قضايا أربع تتحدى النظام الخليفي، فما هو فاعل؟
مع تواصل أيام شهر رمضان المبارك ولياليه، يجدر بأهلنا الامعان في العبادة من صلاة ودعاء وقراءة القرآن الكريم بقلوب منفتحة واتصال صادق مع الله سبحانه وتعالى.
وما أجمل ان يتم استيعاب فريضة الصوم وما تتضمنه من برنامج إلهي لإعداد المسلمين الأحرار، القادرين على مواجهة الطغاة بعزائم الأحرار وقوة الأسود. فلهم في ما حدث في غزوة بدر أبلغ الدروس، اذ تمكنت الفئة المؤمنة، بعد تصميم قيادتها، من إلحاق هزيمة شنيعة بقريش، فكان ذلك باكورة انتصارات الاسلام، وبداية عظمته وانتشاره.
كانوا قلة ولكن الله كثرهم في عيون الأعداء: “واذ يريكموهم اذ التقيتم فى اعينكم قليلا ويقللكم فى اعينهم ليقضى الله امرا كان مفعولا والى الله ترجع الامور”. فهل استوعبنا دروس بدر الكبرى؟ وهل أيقنا بان قريشا وخيلها وخيلاءها لم تفت في عضد المسلمين؟ وان العقائديين لا يمكن ان يضعفوا امام القبليين؟ وان النصر حليف الصابرين والصامدين والصادقين اذا ثبتوا عند اللقاء ولم يسمحوا للعدو باختراقهم بترهيبهم او اختراق صفوفهم؟
اربع قضايا طرأت الاسبوع المنصرم، ولكن منها مغزاها الذي لا ينفصل عن الوضع السياسي المتوتر في البلاد. اولها ما يعانيه اهل البحرين هذه الايام من انقطاع كهربائي مخجل وفشل العائلة الخليفية في ادارة المرافق الحيوية بشكل متكرر. ففي هذه الايام التي تشهد المنطقة فيها موجهة قاسية من الحر، يفاجأ الصائمون بانقطاع الكهرباء عدة ساعات في اليوم. فماذا يعني ذلك؟ بلد صغير لا تتجاوز مساحته 300 ميل مربعا، وبسكان أصليين (سنة وشيعة) لا يتجاوز عددهم 600 الف نسمة، وبمصادر نفطية تصل الى 200 الف برميل يوميا، كيف يفشل في توفير ما يحتاجه اهله من طاقة كهربائية؟ فأين اموال النفط؟ وأين الادارة الحكيمة التي يتشدق بها رموز العائلة الخليفية؟ لم يعد جديدا القول بان هؤلاء لا يهمهم ما يؤول اليه وضع البلاد واهلها، طالما توفرت لهم الاحتياجات. فهل انقطعت الكهرباء عن قصورهم؟ وهل عاني أي منهم شيئا من معاناة المواطنين المبتلين؟ انه فشل ذريع لو حدث في بلد آخر لما كان مستبعدا ان تستقيل الحكومة كلها. اما في البحرين، فرئيس الحكومة يحتل منصبه مدى الحياة، فلم يكتف حتى الآن بالفترة التي هيمن فيها على الحكومة والتي تقترب من اربعين عاما. فما أطول الليل الدامس الذي تعيشه البلاد تحت حكم هؤلاء الطغاة والمحتلين، وندعو الله ان يعجل بزوال هذا الحكم الفاشل الذي لم ينجح الا في القمع والنهب والاحتلال.
ثاني القضايا استمرار اعتصام الجامعيين امام ديوان الخدمة المدنية، وما يعنيه ذلك من تعمق الشعور بالغبن والظلامة في اوساط ابناء البلاد القلقين على مستقبلهم في ظل هذا النظام المقيت. فقد فشلت العائلة الخليفية في اعادة التوازن لقطاع التوظيف، وأصرت على استقدام الاجانب للعمل في الوظائف التي يفترض ان يشغلها اهل البحرين. المشكلة ان هذه العائلة تشعر دائما بالانفصال عن البلاد واهلها، وتعتقد ان امنها لا يتحقق الا اذا وسعت دائرة الاحتلال باستقدام المستوطنين والعمال، حتى تصبح البلاد تحت رحمة الجيوش الجرارة من الغرباء. فما عسى ان يؤثر اعتصام هنا وآخر هناك طالما أمسك الخليفيون وجلاوزتهم بتلابيب الحكم والسلطة، خصوصا مع وجود العمالة الاجنبية المتفاقمة؟ هؤلاء الظالمون انسلخوا عن الضمير والانسانية، واصبحوا يشعرون بالسعادة والرضى عندما يرون أهل البحرين (الذين يعتبرونهم أعداء ألداء يستحقون الفقر والفناء والاستبدال بالاجانب) يعانون ضنك العيش وضغوط الحياة. لا تتحقق سعادة الخليفيين الا عندما يستضعفون البحارنة وينكلون بهم ويسومونهم سوء العذاب. وتزداد سعادتهم عندما ينبري جلادوهم للامعان في التعذيب والتنكيل والاهانة. فما أوسع الشقة بين طرفين: احدهما محتل يمارس الظلم والقمع على اوسع نطاق، وثانيهما مظلوم يئن من جراحه ويتألم من العوز وعدم توفر الوظيفة والمسكن. الجامعيون البحرانيون لا يجدون امامهم املا في العيش الكريم ما دام الحكم الخليفي جاثما على صدورهم، ولا يجدون سبيلا الا الاحتجاج بالاعتصام ورفع الشعارات.
ثالث القضايا تأجيل محاكمة الأسرى الأبرياء الذين وقعوا بأيدي الخليفيين الظالمين. فبعد تسعة شهور من الاعتقال التعسفي والتعذيب ما يزال هؤلاء يخضعون للمزيد من القمع والتنكيل في سجون الطغاة. انهم يقضون ايام صومهم وراء القضبان، تنال منهم ايدي الجلادين الذين برز منهم مؤخرا المدعو علي قمبر الذي عرف بارتكاب جرائم ضد الانسانية بتعذيبه الابرياء. جاء التأجيل بدون اسباب مبررة، وبلا منطق او حجة مقنعة. وماذا ينتظر من القضاء الخليفي ما دام القاضي هو الخصم؟ وأية عدالة ترتجى في محاكم يستلم “قضاتها” الاحكام جاهزة من “السلطات العليا” ويصمون أسماعهم عن سماع شكاوى الابرياء وتفصيلات التعذيب الذي مورس بحقهم في الزنزانات الخليفية؟ لقد أصبح استمرار سجن هؤلاء وصمة عار في جبين هذا النظام الارهابي الجائر الذي لم يعد يستحق البقاء، والذي سوف يسقط بعون الله بسبب الجرائم التي اقترفها بحق اهل البحرين الاصليين (سنة وشيعة). ولا نملك الا ان نقول لهؤلاء الابرياء: “لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد، متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد، لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها نزلا من عند الله، وما عند الله خير للأبرار“.
رابع التطورات صدور تقرير مؤسسة “فريدوم هاوس” التي تتخذ من واشنطن مقرا لها. هذا التقرير شهادة دولية جديدة ضد النظام الخليفي وظلمه واستبداده وقمعه. هذه الوثيقة تستحق القراءة بتمعن، والتوزيع على نطاق واسع لاطلاع العالم على ممارسات هذا النظام الارهابي المتخلف. انها مسؤولية الجميع العمل على توسيع نطاق توزيعها، لانها تكشف عمق المأساة التي يعيشها اهل البحرين، وتؤكد ما تقوله المعارضة حول طبيعة النظام واساليب قمعه وبطشه واستبداده. انها تكشف ايضا زيف الشعارات التي فرضها النظام من خلال ابواقه، وتوفر معلومات دقيقة تؤكد الوضع المأساوي الذي يعيشه اهل البحرين. لقد تمت تعرية هذا النظام مجددا، واصبح على الشرفاء من المواطنين، أيا كان انتماؤهم الفكري او السياسي او المذهبي، الابتعاد عنه ومقاطعته ومواجهته بكافة الوسائل السلمية المتاحة، لانه، ببساطة، فقد مقومات وجوده.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، و اجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين.