معا نحيي يوم القدس، ونحتفل بالعيد بدموع من أجل السجناء
ونحن نودع شهر رمضان المبارك، نتهيأ لمناسبتين مهمتين هما يوم القدس العالمي، وعيد الفطر المبارك، ويزاولنا هم متواصل حول اوضاع بلادنا وما آلت اليه من تعمق سيطرة طغمة جائرة على مقاليد الحكم، وشعور بالمرارة لاستمرار ارتهان اخوتنا وابنائنا في سجون الطغاة.
فأي مواطن غيور لا تحركه هذه القضايا؟ وأي انسان ذي شعور نبيل لا يتفاعل معها بروحه ووجدانه؟ لقد قضينا شهرنا في الصوم والصلا ة وقراءة القرآن والدعاء. وكررنا كل ليلة دعاء وردت فيه عبارات تربوية تهدف لاحياء روح الصائم ومشاعره واعادة صياغة شخصيته ليكون جنديا في معركة الحق الالهي ضد الباطل القبلي: “الحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين”. وتتواصل الادعية للافصاح عن الرغبة الحقيقية لكل مؤمن صادق الايمان، نافذ البصيرة: “اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله وتذلك بها النفاق وأهله”. انه هدف نبيل مرتبط بعقيدة المؤمن الذي يعتقد ان دين الله انما يهدف لاقامة العدل ومحق الظلم وأهله. ومررنا خلال الشهر الكريم بمحطات تربوية أخرى، أحييناها ليس كطقوس ميتة، بل كمحطة لاحياء النفوس والقلوب. تعلمنا من غزوة بدر انه “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله، والله مع الصابرين”، وان الاحزاب القبلية ودعواتها الباطلة لا تصمد امام المؤمنين الصادقين الذين عاهدوا الله على تحقيق واحد من أمرين: النصر او الشهادة. ومررنا ايضا بذكرى استشهاد الامام علي عليه السلام، لنستعيد شيئا من سيرته، تلك السيرة الجهادية التي لا تفرق بين الوقوف في محراب العبادة ومقارعة الكفر والفساد والانحراف. وقفنا معه في محراب العبادة لنرى فيه العابد المخلص في عبادته، الذي يذوب في ذات الله، ويتلاشى وجوده امام الخالق العظيم، لتتجسد بذلك معالم الحرية الكاملة في شخصيته، فلا يستطيع مخلوق آخر استعباده بأية وسيلة. ووقفنا معه في محراب الشهادة لنعرف من خلال ذلك ان العبادة والشهادة وجهان متكاملان لشخصية المؤمن الصادق الذي يرغب في لقاء الله. ورأينا سيف علي يدافع عن الحق والمظلومين: “وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا”.
ونحن نودع شهر الله نستقبل يوم القدس العالمي، الذي اصبح عنوانا للتعبير عن الظلامة والذود عن أرض المسلمين، والصمود امام المحتلين، في فلسطين وغيرها، وعدم الاعتراف بالقوى التي تفرض نفسها على أهل البلد الاصليين بقوة السلاح والقمع والارهاب. نقرأ في المناسبة دعوة لمواجهة الاستيطان الغاشم الذي قام على احتلال الارض من جهة وتشجيع المواطنين على بيع اراضيهم تحت اغراءات المال وغلاء الاسعار الفاحش. ونطلع من خلال استطلاعنا جوانب القضية على جريمة التوطين وبناء المستوطنات للغرباء الذين يؤتى بهم من اقاصي الارض ليحلوا محل السكان الاصليين. ونستكمل قراءتنا لملف يوم القدس لندرك البعد الشيطاني للمحتلين، وكيف انهم لم يستبيحوا الارض فحسب، بل “صنعوا” سكانا” مدللين جاؤوا بهم من خارج الحدود ومنحوهم جنسية البلد المحتل، تنكيلا باهلها وامعانا في الظلم والاجرام. ان قضية القدس الشريف لا تنفصل عن محنة المسلمين في بقية البلدان، وان الاصرار على استعادة القدس والتظاهر من اجل تحرير فلسطين تعبير عن الوفاء للقيم والمفاهيم الاسلامية وأداء الواجب الانساني والاسلامي. فهي مناسبة لتعبئة الطاقات والتهيؤ النفسي للمواجهة مع الظالمين والمحتلين والغاصبين والمستوطنين، أينما كانوا، دفاعا عن النفس والارض والوطن. فهيا للمشاركة الفاعلة لاحياء يوم القدس العالمي، وتحويله الى مناسبة للتحرر من كافة اشكال الاحتلال والاستعباد ونهب الاراضي واذلال سكان الارض وقمعهم بكافة الأساليب الشيطانية.
اما المحطة الاخرى التي تنتظرنا فهي عيد الفطر المبارك، وهو احتفال بأداء المهة والواجب، بدون تقاعس او تراجع. ويستحق الصائمون الذين أدوا العبادة على وجهها واستوعبوا دروسها الاخلاقية وابعادها السياسية والاجتماية ان يفرحوا بما حققوه من نجاح. وفي هذه المناسبة لا يمكن ان تكتمل الفرحة ما دام اخوة لنا في الدين والوطن والواجب مغيبين وراء القضبان، مرتهنين بأيدي الطغاة والظالمين. فكيف يستطيع قلب ان يفرح وهو يعرف ان حسن عبد النبي أسير بأيدي المجرمين؟ تتناوله ايديهم بالتعذيب الوحشي وسوء المعاملة وشتم دينه ومذهبه، والنيل من كرامته؟ كيف يهنأ قلب بالعيد وشباب البلاد مقيدون في الأغلال ينتظرون حكم الطاغية بحقهم، من خلال قضاء سافل، يعتبر نفسه خصما لهم، ويسمح لنفسه باصدار الاحكام عليهم؟ كيف يمكن ان تجلبب بأحلى الملابس بينما ابناء البحرين يسامون العذاب ويساومون على كرامتهم وحقهم ووطنهم ومواطنتهم بدون خجل او حياء او انسانية؟ تبا لهذه الطغمة الفاسدة التي تعادي كل ما هو انساني يمثل الحرية والشموخ. انها تحارب أصحاب الآراء الحرة، فلا تكتفي بغلق مواقعهم بل تقدمهم لمحاكم جائرة يترأسها أفرادها من اللصوص والسارقين والمجرمين. وفي بلد حر يمارس الديمقراطية ويحترم حقوق الانسان، فان هؤلاء “القضاة” هم الذين يمثلون امام القضاء بتهم المشاركة في نظام حكم يمارس النهب والسلب والقمع والتعذيب والاضطهاد، ويشاركونه في النهب والسلب، ويقرون التعذيب كممارسة، ويتنكرون لصرخات الضحايا الذين يساقون أسرى أمامهم، وجراحهم الناجمة عن التعذيب الوحشي تنزف دما، فيقرون ذلك كله، ويصدرون الاحكام الجائرة بحقهم. انهم وحوش في هياكل آدمية، ختم الله على قلوبهم، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم. انهم يسعون لاخماد أصوات الاحرار، لكي لا تصل صرخات الاستغاثة الى العالم، فها هو المدعو حمد المناعي يقاضي القائمين على احد المواقع التي رفضت كيل المديح للطغاة الخليفيين، ويصدر اوامره التي يستلمها من اسياده بغلق المواقع الحرة التي تعبر عن ظلامة اهل البحرين الاصليين (سنة وشيعة). وها هو سلمان بن عيسى آل خليفة، يهدد الشيخ صلاح الجودر بالقمع والتنكيل لانه يقول ما لا يعجب عائلته، ولا يقر ظلمها ونهبها وقمعها. فأي نظام هذا الذي يقنن الظلم والقمع ويسخر اجهزة الدولة لاقرار ذلك؟ أما آن الاوان لسقوط هذا النظام الباغي الذي فقد شرعيته منذ ان الغى شعب البحرين من المعادلة السياسية؟ اللهم اجعل عيدنا يوم نحتفل بسقوط هذا النظام الجائر، الذي حكم في العباد والبلاد بالظلم والجور والتعذيب والقتل والنهب والسلب والقمع، فانك تسمع دعوات المظلومين والمحرومين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لقهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
26 سبتمبر 2008