجانب من جهة اخرى. لا يرى هذا الحاكم ضرورة في “استمزاج” آراء مجالسه التي شكلها بعنوان الديمقراطية، لانه لا يعتقد بانه محكوم بها، او مقيد بمواقفها، او بانها مخولة باصدار القوانين، فهو “رأس السلطات جميعا” وما عداه أصفار على الشمال. هذا الحاكم هو الذي أقر المشروع الذين طرحه وزير خارجيته بتشكيل “تحالف” عربي صهيوني لمواجهة شعوب المنطقة وتطلعاتها، وربطها بمشروع الهيمنة الامريكي – الصهيوني. هذا المشروع يقتضي الحفاظ على انظمة الاستبداد والقمع والارهاب، وابقاء شعوب المنطقة بدون حقوقهم المشروعة وفق المواثيق والاعراف الدولية. ان ما طرحه خالد آل خليفة يمثل عارا ما بعده عار، واستسلاما ليس بعده استسلام، واستغلال بشع للسلطة، واستهتار حتى بالقيم التي نص عليها الدستور الخليفي المقيت. فما جدوى مجلس الشيخ حمد التي توصف بـ “الديمقراطية” اذا لم يكن لها اي دور في تحديد السياسات الخارجية والتحالفات الاستراتيجية؟ لماذا يعامل اعضاء هذه المجالس بهذه الطريقة التي تحولهم الى ذوات نكرة وارادات مسلوبة، لا دور لهم سوى إقرار ما يقرره هؤلاء الطغاة والظلمة؟
ان الشعب اليوم ينتظر منهم كلمة براءة من تصريحات الحاكم ووزير خارجيته، وشجبها بدون مواربة او مجاملة لسياسات ربط البحرين، بلد الايمان والعلم والكرامة، بلد صعصعة وزيد والشيخ يوسف والشيخ حسين، بمشروع الاحتلال والصهينة والاحتلال والاستيطان. مطلوب من كل من يهمهم الامر من علماء ونشطاء ومفكرين إعلان موقف واضح وشجاع ازاء هذه المهازل التي يجر رموز العائلة الخليفية البلاد اليها، متجاهلين وجود المواطنين وقيمهم. فلماذا هذا الصمت؟ أليس الصمت اقرارا لما يمارسونه؟ أين كلمة الحق امام سلطان جائر؟ أليس مسؤولية الجميع منع هذا التداعي في المواقف والقيم والاخلاق باعلان المواقف المؤسسة على المباديء؟ لماذا السماح لفرعون وجنوده بالاستعلاء والاستكبار؟ لقد استضعفوا اهل البلاد، فاعتقلوا شبابهم، ودفعوا رجالهم للتغرب، واستقدموا الاجانب للاستعانة بهم عليهم، وها هم يمدون ايدي الصداقة الى اعداء الامة، بعد ان استعانوا بهم طويلا لقمع احرار البلاد ومجاهديها. أبعد كل هذه الجرائم يجوز الصمت؟
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
3 اكتوبر 2008